8 هـ
630 م
(شِعْرٌ آخَرُ لِعَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ)

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: …
وَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ أَيْضًا:
يَا خَاتَمُ النُّبَآءِ إنَّكَ مُرْسَلٌ بِالْحَقِّ كُلُّ هُدَى السَّبِيلِ هُدَاكَا
إنَّ الْإِلَهَ بَنَى عَلَيْكَ مَحَبَّةً فِي خَلْقِهِ وَمُحَمَّدًا سَمَّاكَا
ثُمَّ الَّذِينَ وَفَوْا بِمَا عَاهَدْتَهُمْ جُنْدٌ بَعَثْتَ عَلَيْهِمْ الضَّحَّاكَا
رَجُلًا بِهِ ذَرَبُ السِّلَاحِ كَأَنَّهُ لَمَّا تَكَنَّفَهُ الْعَدُوُّ يَرَاكَا
يَغْشَى ذَوِي النَّسَبِ الْقَرِيبِ وَإِنَّمَا يَبْغِي رِضَا الرَّحْمَنِ ثُمَّ رِضَاكَا
أُنْبِيكَ أَنِّي قَدْ رَأَيْتُ مَكَرَّهُ تَحْتَ الْعَجَاجَةِ يَدْمَغُ الْإِشْرَاكَا
طَوْرًا يُعَانِقُ بِالْيَدَيْنِ وَتَارَةً يفرى الجماجم صَار مَا بَتَّاكَا
يَغْشَى بِهِ هَامَ الْكُمَاةِ وَلَوْ تَرَى مِنْهُ الَّذِي عَايَنْتُ كَانَ شِفَاكَا
وَبَنُو سُلَيْمٍ مُعْنِقُونَ أَمَامَهُ ضَرْبًا وَطَعْنًا فِي الْعَدُوِّ دِرَاكًا
يَمْشُونَ تَحْتَ لِوَائِهِ وَكَأَنَّهُمْ أُسْدُ الْعَرِينِ أَرَدْنَ ثَمَّ عِرَاكَا
مَا يَرْتَجُونَ مِنْ الْقَرِيبِ قَرَابَةً إلَّا لِطَاعَةِ رَبِّهِمْ وَهَوَاكَا
هَذِي مَشَاهِدُنَا الَّتِي كَانَتْ لَنَا مَعْرُوفَةً وَوَلِيُّنَا مَوْلَاكَا
وَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ أَيْضًا:
إمَّا تَرَيْ يَا أُمَّ فَرْوَةَ خَيْلَنَا مِنْهَا مُعَطَّلَةٌ تُقَادُ وظُلَّعُ 
أَوْهَى مُقَارَعَةُ الْأَعَادِي دَمَّهَا فِيهَا نَوَافِذُ مِنْ جِرَاحٍ تَنْبَعُ
فَلَرُبَّ قَائِلَةٍ كَفَاهَا وَقْعُنَا أزم الحروب فسر بهَا لَا يُفْزَعُ
لَا وَفْدَ كَالْوَفْدِ الْأُلَى عَقَدُوا لَنَا سَبَبًا بِحَبْلِ مُحَمَّدٍ لَا يُقْطَعُ
وَفْدٌ أَبُو قَطَنٍ حُزَابَةُ مِنْهُمْ وَأَبُو الْغُيُوثِ وَوَاسِعٌ وَالْمقنع
والقائد الْمِائَة الَّتِي وَفَّى بِهَا تِسْعَ الْمِئِينَ فَتَمَّ أَلْفٌ أَقْرَعُ
جَمَعَتْ بَنُو عَوْفٍ وَرَهْطُ مُخَاشِنٍ سِتًّا وَأَحْلُبُ مِنْ خُفَافٍ أَرْبَعُ
فَهُنَاكَ إذْ نُصِرَ النَّبِيُّ بِأَلْفِنَا عَقَدَ النَّبِيُّ لَنَا لِوَاءً يَلْمَعُ
فُزْنَا بِرَايَتِهِ وَأَوْرَثَ عَقْدُهُ مَجْدَ الْحَيَاةِ وسُودَدًا لَا يُنْزَعُ
وَغَدَاةَ نَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ جَنَاحُهُ بِبِطَاحِ مَكَّةَ وَالْقَنَا يَتَهَزَّعُ 
