مُلحق يَوميَّات غزوة بدر الكُبرى وقتل عصماء بنت مروان وأبي عفك بعدها

1- الجغرافيا

 

معالم الطريق إلى بدر

 

قال ابن هشام عن ابن إسحاق (ص. 319): “فسلك طريقه من المدينة إلى مكّة على نقب المدينة، ثم على العقيق، ثم على ذي الحُليفة، ثم على أولات الجيش ثم مرّ على تُربان ثم على ملل ثم على غميس الحمام من مَرَيين ثم على صُخيرات اليمام ثم على السيالة ثم على فج الروحاء ثم على شنوكة وهي الطريق المعتدلة،…، ونزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سجسج وهي بئر الروحاء، ثم ارتحل منها، حتى إذا كان بالمُنصَرَف، ترك طريق مكة بيسار، وسلك ذات اليمين على النازية، يريد بدرًا، فسلك في ناحية منها، حتى جزع واديًا يقال له رحقان، بين النازية ومضيق الصفراء، ثم على المضيق، ثم انصب منه حتى إذا كان قريبًا من الصفراء…، ثم ارتحل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلمّا استقبل الصفراء وهي قرية بين جبلين سأل عن جبليها، ما أسماؤهما؟ فقالوا يقال لأحدهما: هذا مُسْلِح، وقالوا للآخر: هذا مخرئ أو مخزي، وسأل عن أهلهما، فقيل: بنو النار وبنو حُراق بطنان من بني غِفار، فكرههما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والمرور بينهما، وتفاءل بأسمائهما وأسماء أهلهما، فتركهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والصفراء بيسار، وسلك ذات اليمين على وادٍ يقال له: ذفران، فجزع فيه ثم نزل…،ثم ارتحل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من ذفران فسلك على ثنايا يقال لها الأصافر، ثم انحط منها إلى بلد يقال له الدَّبَة وترك الحَنَّان بيمين وهو كثيب عظيم كالجبل العظيم، ثم نزل قريبًا من بدر، فركب هو ورجل من أصحابه، قال بن هشام: الرجل هو أبو بكر الصديق…”.

 

وقال ابن سعد في الطبقات (ج.2، ص.12): “وكان الطريق الذي سلكه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى بدر على الروحاء، وبين الروحاء والمدينة أربعة أيّام، ثم بريد بالمُنْصَرَف، ثم بريد بذات أجدال، ثم بريد بالمعلاة، وهي خيف السلم، ثم بريد بالأثيل، ثم ميلان إلى بدر”.

 

وهذا جدول بالأماكن المذكورة في الرواية:

 

معالم الطريق إلى بدر بالترتيب
1 المدينة 10 السَّيَالة 19 قَرية الصفراء
2 نقب المدينة 11 فجّ الرَّوحَاء 20 جَبَل مُسْلِح
3 وادي العقيق 12 شَنُوكَة 21 جبل مُخرِئ أو مُخزِي
4 ذو الحُلَيْفَة 13 بئر الرَّوحَاء (سجسج) 22 وادي ذَفِرَان
5 أُولَات الجِيش 14 المُنصَرَف 23 ثنايا الأصَافِر
6 تُربَان 15 النَّازِية 24 الدَّبة
7 مَلَل 16 وادي رحقان 25 الحَنَّان
8 غَمِيس الحَمَام من مَرَيَين 17 مضيق الصفراء 26 بَدْر
9 صُخَيْرَات اليَمَام 18 وادي الصفراء    

 

وهذا تفصيل كل معلم من المعالم، واستخلاص إحداثيّاته:

 

نقب المدينة أو نقب بني دينار بن النجّار

 

في تعليقات حمد الجاسر على المغانم (ص.420): “نقب بني دينار بن النجار: ويقال نقب المدينة هو طريق العقيق بالحرة الغربية، وبه السقيا كما سبق عن الواقدي في بقع، وقال ابن إسحاق في المسير إلى بدر: فسلك طريق مكة على نقب المدينة، ثم على العقيق، وقال في موضع آخر: غزا قريشًا فسلك على نقب بني دينار، ثم على فيفاء الخبار. وأقول: جاء في كتاب (عمدة الأخبار) ما هذا نصه: وقال جعفر بن السيد حسين هاشم الحسيني سنة 1304 هـ نقب بني دينار هو المسمى بالزقيقين، وفي سنة 1297 هـ قدم رجل من أهل الهند ومعه دراهم مرسلة من أهل الخير، فأصلح نقب بني دينار  المذكور وكسر فيه بعض أحجار ناتئة تؤذي المارين، فقلعها وأصلحه فحصل بذلك راحة كبيرة للمارين من ذلك الطريق. انتهى”.

