مُلحق يوميّات سرية أبو عُبيّدة بن الجرّاح إلى جُهيّنة وهي سريّة الخَبَط

1 الجغرافيا

قال الواقدي في المغازي (ص.525): “سريّة الخَبَط أميرها أبو عبيدة…بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبا عبيدة بن الجراح في رسيّة…إلى ساحل البحر إلى حيّ من جُهينَة”.

وقال ابن سعد في الطبقات (ج.2، ص.122): “بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبا عبيدة بن الجرّاح في ثلاثمائة رجل من المهاجرين والأنصار وفيهم عمر بن الخطاب إلى حيّ من جُهينة بالقَبَليّة مما يلي ساحل البحر وبينها وبين المدينة خمس ليال، فأصابهم في الطريق جوع شديد فأكلوا الخبط، وابتاع قيس بن سعد جُزُرًا ونحرها لهم، وألقى لهم البحر حُوتًا عظيمًا فأكلوا منه وانصرفوا ولم يلقوا كيدًا”.

وقال ابن هشام في السيرة (ص.726): “غزوة أبي عبيدة بن الجراح إلى سيف البحر…”.

القَبَليِّةُ

قال عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز (ص.1349): “بالتحريك، كأنه نسبة الناحية إلى قبل، بالتحريك، وقد تقدم إشتقاقه. قال ياقوت: وهو من نواحي الفُرُع بالمدينة.قال العمراني: أخبرني جار الله عن عليّ الشريف قال: القَبَلِيَّة سراة فيما بين المدينة وينبع وما سال منها إلى ينبع سمي الغَوْر و ما سال منها إلى أودية المدينة سمّيَ بالقَبَلِيّة، وحدها من الشام ما بين الحتُّ وهو جبل من جبال بني عَرَك من جهينة، وما بين شرف السيالة أرض يطؤها الحاج وفيها جبال وأودية”.

قال السمهودي في وفاء الوفا (ج.4، ص.1286): “القَبَليَّة بفتحتين مثل عَرَبيّة، كأنه نسبة إلى القَبْل محرَكًا، وهو النّشز من الأرض يستقبلك….قال عياض وتبعه المجد: هي من نواحي الفرع، وفي النهاية: هي ناحية من ساحل البحر بينها وبين المدينة خمسة أيّام، وقيل هي من ناحية الفرع، وهو موضع بين نخلة والمدينة انتهى، وقال الزمخشري: القَبَليَّة سراة فيما بين المدينة وينبع، ما سال منها إلى ينبع سمي بالغَوْر، وما سال منها إلى المدينة سمي بالقبَليَّة، وحدها من الشام ما بين الخبء -وهو من جبال بني عراك من جهينة- وما بين شرف السيالة -أرض يطؤها الحاج، وفيها جبال وأودية-، انتهى. ويؤيده أن ما يذكر أنه بالقبليّة ما هو معروف اليوم أنّه بهذه الجهة، فالفُرُع الذي -هو- عَمَل فيه قُرى ليست القبليَّة منه، وبالجهة التي ذكرها الزمخشري فَرَع المسور بفتحتين كما سبق، فالظاهر أنه المراد ويؤيده أن الزبير نقل عن محمد بن المسور أنه كان بفَرَع المسور ابن إبراهيم…”.

وبمُراجعة خرائط غوغل، فالفَرَع هذا جنوب العِيص ما يزال معروفًا باسمه على حوالي 11 كم -ويسمّونه الفِرْع، والعِيص شمال غرب المدينة المنوَّرَة، فالظاهر أن طريق هذه السريّة هو نفسه طريق سريّة حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه إلى سيف البحر 1 هـ، غير أن سريّة حمزة سارت شمالًا حتى العيص ثم نزلت، وتكون القَبَليَّة هي شرق ما يُعرف الآن على خرائط هيئة المساحة السعودية بتلك المنطقة بجبال الكلاب، وهذه إحداثيّات تقريبيّة للقَبَليَّة والفَرَع:

المَعْلَم القَبَليَّة
خط طول 38.108385 درجة شرقًا
خط عرض 24.887050 درجة شمالًا

المَعْلَم الفَرَع
خط طول 38.063872 درجة شرقًا
خط عرض 24.977788 درجة شمالًا

2 التاريخ

قال الواقدي في المغازي (ص.41): “ثم غزوة أميرها أبو عبيدة بن الجراح في رجب سنة ثمان”، ورتّبها بعد مؤتة وذات السلاسل وقبل خَضِرة وذكر أنّ خَضِرَة في شعبان.

