20 هـ
640 م
سنة عشرين

فيها أمر مصر: حدثني الوليد بن هشام عن أبيه عن جده وعبد الله بن مغيرة عن أبيه وغيرهم أن عمر كتب إلى عمرو بن العاصي …

أن سر إلى مصر فسار، وبعث عمر الزبير بن العوام مددا له، ومعه عمير بن وهب الجمحي وبسر بن أرطاة العامري وخارجة بن حذافة، حتى أتى باب أليون فامتنعوا فافتتحها عنوة وصالحه أهل الحصن.
وكان الزبير أول من ارتقى سور المدينة ثم اتبعه الناس بعد.
وكلم الزبير بن العوام عمرا أن يقسمها بين من افتتحها، فكتب عمرو إلى عمر، فكتب عمر: أكلة وأكلات خير من إفرازها.

حدثنا من سمع ابن لهيعة عن إبراهيم بن محمد الحضرمي عن ابن أبي العالية عن أبيه قال: سمعت عمرو بن العاصي على المنبر يقول: لقد قعدت مقعدي هذا وما لأحد من قبط مصر علي عهد ولا عقد إن شئت قتلت وإن شئت بعت وإن شئت خمست، إلا أهل طرابلس فإن لهم عهدا يوفى به.
وعن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن سفيان بن وهب الخولاني قال افتتحنا مصر مع عمرو بن العاصي عنوة.
من سمع عبد الله بن صالح عن موسى بن علي عن أبيه قال: المغرب كله عنوة.
من سمع سعيد بن أبي مريم عن ابن لهيعة عن عمرو بن يزيد عن عبد الله ابن دينار عن ابن عمر قال: فتحت مصر بغير عهد.
قال ابن لهيعة: وأخبرني الصلت بن أبي عاصم كاتب حيان بن شريح أنه قرأ كتاب عمر بن عبد العزيز إلى حيان بن شريح أن مصر افتتحت عنوة بغير عقد ولا عهد.
قال ابن لهيعة: أخبرني أبو سرجون عن عبد الملك بن جنادة عن أبيه وكان ممن فتح مصر أنهم دخلوا مصر بلا عهد ولا عقد.

