8 رمضان 2 هـ
7 آذار 624 م
غزوة بدر الكبرى وغزوة بني سُلَيْم الأولى بالكُدر إلى غزوة بني قَيْنُقَاع: اليوم الخامس

غزوة بدر الكُبرى
وفي ليلته أمسى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند #~~~المُنْصَرَف~~~# في طريقه إلى بدر لمُلاقاة قافلة قُريش التي …

تحمل تجارتها وأموالها القادمة من الشام والتي فات المسلمون مصادرتها في غزوة ذي العُشيرة حيث أفلتت منهم وأكملت طريقها للشام، وكان هذا وقت رجوعها فترصد المسلمون لها، لتكون ضربة اقتصاديّة قاصمة لمشركي مكَّة بعد أن جرَّدوا المهاجرين من أموالهم وديارهم واستولوا عليها وقت هجرتهم.

فاستراح عنده أوّل الليل، ثم أكمل المسير بالجيش الإسلامي يمينًا إلى #~~~النَّازِيَة~~~# حوالي 4 كم في ساعة إلا الربع تقريبًا، تاركًا الطَّريق إلى مكّة جهة اليسار، متّجها إلى #~~~مضيق الصفراء~~~# غرب المُنصَرَف سائرًا حوالي 5 كم أخرى في ساعة تقريبًا، ثم سار حوالي 18 كم حتى #~~~خرج من مضيق الصفراء~~~# في ثلاث ساعات ونصف تقريبًا ووصل عند آخر المضيق بحلول وقت الفجر فصلّاه به أو قريبًا منه.

سريّة بسبس بن عمرو الجُهني وعديّ بن أبي الزغباء لاستطلاع خبر العير
وبعد صلاة الصبح، ارتحل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومعه الجيش الإسلامي خروجًا من مضيق الصفراء حتى وصل #~~~قريبًا من قرية الصفراء~~~# قاطعًا حوالي 12 كم في ساعتين ونصف تقريبًا، ولمّا كان صلى الله عليه وآله وسلم هناك أرسل بَسبَس بن عمرو الجهني -حليف بني ساعدة- وعدي بن أبي الزغباء -حليف بني النجار- إلى #~~~بدر~~~# يتجسسان الأخبار عن أبي سفيان صخر بن حرب وقافلة قريش التجارية التي يقودها من الشام، وارتحلا تقريبًا أوّل وقت الضُحى بحدود الساعة الثامنة صباحًا على أقصى تقدير، وسارا ببعيريهما على الطريق المعتادة لبدر جنوبًا ثم غربًا، قاطعين حوالي 25 كم في 5 ساعات تقريبًا ووصلوا عند ماء بدر وقت الظهيرة تقريبًا، فأناخا بعيريهما إلى تل قريب من الماء ثم أخذا إناءًا يملآن بها من البئر، وعند البئر رجل اسمه مجدي بن عمرو الجهني، فسمعا جاريتين من القبائل التي تنزل عند الماء وهما تتشاجران وأحداهن مدينة للأخرى بمال، فقالت المدينة للدائنة: “إنما تأتي قافلة قريش غدًا أو بعد غد فأعمل لهم، ثم أقضي لك ما علي من مال”، فقال مجدي بن عمرو: “صَدَقْتِ” ثم خلَّص بينهما، فسمع ذلك الحوار عدي وبسبس فجلسا على بعيريهما ثم انطلقا بسرعة عائدين إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وأقبل أبو سفيان متقدمًا قافلته في حذر حتى وصل ماء بدر، فقال لمجدي بن عمرو: “هل أحسست أحدًا؟”، فقال مجدي: “ما رأيت أحدًا أنكره، إلا أني رأيت راكبين قد أناخا إلى هذا التل، ثم استقيا من البئر، ثم انطلقا”، فذهب أبو سفيان إلى الموضع الذي نزل به بسبس بن عمرو وعدي بن أبي الزغباء على التل فوجد روث البعيرين اللذان كانا يركبانهما ففَتَّه فوجد فيه نوى البلح فقال: “هذه والله علائف يثرب!”، -وهو ما يدل على خبرة أبي سفيان في أنواع الأعلاف التي تأكلها الجمال، فقد عرف من روث الجمال أنها تنتمي لرجلين من المدينة، لأن تركيبة العلف اليثربي بها نوى-، ثم رجع أبو سفيان إلى القافلة سريعًا ووجّهها بعيدًا عن الطريق المعتادة من بدر إلى مكة المكرمة والممتدة جنوبًا، فسار غربًا جهة ساحل البحر لينقذ القافلة من ملاقاة الجيش الإسلامي وأمر القافلة بالإسراع في السير حتى لا يلحق بها جيش المسلمين.

غزوة بدر الكُبرى
ثم سار صلى الله عليه وآله وسلم ومعه الجيش حوالي 3 كم في نصف ساعة تقريبًا حتى استقبل #~~~قرية الصفراء~~~# -وهي قرية بين جبلين-، فسأل عن اسم الجبلين فقيل له إن أحدهم اسمه  #~~~مُسلِح~~~# والآخر #~~~مُخرِئ~~~# -أو مُخزِي-، ثم سأل عمن يسكنون الجبلين من القبائل، فقيل له قبيلتان، الأولى اسمها “بنو حُراق” والأخرى “بنو النار”، فكَرِهَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم المرور بين الجبيلن وعلى القبيلتين، فإنَّه صلى الله عليه وآله وسلم كان يُحب الاسم الحسن، فترك طريق بدر الذي يمر بين هذين الجبيلن وهو الطريق الأقصر والذي بينه وبين بدر حوالي 22 كم أو مسيرة نصف يوم تقريبًا، وسلك يمينًا في #~~~وادي ذَفِرَان~~~# على طريق أطول جهة الشمال الغربي يزيد عن الطريق المعتادة بحوالي 10 كم تقريبًا، فسار بالجيش حوالي 6 كم في ساعة وربع حتى نزل بطن الوادي، ووصل هناك وقت الظهيرة تقريبًا أو بعدها بقليل، فصلى بها أو قريبًا منها الظهر والعصر وغربت الشمس وهو في الوادي غالبًا.