 

 

المَعْلَم نقب بني دينار
خط طول   درجة شرقًا
خط عرض   درجة شمالًا

 

بئر أبي عنبة

 

قال الفيروز أبادي في المغانم (ج2، ص647) : “بئر أبي عنبة بلفظ واحدة العنب: بينها وبين المدينة مقدار ميل”.

 

قال عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز (ج1،ص164) : “قال ياقوت: بئر بينها وبين المدينة مقدار ميل، وهناك اعترض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه عند مسيرة بدر، ويفهم من هذا أنها في الجنوب الغربي من المدينة وهي اليوم لا شك داخل عمرانها”.

 

وبالقياس من المسجد النبوي الشريف مقدار ميل فلكي على طريق الخروج من المدينة (طريق ذو الحليفة)، فإن هذه البئر تكون قريبًا من محطّة سكة حديد المدينة المنورة أو داخلها بمنطقة العنبرية، وهذه إحداثيات تقريبية لها:

 

المَعْلَم بئر أبي عنبة
خط طول 39.597050 درجة شرقًا
خط عرض 24.458467 درجة شمالًا

 

وعندها استعرض النبي صلى الله عليه وآله وسلم الجيش ورَدَّ من استصغر.

 

النَّازِيَة

 

قال ياقوت في معجم البلدان (ج5، ص.251): “النّازِيَة: بالزاي، وتخفيف الياء: عين ثَرّة على طريق الآخذ من مكة إلى المدينة قرب الصفراء وهي إلى المدينة أقرب وإليها مضافة…”.

 

وعند الفيروزأبادي في المغانم (ص.403): “النازية: بالزاي وتخفيف الياء: عين ثرة قرب الصفراء، بين المدينة والجحفة وهي إلى المدينة أقرب…”.

 

وعند عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز (ص.1712): “النازية: فاعله من النزو، وهو الارتفاع: أرض منبسطة في وادي الصفراء بين المسيجيد وريع المستعجلة…”.

 

والنّازِيَة موجودة في خرائط هيئة المساحة السعودية بنفس الاسم ونفس الوصف، وهي في آخر المسيجيد جنوبًا بعد مسجده بثلاثة كيلومترات ونصف تقريبًا، وهذه إحداثيّات تقريبية لها:

 

المَعْلَم النَّازِيَة
خط طول 39.093824 درجة شرقًا
خط عرض 24.054758 درجة شمالًا

 

رَحْقَان

 

وادي رحقان معروف للآن وواضح على خرائط هيئة المساحة السعودية لمنطقة الحجاز، وهو الوادي الذي به منطقة المسيجيد والنازية.

 

وقال ابن إسحاق عن طريق بدر: “وسلك ذات اليمين على النازية”، أي ناحية اليمين من النازية مفارقًا لها، ولهذا أتبع ذلك بقوله: “فسلك على ناحية منها”، ثم قال: “حتى جزع واديًا يقال له رحقان”، و”جزع” يعني قطع الوادي بالعرض، ووادي رحقان هو نفسه الذي على يساره المسيجيد ثم النازية للقادم من المدينة وهو الوادي الذي يمتد فيه الطريق، فقطع الوادي بعد النازية تاركًا طريق مكة للجنوب وسار غربًا…”.

 

قال عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز (ص.684): “رحقان: واد يسيل من جهات الفقرة (الأشعر) فيتجه جنوبًا حتى يصب في وادي الصفراء عند النازية غرب المسيجيد، ورحقان واد كبير…”.

 

المَعْلَم وادي رحقان
خط طول 24.029496 درجة شرقًا
خط عرض 39.065415 درجة شمالًا

 

مضيق الصَّفْرَاء

 

قال عاتق البلادي (ص.992): “الصفراء مؤنث الأصفر، واد من أكبر أودية الحجاز الغربية، يأخذ أعلى مساقط مياهه من جبال: ورقان وعار والفقارة والفقرة فيتجه غربا مع ميل إلى الجنوب بتعرج جعل مياهه تهبط إلى جوف الأرض نبعت ممنها العيون الكثيرة، ويسمى أعلاه السدارة بين جبال عار إلى المسيجيد، وفيه الروحاء البئر المشهورة، ولعل السدارة هنا (الصدارة) لأنها صدر الوادي والعرب كثيرا ما تبدل الحروف المتقاربة المخرج ثم يسمى بعد ذلك وادي الصفراء حتى يصب في البحر عن آثار الجار…”.

