6 شوال 2 هـ
4 نيسان 624 م
غزوة بدر الكبرى وغزوة بني سُلَيْم الأولى بالكُدر إلى غزوة بني قَيْنُقَاع: اليوم الخامس والعشرون

سالِم بن عُمير العَمْري يقتُل أبا عَفَك
وفي ليلته كان أبو عَفَك -من بني عمرو بن عوف- كثير الهجاء للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمين والتحريض عليهم[^1]، …

فلما  نصر الله نبيّه صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين في بدر على المشركين، فخرج سالم بن عمير العَمْري -من نفس القبيلة- رضي الله تعالى عنه إلى بيت أبي عَفَك وهو نائم -وكانت ليلة ربيعيّة-[^2] فقتله، فصاح صيحة شديدة سمعها أقاربه، فجاءوا مسرعين فحملوه إلى منزله ودفنوه.

[^1]: وهذا من جملة حوادث السيرة التي لا يمكن فهمها إلا بالرجوع لصحيفة المدينة، أو دستور المدينة، وهو الوثيقة القانونيّة التي حدّدت العلاقة بين المجتمع وطوائفه من جهة، والتقاضي فيه والحُكم من جهة أُخرى، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد كتبه توافقيًا مع جميع الطوائف وأقرّوه، وفي صحيفة المدينة أنّ كل النّاس -المواطنون- آمنون إلا من أثم وظَلَم، فكل من آذى وحرّض على القتال داخل مجتمع المدينة أو استعان بالعدو الخارجي هو خائن لوطنه -خصوصًا وقت الحرب-، يستحق أشدّ العقوبة القانونيّة، وهي في ذلك الوقت الإعدام، الأمر الآخر أنّ إنفاذ بعض ما جاء في قانون المدينة كان من مهام القبائل والطوائف نفسها، وكان الإعدام غالبًا ما يقوم به أحد أفراد الطائفة أو القبيلة إن لم تشترك كلها في الجريمة وذلك حتى لا تُستفزّ العصبيّات، فلذلك نرى أنّ الذي قتل أبو عفك اليهودي -الذي ينتمي لقبيلة بني عمرو بن عوف-، هو أحد أفراد هذه القبيلة وهو سالم بن عمير رضي الله عنه، إذ لا يجرؤ أحد على تجاوز الحكم شبه الذاتي للقبائل داخليًا والمنصوص عليه في الصحيفة.

[^2]: ولم نقف على تحديد دقيق لهذه الليلة، والمذكور أنّها ليلة “صيفية” في شوّال، والصيف عند العرب هو الربيع، وأشهر الحرّ الشديد تسمّى القيظ، فكان الاختيار لهذه الليلة لتكون على رأس عشرين شهرًا من هجرته صلى الله عليه وآله وسلم، بعد عودته من بدر ثم غزو بني سُلَيْم بقرقرة الكُدر مُباشرة.