وقال أيضًا (ص.527): “عن وهب بن كيسان، عن جابر بن عبد الله، فألقى لنا البحر حوتًا مثل الظرب، فأكل الجيش منه اثنتي عشرة ليلة…”.

قال ابن سعد في الطبقات (ج.2، ص.122): “ثم سريّة الخَبَط أميرها أبو عبيدة بن الجراح، وكانت في رجب سنة ثمان من مُهاجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم”.

قال البخاري في الصحيح (حديث 404): “عن جابر بن عبد الله قال: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلاَثَمِائَةِ رَاكِبٍ أَمِيرُنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ نَرْصُدُ عِيرَ قُرَيْشٍ فَأَقَمْنَا بِالسَّاحِلِ نِصْفَ شَهْر فأصَابَنا جُوعٌ شَدِيدٌ حَتَّى أَكَلْنَا الْخَبَطَ فَسُمِّىَ ذَلِكَ الْجَيْشُ جَيْشَ الْخَبَطِ فَأَلْقَى لَنَا الْبَحْرُ دَابَّةً يُقَالُ لَهَا الْعَنْبَرُ فَأَكَلْنَا مِنْهُ نِصْفَ شَهْرٍ وَادَّهَنَّا مِنْ وَدَكِهِ حَتَّى ثَابَتْ إِلَيْنَا أَجْسَامُنَا”.

وهذه السريّة ذكرها ابن هشام عن ابن إسحاق ولم يبيّن غرضها وموضعها، ورواية البُخاري في الصحيح وغيره من أصحاب الحديث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنّها لترصّد عير لقُريش، وعند الواقدي في المغازي ووافقه ابن سعد في الطبقات أنّها لحيّ من جُهينة بلا غرض مذكور، وإقامتهم هذه المُدّة بغير غرض إلا ترصّد العير معقول، وغير ذلك فغير مفهوم ولا معقول، اللهم إلا دعوة قبائل جُهينة للإسلام هناك، وهذا لم يذكره أحد أبدًا، أو حتى قتالهم؟، وهذا مُعارض لرواية شراء قيس بن سعد بن عُبادة الجزور من الرجل الجُهني، فهذا في حال المُسالمة مع جُهينة على الراجح، ورُبّما هذا الذي دعا أصحاب السير إلى الميل لكونها في السنة الثامنة لتوهم أن أكثر القبائل قد سالمت فيه؟، إلا أنّ جُهينة لم يُذكر لها مُعارضة وقتال في السِّيَر تقريبًا، حتى سريّة حمزة رضي الله عنه إلى سيف البحر لترصد عير قُريش أيضًا كان مخشي أو مجدي بن عمرو الجُهني مُسالمًا للمسلمين وهو الذي حجّز بينهم وبين قُريش، فالظاهر أن هذه السريّة ليست لحيّ من جُهينة بحال، أيضًا نظرًا لعددها الكبير (ثلاثمائة).

وقد ناقش إشكال هذه السريّة عدد من المحققين كابن القيّم في زاد المعاد وجزم بكونها في السادسة نظرًا للغرض، وابن حجر العسقلاني في الفتح، إلا أنّه لم يجزم بقول، وأشكل على ابن القيّم بعثها في رجب، ونقل أنّ المحفوظ أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم لم يُرسِل السرايا في الأشهر الحُرُم، وفي كلامه نظر، ولعلّه قصد سرايا هجوميّة، فممكن، إلا أنّ الأمر بحاجة لتحقيق موسّع ليس هذا موضعه.