كَانَتْ إجَابَتُنَا لِدَاعِي رَبِّنَا بِالْحَقِّ مِنَّا حَاسِرٌ وَمُقَنَّعُ 
فِي كُلِّ سَابِغَةٍ تَخَيَّرَ سَرْدَهَا دَاوُدُ إذْ نَسَجَ الْحَدِيدَ وَتُبَّعُ 
وَلَنَا عَلَى بِئْرَيْ حُنَيْنٍ مَوْكِبٌ دَمَغَ النِّفَاقَ وَهَضْبَةٌ مَا تُقْلَعُ 
نُصِرَ النَّبِيُّ بِنَا وَكُنَّا مَعْشَرًا فِي كُلِّ نَائِبَةٍ نَضُرُّ وَنَنْفَعُ
ذُدْنَا غَدَاتَئِذٍ هَوَازِنَ بِالْقَنَا وَالْخَيْلُ يَغْمُرُهَا عَجَاجٌ يَسْطَعُ 
إذْ خَافَ حَدَّهُمْ النَّبِيُّ وَأَسْنَدُوا جَمْعًا تَكَادُ الشَّمْسُ مِنْهُ تَخْشَعُ 
تُدْعَى بَنُو جُشَمٍ وَتُدْعَى وَسْطَهُ أَفْنَاءُ نَصْرٍ وَالْأَسِنَّةُ شُرَّعُ 
حَتَّى إذَا قَالَ الرَّسُولُ مُحَمَّدٌ أَبَنِي سُلَيْمٍ قَدْ وَفَيْتُمْ فَارْفَعُوا 
رُحْنَا وَلَوْلَا نَحْنُ أَجْحَفَ بَأْسُهُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ وَأَحْرَزُوا ماَ جَمَّعُوا 
وَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ أَيْضًا فِي يَوْمِ حُنَيْنٍ:
عَفَا مِجْدَلٌ مِنْ أَهْلِهِ فَمُتَالِعُ فَمِطْلَا أَرِيكٍ قَدْ خَلَا فَالْمَصَانِعُ 
دِيَارٌ لَنَا يَا جُمْلُ إذْ جُلُّ عَيْشِنَا رَخِيٌّ وَصَرْفُ الدَّارِ لِلْحَيِّ جَامِعُ 
حُبَيِّبَةٌ أَلْوَتْ بِهَا غُرْبَةُ النَّوَى لِبَيْنِ فَهَلْ مَاضٍ مِنْ الْعَيْشِ رَاجِعُ 
فَإِنْ تَبْتَغِي الْكُفَّارَ غَيْرَ مَلُومَةٍ فَإِنِّي وَزِيرٌ لِلنَّبِيِّ وَتَابِعُ
دَعَانَا إلَيْهِمْ خَيْرُ وَفْدٍ عَلِمْتُهُمْ خُزَيْمَةُ وَالْمَرَّارُ مِنْهُمْ وَوَاسِعُ
فَجِئْنَا بِأَلْفِ مِنْ سُلَيْمٍ عَلَيْهِمْ لَبُوسٌ لَهُمْ مِنْ نَسْجِ دَاوُدَ رَائِعُ 
نُبَايِعُهُ بِالْأَخْشَبَيْنِ وَإِنَّمَا يَدَ اللَّهِ بَيْنَ الْأَخْشَبَيْنِ نُبَايِعُ 
فَجُسْنَا مَعَ الْمَهْدِيِّ مَكَّةَ عَنْوَةً بِأَسْيَافِنَا وَالنَّقْعُ كَابٍ وَسَاطِعُ 
عَدَنِيَّةً وَالْخَيْلُ يَغْشَى مُتُونَهَا حَمِيمٌ وَآنٍ مِنْ دَمِ الْجَوْفِ نَاقِعُ 
وَيَوْمَ حُنَيْنٍ حِينَ سَارَتْ هَوَازِنُ إلَيْنَا وَضَاقَتْ بِالنُّفُوسِ الْأَضَالِعُ
صَبَرْنَا مَعَ الضَّحَّاكِ لَا يَسْتَفِزُّنَا قِرَاعُ الْأَعَادِي مِنْهُمْ وَالْوَقَائِعُ 
أَمَامَ رَسُولِ اللَّهِ يَخْفِقُ فَوْقَنَا لِوَاءٌ كَخُذْرُوفِ السَّحَابَةِ لَامِعُ 
عَشِيَّةَ ضَحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ مُعْتَصٍ بِسَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ وَالْمَوْتُ كَانِعُ 
نَذُودُ أَخَانَا عَنْ أَخِينَا وَلَوْ نَرَى مَصَالًا لَكُنَّا الْأَقْرَبِينَ نُتَابِعُ 
