11 هـ
632 م
قال: وفي سنه احدى عشر من الهجره

توفيت فاطمه ابنه محمد صلى الله عليه وسلم ، لثلاث ليال خلون من شهر رمضان وهي ابنه تسع وعشرين سنه او نحوها وقد اختلف في …

وقت وفاتها فروى عن ابى جعفر محمد بن على ع، انه قَالَ: توفيت فاطمة عليها السلام بعد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بثلاثة اشهر.
واما عبد الله بن الحارث فانه فيما روى يزيد بن ابى زياد عنه، قال: توفيت فاطمه ابنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد رسول الله بثمانية اشهر.
وقال محمد بن عمر: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنِ عائشة، قَالَ:
وحدثنا ابن جريج عن الزهري عن عروه، ان فاطمه عليها السلام توفيت بعد النبي صلى الله عليه وسلم بسته اشهر.
قال ابن عمر: وهو الثبت عندنا قال: توفيت ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من شهر رمضان سنه احدى عشر.
وذكر عن جعفر بن محمد ع انه قال: كانت كنيه فاطمه عليها السلام أم أبيها.
قال: وابو العاص بن الربيع ابن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف ابن قضى واسمه مقسم وأمه هاله ابنه خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قصى، وخالته خديجه ابنه خويلد زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجه ابنته زينب ابنه رسول الله قبل الاسلام، فولدت له عليا وامامه، فتوفى على وهو صغير وبقيت امامه فتزوجها على بن ابى طالب ع بعد وفاه فاطمه ابنه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وكان ابو العاص بن الربيع فيمن شهد بدرا مع المشركين فاسره عبد الله بن جبير ابن النعمان الأنصاري، فلما بعث اهل مكة في فداء أساراهم قدم في فداء ابى العاص اخوه عمرو بن ربيع.
فحدثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ عَنْ مُحَمَّدِ، قال: حدثنى يحيى ابن عباد بن عبد الله بن الزبير عن ابيه عباد، عن عائشة، قَالَتْ: لَمَّا بَعَثَ أَهْلُ مَكَّةَ فِي فِدَاءِ أساراهم، بعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في فداء ابى العاص بمال، وبعثت فيه بقلاده كَانَتْ خَدِيجَةُ أَدْخَلَتْهَا بِهَا عَلَى أَبِي الْعَاصِ حِينَ بَنَى عَلَيْهَا.
قَالَتْ: فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم رَقَّ لَهَا رِقَّةً شَدِيدَةً وَقَالَ «إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا وَتَرُدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا فَافْعَلُوا»، فَقَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فاطلقوه وردوا عليها الذى لها.

ولم يزل ابو العاص معها على شركه حتى إذا كان قبيل الفتح، فتح مكة خرج بتجاره الى الشام وباموال من اموال قريش ابضعوها معه، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ تِجَارَتِهِ وَأَقْبَلَ قَافِلا لَقِيَتْهُ سريه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل: ان رسول الله ص كان هو الذى وجه السريه للعير التي كان فيها ابو العاص قافلة من الشام، وكانوا سبعين ومائه راكب، أميرهم زيد بن حارثة، وذلك في جمادى الاولى من سنه ست من الهجره، فأخذوا في تلك العير من الاثقال، وأسروا أناسا ممن كان في العير، فاعجزهم ابو العاص هربا، فلما قدمت السريه بما أصابوا اقبل ابو العاص من الليل، حتى دخل على زينب ابنه رسول الله ص عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَجَارَ بِهَا فَأَجَارَتْهُ فِي طَلَبِ ماله، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الى صلاه الصبح، وكبر وكبر الناس معه، فحدثنا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رومان، قال: صرخت زينب: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قَدْ أَجَرْتُ أَبَا الْعَاصِ بن الربيع، فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة، اقبل على الناس، فقال: «يايها النَّاسُ، هَلْ سَمِعْتُمْ مَا سَمِعْتُ؟» قَالُوا، نَعَمْ، قَالَ: «أَمَا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا عَلِمْتُ بِشَيْءٍ كَانَ حَتَّى سَمِعْتُ مِنْهُ مَا سَمِعْتُمْ، إِنَّهُ يُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَدْنَاهُمْ»
ثُمَّ انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدخل على ابنته زينب، فقال: اى بنيه، اكرمى مثواه ولا يخلصن إليك فإنك لا تحلين له.
قال ابن إسحاق: وحدثني عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ إِلَى السَّرِيَّةِ الَّذِينَ أَصَابُوا مَالَ أَبِي الْعَاصِ فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ مِنَّا حَيْثُ قَدْ عَلِمْتُمْ، وَقَدْ أَصَبْتُمْ لَهُ مَالًا، فَإِنْ تُحْسِنُوا تَرُدُّوا عَلَيْهِ الَّذِي لَهُ، فَإِنَّا نُحِبُّ ذلك، وان ابيتم ذلك فهو فيء الله الذى افاءه إليكم، وأنتم أَحَقُّ بِهِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلْ نَرُدُّهُ عَلَيْهِ، قَالَ: «فَرَدُّوا عَلَيْهِ مَالَهُ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِي بِالْحَبْلِ، وَيَأْتِي الرَّجُلُ بِالشَّنَّةِ وَالإِدَاوَةِ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَأْتِي بِالشِّظَاظِ حَتَّى ردوا عليه ما له بِأَسْرِهِ، لا يَفْقِدُ مِنْهُ شَيْئًا» ثُمَّ احْتُمِلَ إِلَى مَكَّةَ فَأَدَّى إِلَى كُلِّ ذِي مَالٍ من قريش ما له مِمَّنْ كَانَ أَبْضَعَ مَعَهُ، ثُمَّ قَالَ: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، هَلْ بَقِيَ لأَحَدٍ مِنْكُمْ عِنْدِي مال لم يأخذه؟» قالوا: لا، جزاك اللَّهُ خَيْرًا، فَقَدْ وَجَدْنَاكَ وَفِيًّا كَرِيمًا، قال: فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وأن مُحَمَّدا عبده ورسوله، وما مَنَعَنِي مِنَ الإِسْلَامِ عِنْدَهُ إِلَّا تَخَوَّفُ أَنْ تَظُنُّوا أَنِّي إِنَّمَا أَرَدْتُ أَكْلَ أَمْوَالِكُمْ، فَلَمَّا أداها الله عز وجل إليكم وَفَرَغْتُ مِنْهَا أَسْلَمْتُ- ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى قَدِمَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال ابن إسحاق: فَحَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابن عباس، عن ابن عباس قال: رد رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بالنكاح الاول لم يحدث شيئا بعد ست سنين ثم ان أبا العاص رجع الى مكة بعد ما اسلم، فلم يشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم مشهدا، ثم قدم المدينة بعد ذلك، وتوفى في ذي الحجه سنه اثنتى عشره في خلافه ابى بكر واوصى الى الزبير بن العوام.
قال: وذكر هشام بن محمد ان معروف بن خربوذ المكى حدثه قال: خرج ابو العاص بن الربيع في بعض أسفاره الى الشام، فذكر امراته زينب ابنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنشأ يقول:

