(كَلِمَةُ الْعَبَّاسِ بْنِ عُبَادَةَ فِي الْخَزْرَجِ قَبْلَ الْمُبَايَعَةِ)

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: …
وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ: أَنَّ الْقَوْمَ لَمَّا اجْتَمَعُوا لِبَيْعَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عُبَادَةَ بْنِ نَضْلَةَ الْأَنْصَارِيُّ، أَخُو بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ: يَا مَعْشَرَ الْخَزْرَجِ، هَلْ تَدْرُونَ عَلَامَ تُبَايِعُونَ هَذَا الرَّجُلَ؟
قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: إنَّكُمْ تُبَايِعُونَهُ عَلَى حَرْبِ الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ مِنْ النَّاسِ، فَإِنْ كُنْتُمْ تَرَوْنَ أَنَّكُمْ إذَا نُهِكَتْ أَمْوَالُكُمْ مُصِيبَةً، وَأَشْرَافُكُمْ قَتْلًا أَسْلَمْتُمُوهُ، فَمِنْ الْآنَ، فَهُوَ وَاَللَّهِ إنْ فَعَلْتُمْ خِزْيُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَإِنْ كُنْتُمْ تَرَوْنَ أَنَّكُمْ وَافُونَ لَهُ بِمَا دَعَوْتُمُوهُ إلَيْهِ عَلَى نَهْكَةِ الْأَمْوَالِ، وَقَتْلِ الْأَشْرَافِ، فَخُذُوهُ، فَهُوَ وَاَللَّهِ خَيْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، قَالُوا: فَإِنَّا نَأْخُذُهُ عَلَى مُصِيبَةِ الْأَمْوَالِ، وَقَتْلِ الْأَشْرَافِ، فَمَا لَنَا بِذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنْ نَحْنُ وَفَّيْنَا (بِذَلِكَ)؟ قَالَ: “الْجَنَّةُ“. قَالُوا: اُبْسُطْ يَدَكَ، فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعُوهُ. وَأَمَّا عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ فَقَالَ: وَاَللَّهِ مَا قَالَ ذَلِكَ الْعَبَّاسُ إلَّا لِيَشُدَّ الْعَقْدَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَعْنَاقِهِمْ.
وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: مَا قَالَ ذَلِكَ الْعَبَّاسُ إلَّا لِيُؤَخِّرَ الْقَوْمَ تَلِكَ اللَّيْلَةَ، رَجَاءَ أَنْ يَحْضُرَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ ابْنِ سَلُولَ، فَيَكُونَ أَقْوَى لِأَمْرِ الْقَوْمِ.
فاللَّه أَعْلَمُ أَيَّ ذَلِكَ كَانَ.