17 ذو الحجة 10 هـ
14 آذار 632 م
يوميات حجّة الوداع: اليوم الثاني والعشرون

وفي ليلته أمسى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في (((قديد))) …

عائدًا من رحلة حجة الوداع، فصلى بها المغرب والعشاء، واستراح أوّل الليل ثم أكمل المسير حوالي 25 كم إلى وادي (((كُليَّة))) في 5 ساعات تقريبًا فوصلها بحلول وقت الفجر فصلى الصبح بها أو قريبًا منها، ثم أكمل المسير حوالي 23 كم في 5 ساعات أخرى تقريبًا إلى أن وصل (((الجحفة)))، ثم حوالي 8 كم أخرى في ساعتين تقريبًا إلى أن وصل وقت الضحى عند منطقة تُعرف الآن باسم الغَرَبة وكانت قديما تُعرف بـ(((غدير خُم))).

 

وكان بُريدة بن الحصيب رضي الله عنه اشتكى عليًّا عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد مقدمه مع علي في حجة الوداع من اليمن، إذ استشعر من علي عليه السلام جفوة واعتبر تصرفه جورًا وتضييقًا وبخلًا، حكاها عن نفسه فقال :

 

“غزوت مع علي اليمن فرأيت منه جفوة فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذكرت عليًا فتنقصته، فرأيت وجه رسول الله يتغير. فقال «يا بريدة ألستُ أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟» قلت : بلى يا رسول الله قال : «من كنت مولاه فعلي مولاه!».

 

ثم وقف النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند دوحة من الشجر وأمر المنادي أن يجمع الناس مناديًا «الصلاة جامعة…الصلاة جامعة»، فاجتمع من كانوا معه في القافلة فخطبهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فحمد الله وأثنى عليه ثم وضَّح فيها فضل آل بيته عليهم السلام وأنهم الثقلان، وبيَّن فضل علي عليه السلام تنبيها لمن خاض فيه مبرئًا عرض علي مما نسب إليه، فكان مما قال:

 

«كأني قد دعيت فأجبت، إني تركت فيكم الثقلين؛ كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما!، فإنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض» ثم قال : «الله مولاي وأنا ولي كل مؤمن»، ثم أخذ بيد عليّ فقال: «من كنت مولاه فهذا وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وأحب من أحبه وأبغض من أبغضه وانصر من نصره واخذل من خذله»، ثم مكث صلى الله عليه وآله وسلم فصلّى بغدير خم الظهر والعصر، وغربت الشمس وهو بها.