ملحق سريّة الضّحاك بن سفيان الكِلابي إلى القرطاء عند زُجّ لاوة

1 الجغرافيا

القُرَطَاء والبكرات وزُجّ لاوة

 قال الواقدي في المغازي (ص.650): “بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جيشًا إلى القُرَطَاء فيهم الضحاك بن سفيان بن عوف بن أبي بكر الكلابي، والأصيد بن سلمة بن قرط بن عبد، حتى لقوهم بالزّجّ -زجّ لاوة-“.

 

قال ابن سعد  في الطبقات (ج2 ص 60): “القُرَطَاء: هم بطن من بني بكر من كلاب وكانوا ينزلون البكرات بناحية ضرية، وبين ضرية والمدينة سبع ليال”، ومنه يتبين أن القُرَطَاء قبيلة وليست موضع، وأن الموضع هو البَكرات.

 

وعند عُمر كحالة في معجم القبائل العربية (ج.3، ص.75): “القُرَطَاء: بطن من عامر بن صعصعة، من العدنانية، وهم: بنو قُرط وقُريط ابني عبيد بن أبي بكر بن كلاب بن ربيعة بن عامر ابن صعصعة.كانوا ينزلون بناحية ضرية بالبكرات، وبين ضرية، والمدينة. وقد بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم سرية الضحاك إليهم في ربيع الأول تسع فدعاهم إلى الإسلام، فأبوا، فقاتلهم، فهزموا وغنموا”.

 

البَكْرَة

 

قال البكري في معجم ما استعجم (ج3 ص 861 بتصرف):”البكرة بينها وبين ضريّة نحو من عشرة أميال، والبكرة عن يسار ضريّة للمصعد إلى مكّة”.

 

قال ياقوت الحموي في معجم البلدان (ج.1، ص.475): “بسكون الكاف: ماءة لبني ذويبة من الضباب، وعندها جبال شمّخ سود يقال لها البكرات”.

 

قال محمد بن ناصر العبودي في معجم بلاد القصيم (ص.617): “البكري: بفتح الباء فكاف ساكنة فراء مسكورة فياء، على صيغة النسبة إلى بكر أو بكرة: هضاب حُمر وماء إلى الغرب منهن وإلى الشمال منها،…تقع في منطقة ضريّة في غرب القصيم الجنوبي على بعد 22 كيلًا من بلدة ضريّة إلى جهة الجنوب الشرقي منها، وكانت الماء قديمًا تسمى البكرة، وكانت الهضاب تسمى البكرات جمع بكرة، قال الهجري: كان عثمان رضي الله عنه اشترى ماءً من مياه بني ضبينة كان أدنى مياه إلى ضريّة يقال لها البكرة بينها وبين ضريّة نحو من عشرة أميال…ويؤيد ذلك ما ذكره الإمام محمد بن سعد في الطبقات من خبر سرية محمد بن مسلمة إلى تلك الجهة (القُرَطَاء)”.

 

وعلى المذكور والتحديد الدقيق للعبودي على وصف الهجري، فبقياس حوالي 10 أميال (18.5 كم تقريبًا) أو تزيد قليلًا جنوب شرق ضريّة -وضريّة ما تزال معروفة محددة باسمها للآن-، ففي هذا الموضع بمُراجعة خرائط غوغل مجموعة جبال سود بها هضاب حُمر داكنة ووسطها آبار ما تزال معروفة، وهي تنطبق على وصف البكرات المذكور، فهذه إحداثيّات تقريبيّة لها:

 

المَعْلَم البَكَرَات
خط طول 42.920401 درجة شرقًا
خط عرض 24.441970 درجة شمالًا

 

الزُجّ

 

قال الحموي في معجم البلدان (ج.3، ص.133): “الزُّج:ضم أوّله، وتشديد ثانيه، بلفظ زُجّ الرمح،…قال نصر: زُجّ لاوة موضع نجدي؛ وفي المغازي: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأصيد بن سلمة بن قُرط مع الضحاك بن سُفيان الكلابي إلى القُرطاء، وهُم قُرْط وقَريط وقُرَيْط بنو عبد بن أبي بكر بن كلاب…فقاتلوهم فهزموهم فلحق الأصيد أباه سلمة على فرس له إلى غدي بزُجّ بناحية ضريّة…”.

