3 ربيع الثاني 6 هـ
25 آب 627 م
يوميات غزوة الغَابَة وهي ذو قَرَد وسريّة كُرز بن جابر الفهري إلى العُرنيّين: اليوم الخامس

غزوة الغابة وهي ذو قَرَد
وفي ليلته استمرّت حراسة سعد بن عُبادة رضي الله عنه ومعه ثلاثمائة مُقاتل للمدينة المنوَّرة حتى عودة النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم لليلة الرابعة…

وفي ليلته كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومعه المسلمون عند #~~~ذي قَرَد~~~#، وقد أمر بالعودة إلى المدينة المنوَّرة بعد الاطمئنان من عدم عودة عُيينة ومن معه للإغارة على أطراف المدينة الشماليّة، فصلوا المغرب والعشاء وأقاموا أوّل الليل، ثم ساروا حوالي 15 كم في ثلاث ساعات تقريبًا حتى وصلوا #~~~وادي النُّقمي~~~#، ثم حوالي 10 كم في ساعتين تقريبًا حتى وصلوا #~~~الغابة~~~# وقت صلاة الصُّبح فصلوه بها أو قريبًا منها ووقفوا للاستراحة.

 

سريّة كُرز بن جابر الفهري إلى العُرنيّين
وفي ليلته أمسى كُرز بن جابر الفهري ومن معه عند #~~~ذي الجدر~~~# يبحثون عن العُرنيّين المُجرمي، ولم يجدوا أحدًا، فصلوا المغرب والعشاء وأقاموا الليل حتى طلع الفجر فصلوه هناك، ثم ساروا يمشّطون المنطقة حتى وقت الضُّحى ولا يدرون في أيّ اتجاه يبحثون؟، فوجدوا امرأة قادمة تحمل كتف بعير، فأوقفوها وقالوا: “ما هذا  معكِ؟”، قالت: “مررت بقوم قد نحروا بعيرًا فأعطوني!”، قالوا: “أين هُم؟”، قالت: “هُم بتلك القِفار من الحَرَّة، إذا اقتربتم منهم رأيتم دُخانهم”، فانطلق كُرز ومن معه مُسرعين شرقًا حوالي 10 كم في ساعة ونصف تقريبًا حتى وجدوهم قد انتهوا من طعامهم، فأمروهم أن يُسَلِّموا أنفسهم، فاستسلموا جميعًا، فربطوهم وأردفوهم خلفهم على الخيل وانطلقوا بهم إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأخذوا ما تبقّى معهم من الإبل المسروقة، وقسّموا أنفسهم مجموعتين، فركبت مجموعة كُرز الخيل باتّجاه ذا قَرَد حوالي 14 كم في نصف ساعة تقريبًا حتى وصلوا الغابة وقت الظُّهر تقريبًا، فوجدوا بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وبقي سَلَمَة بن الأكوع وأبي رُهم الغُفاري مع الإبل فاقتادوها حتى دخلوا المدينة المنوَّرَة فأوقفوها عند مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وانتظروا عودة النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند المسجد.

ولمّا وصل كُرز ومن معه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم، أمر بالمُجرمين الثمانية أن تُقَطَّع أيديهم وأرجُلهم وتُفقأ أعينهم، ويُصلبوا هناك -بالغابة- قَصَاصًا وجزاءًا لما فعلوا بيسار رضي الله عنه -وكانوا قد قطعوا رِجله ويده وغرزوا الشّوك في عينيه ولسانه حتى مات شرّ قتلة- وسرقة الإبل، حتى يكونوا عبرة لمن يعتبر، ونزل قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَآءُ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي ٱلأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُوۤاْ أَوْ يُصَلَّبُوۤاْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ ٱلأَرْضِ ذٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي ٱلدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة:33]، فنهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعدها عن المُثَلَة ولو قَصَاصًا.

ثم ارتحل النّبي صلى الله عليه وآله وسلَّم ومعه المسلمون، فساروا حوالي 14 كم في ثلاث ساعات تقريبًا حتى وصلوا #~~~المدينة المنوَّرة~~~# وقت العصر تقريبًا، فدخل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وجلس في المسجد، فجاءوا بالإبل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم عند باب المسجد، فخرج إليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتفقدها، فقال: «يا سَلَمة، أين الحِنّاء؟»، قال سَلَمَة: “نحرها القوم يا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، ولم ينحروا غيرها”، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «انظر مكانًا ترعاها فيه»، قال سَلَمَة: “ما كان أمثل من حيث كانت بذي الجدر”، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بردّها إلى ذي الجَدْر، وكان لبنها يؤتى به للنبي صلى الله عليه وآله وسلم كل ليلة.