292 هـ
904 م
سنه اثنتين وتسعين ومائتين (ذكر ما دار في هذه السنه من اخبار بنى العباس)

ففيها وجه صاحب البصره الى السلطان رجلا ذكر انه اراد الخروج عليه وصار الى واسط مخالفا بها، فاقصد اليه من يقبض عليه وعلى قوم ذكروا …

انهم بايعوه، ووجه بهم الى بغداد، فحمل هذا الرجل على فالج، وبين يديه ابن له صبى على جمل، ومعه سبعه وثلاثون رجلا، على جمال عليهم برانس الحرير، واكثرهم يستغيث ويبكى، ويحلف انه بريء فامر المكتفي بحبسهم وفي هذه السنه اغارت الروم على مرعش ونواحيها، فنفر اهل المصيصة وطرسوس، وأصيبت جماعه من المسلمين فيهم ابو الرجال بن ابى بكار.
وفيها انتهى محمد بن سليمان الكاتب الى احواز مصر لحرب هارون، ووجه اليه المكتفي في البحر دميانه، وامره بدخول النيل، وقطع المواد عمن بمصر من الجند، فمضى وقطع عن اهل مصر الميرة، وزحف اليهم محمد بن سليمان على الظهر، حتى دنا من الفسطاط، وكاتب القواد الذين بها، فخرج اليه بدر الحمامي، وكان رئيس القوم، ثم تتابع قواد مصر بالخروج اليه، والاستئمان له، فلما راى ذلك هارون ومن بقي معه خرجوا محاربين لمحمد بن سليمان، وكانت بينهم وقعات.
ثم انها وقعت بين اصحاب هارون في بعض الأيام عصبية اقتتلوا فيها، فخرج اليهم هارون ليسكنهم، فرماه بعض المغاربه بسهم فقتله وبلغ محمد بن سليمان الخبر، فدخل هو ومن معه الفسطاط، واحتووا على دور آل طولون وأموالهم، وتقبض على جميعهم، وهم بضعه عشر رجلا، فقيدهم وحبسهم، واستصفى أموالهم، وكتب بالفتح الى المكتفي، وكانت هذه الوقيعه في صفر، وكتب الى محمد بن سليمان في اشخاص آل طولون الى بغداد، والا يبقى منهم أحدا بمصر ولا الشام، ففعل ذلك.
ولثلاث خلون من ربيع الاول، سقط الحائط من الجسر الاول على جثه القرمطى وهو مصلوب، فطحنه ولم يبق منه شيء.
وفي شهر رمضان ورد الخبر على السلطان بان قائدا من القواد المصريين يعرف بالخليجى، ويسمى بابراهيم تخلف عن محمد بن سليمان في آخر حدود مصر، مع جماعه استمالهم من الجند وغيرهم، ومضى الى مصر مخالفا للسلطان، وكان معه في طريقه جماعه أحبوا الفتنة حتى كثر جمعه، فلما صار الى مصر اراد عيسى النوشرى محاربته، فعجز عن ذلك لكثرة من كان مع ابن الخليجي، فانحاز عنه الى الإسكندرية، واخلى مصر، فدخلها الخليجي.
وفيها ندب السلطان لمحاربه الخليجي واصلاح امر المغرب فاتكا مولى المعتضد، وضم اليه بدرا الحمامي، وجعله مشيرا عليه فيما يعمل به، وندب معه جماعه من القواد وجندا كثيرا، وخلع على فاتك وعلى بدر الحمامي لسبع خلون من شوال،.
وامرا بسرعة الخروج وتعجيل السير فخرجا لاثنتى عشره ليله خلت من شوال.
وللنصف من شوال دخل رستم مدينه طرسوس واليا عليها وعلى الثغور الشامية.
وفيها كان الفداء بين المسلمين والروم لست بقين من ذي القعده، ففودى من المسلمين الف ومائتا نفس، ثم غدر الروم، وانصرفوا، ورجع المسلمون بمن في ايديهم من أسارى الروم.
وحج بالناس في هذه السنة الفضل بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ العباس بْن محمد