9 هـ
630 م
شِعْرُ حَسَّانَ الَّذِي عَدَّدَ فِيهِ الْمَغَازِيَ

وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يُعَدِّدُ أَيَّامَ الْأَنْصَارِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،…

وَيَذْكُرُ مَوَاطِنَهُمْ مَعَهُ فِي أَيَّامِ غَزْوِهِ:
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَتُرْوَى لَابْنِهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ:
أَلَسْتُ خَيْرَ مَعَدٍّ كُلِّهَا نَفَرًا وَمَعْشَرًا إنْ هُمْ عُمُّوا وَإِنْ حُصِلُوا 
قَوْمٌ هُمْ شَهِدُوا بَدْرًا بِأَجْمَعِهِمْ مَعَ الرَّسُولِ فَمَا أَلَوْا وَمَا خَذَلُوا  
وَبَايَعُوهُ فَلَمْ يَنْكُثْ بِهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ وَلَمْ يَكُ فِي إيمَانِهِمْ دَخَلُ 
وَيَوْمَ صَبَّحَهُمْ فِي الشِّعْبِ مِنْ أُحُدٍ ضَرْبٌ رَصِينٌ كَحَرِّ النَّارِ مُشْتَعِلُ 
وَيَوْمَ ذِي قَرَدٍ يَوْمَ اسْتَثَارَ بِهِمْ عَلَى الْجِيَادِ فَمَا خَامُوا وَمَا نَكَلُوا 
وَذَا الْعَشِيرَةِ جَاسُوهَا بِخَيْلِهِمْ مَعَ الرَّسُولِ عَلَيْهَا الْبَيْضُ وَالْأَسَلُ
وَيَوْمَ وَدَّانَ أَجْلَوْا أَهْلَهُ رَقَصًا بِالْخَيْلِ حَتَّى نَهَانَا الْحَزْنُ وَالْجَبَلُ 
وَلَيْلَةً طَلَبُوا فِيهَا عَدُوَّهُمْ للَّه وَاَللَّهُ يَجْزِيهِمْ بِمَا عَمِلُوا
وَغَزْوَةً يَوْمَ نَجْدٍ ثُمَّ كَانَ لَهُمْ مَعَ الرَّسُولِ بِهَا الْأَسْلَابُ وَالنَّفَلُ
وَلَيْلَةً بِحُنَيْنٍ جَالَدُوا مَعَهُ فِيهَا يَعُلُّهُمْ بِالْحَرْبِ إذْ نَهِلُوا
وَغَزْوَةَ الْقَاعِ فَرَّقْنَا الْعَدُوَّ بِهِ كَمَا تُفَرَّقُ دُونَ الْمَشْرَبِ الرَّسَلُ 
وَيَوْمَ بُويِعَ كَانُوا أَهْلَ بَيْعَتِهِ عَلَى الْجِلَادِ فَآسَوْهُ وَمَا عَدَلُوا
وَغَزْوَةَ الْفَتْحِ كَانُوا فِي سَرِيَّتِهِ مُرَابِطِينَ فَمَا طَاشُوا وَمَا عَجِلُوا
وَيَوْمَ خَيْبَرَ كَانُوا فِي كَتِيبَتِهِ يَمْشُونَ كُلُّهُمْ مُسْتَبْسِلٌ بَطَلُ
بِالْبِيضِ تَرْعَشُ فِي الْأَيْمَانِ عَارِيَةً تَعْوَجُّ فِي الضَّرْبِ أَحْيَانًا وَتَعْتَدِلُ
وَيَوْمَ سَارَ رَسُولُ اللَّهِ مُحْتَسِبًا إلَى تَبُوكَ وَهُمْ رَايَاتُهُ الْأُوَلُ
وَسَاسَةُ الْحَرْبِ إنْ حَرْبٌ بَدَتْ لَهُمْ حَتَّى بَدَا لَهُمْ الْإِقْبَالُ وَالْقَفَلُ
أُولَئِكَ الْقَوْمُ أَنْصَارُ النَّبِيِّ وَهُمْ قَوْمِي أَصِيرُ إلَيْهِمْ حَيْنَ أَتَّصِلُ 
