13 رمضان 2 هـ
12 آذار 624 م
غزوة بدر الكبرى وغزوة بني سُلَيْم الأولى بالكُدر إلى غزوة بني قَيْنُقَاع: اليوم العاشر

غزوة بدر الكُبرى
وفي ليلته أمسى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند #~~~الأُثَيْل~~~# راجعين من #~~~بدر~~~# وقد انتهت المعركة …

بفوز عظيم للمسلمين، وهزيمة ساحقة للمشركين، وقُتل من قريش أكابرها وزعمائها، عتبة بن ربيعة وأخوه شيبة وابنه الوليد، وأبو جهل، وأميّة بن خلف، وغيرهم فيما لا يزيد عن سبعين قتيلًا على أقصى تقدير من إجمالي تسعمائة وخمسون مقاتلًا،  وأسروا سبعين، ومات من جيش المسلمين أربعة عشر رجلًا، ستة من المهاجرين وثمانية من الأنصار، فصلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن معه المغرب والعشاء وباتوا أوَّل الليل، ثم ارتحلوا من الأُثَيْل إلى #~~~قرية الصفراء~~~# وهي التي تركها في ذهابه وسلك طريقًا لا يمر عليها، فسار حوالي 15 كم في ثلاث ساعات تقريبًا ونزل بها صلى الله عليه وآله وسلم قبيل الفجر، فصلى بها.

وكانت جراحات عُبيدة بن المُطَّلب بليغة، وكان في النزع الأخير، وطلب منهم أن يذهبوا به إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فجاؤوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فوضعوه عند قدمه، فوضع له النبي صلى الله عليه وآله وسلم قدمه ليضع خدَّه على قدمه الشريفة، فقال عُبيدة: يا رسول الله لو رآني أبو طالب لعلم أني أحق بقوله:

وتسلمه حتى نصرع دونه *** ونذهل عن أبنائنا والحلائل

ثم مات رضي الله عنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أشهد أنك شهيد»، ودُفن رضي الله عنه بـقرية الصفراء، وكان النضر بن الحارث -من المشركين- فيمن أُسر في المعركة، وكان مجرمًا من أكابر مجرمي الحرب -بالمصطلح الحديث-، فهو من أشرس وأعتى المشركين الذين آذوا المسلمين في مكّة والنبي صلى الله عليه وآله خاصّة، وكان هو من سعى في كتابة صحيفة الظُلم التي بمقتضاها أقامت قريش حصارًا اقتصاديًا واجتماعيًا على المسلمين ومعهم بنو هاشم مسلمهم وكافرهم في مكَّة ثلاث سنوات كاملة، فكانت من أشد السنوات على المسلمين وعلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفيها تم تجويعهم وعزلهم تمامًا عن المجتمع المكّي، حتى كانوا لا يجدون الطعام فيأكلون الحجارة وأوراق الأشجار، وكان النضر بن الحارث يستهزئ بالنبوّة والرسالة، فيذهب إلى فارس والروم بحكم تجارته ويجلب قصصهم وقصص اليهود والمسيحيين ويقول لأهل مكّة: “أنا أحسن حديثًا من محمد، هو يقول أساطير عاد وثمود، وأنا أقول أساطير الفرس والروم”، فأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتنفيذ حكم الإعدام فيه لمّا كانوا بالصفراء، فنفَّذ فيه الحُكم علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقيل إن أُخته قتيلة بنت الحارث قالت شعرًا تستعطف فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يتركه ويعفوا عنه، وكان صلى الله عليه وآله وسلم لا يُسأل العفو عن أحد إلا عفا عنه، فلمّا سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم شِعْرها، قال: «لو بلغني هذا قبل قتله لمننت عليه!».

وفي الصفراء أيضًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أبو هند مولى فروة بن عمرو البياضي، وهو حجَّام النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومعه زِقّ -إناء كبير- مملوء حَيسًا هديّة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقبله منه ووصى به الأنصار، فقال: «إنما أبا هند امرؤ من الأنصار، فأَنْكِحُوه وأنكِحُوا إليه».

ثم سار صلى الله عليه وآله وسلم من الصفراء حتى #~~~غرب مضيق الصفراء~~~# حوالي 20 كم في 4 ساعات تقريبًا ووصلها وقت الظهيرة أو بعده قليلًا فصلى عنده الظهر والعصر وغربت الشمس وهو بها.