36 هـ
656 م
سنة ست وثلاثين

فيها بويع علي بن أبي طالب بن عبد المطلب، وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب. …

وفيها قدم طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام ومعهما عائشة أم المؤمنين البصرة وبها عثمان بن حنيف الأنصاري واليالعلي، فبعث عثمان بن حنيف حكيم بن جبلة العبدي، فلقي طلحة والزبير بالزابوقة وهي مدينة الرزق بحضرة كلاء البصرة، فقتل حكيم بن جبلة، وقتل أيضا مجاشع بن مسعود السلمي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخرج عثمان بن حنيف عن البصرة.
وفيها خرج علي من المدينة وولاها سهل بن حنيف الأنصاري، وبعث علي الحسن بن علي بن أبي طالب وعمار بن ياسر إلى الكوفة يستنفران الناس
وقدم علي البصرة.
ففيها كانت وقعة الجمل بالبصرة بالزاوية ناحية طف البصرة، يوم الجمعة لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين.
وفيها قتل طلحة بن عبيد الله في المعركة أصابه سهم غرب فقتله.
وحدثنا معاذ بن هشام قال: حدثني أبي عن قتادة عن الجارود بن أبي سبرة قال: نظر مروان بن الحكم إلى طلحة بن عبيد الله يوم الجمل فقال: لا أطلب بثأري بعد اليوم فرماه بسهم فقتله.
حدثنا من سمع جويرية بن أسماء عن يحيى بن سعيد عن عمه: أن مروان رمى طلحة بسهم فقتله.
وانحدر الزبير منصرفا فقتل بوادي السباع، قتله عمير بن جرموز المجاشعي.
وقتل محمد بن طلحة بن عبيد الله وعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد.
وفي الجمل الأول قبل قدوم علي قتل مجاشع بن مسعود السلمي وحكيم بن جبلة العبدي.
نعيم بن مسعود الأشجعي أدرك عثمان.
وفيها مات حذيفة بن اليمان في أول سنة ست وثلاثين.
قال أبو اليقظان وأبو الحسن قدم ماهويه بن أزر مرزبان مرو على علي بعد الجمل سنة ست وثلاثين مقرا بالصلح، وكتب له علي كتابا ثم كفروا بعد، فوجه علي عون بن جعدة بن هبيرة بن أبي وهب المخزومي فلم يصنع شيئا.
وفيها خرج عمران بن الفضل البرجمي وحسكة بن عتاب الحبطي فأغارا على نواحي سجستان فصالحهم صاحب زرنج.
وفيها خرج علي من البصرة فقدم الكوفة،
ثم خرج يريد معاوية واستخلف على الكوفة أبا مسعود عقبة بن عمرو البدري.
وفيها وقعة الجمل.
قال أبو اليقظان: قدم طلحة بن عبيد الله و الزبير بن العوام وعائشة البصرة فتلقاهم الناس بأعلى المربد، فلما كانوا بالدباغين وذلك حضرة قصر زربي في سكة المربد اجتمع الناس حتى لو رمي بحجر وقع على رأس إنسان، فتكلم طلحة وتكلمت عائشة وكثر اللغط.

