ملحق سرية غالب بن عبد الله رضي الله عنه إلى المِيْفَعَة

1- الجغرافيا

 قال ابن سعد في الطبقات (ج.2، ص.91): “بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غالب بن عبد الله إلى بني عوال- بضم العين- وبني عبد بن ثعلبة وهم بالميفعة، وهي وراء بطن نخل إلى النَّقِرة قليلًا بناحية نجد، وبينها وبين المدينة ثمانية برد”. ويظهر من تعريف ابن سعد رحمه الله تعالى أن السرية كانت تقصد الهجوم على بني عُوال وبني عبد بن ثعلبة الواقعة مناطقهم جهة المِيْفعة، وأن هذا الموضع يقع بناحية نجد بعد الحناكية في اتجاه النَّقِرة على ثمانية بُرُد -حوالي 180 كم تقريبًا- من المدينة.

 

وقال البكري في معجم ما استعجم (ج.4 ،ص.1321): “النَّقِرة بفتح أوله، وكسر ثانيه، بعده راء مهملة: موضع بين مكة والبصرة”، وتعريف البكري لا يقدم ولا يؤخر، فكم من مواضع بين مكة والبصرة.

 

وقال الحموي في معجم البلدان (ج.5، ص.298): “النَّقِرَةُ: يُروى بفتح النون، وسكون القاف، ورواه الأزهري بفتح النون، وكسر القاف، وقال الأعرابي: كل أرض متصوّبة في وهدة فهي نقرة وبها سميت النقرة بطريق مكة التي يقال لها معدن النقرة، وهذا هو المعتمد عليه في اسم هذه البقعة، ورواه بعضهم بسكون القاف، وهو واحد النّقر للرحى وما أشبهها، وهو من منازل حاجّ الكوفة بين أضاخ وماوان، قال أبو زياد: في بلادهم نقرتان لبني فزارة بينهما ميل، وقال أبو عبيد الله السكوني: النقرة، هكذا ضبطه ابن أخي الشافعي بكسر القاف، بطريق مكة يجيء المصعد إلى مكة من الحاجر إليه وفيه بركة وثلاث آبار: بئر تعرف بالمهدي وبئران تعرفان بالرشيد وآبار صغار للأعراب تنزح عند كثرة الناس وماؤهن عذب ورشاؤهن ثلاثون ذراعا، وعندها تفترق الطريق فمن أراد مكة نزل المغيثة، ومن أراد المدينة أخذ نحو العسيلة فنزلها”. وفي التقسيم الإداري الحديث للمملكة العربية السعودية يتبع مركز النقرة محافظة رياض الخبراء بمنطقة القصيم، ويقع جنوب غرب بريدة -بميل نحو الغرب- على بعد 270 كم -بخط مستقيم-، أما طول الطريق المعبد فهو 305 كم تقريبًا، ويعتبر مركز النقرة المنفذ الغربي لمنطقة القصيم.

 

لكن هناك اختلاف كبير بين الباحثين خاصة المعاصرين في تحديد موقع النقرة (كمنزل أو محطة على الطرق القديمة)، فمنهم من يرى أنها النقرة الحالية، ومنهم من يرى أنها الجِفْنيَّة، وإن كانت الجِفْنيَّة هي الأقرب في الترجيح حيث لا يزال بها ما ذكره الحربي من معالم “النقرة”، من قصر ومسجد والبركتين وآبار، وبقية من الأعلام الثمانية: علمان للدخول وعلمان للخروج وعلمان لطريق البصرة وعلمان لطريق المدينة والمتأمل في كلام البلدانيين والجغرافيين سيلاحظ أن الموضعين كلاهما يعَدُّ منزلا، فالأول معدن النقرة ويسمى “معدن القرشي” و”النقرة الشمالية”، وهو يقع على الطريق الرئيسي والثاني يقع على الطريق الفرعي وقد يسلكه المسافرون في بعض الأوقات، وهو الموضع المعروف اليوم بـ “الجفنية” أو “النقرة الجنوبية” والمسافة بينهما حوالي 14 كم تقريبًا.