من سمع عبد الله بن صالح عن ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد الحضرمي عن علي بن رباح: أن أبا بكر الصديق بعث حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس بمصر بناحية قرى الشرقية فأعطوه، فلم يزالوا على ذلك حتى دخلها عمرو بن العاصي فقاتلهم فانتقض ذلك الصلح.
من سمع عبد الله بن صالح عن الليث عن يزيد بن أبي حبيب أن المقوقس صالح عمرو بن العاصي على أن يفرض على القبط دينارين دينارين، فبلغ ذلك هرقل، فبعث الجيوش فأغلقوا الإسكندرية وأن يؤذنوا عمرا بالحرب، فقاتلهم وكتب إلى عمر: (أما بعد فإن الله فتح علينا الإسكندرية عنوة قسرا بلا عهد ولا عقد).
قال: فمصر كلها صلح في قول يزيد بن أبي حبيب غير الإسكندرية، وبهذا القول كان يقول الليث.
من سمع عبد الله بن صالح عن الليث عن سهل بن عقيل عن عبد الله بن هبيرة قال: صالح عمر أهل أنطابلس وهي من بلاد برقة بين إفريقية ومصر على الجزية أن يبيعوا من أحبوا من أبنائهم في جزيتهم.
من سمع ابن أبي مريم عن ابن لهيعة عن مرثد بن عبد الله الحضرمي: أنه أتى أهل إنطابلس حين ولي أنطابلس بكتاب عهدهم.
من سمع عبد الله بن صالح عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال: ليس بين أهل مصر وبين الأساود عهد ولا ميثاق، إنما هي هدنة بيننا وبينهم نعطيهم شيئا من قمح وعدس، ويعطونا رقيقا ولا بد لنا من أن نشتري رقيقهم.
وقعة تستر: الوليد بن هشام عن أبيه وعمه: أن أبا موسى لما فرغ من الأهواز ومناذر ونهر تيري، وجند ي سابور، ورام هرمز توجه إلى تستر، فنزل باب الشرقي، وكتب إلى عمر يستمده.
فكتب عمر إلى عمار بن ياسر أن أمد أبا موسى، فكتب عمار إلى جرير بن عبد الله وهو بحلوان أن سر إلى أبي موسى، فسار جرير في ألف فأقاموا أشهرا.
ثم كتب أبو موسى إلى عمر أنهم لم يغنوا عنك شيئا، فكتب عمر إلى عمار أن سر إلى تستر فسار، فأمده عمر من المدينة.
فحدثني علي بن عبد الله قال: حدثني قراد أبو نوح قال: حدثني عثمان بن معاوية القرشي عن أبيه عن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال: أقاموا سنة أو نحوها، فجاء رجل من أهل تستر فقال لأبي موسى: أسألك أن تحقن دمي ودماء أهل بيتي وتخلي لنا أموالنا ومساكننا على أن أدلك على المدخل، قال: فذلك لك، قال: فأبغني إنسانا سابحا ذا عقل يأتيك بأمر بين، فأرسل أبو موسى إلى مجزأة ابن ثور السدوسي فقال: ابغني رجلا من قومك سابحا ذا عقل، فقال مجزأة: اجعلني ذلك الرجل، فانطلق به فأدخله من مدخل الماء، مدخلا يضيق أحيانا حتى ينبطح على بطنه، ويتسع أحيانا فيمشي قائما ويحبو في بعض ذلك، حتى دخل المدينة.
وقد أمره أبو موسى أن يحفظ طريق الباب وطريق السور ومنزل الهرمزان، وقال: لا تسبقني بأمر، فانطلق به العلج حتى أتى الهرمزان فهم بقتله، ثم ذكر قول أبي موسى لا تسبقني بأمر، فرجع إلى أبي موسى، فندب أبو موسى الناس معه، فانتدب ثلاث مائة ونيف، فأمرهم أن يلبس الرجل ثوبين لا يزيد عليهما وسيفه، ففعلوا.
قال عبد الرحمن: فكبر ووقع الماء وكبر القوم ووقعوا.
قال عبد الرحمن: كأنهم البط، فسبحوا حتى جاوزوا، ثم انطلق بهم إلى النقب الذي يدخل الماء منه، وكبر ثم دخل ومعه خمسة وثلاثون رجلا أو ستة وثلاثون رجلا.
فمضى بطائفة منهم إلى الباب فوضعهم عليه، ومضى بطائفة إلى السور، ومضى بمن بقي معه حتى صعد السور فانحدر عليه علج معه نيزك، فطعن مجزأة فأثبته، وكبر المسلمون على السور وعلى الباب، وفتحوا الباب، و أقبل المسلمون حتى دخلوا المدينة وتحصن الهرمزان في قصبة له.
قال أبو الحسن: الذي سأل أبا موسى الأمان ويدلهم على المدخل سينبة.
قال أبو الحسن: عن العلاء بن معاذ المازني قال: حدثني مشيخة من أهل تستر: أن المسلمين دخلوا المدينة ليلا وأصبحوا يوم الأربعاء، فقاتلهم ثم انهزم فدخل القلعة.
أبو الحسن عن سلمة بن عثمان عن علي بن زيد عن أنس بن مالك قال: قاتلناهم حتى طلع الفجر، فما صليت الغداة ولا أحد منا حتى انتصف النهار، فما يسرني بتلك الصلاة الدنيا كلها.
حدثنا ابن زريع عن سعيد عن قتادة عن أنس قال: لم نصل يومئذ الغداة حتى انتصف النهار، فما يسرني بتلك الصلاة الدنيا كلها.
أبو عمرو الشيباني قال: نا أبو هلال الراسبي عن ابن سيرين قال: قتل البراء بن مالك يوم تستر.
حدثنا يحيى بن سعيد عن حبيب بن شهاب عن أبيه قال: أنا أول من أوقد بباب تستر فرمي أبو موسى بسهم فصرع، فأمرني على عشرة من قومي.
حدثنا اسماعيل بن ابراهيم قال: أخبرني حبيب بن شهاب عن أبيه قال: شهدت فتح تستر مع أبي موسى فكان يجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء.
عبد الرحمن بن عثمان عن حبيب بن شهاب عن أبيه قال: قال لي أبو موسى: تخير من الجند عشرة يكونون معك على حفظ السبي، فلما قسم الغنائم أعطى الفارس سهما ولفرسه سهما، وللراجل سهما وقال: لا تفرق بين المرأة وولدها قال: وفضلني يومئذ برأس.
أبو الحسن عن مبارك بن فضالة عن معاوية بن قرة قال: أول من دخل من باب المدينة تستر عبد الله بن معقل المزني.
علي بن أبي سيف عن المبارك بن فضالة عن الحسن أن أبا موسى حاصر أهل تستر سنتين.
وحدثنا عن ابن المبارك عن مجالد عن الشعبي قال: حاصرهم ثمانية شهرا، وأقام الهرمزان في القلعة التي بتستر، ثم نزل بعد على حكم عمر.
عبد الوهاب قال: نا حميد عن أنس قال: حاصرنا تستر فنزل الهرمزان على حكم عمر، فلما انتهينا إليه قال عمر: تكلم، قال: كلام حي أو ميت ؟ قال: تكلم فلا بأس، قال: إنا وإياكم معاشر العرب ما خلى الله بيننا وبينكم كنا نقصيكم ونقتلكم، فلما كان الله معكم لم تك لنا بكم يدان.
قال عمر: يا أنس ما تقول ؟ قلت: يا أمير المؤمنين تركت بعدي عددا كثيرا وشوكة شديدة، فإن نقتله يأيس القوم من الحياة أو يكون أشد لشوكتهم.
قال عمر: أستحيي قاتل البراء بن مالك ومجزأة بن ثور ؟، فلما خفت أن يقتله قلت: ليس إلى قتله سبيل، قد قلت له تكلم فلا بأس.
فقال: لتأتيني بمن يشهد به غيرك.
فلقيت الزبير فشهد معي فأمسك عنه عمر وأسلم وفرض له.
وحدثني علي عن قراد عن عثمان بن معاوية عن أبيه عن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال: أطافوا بالهرمزان فلم يخلصوا إليه حتى أمنوه، ونزل على حكم عمر، فبعث به أبو موسى وأصحابه إلى عمر.
وفيها مات عياض بن غفم الفهري.
وفيها ماتت صفية بنت عبد المطلب.