وَلَكِنَّ دِينَ اللَّهِ دِينُ مُحَمَّدٍ رَضِينَا بِهِ فِيهِ الْهُدَى وَالشَّرَائِعُ
أَقَامَ بِهِ بَعْدَ الضَّلَالَةِ أَمْرَنَا وَلَيْسَ لِأَمْرٍ حَمَّهُ اللَّهُ دَافِعُ 
وَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ أَيْضًا فِي يَوْمِ حُنَيْنٍ:
تَقَطَّعَ بَاقِي وَصْلِ أُمِّ مُؤَمَّلٍ بِعَاقِبَةِ وَاسْتَبْدَلَتْ نِيَّةً خُلْفَا 
وَقَدْ حَلَفَتْ باللَّه لَا تَقْطَعُ الْقُوَى فَمَا صَدَقَتْ فِيهِ وَلَا بَرَّتْ الْحَلْفَا 
خُفَافِيَّةٌ بَطْنُ الْعَقِيقِ مَصِيفُهَا وَتَحْتَلُّ فِي الْبَادِينَ وَجْرَةَ فَالْعُرْفَا 
فَإِنْ تَتْبَعْ الْكُفَّارَ أُمُّ مُؤَمَّلٍ فَقَدْ زَوَّدَتْ قَلْبِي عَلَى نَأْيِهَا شَغْفَا 
وَسَوْفَ يُنَبِّيهَا الْخَبِيرُ بِأَنَّنَا أَبَيْنَا وَلَمْ نَطْلُبْ سِوَى رَبِّنَا حِلْفَا 
وَأَنَّا مَعَ الْهَادِي النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ وَفَيْنَا وَلَمْ يَسْتَوْفِهَا مَعْشَرٌ أَلْفَا
بِفِتْيَانِ صِدْقٍ مِنْ سُلَيْمٍ أَعِزَّةٍ أَطَاعُوا فَمَا يَعْصُونَ مِنْ أَمْرِهِ حَرْفَا
خُفَافٌ وذَكْوَانٌ وَعَوْفٌ تَخَالُهُمْ مَصَاعِبَ زَافَتْ فِي طَرُوقَتِهَا كُلْفَا 
كَأَنَّ النَّسِيجَ الشُهْبَ وَالْبِيضَ مُلْبَسٌ أُسُودًا تَلَاقَتْ فِي مَرَاصِدِهَا غُضْفَا
بِنَا عَزَّ دِينُ اللَّهِ غَيْرَ تَنَحُّلٍ وَزِدْنَا عَلَى الْحَيِّ الَّذِي مَعَهُ ضِعْفَا 
بِمَكَّةَ إذْ جِئْنَا كَأَنَّ لِوَاءَنَا عُقَابٌ أَرَادَتْ بَعْدَ تَحْلِيقِهَا خَطْفَا
عَلَى شُخَّصِ الْأَبْصَارِ تَحْسِبُ بَيْنَهَا إذَا هِيَ جَالَتْ فِي مَرَاوِدِهَا عَزْفَا 
غَدَاةَ وَطِئْنَا الْمُشْرِكِينَ وَلَمْ نَجِدْ لِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ عَدْلًا وَلَا صَرْفَا 
بِمُعْتَرَكٍ لَا يَسْمَعُ الْقَوْمُ وَسْطَهُ لَنَا زَجْمَةٌ إلَّا التَّذَامُرَ وَالنَّقْفَا 
بِبِيضٍ نُطِيرُ الْهَامَ عَنْ مُسْتَقَرِّهَا وَنَقْطِفُ أَعْنَاقَ الْكُمَاةِ بِهَا قَطْفَا 
فَكَائِنْ تَرَكْنَا مِنْ قَتِيلٍ مُلَحَّبٍ وَأَرْمَلَةٍ تَدْعُو عَلَى بَعْلِهَا لَهْفَا 
رِضَا اللَّهِ نَنْوِي لَا رِضَا النَّاسِ نَبْتَغِي وللَّه مَا يَبْدُو جَمِيعًا وَمَا يَخْفَى
وَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ أَيْضًا:
مَا بَالُ عَيْنِكَ فِيهَا عَائِرٌ سَهِرٌ مِثْلُ الْحَمَاطَةِ أَغْضَى فَوْقَهَا الشُّفُرُ 
عَيْنٌ تَأَوَّبَهَا مِنْ شَجْوِهَا أَرَقٌ فَالْمَاءُ يَغْمُرُهَا طَوْرًا وَيَنْحَدِرُ 