 

وعند الفيروزأبادي في المغانم (ص.219): “الصفراء تأنيث الأصفر: واد قرب المدينة كثير النخل والزرع والخير، يجلب منه التمر إلى المدينة وإلى ينبع لحسن تمره وهي في طريق الحاج وسلكه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غير مرة وبينه وبين بدر مرحلة”.

 

وعند البكري الأندلسي في معجم ما استعجم (ص.836): “الصفراء: وادي يليل، ويقال لها أيضًا الصُّفَيرَاء مُصغَّرة، والصفراء قرية فوق ينبع كثيرة المزارع والنخل، وبين ينبع والمدينة ست مراحل، والصفراء -القرية- على يوم من جبل رضوى”.

 

وكلام ياقوت منقول بتمامه عند الفيروزأبادي، وعلى الوصف المذكور يكون المضيق في بداية وادي الصفراء جهة المشرق عند تقاطعه مع وادي رحقان مما يلي المدينة المنورة -انظر تحديد رحقان في نفس الملحق-، وهذه إحداثيّات تقريبية لمضيق الصفراء، وهو بداية وادي الصفراء من جهة الشرق، وقرية الصفراء التي تعرف اليوم بالواسطة:

 

المَعْلَم مضيق الصفراء
خط طول 39.054850 درجة شرقًا
خط عرض 24.023870 درجة شمالًا

 

المَعْلَم قرية الصفراء (وتعرف اليوم بالواسطة)
خط طول 38.904072 درجة شرقًا
خط عرض 23.886277 درجة شمالًا

 

وادي ذَفِرَان

 

قال ياقوت في معجم البلدان (ص.6): “ذَفِرَان: بفتح أوّله وكسر ثانيه ثم راء مهملة، وآخره نون: واد قرب وادي الصفراء؛ قال ابن إسحاق في مسير بدر: استقبل الصفراء وهي قرية بين جبلين، ترك الصفراء يسارًا وسلك ذات اليمين على واد يقال له ذفران”، ولم يدلنا ياقوت على مكانه، وإنما اكتفى بضبطه.

 

وعند الحازمي في الأماكن (ص.447): “ذَفِرَان: بفتح الذال وكسر الفاء وبعدها راء وادٍ قرب وادي الصفراء، قال ابن إسحاق في مسيره صلى الله عليه وآله وسلم إلى بدر: فلما استقبل الصفراء وهي قرية بين جبلين ترك الصفراء يسارًا وسلك ذات اليمين على واد يقال له ذَفِرَان…”.

 

وعند عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز (ص.643): “بفتح المعجمة وكسر الفاء على بناء فعلان: ريع يأخذه الطريق من الصفراء إلى ينبع، يأخذ أولًا الصفيراء ثم ذفران ثم واسطًا، ومنه طريق صعب يعرج يسارًا إلى بدر وهو الذي سلكه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزاة بدر”.

 

المَعْلَم وادي ذَفِرَان
خط طول 38.822966 درجة شرقًا
خط عرض 23.939764 درجة شمالًا

 

ثنايا الأصَافِر

 

قال البكري الأندلسي في معجم ما استعجم (ص.162): “الأصافر: على لفظ جمع أصفر: جبال قريبة من الجُحفة، عن يمين الطريق من المدينة إلى مكة، سميت بذلك لأنها هضبات صُفر”، قلت: ما أبعد الجحفة عن بدر، وهي موضع آخر خلاف ما نريد قطعًا.

 

قال ياقوت في معجم البلدان (ص.206): “الأصافر: جمع أصفر، محمول على أحوص وأحاوص، وقد تقدم: وهي ثنايا سلكها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في طريقه إلى بدر، وقيل أصافر جبال مجموعة تسمى بهذا الاسم، ويجوز أن تكون سميت بذلك لصفرها أ خلوها…”، وهو مقبول، غير أنّه لم يحدد لنا مكانها أو يشير إليها حتى.

 

قال عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز (ص.106): “الأصافر: بلفظ جمع أصفر، جبال قريبة من الجحفة…”، ولم يزد على كلام ياقوت!