وكونها في السنة الثامنة فلم أقف على سبب يجعل ترتيبها كذلك عند أصحاب السِّيَر إن كان محفوظًا، سوى ترتيبهم، وابن هشام وابن إسحاق لم يرتّباها أصلًا، فالظاهر اجتهاد الواقدي وابن سعد في الترتيب، ولعلّها في السنة السادسة قبل الحُديبيّة لوجاهة ما ذكره ابن القيّم وابن حجر أنّه صلى الله عليه وآله وسلم لم يترصّد لهم عيرًا في الهُدنة، فالمُختار خروجًا من مجموع الإشكالات المذكورة أنّ خروجها في آخر رجب، ثم حصولها في شعبان من السنة السادسة، وهو أوفق للمذكور من قِلَّة المؤنة في هذه السريّة، إذ في الثامنة كان المسلمون قد فتحوا خيبر في السابعة وأصابوا من نخلها الأزواد ما يعينهم، ومقتضى الروايات أنّه كان في وقت ضيق، قبل خيبر لا بعدها، والله أعلم.

قال الصالحي الشامي في سبل الهدى والرشاد (ج.6، ص.281): “في رواية وهب بن كيسان عن جابر: فأكل منه القوم ثماني عشرة ليلة، وفي رواية عمرو بن دينار: فأكلنا منه نصف شهر، وفي رواية أبي الزبير: فأقمنا عليه شهرا، ورواية الحاكم: إثنا عشر يومًا، ورواية الخولاني: أقمنا قبله ثلاثًا، وهاء الضمير في الروايات السابقة تعود على الحوت”، وفيما ذكر الصالحي نظر، فرواية الواقدي عن وهب ابن كيسان اثنا عشر يومًا كرواية الحاكم.

والرّاجح في مُدَّة السريّة بمُراجعة مُناقشات الصالحي في سيرته وقد فصّل الأقوال كلها تفصيلًا بما في ذلك كلام ابن حجر وابن القيّم، وبمُراجعة ما سبق مما ذكره أهل السير والحديث، وبقياس المسافة حتى سِيف البحر كما في طريق سريّة حمزة رضي الله عنه بخلاف كون سريّة أبي عبيدة لا تمُرّ بالعِيص وهي من المدينة المنوَّرَة حتى الخروج إلى ساحل البحر -سِيف البحر- عند ما يُعرف الآن بأُم لُج مرورًا بالفَرَع، فهذه مسافة 364 كم تقريبًا بالقياس على خرائط غوغل، وهي مسير ثمانية أيّام والوصول في بقيّة التاسع، ومثلها رجوعًا، فهذه عشرون يومًا، وأمّا ما ذكره ابن سعد أنّ بينها وبين المدينة خمس ليالٍ، فهذه القَبَليَّة لا ساحل البحر، ثم أقاموا ثلاثًا يأكلون مما ذبح لهم قيس بن سعد رضي الله عنه وفي الرابع خرج حوت العنبر فأكلوا منه مُدَّة نصف شهر على ما ذكر البُخاري فهذه خمسة عشر يومًا، وفي رواية جابر أنّ أزوادهم فنيت ببعض الطَّرِيق، فهذا على التّقدير بعد مسير ستة أيّام، ثم مكثوا السابع والثامن والتاسع وهو يوم الوصول يأكلون الخَبَط، وفي اليوم التالي اشترى قيس من الجُهني عند ساحل البحر الإبل، فنحر ثلاثة في ثلاثة أيّام أوّل مُدَّة إقامتهم، ثم نهاه أبا عبيدة وعُمر عن النحر في اليوم الرابع، فأخرج لهم البحر فيه الحوت، فمكثوا يأكلون منه ثلاثة أيّام أُخرى على التقدير بقيّة مُدّة إقامتهم، ثم تسعة أيّام في العودة، فهذه اثنا عشر يومًا، وهو موافق لرواية وهب ابن كيسان عن جابر أنّ الجيش أكل من الحوت اثنا عشر يومًا ورواية الحاكم، وتكون مُدّة الإقامة، والله أعلم.