مَاتُوا كِرَامًا وَلَمْ تُنْكَثْ عُهُودُهُمْ وَقَتْلُهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إذْ قُتِلُوا
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: عَجُزُ آخِرِهَا بَيْتًا عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا:
كُنَّا مُلُوكَ النَّاسِ قَبْلَ مُحَمَّدٍ فَلَمَّا أَتَى الْإِسْلَامُ كَانَ لَنَا الْفَضْلُ
وَأَكْرَمَنَا اللَّهُ الَّذِي لَيْسَ غَيره إِلَيْهِ بِأَيَّامٍ مَضَتْ مَا لَهَا شَكْلُ 
بِنَصْرِ الْإِلَهِ وَالرَّسُولِ وَدِينِهِ وَأَلْبَسَنَاهُ اسْمًا مَضَى مَا لَهُ مِثْلُ
أُولَئِكَ قَوْمِي خَيْرُ قَوْمٍ بِأَسْرِهِمْ فَمَا عُدَّ مِنْ خَيْرٍ فَقَوْمِي لَهُ أَهْلُ
يَرُبُّونَ بِالْمَعْرُوفِ مَعْرُوفِ مَنْ مَضَى وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ دُونَ مَعْرُوفِهِمْ قُفْلُ 
إذَا اخْتُبِطُوا لَمْ يُفْحِشُوا فِي نَدِيِّهِمْ وَلَيْسَ عَلَى سُؤَالِهِمْ عِنْدَهُمْ بُخْلُ 
وَإِنْ حَارَبُوا أَوْ سَالَمُوا لَمْ يُشَبَّهُوا فَحَرْبُهُمْ حَتْفٌ وَسِلْمُهُمْ سَهْلُ 
وَجَارُهُمْ مُوفٍ بِعَلْيَاءَ بَيْتُهُ لَهُ مَا ثَوَى فِينَا الْكَرَامَةُ وَالْبَذْلُ 
وَحَامِلُهُمْ مُوفٍ بِكُلِّ حَمَالَةٍ تَحَمَّلَ لَا غُرْمٌ عَلَيْهَا وَلَا خَذْلُ 
وَقَائِلهُمْ بِالْحَقِّ إنْ قَالَ قَائِلٌ وَحِلْمُهُمْ عَوْدٌ وَحُكْمُهُمْ عَدْلُ 
وَمِنَّا أَمِيرُ الْمُسْلِمِينَ حَيَاتَهُ وَمَنْ غَسَّلَتْهُ مِنْ جَنَابَتِهِ الرُّسْلُ 
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَقَوْلُهُ: «وَأَلْبَسْنَاهُ اسْمًا» عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ:
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا:
قَوْمِي أُولَئِكَ إنْ تَسْأَلِي كِرَامٌ إذَا الضَّيْفُ يَوْمًا أَلَمْ 
عِظَامُ الْقُدُورِ لِأَيْسَارِهِمْ يَكُبُّونَ فِيهَا الْمُسِنَّ السَّنِمْ 
يُؤَاسُونَ جَارَهُمْ فِي الْغِنَى وَيَحْمُونَ مَوْلَاهُمْ إنْ ظُلِمْ
فَكَانُوا مُلُوكًا بِأَرْضِيِّهِمْ يُنَادُونَ عَضْبًا بِأَمْرِ غُشُمْ 
مُلُوكًا عَلَى النَّاسِ، لَمْ يُمْلَكُوا مِنْ الدَّهْرِ يَوْمًا كَحِلِّ الْقَسَمْ 
فَأَنْبَوْا بِعَادٍ وَأَشْيَاعِهَا ثَمُودَ وَبَعْضِ بَقَايَا إرَمْ
بِيَثْرِبَ قَدْ شَيَّدُوا فِي النَّخِيلِ حُصُونًا وَدُجِّنَ فِيهَا النَّعَمْ 
نواضح قد علّمتها اليهو دُ (عَلْ) إلَيْكَ وَقَوْلًا هَلُمْ 
وَفَمًا اشْتَهَوْا من عصير القطاف وَالْعَيْشِ رَخْوًا عَلَى غَيْرِ هَمْ 