وهذه إحداثيات الجِفْنيَّة التقريبيَّة:

المَعْلَم الجِفْنيَّة
خط طول 41.555530 درجة شرقًا
خط عرض 25.618316 درجة شمالًا

 

وهذه إحداثيات النَّقِرة التقريبيَّة:

المَعْلَم النَّقرة
خط طول 41.439982 درجة شرقًا
خط عرض 25.580589 درجة شمالًا

 

ويظهر من ذلك أن الميفعة (مكان السرية) يقع بالقرب من النقرة الشمالية (معدن النقرة) على ليلة تقريبًا جهة الغرب منها، وبقياس ثمانية بُرُد من المدينة المنوّرة بعد الحناكيّة (بطن نخل) باتجاه النقرة كما نص عليه ابن سعد، يتضح أن موقع الميفعة قريب مما يُسمى اليوم “عرجاء”.

 

قال الزبيدي في تاج العروس(ج.22 ،ص.431): “المِيْفَعَة: الشرف من الأرض، قاله ابن عباد، وهو بالفتح، كما يقتضيه إطلاقه، وقال السهيلي في الروض: قيده رواة السيرة بكسر الميم، والقياس الفتح، لأنه اسم موضع من اليفاع، وهو المرتفع من الأرض”.

 

قال الواقدي في المغازي (ج.2، ص.726): “وقد انتهوا إلى مكان قد فَحَصَهُ-حفره- السيل، فلما رآه يسار كبر قال: والله قد ظفرتم بحاجتكم، اسلكوا في هذا الفحص حتى ينقطع بكم. فسار القوم فيه ساعة بحس خفي لا يتكلمون إلا همسا حتى انتهوا إلى ضرس من الحرة – والضرس يطلق على الأكمة التي تطلق على ما علا من الأرض على ما حوله كالتل المرتفع أو الربوة المرتفعة- فقال يسار لأصحابه: لو صاح رجل شديد الصوت لأسمع القوم.. فأقبلوا جميعا حتى إذا كانوا من الحي قريبا.. ووقعوا وسط محالهم .. وصادفوهم تلك الليلة على ماء يقال له الميفعة”. وما ذكره الواقدي ينطبق على التعريف اللغوي (للميفعة) الذي ذكره الزبيدي في شرح القاموس كما تقدم، وكلام الواقدي يؤكد ما استنتجناه من كون الميفعة قريب مما يُعرف اليوم بـ”عرجاء”، إذ هي أرض صخريّة سوداء بُركانيّة -حرَّة كما يقول الواقدي-، وعليه فهذه إحداثيّات تقريبيّة للميفعة:

 

المَعْلَم المِيْفَعَة (عرجاء)
خط طول 40.989602 درجة شرقًا
خط عرض 25.310353 درجة شمالًا

 

قال ابن خرداذبه في المسالك والممالك (ص.127): “ثم إلى معدن القرشي، والعامّة تسميه معدن النقرة، فيها آبار، أربعة وثلاثون ميلًا، والمتعشى قَرَوْي على سبعة عشر ميلًا،… فمن أخذ على المدينة فمن المعدن إلى العسيلة فبها آبار مالحة ستّة وأربعون ميلا، ثم إلى بطن نخل كثيرة الماء ستّة وثلاثون ميلا، ثم إلى الطّرف فيها ماء السماء اثنان وعشرون ميلا ثم إلى المدينة وهى طيبة خمسة وثلاثون ميلا”.

 

وقال الحربي في المناسك (ص.608): “ثم يخرجون منه فيصبحون النقرة، فيوافون بها أهل الكوفة، من أخذ على طريق الجادة إلى مكة، ويعدلون هم إلى المدينة على طريقين: إحداهما العسيلة وما والاها، والأخرى على المحدث والأبرقية، ثم يجتمعون ببطن نخل، ثم الطرف، ثم المدينة، ومن أضل الطريق من وراء قطن أخذ ذات اليمين”، وذكر الحربي أنّه ضلّ الطريق وذكرا تفاصيل ذلك وكيف خرج منه والجبال التي رآها في الطريق الثالثة.