كَأَنَّهُ نَظْمُ دُرٍّ عِنْدَ نَاظِمَةٍ تَقَطَّعُ السِّلْكُ مِنْهُ فَهُوَ منتثر 
يَا بُعْدَ مَنْزِلِ مَنْ تَرْجُو مَوَدَّتَهُ وَمَنْ أَتَى دُونَهُ الصَّمَّانُ فَالْحَفَرُ 
دَعْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَهْدِ الشَّبَابِ فَقَدْ وَلَّى الشَّبَابُ وَزَارَ الشَّيْبُ وَالزَّعَرُ 
وَاذْكُرْ بَلَاءَ سُلَيْمٍ فِي مَوَاطِنِهَا وَفِي سُلَيْمٍ لِأَهْلِ الْفَخْرِ مُفْتَخَرُ
قَوْمٌ هُمْ نَصَرُوا الرَّحْمَنَ وَاتَّبَعُوا دِينَ الرَّسُولِ وَأَمْرُ النَّاسِ مُشْتَجِرُ 
لَا يَغْرِسُونَ فَسِيلَ النَّخْلِ وَسْطَهُمْ وَلَا تَخَاوَرُ فِي مَشْتَاهُمْ الْبَقَرُ 
إلَّا سَوَابِحَ كَالْعِقْبَانِ مَقْرَبَةً فِي دَارَةٍ حَوْلَهَا الْأَخْطَارُ وَالْعَكَرُ 
تُدْعَى خُفَافٌ وَعَوْفٌ فِي جَوَانِبِهَا وَحَيُّ ذَكْوَانَ لَا مِيلٌ وَلَا ضُجُرُ 
الضَّارِبُونَ جُنُودَ الشِّرْكِ ضَاحِيَةً بِبَطْنِ مَكَّةَ وَالْأَرْوَاحُ تَبْتَدِرُ 
حَتَّى دَفَعْنَا وَقَتْلَاهُمْ كَأَنَّهُمْ نَخْلٌ بِظَاهِرَةِ الْبَطْحَاءِ مُنْقَعِرُ 
وَنَحْنُ يَوْمَ حُنَيْنٍ كَانَ مَشْهَدُنَا لِلدِّينِ عِزًّا وَعِنْدَ اللَّهِ مُدَّخَرُ
إذْ نَرْكَبُ الْمَوْتَ مُخْضَرًّا بَطَائِنُهُ وَالْخَيْلُ يَنْجَابُ عَنْهَا سَاطِعٌ كَدِرُ 
تَحْتَ اللِّوَاءِ مَعَ الضَّحَّاكِ يَقْدُمُنَا كَمَا مَشَى اللَّيْثُ فِي غَابَاتِهِ الْخَدِرُ 
فِي مَأْزِقٍ مِنْ مَجَرِّ الْحَرْبِ كَلْكَلُهَا تَكَادُ تَأْفِلُ مِنْهُ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ 
وَقَدْ صَبَرْنَا بِأَوْطَاسٍ أَسِنَّتَنَا للَّه نَنْصُرُ مَنْ شِئْنَا وَنَنْتَصِرُ
حَتَّى تَأَوَّبَ أَقْوَامٌ مَنَازِلَهُمْ لَوْلَا الْمَلِيكُ وَلَوْلَا نَحْنُ مَا صَدَرُوا 
فَمَا تَرَى مَعْشَرًا قَلُّوا وَلَا كَثُرُوا إلَّا قَدَ اصْبَحَ مِنَّا فِيهِمْ أَثَرُ
وَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ مرداس أَيْضا:
يَا أيّها الرَّجُلُ الَّذِي تَهْوِي بِهِ وَجْنَاءُ مُجْمَرَةُ الْمَنَاسِمِ عِرْمِسُ 
إمَّا أَتَيْتَ عَلَى النَّبِيِّ فَقُلْ لَهُ حَقًّا عَلْيَكَ إذَا اطْمَأَنَّ الْمَجْلِسُ
يَا خَيْرَ مَنْ رَكِبَ الْمَطِيَّ وَمَنْ مَشَى فَوْقَ التُّرَابِ إذَا تُعَدُّ الْأَنْفُسُ
إنَّا وَفَيْنَا بِاَلَّذِي عَاهَدْتَنَا وَالْخَيْلُ تُقْدَعُ بِالْكُمَاةِ وَتُضْرَسُ 
إذَا سَالَ مِنْ أَفْنَاءِ بُهْثَةَ كُلِّهَا جَمْعٌ تَظَلُّ بِهِ الْمَخَارِمُ تَرْجُسُ 