فَسِرْنَا إلَيْهِمْ بِأَثْقَالِنَا عَلَى كُلِّ فَحْلٍ هِجَانٍ قَطِمْ 
جَنَبْنَا بهنّ جِيَاد الْخُيُول قَدْ جَلَّلُوهَا جِلَالَ الْأَدَمْ 
فَلَمَّا أَنَاخُوا بِجَنْبَيْ صِرَارٍ وَشَدُّوا السُّرُوجَ بَلِيِّ الْحُزُمْ
فَمَا رَاعَهُمْ غير معج الْخُيُول وَالزَّحْفُ مِنْ خَلْفِهِمْ قَدْ دَهِمْ 
فَطَارُوا سِرَاعًا وَقَدْ أُفْزِعُوا وَجِئْنَا إلَيْهِمْ كَأُسْدِ الْأُجُمْ
عَلَى كُلِّ سلهبة فِي الصّيان لَا يَشْتَكِينَ نَحُولَ السَّأَمْ 
وَكُلِّ كُمَيْتٍ مُطَارُ الْفُؤَادِ أَمِينِ الْفُصُوصِ كَمِثْلِ الزُّلَمْ 
عَلَيْهَا فَوَارِسُ قَدْ عُوِّدُوا قِرَاعَ الْكُمَاةِ وَضَرْبَ الْبُهَمْ 
مُلُوكٌ إذَا غشموا فِي الْبِلَاد لَا يَنْكُلُونَ وَلَكِنْ قُدُمْ 
فَأُبْنَا بِسَادَاتِهِمْ وَالنِّسَاءِ وَأَوْلَادُهُمْ فِيهِمْ تُقْتَسَمْ 
وَرِثْنَا مَسَاكِنَهُمْ بَعْدَهُمْ وَكُنَّا مُلُوكًا بِهَا لَمْ نَرِمْ 
فَلَمَّا أَتَانَا الرَّسُولُ الرَّشِيدُ بِالْحَقِّ وَالنُّورِ بَعْدَ الظُّلْمْ
قُلْنَا صَدَقْتَ رَسُولَ الْمَلِيكِ هَلُمَّ إلَيْنَا وَفِينَا أَقِمْ
فَنَشْهَدَ أَنَّكَ عَبْدُ الْإِلَهِ أُرْسِلَتْ نُورًا بِدِينٍ قِيَمْ 
فَأَنَا وَأَوْلَادُنَا جُنَّةٌ نَقِيكَ وَفِي مَالِنَا فَاحْتَكِمْ
فَنَحْنُ أُولَئِكَ  إنْ كَذَّبُوكَ فَنَادِ نِدَاءً وَلَا تَحْتَشِمْ
وَنَادِ بِمَا كُنْتَ أَخْفَيْتَهُ نِدَاءً جَهَارًا وَلَا تَكْتَتِمْ
فَسَارَ الْغُوَاةُ بِأَسْيَافِهِمْ إلَيْهِ يَظُنُّونَ أَنْ يُخْتَرَمْ
فَقُمْنَا إلَيْهِمْ بِأَسْيَافِنَا نُجَالِدُ عَنْهُ بُغَاةَ الْأُمَمْ
بِكُلِّ صَقِيلٍ لَهُ مَيْعَةٌ رَقِيقِ الذَّبَّابِ عَضُوضٍ خَذِمْ 
إذَا مَا يُصَادف صمّ الْعِظَام لَمْ يَنْبُ عَنْهَا وَلَمْ يَنْشَلِمْ 
فَذَلِكَ مَا ورّثتنا القروم مَجْدًا تَلِيدًا وَعِزًّا أَشَمْ 
إذَا مَرَّ نَسْلٌ كَفَى نَسْلُهُ وَغَادَرَ نَسْلًا إذَا مَا انْفَصَمْ 
فَمَا إنْ مِنْ النَّاسِ إلَّا لَنَا عَلَيْهِ وَإِنْ خَاسَ فَضْلُ النَّعَمْ 
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أَنْشَدَنِي أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ بَيْتَهُ:
فَكَانُوا مُلُوكًا بِأَرْضِيِّهِمْ يُنَادُونَ غُضْبًا بِأَمْرِ غشم
وأنشدنى:
بيترب قَدْ شَيَّدُوا فِي النَّخِيلِ حُصُونًا وَدُجِّنَ فِيهَا النَّعَمْ
وَبَيْتُهُ: «وَكُلُّ كُمَيْتٍ مُطَارُ الْفُؤَادِ» : عَنْهُ  .