 

قال الواقدي في المغازي (ج.2، ص. 726): “خرج بهم يسار، فظعن بهم في غير الطريق حتى فنيت أزوادهم وجهدوا، واقتسموا التمر عددا، فبينا القوم ذات ليلة بعد ما ساء ظنهم بيسار، وظن القوم أن إسلامه لم يصح، وقد انتهوا إلى مكان قد فحصه -حفره- السيل، فلما رآه يسار كبَّر”. وهو ما يعني أن يسارًا رضي الله عنه قد سلك بالسرية طريقا آخر غير معروف ولا مأهول، والظاهر أنّه الطريق الثاني الذي ذكره الحربي سالفًا والله أعلم وقد يكون الثالث والراجح الثاني، وهذه معالم الطريق من المدينة المنوّرة وتفصيلها:

 

طريق الذهاب
1 المدينة المنورة 5 وادي الشقرة 9 المَرَوْرَاةُ
2 العاقول 6 بطن نخل (الحناكية) 10 الميفعة (عرجاء)
3 ذو القصة 7 الشقران
4 الطرف (الصويدرة) 8 قريب من صبحا

 

طريق العودة
1 الميفعة (عرجاء) 4 بطن نخل (الحناكية) 7 ذو القصة
2 صبحا 5 وادي الشقرة 8 العاقول
3 الشقران 6 الطرف (الصويدرة) 9 المدينة المنورة

 

وقد سبق التعريف بمعالم هذا الطريق حتى وادي الشقرة، والحناكية (بطن نخل) في ملاحق غزوة ذات الرقاع، وسرية محمد بن مسلمة رضي الله عنه إلى ذي القَصَّة، وسرية بشير بن سعد رضي الله عنه إلى فدك، وسريّة الإمام علي بن أبي طالب إلى فدك، وهذه بقيّة المعالم:

 

الشُّقران

 

قال عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز (ص.537): “سلسلة جبلية قليلة الارتفاع عن مستوى سطح الأرض شرقي الحناكية يطؤها الطريق إلى القصيم على قرابة35 كم من الحناكية.. وهي مرتفعات على شكل سلسلة مقاطعة للطريق لونها يضرب إلى الحمرة -أي أشقر- يصل امتدادها إلى شرقي رحرحان”، وهي قرية من قرى محافظة الحناكية ضمن منطقة المدينة المنورة.

 

وإحداثيَّاته التقريبّة كالآتي:

المَعْلَم الشُّقران
خط طول 40.714836     درجة شرقًا
خط عرض 25.009620 درجة شمالًا

 

الخُشْبَة

 

قال البكري في معجم ما استعجم (ج.2، ص.500): “الخُشْبَة: بضمّ أوله، وإسكان ثانيه، وبالباء المعجمة بواحدة، المفتوحة، على وزن فعلة: موضع لبنى ثعلبة بن سعد  بن ذبيان”.

 

قال عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز (ص.550): “الخُشبة: سلسلة جبلية جنوب شرقي الحناكيّة، منها رحرحان والمعتمة وخُشبة: الشرقي من السلسلة، انظر رحرحان”.

 

وقال (ص.139): “رَحْرَحان على وزن فعللان، وكل ما قبل النون مهمل.. رحرحان: جبل شرقي المدينة على قرابة (120) كيلا. إذا وقفت في بلدة الحناكية رأيت رحرحان مطلع الشمس إلى الجنوب قليلًا، أشمخ جبال تلك الناحية”.وعلى المذكور فهذه إحداثيّات تقريبيّة لها:

 

المَعْلَم الخُشّبَة
خط طول 40.792304     درجة شرقًا
خط عرض 24.901003 درجة شمالًا

 

وهذه بعض المعالم التي تم تحديدها من على خرائط غوغل كمحطات حديثة على الطريق:

المَعْلَم صبحا
خط طول 40.851495 درجة شرقًا
خط عرض 25.210801 درجة شمالًا

 

المَعْلَم قريب من الميفعة (عرجاء)
خط طول 41.042524 درجة شرقًا
خط عرض 25.189940 درجة شمالًا

 

المَعْلَم قريب من صبحا
خط طول 40.912450 درجة شرقًا
خط عرض 25.060783 درجة شمالًا

2- التاريخ

 

وتفصيل تواريخ هذه السريّة مفصلة في مُلحق سريّة بشير بن سعد إلى فدك.