 

والظاهر بتأمل معالم الطريق إلى بدر وبعد الخروج من وادي ذفران غربًا جهة البحر ينحدر الطريق إلى بدر جنوبًا فيمر على جبيلات صغيرة أرجّح أنها هي والله أعلم، وهذه إحداثيات تقريبية لها:

 

المَعْلَم ثنايا الأصَافِر
خط طول 38.738635 درجة شرقًا
خط عرض 23.914817 درجة شمالًا

 

الدَّبَّة

 

قال البكري في معجم ما استعجم (ص.540): “الدَّبَّة بفتح أوله وتشديد ثانيه: موضع قبل بدر مذكور في رسم العقيق، عند ذكر طريق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى بدر”.

 

وعند عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز (ص.606): “الدَّبَّة بفتح أوله وتشديد ثانيه: بلد بين الأصافر وبدر وعليه سلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما سار إلى بدر، …تُعرف عند العرب اليوم الدّّبَّة بأنها الكثيب الذي فيه صلابة وخشونة أي ليست أرضه سافية…وهي بين الصفراء وبدر وتشاهد من على الطريق شمالًا بين بدر والصفراء دَبَّة بيضاء، منها طريق يذهب إلى ذفران والأصافر ، هذه أرجح أنها المعنية في الرواية فالوصف ينطبق عليها انطباقا تامًا”، وكلام ياقوت عند البلادي بنصّه لم يحدد مكانها.

 

وعلى الوصف المذكور هذه إحداثيات تقريبية للدَّبَّة:

 

المَعْلَم الدَّبَّة
خط طول 38.738356 درجة شرقًا
خط عرض 23.907964 درجة شمالًا

 

الحَنَّان

 

قال ياقوت في معجم البلدان (ص.310): “الحنَّان: بالفتح والتخفيف، والحنان في اللغة الرحمة، قال الزمخشري: الحنان كثيب كبير كالجبل، وقال نصر: الحنَّان، بتشديد النون مع فتح أوّله، رمل بين مكَّة والمدينة قرب بدر، وهو كثيب عظيم كالجبل، قال ابن إسحاق في مسير النبي صلى الله عليه وآله وسلم: فسلك على الأصافر ثم انحط منها إلى بلد يقال له الدَّبَّة وترك الحنَّان يمينا وهو كثيب عظيم كالجبل، ثم نزل قريبًا من بدر”.

 

قال البكري في معجم ما استعجم (ص.1227): “…وترك الحنّان بيمين وهو كثيب عظيم كالجبل..” ولم يزد البكري في تعريفه على ذلك سوى أن “الحنان قبل بدر”.

 

قال عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز (ص.508): “الحنَّان: فعّال من الحنين: هو الرمل الذي يشرف على بدر من الشمال ويسمى أيضًا العزّاف وتسميّه العامّة الآن قوز علي”.

 

وعلى الوصف المذكور فهذه إحداثيات تقريبية للحنَّان، وهو كُثبان رمليَّة عظيمة في شمال بدر واضحة لا يوجد غيرها:

 

المَعْلَم الحنَّان
خط طول 38.763996 درجة شرقًا
خط عرض 23.824607 درجة شمالًا

 

 

الأُثَيْل

 

قال الواقدي في المغازي (ج1، ص113): “الأثيل واد طوله ثلاثة أميال، وبينه وبين بدر ميلان”.

 

قال الحازمي في الأماكن (ص.43): “أُثَيْل: بعد الهمزة المضمومة ثاء مثلثة مفتوحة، موضع قرب المدينة، هناك عين ماء لآل جعفر بن أبي طالب، بين بدر ووادي الصفراء، ويُقال: ذو أُثَيْل أيضً، وقد جاء ذكره في الأبيات التي تنسب إلى قتيلة ابنة النضر بن الحارث، وهي أبيات مصنوعة لا يصح لها سند”، وفي تعليقات حمد الجاسر عليها في الهامش: “والأُثَيل هذا واقع في أسفل وادي الصفراء، قبل بدر بثلاثة أميال، وذلك قبل إنشاء بلدة بدر التي امتدت الآن نحو الصفراء، ونشأ محل الُثَيْل قرية الجُدَيِّدَة، القائمة الآن”.