خروج السبت 27 رجب 6 هـ 12 ديسمبر 627 م
الوصول لسيف البحر الأحد 6 شعبان 6 هـ 20 ديسمبر 627 م
رجوع الاثنين 21 شعبان 6 هـ 4 يناير 628 م
مُدَّة السريّة 24 يومًا

3 مُزامنة الطَّرِيق

طريق الذهاب (المدينة المُنوَّرَة – سِيْف البَحْر)
اليوم الأول
(السبت)
27 رجب 6 هـ
12 ديسمبر 627 م من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
المدينة المنورة أولات الجيش 21 4.2
21 4.2

اليوم الثاني
(الأحد)
28 رجب 6 هـ
13 ديسمبر 627 م من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
أولات الجيش ملل 11 2.2
ملل السيالة 17 3.4
السيالة عرق الظبية 22.5 4.5
50.5 10.1

اليوم الثالث
(الاثنين)
29 رجب 6 هـ
14 ديسمبر 627 م من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
عرق الظبية مضيق الصفراء 20 4
مضيق الصفراء خيف أم ذيان 16.7 3.3
36.7 7.3

اليوم الرابع
(الثلاثاء)
1 شعبان 6 هـ
15 ديسمبر 627 م من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
خيف أم ذيان طاشا 25 5
طاشا السديرة 20.3 4.1
45.3 9.1

اليوم الخامس
(الأربعاء)
2 شعبان 6 هـ
16 ديسمبر 627 م من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
السديرة شمال جبل سليت 21.1 4.2
شمال جبل سليت خيف حُسين 21 4.2
42.1 8.4

اليوم السادس
(الخميس)
3 شعبان 6 هـ
17 ديسمبر 627 م من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
خيف حُسين الفقعلي 18 3.6
الفقعلي وادي رخو 23.3 4.7
41.3 8.3

اليوم السابع
(الجمعة)
4 شعبان 6 هـ
18 ديسمبر 627 م من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
وادي رخو القبلية 22.8 4.6
القبلية الفَرَع 20.2 4.1
43 8.7

اليوم الثامن
(السبت)
5 شعبان 6 هـ
19 ديسمبر 627 م
من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
الفَرَع قريب من الرويضات 21 4.2
قريب من الرويضات الرويضات 21.6 4.3
42.6 8.5

اليوم التاسع
(الأحد)
6 شعبان 6 هـ
20 ديسمبر 627 م من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
الرويضات قريب من أم لج 25 5
قريب من أم لج سيف البحر 17 3.4
42 8.4

طريق العودة (سِيْف البَحْر – المدينة المُنوَّرَة)
اليوم الأول
(الأحد)
13 شعبان 6 هـ
27 ديسمبر 627 م من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
سيف البحر قريب من أم لج 17 3.4
قريب من أم لج الرويضات 25 5
42 8.4

اليوم الثاني
(الاثنين)
14 شعبان 6 هـ
28 ديسمبر 627 م من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
الرويضات قريب من الرويضات 21.6 4.3
قريب من الرويضات الفَرَع 21 4.2
42.6 8.7

اليوم الثالث
(الثلاثاء)
15 شعبان 6 هـ
29 ديسمبر 627 م من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
الفَرَع القبلية 20.2 4.1
القبلية وادي رخو 22.8 4.6
43 8.7

اليوم الرابع
(الأربعاء)
16 شعبان 6 هـ
30 ديسمبر 627 م من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
وادي رخو الفقعلي 23.3 4.7
الفقعلي خيف حُسين 18 3.6
41.3 8.3

اليوم الخامس
(الخميس)
17 شعبان 6 هـ
31 ديسمبر 627 م من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
خيف حُسين شمال جبل سليت 21 4.2
شمال جبل سليت السديرة 21.1 4.2
42.1 8.4

اليوم السادس
(الجمعة)
18 شعبان 6 هـ
1 يناير 628 م من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
السديرة طاشا 25 5
طاشا خيف أم ذيان 20.3 4.1
45.3 9.1

اليوم السابع
(السبت)
19 شعبان 6 هـ
2 يناير 628 م من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
خيف أم ذيان مضيق الصفراء 16.7 3.3
مضيق الصفراء عرق الظبية 20 4
36.7 7.3

اليوم الثامن
(الأحد)
20 شعبان 6 هـ
3 يناير 628 م من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
عرق الظبية السيالة 22.5 4.5
السيالة ملل 17 3.4
ملل أولات الجيش 11 2.2

اليوم التاسع
(الاثنين)
21 شعبان 6 هـ
4 يناير 628 م من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
أولات الجيش المدينة المنورة 21 4.2
21 4.2