7 ذو القعدة 6 هـ
19 آذار 628 م
يوميات عُمرة الحُدَيبْيَة: اليوم السادس

وفي ليلته أمسى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمنطقة    #~~~السُّقيا~~~# في رحلة عُمرة الحُدَيبية، فصلّى بها المغرب والعشاء …
وبات أوّل الليل، ثم أكمل المسير ليلًا، فسار حوالي 20 كم في 4 ساعات إلى أن وصل منطقة #~~~البُستان~~~# ثم حوالي 25 كم أخرى في 6 ساعات تقريبًا حتى #~~~الأبواء~~~# فنزلها وقت الضحى وصلّى الصبح في الطريق.

ولمّا نزل صلى الله عليه وآله وسلم الأبواء، أهدى له إيماء بن رَحضَة الغفاري جُزُرًا ومائة شاة، وبعث بها مع ابنه خُفاف بن إيماء وبعيرين يحملان لبنًا، فانتهى بها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: إن أبي أرسلني بهذه الجزر واللبن إليك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «متى حللتم ها هنا؟»، قال: قريبًا، كان ماء عندنا قد أجدب، فسقنا ماشيتنا إلى ماء ها هنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «فكيف البلاد ها هنا؟»، قال: يتغذَّى بعيرها، أما الشاة فلا تُذْكَر، فقبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم هديَّته، وأمر بالغنم ففُرِّق بين أصحابه، وشربوا اللبن بأقداح كبيرة حتى نفد، وقال له صلى الله عليه وآله وسلم: «بارك الله فيكم!».

وأُهدِيَ له صلى الله عليه وآله وسلَّم من #~~~ودَّان~~~# ثلاثة أشياء: “معيشًا، وعترًا، وضغابيس”، وجعل صلى الله عليه وآله وسلم يأكل من الضغابيس والعتر وأعجبه، وأمر أن يُدخلوا الهديّة إلى زوجته أم سلمة رضي الله عنها وكانت معه، وأعجبت هذه الهديَّة النبي صلى الله عليه وآله وسلم جدًا، وجعل يُري صاحبها أنَّها طريفة.

وفي الأبواء أيضًا، كان كعب بن عُجرة مُحرمًا مع المُحرمين من ذي الحُلَيْفَة، وقد وقف ينفخ في النار وعليها قِدر يطبخ فيه، فمرَّ به النبي صلى الله عليه وآله وسلم فوجده رأس كعب قد مُلئت قملًا، فقال له: «أيؤذيك هوامك يا كعب؟»، قال: “نعم يا رسول الله!”، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «فاحلِق رأسك!»، وأمره صلى الله عليه وآله وسلم أن يذبح شاة أو يصوم ثلاثة أيّام أو يُطعم ستة مساكين، وقال له: «أيّ ذلك فعلت أجزأك»، ونزل قوله تعالى: {فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة:196]، وكان كعب قد ساق معه بقرة هديًا قلَّدها وأشعرها.

وفي الأبواء كان أبو قَتَادة -واسمه الحارث بن ربعي- غير مُحرِم بالعُمرَة، فإنَّ بعض الركب ممن كانوا مع النَّبي صلى الله عليه وآله وسلم قد نووا الإحرام من الجُحْفَة، فرأى أبو قَتَادَة حِمارًا وحشيًّا، فجهَّز فرسه سريعًا وانطلق ليصطاده، فقال لبعض من معه: “ناولني سوطي!”، فرفض، فقال لآخر: “ناولني رُمحي”، فرفض الآخر أيضًا وكانا مُحْرِمَيْن، يقول أبو قتادة: “فنزلت، فأخذت سوطي ورُمحي ثم ركبت فَرَسي فحَمِلت على الحمار، فقتلته، فجئت به أصحابي ومنهم المُحِلّ والمُحْرِم، فشكَّ المُحرِمون في أكله، حتى أدركنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكان قد تقدمنا بقليل، فسألناه عنه”، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «أمعكم منه شيء؟»، قال أبو قتادة: “فأعطيته الذراع، فأكلها حتى أتى على آخرها وهو مُحْرِم”، فسأل بعضهم أبو قتادة: “وما خلَّفكم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟”، قال أبو قتادة: “طبخنا الحِمار، فلمَّا نضج لحقناه وأدركناه”.

وصلّى بالأبواء الظهر والعصر ثم أكمل  المسير جنوبًا حتى ثَنِيَّة #~~~هَرْشَى~~~#-وهي ممر مرتفع بين جبلين، قيل يُرى البحر الأحمر من فوقها، قاطعًا حوالي 14 كم في ثلاث ساعات تقريبًا، فوصلها بعد غروب الشمس بقليل.