 

وقال السمهودي في وفا الوفا (ج.4، ص.87): “بالضم وتشديد الجيم، قاله المجد، وقال ابن سيد الناس: بالخاء المعجمة، موضع بناحية ضرية”.

 

وفي تعليقات حمد الجاسر على الحازمي في الأماكن (ص.499): “يُفهم من كلام الحازمي وما ورد في النهاية لابن الأثير من قوله: زُجّ لاوة موضع نجدي بعث إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الضحاك بن سفيان…وزُجّ أيضًا ماء أقطعه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم العدَّاء بن خالد، وأنّ الاسم يُطلق على موضعين، والذي ظهر لي أنّهما موضع واحد، فالعدّاء بن خالد هو من بني هوذة، وبلادهم على ما في كتاب (بلاد العرب): سُوَاج والزُّجيج، والزُّجيج جبل رأسه مُحَدَّد، كأنّه زُجُّ رُمح كما في كتاب المناسك، الذي حدد الزجيج بأنه على سبعة أميال من فَلْجَة، أي قبلها للمُتَّجه إلى مكة، وفلجة تعرف الآن باسم (الخُضارة) أصبحت هِجرة مسكونة غرب (عفيف) بنحو سبعين كيلًا، فموقع زُجّ والزُّجيج قرب خطّ العرض: 22 درجة و 30 دقيقة، وخطّ الطول: 42 درجة و20 دقيقة، أما كلمة (لواثة) فأراها تحريف (لاوة) ولم أر للكلمتين إيضاحًا فيما بين يديّ، وأرى (لاوة) اسم الموضع، وأُضيف إليه زُجّ، وأرى كلمة (وبني ربيعة) في أصل الحازمي صوابها (من بني ربيعة) فهو العدَّاء بن خالد بن هوذة بن خالد بن ربيعة بن عامر بن صعصعة”.

 

وتحقيق حمد الجاسر المذكور ذو وجاهة، وهو المُختار، لا سيّما أن العدّاء بن خالد رضي الله عنه لا يُعلم غيره من الصحابة الكرام له نفس الاسم، ونسبه مذكور في تراجم الصحابة وأجمعوا على أنّه من ربيعة من عامر بن صعصعة من هوازن كما تقدّم، وهو المُختار، وأمّا نسبة الزُّج إلى كونه جبل مُحَدَّد، ففيه نظر، إذ هذه المنطقة مفازة واسعة من الرمال وتكاد تخلو من الصفة المذكورة، وقد ورد في معنى الزُّج بالهمز المعنى المُضاد وهو قريب من الواقع، أو كون الزُّج هو النّعام الحيوان المعروف، أو احتياج السائر في هذه المفاوز للزجّ في الخطوة أي توسعتها والإسراع فيها، والله أعلم، وعليه فهذه إحداثيّات تقريبيّة للزُّج لاوة:

 

المَعْلَم زُجّ لاوة
خط طول 42.207676 درجة شرقًا
خط عرض 23.495994 درجة شمالًا

 

والظاهر أنهم سلكوا في طريقهم إلى زجّ لاوة طريق النجدية من المدينة المنورة، لأنه يؤدي إلى الزجيج هدف السرية؛ حيث إنه يقرب من مهد الذهب (معدن بني سليم) الذي يمثل محطة رئيسية في طريق الكوفة -مكة المكرمة حيث يتجه منه مريد المدينة المنورة إلى الغرب.

 

ويُستبعَد أن يكونوا قد أخذوا طرقا أخرى لأنها بعيدة عن جهة السرية، لأن الطرق الممكن السير فيها تقع شمال ضَرِيَّة فضلا عن البكرات مناطق وجود القرطاء، وهي تبدأ من بعد الحناكية على طريقين: إحداهما ينتهي بالعسيلة، والأخرى: تنتهي بالمحدث والأبرقية ثم الاجتماع عند النقرة ثم الاتجاه جنوبا على طريق الجادة المتجه إلى مكة المكرمة حتى يصلوا إلى ضرية ثم منها إلى البكرات.