حَتَّى صَبَحْنَا أَهْلَ مَكَّةَ فَيْلَقًا شَهْبَاءَ يَقْدُمُهَا الْهُمَامُ الْأَشْوَسُ 
مِنْ كُلِّ أَغْلَبَ مِنْ سُلَيْمٍ فَوْقَهُ بَيْضَاءُ مُحْكَمَةُ الدِّخَالِ وَقَوْنَسُ 
يُرْوِي الْقَنَاةَ إذَا تَجَاسَرَ فِي الْوَغَى وَتَخَالُهُ أَسَدًا إذَا مَا يَعْبِسُ
يَغْشَى الْكَتِيبَةَ مُعْلِمًا وَبِكَفِّهِ عَضْبٌ يَقُدُّ بِهِ وَلَدْنٌ مِدْعَسُ 
وَعَلَى حُنَيْنٍ قَدْ وَفَى مِنْ جَمْعِنَا أَلْفٌ أُمِدَّ بِهِ الرَّسُولُ عَرَنْدَسُ 
كَانُوا أَمَامَ الْمُؤْمِنِينَ دَرِيئَةً وَالشَّمْسُ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهِمْ أَشْمُسُ 
نَمْضِي وَيَحْرُسُنَا الْإِلَهُ بِحِفْظِهِ وَاَللَّهُ لَيْسَ بِضَائِعِ مَنْ يَحْرُسُ
وَلَقَدْ حُبِسْنَا بِالْمَنَاقِبِ مَحْبِسًا رَضِىَ الْإِلَهُ بِهِ فَنِعْمَ الْمَحْبِسُ 
وَغَدَاةَ أَوْطَاسٍ شَدَدْنَا شَدَّةً كَفَتْ الْعَدُوَّ وَقِيلَ مِنْهَا: يَا احْبِسُوا
تَدْعُو هَوَازِنُ بِالْإِخَاوَةِ بَيْنَنَا ثَدْيٌ تَمُدُّ بِهِ هَوَازِنُ أَيْبَسُ
حَتَّى تَرَكْنَا جَمْعَهُمْ وَكَأَنَّهُ عَيْرٌ تَعَاقَبَهُ السِّبَاعُ مُفَرَّسُ 
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أَنْشَدَنِي خَلَفٌ الْأَحْمَرُ قَوْلَهُ: «وَقِيلَ مِنْهَا يَا احْبِسُوا» .
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ أَيْضًا:
نَصَرْنَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ غَضَبٍ لَهُ بِأَلْفِ كَمِيٍّ لَا تُعَدُّ حَوَاسِرُهْ 
حَمَلْنَا لَهُ فِي عَامِلِ الرُّمْحِ رَايَةً يَذُودُ بِهَا فِي حَوْمَةِ الْمَوْتِ نَاصِرُهْ 
وَنَحْنُ خَضَبْنَاهَا دَمًا فَهْوَ لَوْنُهَا غَدَاةَ حُنَيْنٍ يَوْمَ صَفْوَانُ شَاجِرُهْ 
وَكُنَّا عَلَى الْإِسْلَامِ مَيْمَنَةً لَهُ وَكَانَ لَنَا عَقْدُ اللِّوَاءِ وَشَاهِرُهْ
وَكُنَّا لَهُ دُونَ الْجُنُودِ بِطَانَةً يُشَاوِرُنَا فِي أَمْرِهِ وَنُشَاوِرُهْ
دَعَانَا فَسَمَّانَا الشِّعَارَ مُقَدَّمًا وَكُنَّا لَهُ عَوْنًا عَلَى مَنْ يُنَاكِرُهْ 
جَزَى اللَّهُ خَيْرًا مِنْ نَبِيٍّ مُحَمَّدًا وَأَيَّدَهُ بِالنَّصْرِ وَاَللَّهُ نَاصِرُهْ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أَنْشَدَنِي مِنْ قَوْلِهِ: «وَكُنَّا عَلَى الْإِسْلَامِ» إِلَى آخرهَا، بَعْص أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ، وَلَمْ يَعْرِفْ الْبَيْتَ الَّذِي أَوَّلُهُ: « حَمَلْنَا لَهُ فِي عَامِلِ الرُّمْحِ رَايَةً» .
