9 ذو القعدة 7 هـ
13 آذار 629 م
يوميَّات عُمرة القَضَاء: اليوم الحادي عشر: اليوم الأول بمكة

وفي ليلته أمسى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومعه المسلمون عند #~~~شِعْب يَأجِج~~~# متجهين للعُمرة قضاءً لعُمرة الحُديبية …

فصلوا المغرب والعشاء وأقاموا الليل يستريحون، وصلّوا الصُّبح ثم خرجوا مُلَبّين إلى مكّة في الصباح.

وخرجت قُريش من مكة إلى رؤوس الجبال وأخلوها، وقالوا: “لا ننظر إليه ولا إلى أصحابه”، وأمر النّبي صلى الله عليه وآله وسلَّم بسياقة الهَدْي حتى #~~~ذي طوى~~~#، فتقدّم ناجية بن جُندب ومن معه بالهَدْي، واستعمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أوس بن خَوليّ أمينًا على السلاح عند يأجج ينتظرونهم حتى يعتمروا ثم تعود المجموعة التي اعتمرت لحراسة السلاح، وتذهب المجموعة التي مع أوس بن خولي للعُمرة، وكانوا مائتي رجل.

ثم سار النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومعه المُسلمون وهو على ناقته القصواء والمسلمون ينظرون إليه مُلْتَفُّون حوله يُلَبّون ويحملون السِّلاح حوالي 10 كم في ساعتين تقريبًا حتى وصلوا ذي طوى وقت الضُّحى أو بعده قليلًا [^1]، وعبد الله بن روّاحة آخذ بزمام ناقة النّبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم دخلوا المسجد الحرام من #~~~كُدَيّ~~~#، وسار صلى الله عليه وآله وسلَّم راكبًا على راحلته حتى وصل عند الرُّكن اليماني فقال: «رحم الله امرأ أراهم اليوم من نفسه قوّة»، ثم استلم الرُّكن -لمسه- بعصا في يده، وهو مضطبع -بإظهار كتفه الأيمن وتغطية الأيسر-، والمسلمون قد اضطبعوا مثله صلى الله عليه وآله وسلم ، وابن روّاحة يقول:

خلّوا بني الكفّار عن سبيله *** إني شهدت أنّه رسوله
حقًا وكل الخير في سبيله *** نحن قتلناكم على تأويله
كما ضربناكم على تنزيله *** ضربًا يزيل الهام عن مقيله
ويُذهل الخليل عن خليله

فقال عُمر بن الخطاب: “يا ابن روّاحة! ، بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفي حرم الله تقول شعرًا؟”، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يا عُمر، إني أسمع!، فلهي أسرع فيهم من نضح النّبل -يعني أقوى على المشركين من قذفهم بالنّبال-»، فأُسكِت عُمر، ونزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «إنّ المُشركين على جبل #~~~قُعيقعان~~~# وهم يرونكم، امشوا ما بين الرّكن اليماني والحَجَر الأسود»، ففعلوا.

وطاف صلى الله عليه وآله وسلم سبعًا حول الكعبة ثم سعى بين الصّفا والمروة سبعًا كل ذلك على راحلته، ثم وقف بعد السّعي عند المروة وأمر بالهَدْي أن يُنحر، وأمر من وجد سعة أن يُهدي ممن حضر الحُديبية، فمن كان معه بدنة أتى بها أو اشتراها ذبحها، ومن لم يجد أذِنَ لهم في البَقَر، فقَدِمَ بعض النّاس ببقر فاشترى المُسلمون وذبحوا، ومن لم يجد اشترك مع غيره، ومن لم يحضر منهم في الحُديبية لم ينحروا، ثم حلق صلى الله عليه وآله وسلم شعره عند المروة حلقه له معمر بن عبد الله العدوي رضي الله عنه.

وأمر صلى الله عليه وآله وسلَّم بلالًا رضي الله عنه أن يؤذّن للظهر من فوق ظهر الكعبة، وصلّوه بالمسجد الحرام، ثم سار النّبي صلى الله عليه وآله وسلَّم خارجًا من المسجد، حوالي 2 كم تقريبًا في نصف ساعة حتى وصل عند #~~~الحُجُون~~~# فأقام بها.

[^1]: وتقدير وقت دخوله صلى الله عليه وآله وسلم مكّة للعُمرة على أساس مسافة الطريق، والمذكور في المراجع التراثيّة أنّه صلى الله عليه وآله وسلَّم دخل فطاف وسعى ثم نحر وحلق، وأهل مكّة ينظرون إليه، فالرّاجح أنّ هذا وقت الضُّحى إلى الظُّهر لتجنب الشمس، ولعدم ذكر الصلوات فيما بين ذلك، فالراجح الانتهاء وقت الظُّهر أو بعده قليلًا والله أعلم.