27 رجب 2 هـ
27 كانون الثاني 624 م
يوميّات سريَّة عبد الله بن جحش إلى نخلة اليمانيّة ثم تحويل القبلة إلى الكعبة المشرفة وفرض صيام رمضان: اليوم التاسع

وفي ليلته أمسى عبد الله بن جحش ومن معه عند #~~~نخلة اليمانيّة~~~# فصلوا المغرب والعشاء وباتوا بها يترقبون أخبار قُريش …

كما أمرهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلمّا كان الصباح وجدوا قافلة تجارية لقريش بها عيرًا وطعامًا وزبيبًا قادمة من الطائف، يتزعمها عمرو بن الحضرميّ والحكم بن كيسان المخزومي وعثمان بن عبدالله بن المغيرة المخزومي ونوفل بن عبدالله المخزومي، فلما رأى المشركون عبد الله بن جحش وأصحابه خافوا منهم وشَكّوا في أنهم قد جاءوا لقتالهم ولم يكن هذا هدف السريَّة [^1].
واستشعر المسلمون خوف المشركين منهم، وأرادوا أن يطمئنوهم، فقام عامر بن ربيعة فحلق رأس عكاشة بن محصن الأسدي حتى يظن المشركون أن المؤمنين جاءوا من أجل أداء العمرة، فلما رأوا من أمر عكاشة قالوا لبعضهم لا بأس إنهم قوم جاءوا للعمرة فاطمأن المشركون وصنعوا طعامًا وفكّوا  إبلهم لترعى في الجوار.
وفي هذه السريّة، سمّى المسلمون أمير السريّة عبد الله بن جحش ب “أمير المؤمنين” فكان أوّل من تسمّى بها في الإسلام، وجلس المسلمون يتشاورون في أمر المشركين، فاختلفوا هل هذا اليوم هو آخر أيام رجب وهو من الأشهر الحُرُم، فيحرم علينا القتال فيه؟ أم هو أول أيام شعبان؟ [^2]، قال قائل: “إن أخرتم عنهم هذا اليوم دخلوا الحرم فامتنعوا-احتموا به-، وإن أصبتموهم ففي الشهر الحرام”، وقال آخر: “لا ندري أمن الشهر الحرام هذا اليوم أم لا؟”، وقال آخر: “لا نعلم هذا اليوم إلا من الشهر الحرام ولا نرى أن تستحلوه لطمع أشفيتم عليه!”، فاجتمع أغلبهم على الهجوم على القافلة ومقاتلتها.
وتقدمهم واقد بن عبدالله شاهرًا قوسه -وكان لا يخطئ الرمي- فرمى عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله، وأسروا عُثمان بن عبدالله بن المُغيرة والحكم بن كيسان، وأفلت منهم نوفل بن عبدالله بن المُغيرة وأخذوا ما كان مع القافلة.
وكان المقداد بن عمرو هو من أسر الحكم بن كيسان، فقال له عبد الله بن جحش وهو أمير السريّة: “قدّمه يا مقداد نقتله”، فقال المقداد: “دعه نقدم به على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم!”، فأخذوه معهم أسيرًا.
وساروا عائدين للمدينة المنوّرة حوالي 23 كم في أربع ساعات ونصف تقريبًا حتى وصلوا #~~~قرن المنازل~~~# “السيل الكبير” وغربت الشمس وهم هناك.
وفي ليلته أمسى سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان عند #~~~قريب من أقصير~~~#، فسارا ليلحقا بباقي السريّة عند نخلة اليمانيّة حوالي 25 كم في خمس ساعات تقريبًا حتى وصلا #~~~قرية أقصير~~~#، ووقفا بها للإستراحة، ثم أكملا المسير حوالي 23 كم أخرى في أربع ساعات ونصف تقريبًا حتى وصلا #~~~حرة رهاط~~~# وغربت الشمس وهم هناك.

[^1]: ولم يكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أمرهم بقتال أصلًا، لا في الشهر الحرام ولا غيره، وإنما أمرهم باستطلاع أخبار قريش فقط، وكان ما ذهبوا إليه محض اجتهاد، فإنّ الإذن بالقتال لم ينزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم إلا بعد ذلك في غزوة بدر الكُبرى في شهر رمضان التالي.

[^2]: والظاهر أنّهم ظنّوا رجب 30 يومًا، ولم يتبيّنوا هلال شعبان ليلة أمس، فظنّوا اليوم تتمة رجب، وقد ثبت لدينا بالحساب الفلكي أن رجب في تلك السنة لم يأت مكتملًا، وما ذهبنا إليه يؤيده ما ورد عن بعض الصحابة في هذه السريّة أن القادمين من مكّة كانوا يتحدثون أنّ السريّة وقعت في شعبان وليس في رجب وأنّهم لم يقاتلوا في الشهر الحرام، راجع الملحق للمزيد.