12 رمضان 2 هـ
11 آذار 624 م
غزوة بدر الكبرى وغزوة بني سُلَيْم الأولى بالكُدر إلى غزوة بني قَيْنُقَاع: اليوم التاسع

وفي ليلته أمسى النبي صلى اللهّٰ عليه وآله وسلم في ساحة معركة بدر وقد انتهت المعركة بفوز عظيم للمسلمين، وهزيمة ساحقة للمشركين،…

وقتُل من قريش أكابرها وزعمائها، عتبة بن ربيعة وأخوه شيبة وابنه الوليد، وأبو جهل، وأميةّ بن خلف، وغيرهم فيما لا يزيد عن سبعين قتيلاً على أقصى تقدير من إجمالي تسعمائة وخمسون مقاتلاً، وأسروا سبعين، ومات من جيش المسلمين أربعة عشر رجلاً، ستة من المهاجرين وثمانية من الأنصار، وهي الليلة الثالثة لهم بأرضالمعركة من ليلة الوصول.
فلمَاّ كان الليل، وقد انتهى المسلمون من سحب قتلى المشركين إلى القُليَبْ -البئر-، أمر النبي صلى اللهّٰ عليه وآله وسلم براحلته -الجمل أو الناقة المعَُّدة للسفر- فجهُِّزت للسفر، ثم مشى وتبعه أصحابه، وقالوا: “ما نرى ينطلق إلا لبعضحاجته”، فسار النبي صلى اللهّٰ عليه وآله وسلم حتى وقف على القُليَب الذي فيه قتلى المشركين، وناداهم بأسمائهم واحدًا واحدًا فقال: «يا أهل القُليَب، يا عتبة بن ربيعة، و يا شيبة بن ربيعة، و يا أمية بن خلف، و يا أبا جهل بن هشام…، بئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم!، كذبتموني وصدقني الناس، وأخرجتموني وآواني الناس، وقاتلتموني ونصرني الناس؛ هل وجدتم ما وعد ربكم حقًا؟ فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقًا»، وسمعه صلى الله عليه وآله وسلم المسلمون، فقال عمُر بن الخطاب: يا رسول الله أتناديهم بعد ثلاث -ثلاثة أيام-، وهل يسمعون؟، يقول تعالى: {إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ ٱلْمَوْتَىٰ} [النمل: 80]، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم!، ولكن لا يستطيعون أن يجيبوا».
ثم بات النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن معه في ساحة معركة بدر حتى طلع الفجر، فصلوّا الصبح، وأكملوا جمع أمتعتهم وغنائمهم، ثم ركب صلى الله عليه وآله وسلم ناقته وارتحل ومعه المسلمون من بدر بعد وقت الظهر، فساروا حوالي 7 كم في ساعة ونصف تقريباً إلى أن نزلوا #~~~الأُثَيْل~~~#، فصلَىّ به النبي صلى الله عليه وآله وسلم العصر، وفي الركعة الأولى تبسَمّ، فسُئل عن ذلك بعد الصلاة فقال: «يرُى ميكائيل وعلى جناحه النَقّع، فتبسم إلي وقال: إني كنت في طلب القوم-يعني أٺتبع فلول جيش المشركين-»، وجائه جبر يل على فرس أنثى وعلى ثنييه -أسنان الفرس الأمامية- الغبُار، فقال: “يا محمد إن ربي بعثني إليك وأمرني أن لا أفارقك حتى ترضى، هل رضيت؟”، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «نعم».
وأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة أن يتقدما ويسبقا المسلمين ليبشرا أهل المدينة بالنصر المبين، فأرسل زيد بن حارثة ليبشر أهل المدينة على ناقته القصواء، وعبد الله بن رواحة ليبشر أهل العالية بـ#~~~قُباء~~~#، ومكث صلى الله عليه وآله وسلم بالأثيل حتى غروب الشمس.