 

وذلك يجعل السرية تستغرق وقتا كبيرًا في السير شمالًا ثم جنوبًا حتى يصلوا إلى البكرات التي تقع في جنوب ضرية، باﻹضافة إلى أنّ زجّ لاوة تبعد كثيرًا عن البكرات في جهة الجنوب الغربي، وهذا لا يحقق عنصر المفاجأة المطلوبة في الأعمال العسكرية الناجحة، فقد يسبب المرور في المناطق الشماليّة التي هي منازل بني كلب وانتشارها شيوع خبرها وهروب القوم من أماكنهم وخروجهم منها.

 

فيكون طريق هذه السريّة إلى معدن بني سُلَيْم، ثم منه شرقًا مسيرة يومان ونصف تقريبًا حتى زجّ لاوة عند منازل القُرَطاء، وتفاصيل هذا الطريق مذكورة في غزوات وسرايا أرض بني سُلَيْم، ومنها سريّة ابن أبي العوجاء السُّلَمي إلى معدن بني سُلَيْم في ذي الحجّة 7 هـ، وسريّة شُجاع بن وهب الأسدي إلى بني عامر بالسيّ من رُكبة في ربيع الأول 8 هـ.

 

2 التاريخ

 

وقال الواقدي في المغازي (ص.651): “وهذه السرية في شهر ربيع الأول سنة تسع، …وكان الذي جاءهم بالكتاب رجل من عُرينة يُقال له: عبد الله بن عوسجة، لمُستَهَلّ شهر ربيع الأوّل سنة تسع”.

 

قال ابن سعد في الطبقات (ج.2، ص.123): “سرية الضحاك بن سفيان الكلابي إلى بني كلاب في شهر ربيع الأول سنة تسع من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم”.

 

وعليه فالخروج لهذه السريّة وافق 8 ربيع الأوّل على التقدير، وبمُراجعة برمجيّة آستروكال، فهذا يوافق الاثنين 25 يونية 630 م، إلا أن في رواية الواقدي فيها أن السرية نتيجة لإرسال كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إليهم لمُستهلّ ربيع الأوّل، وحيث لم يتبيّن هل وصل إليهم الكتاب في أوّل ربيع الأوّل أو أنّ العُرَني انطلق به في أوّل ربيع الأوّل، فالمُختار أنّه وصلهم لهلال ربيع الأوّل، وتكون عودة العُرني بعدها بثمانية أيّام تقريبًا ويكون خروج السريّة في اليوم التالي على التّقدير، وهو الثلاثاء 9 ربيع الأوّل 9 هـ، والله أعلم.

 

  هجري ميلادي
خروج الثلاثاء 9 ربيع الأول 9ـ هـ 26 يونية 630 م
وصول الزُّج لاوة الاثنين 15 ربيع الأول 9 هـ 1 يولية 630 م
رجوع المدينة الاثنين 21 ربيع الأول 9 هـ 7 يونية 630 م
المدة 14 يوما
الإقامة في الزُّج نصف يوم (نهارًا)

 

3 مُزامنة الطَّريق

 

طريق الذهاب (المدينة المُنوَّرَة – زُجّ لاوة)                                                                                                    
اليوم الأول

(الثلاثاء)

9 ربيع الأول 9 هـ

26 يونية 630 م

 

من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
المدينة المنورة العُرَيْض 6.5 1.3
العُرَيْض شرق حرّة واقم 16 3.2
  22.5 4.5
اليوم الثاني

(الأربعاء)

10 ربيع الأول 9 هـ

27 يونية 630 م

من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
شرق حرّة واقم سد مُعاوية 17 3.4
سد مُعاوية قاع حضوضاء 25 5
  42 8.4
اليوم الثالث

(الخميس)

11 ربيع الأول 9 هـ

28 يونية 630 م

من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
قاع حضوضاء قريب من القرقرة 21.2 4.2
قريب من القرقرة الأرحضية 12 2.4
الأرحضية قرقرة الكُدر 9.5 1.9
  42.7 8.5
اليوم الرابع

(الجمعة)