 

ومما سبق فهذه أقرب إحداثيات للأُثَيْل أو ما يُعرف الآن بالجُدَيِّدة:

 

المَعْلَم الأُثَيْل
خط طول 38.837157 درجة شرقًا
خط عرض 23.809401 درجة شمالًا

 

بَدْر

 

ميدان معركة بدر ومقابر شهدائها وهو مشهور، وهذه إحداثيّاته:

المَعْلَم بدر (ميدان المعركة)
خط طول 38.788538 درجة شرقًا
خط عرض 23.772506 درجة شمالًا

 

العُدُوة القُصوى والعدوة الدنيا

 

قال ابن إسحاق (سيرة ابن هشام، ص.323): “ومضت قريش حتى نزلوا بالعدوة القصوى من الوادي خلف العقنقل وبطن الوادي وهو يليل بين بدر والعقنقل، الكثيب الذي خلفه قريش، والقُلُب ببدر في العُدوة الدنيا من بطن يليل إلى المدينة”.

 

وعلى وصف ابن إسحاق ولضعف المصادر حول لفظ: “العقنقل”، وهو على وصفه أوّل الوادي من جهة الجنوب، والعقنقل لغة الكثيب العظيم المتداخل الرمل أو الوادي المتسع وكلاهما موافق لوصف ابن إسحاق وهي منطقة رملية جنوب غرب بدر، ويليل هو وادي بدر، أو وادي الصفراء ببدر، والأظهر أن كلاهما واحد، وعليه يكون المسلمون نزلوا في آخر الوادي جهة المدينة قرب ما يعرف الآن بميدان معركة بدر، وهذه إحداثيات تقريبية للعدوتين:

 

المَعْلَم العدوة الدنيا (معسكر المسلمين آخرًا)
خط طول 38.789529 درجة شرقًا
خط عرض 23.773708 درجة شمالًا

 

المَعْلَم العدوة القصوى (معسكر قريش)
خط طول 38.785686 درجة شرقًا
خط عرض 23.767930 درجة شمالًا

 

2 التاريخ

 

الروايات حول التاريخ

 

قال الواقدي في المغازي (ص.51): “وخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمن معه، حتى انتهى إلى نقب بني دينار، ثم نزل بالبُقع وهي بيوت السُّقيا البُقع نقب بني دينار بالمدينة، والسقيا متصل ببيوت المدينة يوم الأحد لاثنتي عشرة خلت من رمضان…وراح رسول ال صلى الله عله وآله وسلم من بُيوت السقيا عشيّة الأحد”.

 

إلى أن قال (ص.71): “ونزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بدر عشاء ليلة الجُمعة لسبع عشرة مضت من رمضان”.

 

روى ابن سعد في الطبقات (ج.2، ص.11): “فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المدينة يوم السبت لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر رمضان على رأس تسعة عشر شهرًا من مُهاجره، وذلك بعدما وجه طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد بعشر ليالٍ”.

 

إلى أن قال (ج.2، ص.17): “وكانت وقعة بدر صبيحة يوم الجُمعة لسبع عشرة مضت من شهر رمضان على رأس تسعة عشر شهرًا من مُهاجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم”.

 

وروى أيضًا (ج.2، ص.19): “أخبرنا خالد بن عبد الله، أخبرني عمرو بن يحي عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عامر بن ربيعة البدري قال: كان يوم بدر يوم الاثنين لسبع عشرة من رمضان، قال محمد بن سعد: والثبت أنه يوم الجمعة، وحديث يوم الاثنين شاذ”.

 

وروى أيضًا تواريخ أخرى سكت عنها بدون يوم الأسبوع (ج.2، ص.19): “سُئل أبو أيّوب عن يوم بدر فقال: إما لسبع عشرة خلت، أو لثلاث عشرة بقيت، أو لإحدى عشرة بقيت، أو لتسع عشرة خلت”.

 

قال ابن هشام في السيرة (ص.318): “قال ابن إسحاق: وخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ليالٍ مضت في شهر رمضان في أصحابه، قال ابن هشام -عن غير ابن إسحاق-: خرج يوم الاثنين لثمان ليالٍ خلون من شهر رمضان”.

 

قال السمهودي في وفاء الوفا (ص.276): “قال أبو حاتم -في تأريخه-: ثم كانت غزوة بدر في رمضان لاثنتي عشرة ليلة خلت منه، وقيل يوم جمعة صبيحة سبع عشرة منه، قلت -السمهودي-: والراجح القول الثاني”. وأبو حاتم الرّازي مُحدِّث من أعيان القرن الثالث الهجري (ت.277 هـ)، وظاهر كلام أبي حاتم أنّ يوم المعركة وافق 12 رمضان للمُقارنة بينه وبين صبيحة سبع عشرة بصيغة التمريض.

