وهو ثالث أيام التشريق ورابع أيام العيد وهو يوم النفر من منى، …
وفي ليلته أمسى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بـ(((مِنَى)))، فصلى المغرب والعشاء، وأخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيه أسامة بن زيد قائلا : «غداً أنزل بالمُحصَّب خيف بني كنانة» يعني أن المكان الذي ستكون فيه إقامته في الصباح هو بقعة معينة بالـ(((المُحصَّب))).
وفي الليل حاضت أم المؤمنين صفية وكانت قد طافت طواف الإفاضة في يوم النحر.
وبات النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمنى، وأصبح فصلى الصبح ثم مكث إلى زوال الشمس ثم سار فرمى (((الجمرة الصغرى))) بسبع حصيات واحدة بعد واحدة وفي كل مرة يقول: «الله أكبر»، ثم وقف للدعاء عندها طويلاً، ثم سار فرجم (((الجمرة الوسطى))) كذلك ووقف عندها للدعاء، ثم (((الجمرة الكبرى))) ولم يقف عندها.
وكان أبو رافع مسئولًا عن حمل متاع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتجهيز أماكن نزوله ومبيته، فذهب أبو رافع إلى المُحصَّب وهو مكان بين منى والحرم في المنتصف بينهم تقريبًا، فنَصَبَ أبو رافع الخيمة التي سينزل بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في نفس المكان الذي سماه النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأسامة بالأمس من غير علم أبي رافع ودون أن يأمره النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذلك، وهي من معجزات إخباره صلى الله عليه وآله وسلم بالغيب.
وسألته صفية أم المؤمنين في الصباح قبل النفر إلى المُحصَّب بعد أن داهمها الحيض في الليل:
– قالت : «ما أراني إلا حابستكم لانتظار طهري وطواف الوداع» -تعني أنها ستتسبب في تأخرهم عن الرجوع حتى تطهر وتطوف طواف الوداع-.
– فقال لها صلى الله عليه وآله وسلم : «أَوَمَا كُنْتِ طُفْتِ طواف الإفاضة يوم النحر؟».
– قالت : «بلى».
– قال : «لا بأس يكفيك ذلك، انفري معنا».
فسار النبي صلى الله عليه وآله وسلم من عند الجمرة الكبرى حتى نزل المُحصَّب، فصلى الظهر والعصر وأمر الناس ألا ينصرفوا حتى يكون آخر عهدهم بالبيت الطواف، ورخَّص في ترك ذلك للحائض التي طافت طواف الإفاضة قبل حيضها كما حدث مع أم المؤمنين صفيّة رضي الله عنها، وغربت الشمس وهو بالمحصَّب.