12 ربيع الأول 9 هـ

29 يونية 630 م

من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
قرقرة الكدر الحرارة 22.2 4.4
الحرارة قريب من الحرارة 23 4.6
  45.2 9
اليوم الخامس

(السبت)

13 ربيع الأول 9 هـ

30 يونية 630 م

من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
قريب من الحرارة هضب الشرارا 23 4.6
هضب الشرارا آبار مليحة 20.8 4.2
  43.8 8.8
اليوم السادس

(الأحد)

14 ربيع الأول 9 هـ

1 يولية 630 م

من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
آبار مليحة شعيب الحفير 21.3 4.3
شعيب الحفير وادي الركو 17 3.4
  38.3 7.7
اليوم السابع

(الاثنين)

15 ربيع الأول 9 هـ

2 يولية 630 م

        

من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
وادي الركو شعيب الضعانة 22.5 4.5
شعيب الضعانة وادي الشعبة 25 5
  47.5 9.5
اليوم الثامن

(الثلاثاء)

16 ربيع الأول 9 هـ

3 يولية 630 م

من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
وادي الشعبة قريب من الزُّج 22 4.4
قريب من الزُّج زُجّ لاوة 14 2.8
  36 7.2

 

طريق العودة (زُجّ لاوة – المدينة المُنوَّرَة)
اليوم الأول

(الأربعاء)

17 ربيع الأول 9 هـ

4 يولية 630 م

من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
زُجّ لاوة قريب من الزُّج 14 2.8
قريب من الزُّج وادي الشعبة 22 4.4
     
اليوم الثاني

(الخميس)

18 ربيع الأول 9 هـ

5 يولية 630 م

من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
وادي الشعبة شعيب الضعانة 25 5
شعيب الضعانة وادي الركو 22.5 4.5
     
اليوم الثالث

(الجمعة)

19 ربيع الأول 9 هـ

6 يولية 630 م

من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
وادي الركو شعيب الحفير 17 3.4
شعيب الحفير آبار مليحة 21.3 4.3
     
اليوم الرابع

(السبت)

20 ربيع الأول 9 هـ

7 يولية 630 م

من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
آبار مليحة هضب الشرارا 20.8 4.2
هضب شرارا قريب من الحرارة 23 4.6
     
اليوم الخامس

(الأحد)

21 ربيع الأول 9 هـ

8 يولية 630 م

من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
قريب من الحرارة الحرارة 23 4.6
الحرارة قرقرة الكُدر 22 4.4
     
اليوم السادس

(الاثنين)

22 ربيع الأول 9 هـ

9 يولية 630 م

من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
قرقرة الكُدر الأرحضية 9.5 1.9
الأرحضية قريب من القرقرة 12 2.4
قريب من القرقرة قاع حضوضاء 21.2 4.2
     
اليوم السابع

(الثلاثاء)

23 ربيع الأول 9 هـ

10 يولية 630 م

 

من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
قاع حضوضاء سد مُعاوية 25 5
سد مُعاوية شرق حرّة واقم 17 3.4
     
اليوم الثامن

(الأربعاء)

24 ربيع الأول 9 هـ

11 يولية 630 م

من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
شرق حرّة واقم العُرَيْض 16 3.2
العُرَيْض المدينة المنورة 6.5 1.3
     

 

4 المراجع

 

  • طريق الحاج البصري بين النباج الرُّقعي للأستاذ عوض بن صالح السرور (الطبعة الأولى سنة 1428هـ).
  • مقال حمى ضرية لمحات تاريخية منشور على موقع فريق الصحراء (http://alsahra.org/?p=923).
  • المصور المفيد في درب زبيدة من الغوير إلى فيد للأستاذ/ عوض بن صالح السرور (الطبعة الأولى سنة 1429هـ دون مطبعة).
  • صحيح الأخبار عما في بلاد العرب من الآثار، للشيخ عبد الله بن بلهيد، (الطبعة الأولى سنة 1371هـ، مطبعة السنة المحمدية بمصر)
  • العُمَق دراسة تاريخية جغرافية أثرية، للأستاذ/ منصور بن مروي الشاطري سنة 1432هـ.
  • http://www.amana-md.gov.sa/Pages/Municipalities/MunicipalityOnRegions