ذكرت زينب لما وركت ارما  فقلت سقيا لشخص يسكن الحرما
بنت الامين جزاها الله صالحه  وكل بعل سيثنى بالذي علما

قال: وعكرمه بن ابى جهل- واسم ابى جهل عمرو بْن هشام بْن المغيرة بْن عبد اللَّه ابن عمر بن مخزوم- ذكر محمد بن عمر ان أبا بكر بْن عبد الله بْن أبي سبرة حدثه عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي حَبِيبَةَ مولى الزبير عن عبد الله بن الزبير، قال: لما كان يوم فتح مكة هرب عكرمه بن ابى جهل الى اليمن، وخاف ان يقتله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت امراته أم حكيم ابنه الحارث بن هشام امراه لها عقل، وكانت قد اتبعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: ابن عمى عكرمه قد هرب منك الى اليمن، وخاف ان تقتله، فآمنه قال: قد آمنته بأمان الله، فمن لقيه فلا يعرض له، فخرجت في طلبه، فأدركته في ساحل من سواحل تهامه، وقد ركب البحر، فجعلت تليح اليه وتقول: يا بن عم، جئتك من اوصل الناس، وابر الناس، وخير الناس لا تهلك نفسك، وقد استامنت لك منه فامنك فقال: أنت فعلت ذلك؟ قالت: نعم، انا كلمته فامنك، فرجع معها، فلما دنا من مكة قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأصحابه: «ياتيكم عكرمه بن ابى جهل مؤمنا مهاجرا، فلا تسبوا أباه، فان سب الميت يؤذى الحى، ولا يبلغ الميت» قال: فقدم عكرمه، فانتهى الى باب رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجته معه، فسبقته فاستأذنت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدخلت فاخبر عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدوم عكرمه فاستبشر، ووثب قائما على رجليه، وما على رسول الله صلى الله عليه وسلم رداء، فرحا بعكرمه، وقال: «أدخليه»، فدخل فقال: يا محمد، ان هذه أخبرتني انك آمنتنى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «فأنت آمن»، قال عكرمه: فقلت أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شريك له وانك عبد الله ورسوله، وقلت: أنت ابر الناس، واصدق الناس، واوفى الناس، اقول ذلك وانى لمطأطئ راسى استحياء منه ثم قلت: يا رسول الله استغفر لي كل عداوة عاديتكها، او مركب او ضعت فيه، اريد اظهار الشرك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اللهم اغفر لعكرمه كل عداوة عادانيها، او مركب او ضع فيه، يريد ان يصد عن سبيلك»، قلت:يا رسول الله، مرني بخير ما تعلم، فاعلمه قال: «قل أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدا عبده ورسوله، وجاهد في سبيله» ثم قال عكرمه: اما والله يا رسول الله، لا ادع نفقه كنت أنفقها في صد عن سبيل الله الا انفقت ضعفها في سبيل الله عز وجل ثم اجتهد في القتال حتى قتل شهيدا يوم اجنادين في خلافه ابى بكر، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمله عام حجه على هوازن يصدقها، فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعكرمه يومئذ بتباله.