 

3- مُزامنة الطَّريق

طريق الذهاب (المدينة المنوَّرَة الميفعة)
اليوم الأول

(الخميس)

27 شعبان 7 هـ

29 ديسمبر 629 م

 

من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
المدينة المنورة العاقول 19.1 3.8
العاقول ذو القصة 24.1 4.8
43.2 8.6
اليوم الثاني

(الجمعة)

28 شعبان 7 هـ

30 ديسمبر 629 م

من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
ذو القصة الصويدرة 22.5 4.5
الصويدرة وادي الشقرة 22.9 4.6
45.4 9
اليوم الثالث

(السبت)

29 شعبان 7 هـ

31 ديسمبر 629 م

من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
وادي الشقرة الحناكية (نخل) 21 4.2
الحناكية (نخل) الشقران 24 4.8
45 9
اليوم الرابع

(الأحد)

30 شعبان 7 هـ

1 يناير 629 م

من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
الشقران قريب من صبحا 22 4.4
قريب من صبحا قريب من عرجاء 19.5 3.9
41.5 8.3
اليوم الخامس

(الاثنين)

1 رمضان 7 هـ

2 يناير 629 م

من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
قريب من عرجاء عرجاء (الميفعة) 16.5 3.3
16.5 3.3

 

طريق العودة (الميفعة المدينة المنوَّرَة)
اليوم الأول

(الاثنين)

1 رمضان 7 هـ

2 يناير 629 م

 

من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
عرجاء (الميفعة) صبحا 23.5 4.7
صبحا الشقران 23 4.6
46.5 9.3
اليوم الثاني

(الثلاثاء)

2 رمضان 7 هـ

3 يناير 629 م

من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
الشقران الحناكية (نخل) 24 4.8
الحناكية (نخل) وادي الشقرة 21 4.2
45 9
اليوم الثالث

(الأربعاء)

3 رمضان 7 هـ

4 يناير 629 م

من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
وادي الشقرة الصويدرة 22.9 4.6
الصويدرة ذو القصة 22.5 4.5
45.4 9
اليوم الرابع

(الخميس)

4 رمضان 7 هـ

5 يناير 629 م

من إلى مسافة (كم) زمن (ساعة)
ذو القصة العاقول 24.1 4.8
العاقول المدينة المنورة 19.1 3.8
43.2 8.6

 

4- المراجع

  • المناسك وأماكن طرق الحج، إبراهيم ابن إسحاق الحربي (ت. 285 هـ)، تحقيق حمد الجاسر، منشورات دار اليمامة 1969م.
  • معجم ما استعجم، البكري الأندلسي (ت.487 هـ)، تحقيق مصطفى السقا، عالم الكتب، بيروت.
  • معجم البلدان، ياقوت الحموي (ت.626 هـ)، دار صادر، بيروت.
  • معجم معالم الحجاز، عاتق بن غيث البلادي (ت 1431 هـ)، دار مكّة.
  • الأماكن أو ما اتفق لفظه وافترق مسمّاه من الأمكنة، الحازمي (ت. 584 هـ)، تحقيق حمد الجاسر، دار اليمامة.
  • رحرحان وهل هو اسم جبلين، لحمد الجاسر، مقال منشور بمجلة العرب-السعودية سنة (1989م)، (ج23 ص 206074).
  • المعالم الأثيرة في السنة والسيرة، محمد حسن شُرَّاب (ت 2013 م)، دار القلم.
  • بين التاريخ والآثار، عبد القدوس الأنصاري.
  • درب زبيدة، طريق الحج من الكوفة إلى مكة المكرمة، دراسة تاريخية حضارية أثرية، للدكتور سعد الراشد، دار الوطن للنشر والإعلام-الرياض سنة 1414هـ/1993م.
  • مقال تركي القهيدان منشور منشور على موقع صحيفة الجزيرة الإلكترونية، بتاريخ 14 أكتوبر سنة 2001م، عدد 10608.
  • http://www.al-jazirah.com/2001/20011014/wo1.htm
  • غزوة مؤتة والسرايا والبعوث النبوية الشمالية لبريك العمري، نشر: عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية(2004م).
  • الآثار الاجتماعية والاقتصادية لطريق الحج العراقي على منطقة القصيم للوشمي، معجم بلاد القصيم للعبودي، تحقيق للأستاذ/ تركي بن إبراهيم القهيدان منشور بصحيفة الجزيرة.
  • نبذة تعريفية عن العيثمة منشورة على ملتقى قبيلة حرب الرسمي
  • http://www.m-harb.net/vb/showthread.php?t=52160