8 ربيع الأول 1 هـ
19 أيلول 622 م
قدوم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة

استقبال أهل المدينة مقدم الحبيب

وكان أهل المدينة يتوكفون قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بلغهم توجهه إليهم، فكانوا يخرجون كل يوم لذلك أول النهار ثم يرجعون، حتى كان يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول خرجوا لذلك على عادتهم، فرجعوا ولم يقدم عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قدم من يومه ذلك حين اشتد الضُّحاء ، فنزل بقباء على بني عمرو بن عوف على كلثوم بن هِدْم ، وكان يجلس للناس في بيت سعد بن خيثمة.

نزول جماعة من الصحابة على كلثوم بن هدم

قال الواقدي: ونزل على كلثوم أيضًا جماعة من الصحابة، منهم: أبو عبيدة بن الجراح، و المقداد بن عمرو ، و خباب بن الأرت، و سهيل و صفوان ابنا بيضاء، و عياضبن زهير، و عبد الله بن مخرمة، و وهب بن سعد بن أبي سرح، و معمر بن أبي سرح، و عمرو بن أبي عمرو من بني محارب بن فهر، و عمير بن عوف مولى سهيل بن عمرو. وكل هؤلاء قد شهد بدرًا، ثم لم يلبث كلثوم أن مات قبل بدر، وكان رجلاً صالحاً غير مغموص عليه. انتهى كلام الواقدي. وقيل: نزل أبو بكر على خبيب بن إساف، وقيل: على خارجة بن زيد بن أبي زهير، وأقام عليّ بٌمكة ثلاث ليال حتى أدى الودائع التي كانت عند النبي صلى الله عليه وسلم للناس، ثم جاء فنزل على كلثوم ، فكان يقول: كانت بقباء امرأة لا زوج لها مسلمة، فرأيت إنساناً يأتيها من جوف الليل فيضرب عليها بابها فتخرج إليه، فيعطيها شيئاً معه فتأخذه، قال: فاستربتُ شأنه فقلت: يا أمة الله، من هذا الرجل الذي يضرب عليك بابك كل ليلة فتخرجين إليه فيعطيك شيئاً لا أدري ما هو، وأنت امرأة مسلمة لا زوج لك؟ قالت: هذا سهل بن حنيف ، قد عرف أني امرأة لا أحد لي، فإذا أمسى عدا على أوثان قومه فكسرها ثم جاءني بها، فقال: احتطبي بهذا، فكان علي يأَْثرِ ذُلك من أمر سهل بن حنيف. وكان فيمن خرج لينظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قوم من اليهود، فيهم: عبد الله بن سلام.

لقاء أهل المدينة بالنبي صلى الله عليه وسلم فور قدومه

قال عبد الله بن سلام: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، قيل: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فانجفل الناس إليه، فكنت في مَنِ انجفل، فلما رأيت وجهه صلى الله عليه وسلم عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، فأول ما سمعته يقول: «أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصِلوُا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام». وأشرقت المدينة بقدومه صلى الله عليه وسلم، وسرى السرور إلى القلوب بحلوله بها.

إضاءة المدينة بمجيء النبي وظلمتها بوفاته

عن أنس بن مالك، قال: لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أضاء منها كل شيء، فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء، وما نفضنا عن النبي صلى الله عليه وسلم الأيدي حتى أنكرنا قلوبنا.
و عن أنس: شهدت يوم دخول النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، فلم أر يومًا أحسن منه ولا أضوأ.

سرور أهل المدينة بمقدم النبي

وروى البخاري من حديث البراء بن عازب، قال: فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم برسول الله صلى الله عليه وسلم…الحديث.