 

نتائج الكشف عن التاريخ حسابيًا وفلكيًا

 

ولتفنيد الأقوال المذكورة في الروايات بالرجوع لبرمجية آستروكال لمعرفة يوم الأسبوع الموافق لتاريخ 17 رمضان 2 هـ، يتبين كونه موافقًا ليوم الثلاثاء وليس الجمعة، والأغرب أنه يوافق الجمعة من رمضان 1 هـ -وهو خطأ قطعًا-، فلعل هذا التاريخ مُستنتَج بالرجوع القهقرى وقد غلط من استنتجه فرجع سنة إضافية!، وكذلك بمُراجعة تواريخ الخروج المذكورة يتضح التعارض بين ما ذكره ابن هشام وابن سعد، وبالتحقق من تاريخ 8 رمضان 2 هـ  -الذي ذكره ابن هشام- يتضح أنه وافق الأحد وليس الاثنين وهو مقبول -باعتبار الخطأ المُقدَّر في حساب التواريخ هو يوم واحد-.

 

وبالتحقق من تاريخ 12 رمضان 2 هـ -الذي ذكره ابن سعد- يتضح أنّه وافق الخميس. وعليه فما ذهب إليه ابن هشام هو الأقرب للحساب -باعتبار مُدَّة الطريق-، لكن على قول ابن هشام أن الاثنين 8 رمضان، يكون 17 رمضان موافقًا الأربعاء لا الجمعة! ويتعارض مع كون مُدَّة الطريق حوالي ثلاثة أيّام والوصول في الرابع فيكون الوصول يوم 12 رمضان على ما ذكره ابن هشام ويكون هو يوم المعركة -وهو معقول-، وعلى كلام ابن سعد يكون موافقًا للسبت لا الجمعة أيضًا، وعليه فإن الروايات مضطربة بشأن يوم الأسبوع المُقابل لهذا السابع عشر، والأصح أنه الجُمعة على ماهو محفوظ كما ذكر ابن عساكر، وإنّما الغير محفوظ هو يوم الشهر المُقابل له، وأقرب الأقوال لضبطه هو رواية ابن هشام أنّ الخروج وافق الاثنين 8 رمضان، ورواية أبي حاتم الرازي كون المعركة وافقت 12 رمضان، وإلى تفصيل ذلك:

 

فإذا أخذنا الجمعة الأقرب تكون 20 رمضان 2 هـ أو 13 رمضان 2 هـ ، وهناك رواية عند الطبري وغيره عن بعض الصحابة أن بدرًا القتال صبيحة 19 رمضان، وعلى قول الواقدي أن بدرًا القتال كانت على رأس تسعة عشر شهرًا من مهاجره صلى الله عليه وآله وسلم، فإن الأقرب قول ابن هشام أن الخروج وافق الاثنين8 رمضان 2 هـ، غير أنّ الاثنين وافق 9 رمضان 2 هـ، وعليه تكون الموقعة 13 رمضان 2 هـ -باعتبار الطريق-، وهو قريب مما ذكره أبي حاتم الرَّازي ورواه عن السّمهودي في وفاء الوفا كما تقدَّم، وهكذا تكون على “رأس تسعة عشر شهرًا” بالضبط تزيد أو تنقص يومًا والله أعلم وهو المُختار وهذا جدول بالنتائج:

 

النتائج
يوم هجري ميلادي مكان حدث
الأحد 8 رمضان 2 هـ 4 مارس 624 م المدينة المنورة الخروج لملاقاة العير
الجمعة 13 رمضان 2 هـ 9 مارس 624 م ماء بدر غزوة بدر  على المختار
الثلاثاء 17 رمضان 2 هـ 13 مارس 624 م ماء بدر غزوة بدر -على قول-
الجمعة 20 رمضان 2 هـ 16 مارس 624 م ماء بدر غزوة بدر -على قول-

 