وَأَنْشَدَنِي بَعْدَ قَوْلِهِ: « وَكَانَ لَنَا عَقْدُ اللِّوَاءِ وَشَاهِرُهْ»، « وَنَحْنُ خَضَبْنَاهُ دَمًا فَهُوَ لَوْنُهُ» .
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ أَيْضًا:
مَنْ مُبْلِغُ الْأَقْوَامِ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولَ الْإِلَهِ رَاشِدٌ حَيْثُ يَمَّمَا 
دَعَا رَبَّهُ وَاسْتَنْصَرَ اللَّهَ وَحْدَهُ فَأَصْبَحَ قَدْ وَفَّى إلَيْهِ وَأَنْعَمَا
سَرَيْنَا وَوَاعَدْنَا قُدَيْدًا مُحَمَّدًا يَؤُمُّ بِنَا أَمْرًا مِنْ اللَّهِ مُحْكَمَا
تَمَارَوْا بِنَا فِي الْفَجْرِ حَتَّى تَبَيَّنُوا مَعَ الْفَجْرِ فِتْيَانًا وَغَابًا مُقَوَّمًا 
عَلَى الْخَيْلِ مَشْدُودًا عَلَيْنَا دُرُوعُنَا وَرَجْلًا كَدُفَّاعِ الْأَتِيِّ عَرَمْرَمَا 
فَإِنَّ سَرَاةَ الْحَيِّ إنْ كُنْتَ سَائِلًا سُلَيْمٌ وَفِيهِمْ مِنْهُمْ مَنْ تَسَلَّمَا 
وَجُنْدٌ مِنْ الْأَنْصَارِ لَا يَخْذُلُونَهُ أَطَاعُوا فَمَا يَعْصُونَهُ مَا تَكَلَّمَا
فَإِنْ تَكُ قَدْ أَمَّرْتَ فِي الْقَوْمِ خَالِدًا وَقَدَّمْتَهُ فَإِنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَا
بِجُنْدٍ هَدَاهُ اللَّهُ أَنْتَ أَمِيرُهُ تُصِيبُ بِهِ فِي الْحَقِّ مَنْ كَانَ أَظْلَمَا
حَلَفْتُ يَمِينًا بَرَّةً لِمُحَمَّدٍ فَأَكْمَلْتُهَا أَلْفًا مِنْ الْخَيْلِ مُلْجَمَا
وَقَالَ نَبِيُّ الْمُؤْمِنِينَ تَقَدَّمُوا وَحُبَّ إلَيْنَا أَنْ نَكُونَ الْمُقَدَّمَا
وَبِتْنَا بِنَهْيِ الْمُسْتَدِيرِ وَلَمْ يَكُنْ بِنَا الْخَوْفُ إلَّا رَغْبَةً وتحزّما
أَطَعْنَاكَ حَتَّى أَسْلَمَ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَحَتَّى صَبَحْنَا الْجَمْعَ أَهْلَ يَلَمْلَمَا 
يَضِلُّ الْحِصَانُ الْأَبْلَقُ الْوَرْدُ وَسْطَهُ وَلَا يَطْمَئِنُّ الشَّيْخُ حَتَّى يُسَوَّمَا 
سَمَوْنَا لَهُمْ وِرْدَ الْقَطَا زَفَّهُ ضُحَى وَكُلٌّ تَرَاهُ عَنْ أَخِيهِ قَدَ احْجَمَا 
لَدُنْ غُدْوَةً حَتَّى تَرَكْنَا عَشِيَّةً حُنَيْنًا وَقَدْ سَالَتْ دَوَافِعُهُ دَمَا 
إذَا شِئْتَ مِنْ كُلٍّ رَأَيْتَ طِمِرَّةً وَفَارِسَهَا يَهْوِى وَرُمْحًا مُحَطَّمَا 
وَقَدْ أَحْرَزَتْ مِنَّا هَوَازِنُ سَرْبَهَا وَحُبَّ إلَيْهَا أَنْ نَخِيبَ وَنُحْرَمَا