288 هـ
901 م
سنه ثمان وثمانين ومائتين (ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث)

فمن ذلك ما كان من ورود الخبر على السلطان- فيما ذكر- بوقوع الوباء باذربيجان فمات منه خلق كثير الى ان فقد الناس ما يكفنون به الموتى، …

فكفنوا في الأكسية واللبود، ثم صاروا الى ان لم يجدوا من يدفن الموتى، فكانوا يتركونهم مطروحين في الطرق.
وفيها دخل اصحاب طاهر بن محمد بن عمرو بن الليث فارس، واخرجوا منها عمال السلطان، وذلك لاثنتى عشره بقيت من صفر منها.
وفيها توفى محمد بن ابى الساج الملقب بافشين باذربيجان، فاجتمع غلمانه وجماعه من اصحابه، فأمروا عليهم ديوداد بن محمد، واعتزلهم يوسف بن ابى الساج على الخلاف لهم.
ولليلتين بقيتا من شهر ربيع الآخر ورد كتاب صاحب البريد بالاهواز، يذكر فيه ان اصحاب طاهر بن محمد بن عمرو بن الليث صاروا الى سنبيل يريدون الاهواز.
وفي أول جمادى الاولى ادخل عمرو بن الليث عبد الله بن الفتح- الموجه كان الى اسماعيل بن احمد- بغداد واشناس غلام اسماعيل بن احمد وذكر لي ان اسماعيل بن احمد خبيره بين المقام عنده أسيرا وبين توجيهه الى باب امير المؤمنين، فاختار توجيهه فوجهه.
ولليلتين خلتا من جمادى الآخرة، ورد- فيما ذكر- كتاب صاحب بريد الاهواز منها، يذكر ان كتاب اسماعيل بن احمد ورد على طاهر بن محمد بن عمرو يعلمه ان السلطان ولاه سجستان، وامره بالخروج إليها، وانه خارج اليه الى فارس ليوقع به، ثم ينصرف الى سجستان، وان طاهرا خرج لذلك، وكتب الى ابن عمه وكان مقيما بارجان في عسكره يأمره بالانصراف اليه الى فارس بمن معه.
وفيها ولى المعتضد مولاه بدرا فارس، وامره بالشخوص إليها لما بلغه من تغلب طاهر بن محمد عليها، وخلع عليه لتسع خلون من جمادى الآخرة، وضم اليه جماعه من القواد، فشخص في جيش عظيم من الجند والغلمان.
ولعشر خلون من جمادى الآخرة منها خرج عبد الله بن الفتح واشناس غلام اسماعيل الى اسماعيل بن احمد بن سامان بخلع من المعتضد حملها اليه وببدنه وتاج وسيف من ذهب، مركب على جميع ذلك جوهر وبهدايا وثلاثة آلاف الف درهم، يفرقها في جيش من جيوش خراسان، يوجه الى سجستان لحرب من بها من اصحاب طاهر بن محمد بن عمرو.
وقد قيل: ان المال الذى وجهه اليه المعتضد كان عشره آلاف الف درهم، وجه ببعض ذلك من بغداد، وكتب بباقيه على عمال الجبل، وأمروا ان يدفعوه الى الرسل.
وفي رجب منها وصل بدر مولى المعتضد الى ما قرب من ارض فارس، فتنحى عنها من كان بها من اسباب طاهر بن محمد بن عمرو، فدخلها اصحاب بدر، وجبى عماله الخراج بها ولليلتين خلتا من شهر رمضان منها، ذكر ان كتاب عج بن حاج عامل مكة ورد يذكر فيه ان بنى يعفر أوقعوا برجل كان تغلب على صنعاء، وذكر انه علوي وانهم هزموه، فلجا الى مدينه تحصن بها، فصاروا اليه فاوقعوا به، فهزموه أيضا، وأسروا ابنا له، وافلت هو في نحو من خمسين نفسا، ودخل بنو يعفر صنعاء وخطبوا بها للمعتضد وفيها اوقع يوسف بن ابى الساج وهو في نفر يسير بابن أخيه ديوداد بن محمد، ومعه جيش ابيه محمد بن ابى الساج، فهرب عسكره، فبقى ديوداد في جماعه قليله، فعرض عليه يوسف المقام معه، فأبى وأخذ طريق الموصل فوافى بغداد يوم الخميس لسبع بقين من شهر رمضان من هذه السنه، فكانت الوقعه بينهما بناحيه اذربيجان وفيها غزا نزار بن محمد عامل الحسن بن على كوره الصائفه، ففتح حصونا كثيره للروم، وادخل طرسوس مائه علج ونيفا وستين علجا من القوامسه والشمامسه وصلبانا كثيرا واعلاما لهم، فوجهها كوره الى بغداد ولاثنتى عشره خلت من ذي الحجه وردت كتب التجار من الرقة ان الروم وافت في مراكب كثيره، وجاء قوم منهم على الظهر الى ناحيه كيسون، فاستاقوا من المسلمين اكثر من خمسه عشر الف انسان، ما بين رجل وامراه وصبى، فمضوا بهم، وأخذوا فيهم قوما من اهل الذمة.
وفيها قرب اصحاب ابى سعيد الجنابى من البصره، واشتد جزع اهل البصره منهم حتى هموا بالهرب منها والنقله عنها، فمنعهم من ذلك واليهم.
وفي آخر ذي الحجه منها قتل وصيف خادم ابن ابى الساج، فحملت جثته فصلبت بالجانب الشرقى وقيل انه مات ولم يقتل، فلما مات احتز راسه.
وحج بالناس فيها هارون بن محمد المكنى أبا بكر.