وعلى التاريخ المُختار ليوم المعركة وهو الجمعة 13 رمضان 2 هـ، يكون يوم الخروج هو الاثنين 9 رمضان 2 هـ، ويوم الوصول لبدر -باعتبار الطريق المذكور عند ابن إسحاق- يوم الخميس 12 رمضان 2 هـ، وإذا كان المكوث ببدر استمرّ لثلاث ليالٍ كما ذكرت الروايات، فيكون التحرك من بدر صبيحة الأحد 15 رمضان 2 هـ بعد انقضاء الليال الثلاث في أرض المعركة، وهذا مُلَخَّص بهذه التواريخ وما يقابلها بالميلادي:

 

  هجري ميلادي
الخروج لملاقاة العير الاثنين 9 رمضان 2 هـ 5 مارس 624 م
يوم معركة بدر الكُبرى الجمعة 13 رمضان 2 هـ 9 مارس 624 م
يوم التحرك للعودة الأحد 15 رمضان 2 هـ 11 مارس 624 م
يوم الوصول للمدينة الخميس 19 رمضان 2 هـ 15 مارس 624 م
المُدَّة 10 أيّام

 

تاريخ مقتل عصماء بنت مروان بعد غزوة بدر مُباشرة

 

قال الواقدي في المغازي (ص.151): “كان قتل عصماء لخمس ليالٍ بقين من رمضان مرجع النبي صلى الله عليه وآله وسلم من بدر على رأس تسعة عشر شهرًا”.

 

وعند ابن سعد في الطبقات (ج.2، ص.25): “سرية عُمير بن عديّ بن خرشة الخَطمي إلى عصماء بنت مروان من بني أميّة بن زيد لخمس ليالٍ بقين من شهر رمضان على رأس تسعة عشر شهرًا من مُهاجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم”.

 

وعلى المذكور، وبمُراجعة برمجيّة آستروكال، يتبين أنّ شهر رمضان في تلك السنة كان 29 يومًا، فلخمس ليالٍ بقين، وباعتبار ليلة التنفيذ نفسها معدودة في هذه الليالي الخمس، فيكون تاريخها موافقًا الأربعاء 25 رمضان 2 هـ، وذلك بعد العودة من بدر بأيّام.

 

تاريخ مقتل أبو عَفَك اليهودي بعد غزوة بدر مُباشرة

 

قال الواقدي (ص.152): “حتى كانت ليلة صائفة فنام أبو عفك بالفناء في الصّيف في بني عمرو بن عوف فأقبل سالم بن عُمير، فوضع السيف على كبده حتى خشّ في الفراش…وقُتِل أبو عَفَك في شوّال على رأس عشرين شهرًا”. والصيف عند العرب هو الربيع المعروف ويبدأ في نهاية شهر مارس بالإفرنجي.

 

وقال ابن سعد في الطبقات (ص.25): “ثم سرية سالم بن عُمير العمري إلى أبي عفك اليهودي في شوّال على رأس عشرين شهرًا من مُهاجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم”.

 

وعلى المذكور فهذه ليلة من ليال شوّال والمختار كونها 10 شوّال 2 هـ، لتكون على رأس العشرين شهرًا من الهجرة بالتمام والكمال -كون الهجرة وقعت 8 ربيع الأوّل-، وحيث أنّ غزوة بني سُلَيْم الأولى التي كانت بعد بدر الكبرى وقعت بعدها مُباشرة وكان العود منها في 9 شوّال 2 هـ، فالرّاجح كون مقتل أبو عفك اليوم التالي لعودة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من غزوة بني سُلَيْم الأولى المُلحقة ببدر، وعليه فيكون تاريخ ذلك هو 10 شوّال 2 هـ، الموافق الأربعاء 4 إبريل 624 م، وهي ليلة صائفة لا شك.

 

وقد ذكر ابن هشام في السيرة الحادثين -مقتل أبو عَفَك وعصماء- في مجمل السرايا والبعوث، غير أنّه خالف فجعل مقتل عصماء بعد مقتل أبو عَفَك، ولعدم ذكره تواريخ لأيّ من الحدثين اكتفينا بروايتي الواقدي وتلميذه ابن سعد.

 

وهذا مُلَخَّص تواريخ هذين الحدثين بمُراجعة برمجيّة آستروكال:

  هجري ميلادي
مقتل عصماء بنت مروان الأربعاء 25 رمضان 2 هـ 21 مارس 624 م
مقتل أبو عَفَك الأربعاء 10 شوّال 2 هـ 4 إبريل 624 م

 

 

3 مُزامنة الطريق

 

طريق الذهاب (المدينة المُنوَّرَة بَدْر)
اليوم الأول

(الاثنين)

9 رمضان 2 هـ

5 مارس 624 م

 

 

من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
المدينة ذو الحليفة 9.7 1.9
ذو الحليفة أولات الجيش 11.3 2.3
أولات الجيش تُربان 6 1.2
تُربان ملل 5.3 1.1
  32.3 6.5
اليوم الثاني

(الثلاثاء)

10 رمضان 2 هـ

6 مارس 624 م

من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
ملل غميس الحمام 10.2 2.04
غميس الحمام صخيرات اليمام 2.3 0.5
صخيرات اليمام السيالة 2.5 0.5
السيالة فج الروحاء 9.2 1.8
       
فج الروحاء شنوكة 9.4 1.9
شنوكة عرق الظبية 3.9 0.8
عرق الظبية بئر الروحاء 4.2 0.9
بئر الروحاء المُنصَرَف 7.7 1.5
  49.4 9.9
اليوم الثالث

(الأربعاء)

11 رمضان 2 هـ

7 مارس 624 م

من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
المُنصَرَف النازية 3.6 0.7
النازية مضيق الصفراء قاطعًا وادي رحقان 4.8 1
مضيق الصفراء خرج من المضيق 18.2 3.6
       
خرج من المضيق قريبًا من الصفراء 11.6 2.3
قريبًا من الصفراء وادي ذفران 8.7 1.7
  46.5 9.3
اليوم الرابع

(الخميس)

12 رمضان 2 هـ

8 مارس 624 م

من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
وادي ذفران ثنايا الأصافر 10.6 2.12
ثنايا الأصافر الدَّبة 2.5 0.5
الدَّبة قريبًا من بدر 14.1 2.8
قريبًا من بدر العدوة الدنيا 2.8 0.6
العدوة الدنيا معسكر المسلمين 2.6 0.5
  22 4.4

 

طريق العودة (بَدْر المدينة المُنوَّرَة)
اليوم الأول

(الأحد)

15 رمضان 2 هـ

11 مارس 624 م

من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
بَدْر الأُثَيْل 7 1.5
  7 1.5
اليوم الثاني

(الاثنين)

16 رمضان 2 هـ

12 مارس 624 م

من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
الأُثَيْل قرية الصفراء 15 3
قرية الصفراء غرب مضيق الصفراء 20 4
  35 7
اليوم الثالث

(الثلاثاء)

17 رمضان 2 هـ

13 مارس 624 م

من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
غرب مضيق الصفراء وادي رحقان 18 4
  18 4
اليوم الرابع

(الأربعاء)

18 رمضان 2 هـ

14 مارس 624 م

من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
وادي رحقان النَّازية 7 1.5
النَّازية الروحاء 11 2
الروحاء عِرق الظُّبيَة 5 1
عِرق الظُّبيَة شنوكة 4 1
شنوكة السَّيَالَة 18 3.5
  45 9
اليوم الخامس

(الخميس)

19 رمضان 2 هـ

15 مارس 624 م

من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
السَّيَالَة ملل 15 3
ملل تُربان 5 1
تُربان ذو الحُلَيْفَة 17 3.5
ذو الحُلَيْفَة المدينة المُنوَّرَة 9 2
  46 9.2

 

5 المراجع

 

  • المناسك وأماكن طرق الحج، إبراهيم ابن إسحاق الحربي (ت. 285 هـ)، تحقيق حمد الجاسر، منشورات دار اليمامة 1969م.
  • معجم ما استعجم، البكري الأندلسي (ت.487 هـ)، تحقيق مصطفى السقا، عالم الكتب، بيروت.
  • المسالك والممالك، ابن خرداذبة، طبعة ليدن.
  • معجم البلدان، ياقوت الحموي (ت.626 هـ)، دار صادر، بريوت.
  • المغانم المطابة في معالم طابة، الفيروزأبادي (ت.817 هـ)، تحقيق حمد الجاسر، دار اليمامة.
  • معجم معالم الحجاز، عاتق بن غيث البلادي (ت 1431 هـ)، دار مكّة.
  • الأماكن أو ما اتفق لفظه وافترق مسمّاه من الأمكنة، الحازمي (ت. 584 هـ)، تحقيق حمد الجاسر، دار اليمامة.
  • المعالم الأثيرة في السنة والسيرة، محمد حسن شُرَّاب (ت 2013 م)، دار القلم.