فحدثني أبو بكر قال: نا عوف قال: نا أبو رجاء العطاردي قال: أتيت طلحة بن عبيد الله غشيه الناس وهو على دابته فجعل يقول: يا أيها الناس انصتوا ؟ فجعلوا يركبونه ولا ينصتون، فقال: أف أف فراش نار وذبان طمع.
قال أبو الحسن عن الهذلي: إنهم انحدروا من موضع الدباغين فرماهم الناس بالحجارة، فأخذوا في بني نهد حتى خرجوا على مقبرة بني مازن ثم مقبرة بني حصن، ثم خرجوا على المسناة حتى نزلوا الجبل.
حاتم بن مسلم عن يوسف بن عبدة عن ابن سيرين قال: نزل طلحة والزبير في ناحية بني سعد.
قال أبو اليقظان: وولى علي البصرة يومئذ عثمان بن حنيف الأنصاري.
قال: وسار طلحة والزبير ومن معهما حتى أتوا الزابوقة فخرج إليهم عثمان بن حنيف فتواقعوا حتى زالت الشمس، ثم اصطلحوا وكتبوا بينهم كتابا أن يكفوا عن القتال، ولعثمان دار الإمارة والمسجد وبيت المال والكلاء، وأن ينزل طلحة والزبير من البصرة حيث شاءا، ولا يعرض بعضهم لبعض حتى يقدم علي.
قال أبو اليقظان: تحولت عائشة وطلحة والزبير فنزلوا طاحية ابن عبيدة.
قال أبو الحسن: عن الهذلي عن الجارود بن أبي سبرة عن سنان بن سلمة بن المحبق الهذلي: غدا ابن الزبير إلى الزابوقة وهي مدينة الرزق فأراد أن يرزق أصحابه، فجاء حكيم بن جبلة العبدي في سبع مائة من عبد القيس وبكر بن وائل، فاقتتلوا فقتل حكيم بن جبلة وأخوه الزعل بن جبلة وابنه الأشرف بن حكيم.
قال أبو اليقظان: قتل حكيما رجل من الحدان يقال له: ضجيم، ويقال: قتله يزيد بن الأسحم الحداني.
قال أبو اليقظان: وقتل مع حكيم حنظلة الهزاني.
قال أبو الحسن عن مسلمة عن داود بن أبي هند قال: ارتث مع ابن الزبير مجاشع بن مسعود السلمي فاحتمل إلى داره في بني يشكر فمات فدفن فيها.
قال أبو اليقظان: وبعث علي الحسن بن علي وعمار بن ياسر إلى الكوفة يستنفران الناس.
فحدثنا غندر قال: نا شعبة عن الحكم قال: سمعت أبا وائل يقول: لما استنفر الحسن وعمار أهل الكوفة قال عمار: أما والله إني لأعلم أنها زوجته في الدنيا والآخرة ولكن الله ابتلاكم بها لتتبعوه أو إياها. غندر عن شعبة عن سعد بن إبراهيم قال: حدثني رجل من أسلم قال: كنا مع علي أربعة آلاف من أهل المدينة. 
قال: ونا أبو غسان: قال نا يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير قال: كان مع علي يوم الجمل ثماني مائة من الأنصار وأربع مائة ممن شهد بيعة الرضوان.
أبو بكر عن عبد الملك عن سلمة بن كهيل قال: قدم الحسن بن علي وعمار فاستنفروا الناس، فخرج ما بين الستة آلاف إلى السبعة حتى قدموا على علي بذي قار، فسار بهم ومعه زهاء عشرة آلاف حتى أتى البصرة.
قال أبو عبيدة: سار علي من ذي قار فأمر علي مقدمته عبد الله بن عباس، ثم أمر الأمراء وعقد الألوية ودفع اللواء إلى ابنه محمد بن علي.
قال أبو اليقظان: كانت راية علي مع ابنه محمد بن علي.
قال أبو عبيدة: على الخيل عمار بن ياسر، وعلى الرجالة محمد بن أبي بكر، وعلى الميمنة – وهم ربيعة البصرة والكوفة – علباء بن الهيثم السدوسي، ويقال: عبد الله بن جعفر، وعلى الميسرة وهم مضر البصرة ومضر الكوفة – الحسن بن علي قال: ويقال: على الميمنة الحسن وعلى الميسرة الحسين بن علي، ولواء طلحة والزبير مع عبد الله بن حكيم بن حزام، وعلى الخيل طلحة بن عبيد الله، وعلى الرجالة عبد الله بن الزبير، وعلى الميمنة وهي مضر عبد الله بن عامر، ويقال عبد الله بن الحارث، وعلى الميسرة – وهم أهل اليمن – مروان بن الحكم.
فحدثنا أبو الحسن عن الهذلي عن قتادة قال: سار علي من الزاوية وسار طلحة والزبير وعائشة من الفرضة، فالتقوا عند موضع قصر عبيد الله بن زياد في النصف من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين يوم الخميس وكانت الوقعة يوم الجمعة.
فحدثنا علي بن عاصم قال: نا حصين قال: حدثني عمرو بن جاوان قال: سمعت الأحنف بن قيس قال: لما التقوا كان أول قتيل طلحة بن عبيد الله وخرج كعب بن سور من البصرة معه المصحف ناشرة بين الصفين يناشد الناس في دمائهم فقتل وهو بتلك الحال.
قال أبو اليقظان: خرج كعب بن سور في عنقه مصحف وعليه برنس وبيده عصا، فأخذ بخطام الجمل فأتاه سهم غرب فقتله.
حدثنا معاذ بن هشام قال: حدثني أبي عن قتادة عن الجارود بن أبي سبرة الهذلي قال: نظر مروان بن الحكم إلى طلحة بن عبيد الله يوم الجمل فقال: لا أطلب بثأري بعد اليوم فرماه بسهم فقتله.
فحدثني أبو عبد الرحمن القرشي عن حماد بن زيد عن قرة بن خالد عن ابن سيرين قال: رمي طلحة بسهم فأصاب ثغرة نحره.
قال: فأقر مروان أنه رماه قال: وحدثني جويرية بن أسماء عن يحيى بن سعيد عن عمه قال: رمى مروان طلحة بن عبيد الله بسهم، ثم التفت إلى أبان بن عثمان فقال: قد كفيناك بعض قتلة أبيك.
عبد الرحمن بن مهدي عن حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد قال: قال طلحة:

ندمت ندامة الكسعي لما *** شريت رضي بني جرم برغمي

اللهم خذ لعثمان مني حتى ترضى.
حدثنا علي بن عاصم عن حصين عن عمرو بن جاوان عن الأحنف قال: لما انحاز الزبير فقتله عمرو بن جرموز بوادي السباع.
بشر بن المفضل قال: نا منصور بن عبد الرحمن عن الشعبي قال: من حدثك أنه شهد الجمل من أهل بدر غير أربعة أو إن جاءوا بخامس، كان علي وعمار ناحية، وطلحة والزبير ناحية.
حدثنا عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس قال: رمي طلحة يوم الجمل بسهم في ركبته فكانوا إذا أمسكوها انتفخت، وإذا أرسلوها نبعت فقال: دعوها فإنه سهم أرسله الله.
وانهزم الناس وقتل منهم مقتلة عظيمة.
حدثني كهمس بن المنهال قال: نا سعيد عن قتادة قال: قتل يوم الجمل عشرون ألفا.
حدثنا وهب بن جرير قال: حدثني أبي عن محمد بن يعقوب الضبي قال: قتل من أهل البصرة ألفان وخمس مائة من الأزد وثمان مائة من بني ضبة.
قال وهب: وحدثني المعلى أبو حاتم قال: حدثتني جدتي قالت: خرجنا إلى قتلى الجمل فعددناهم بالقصب عشرين ألفا.
أبو اليقظان عن الركين بن القاسم عن علي بن زيد قال: قتل يوم الجمل سبعة آلاف.
حدثنا حاتم بن مسلم عن عبد الرحمن بن خالد بن العاصي عن أبيه قال: قتل ثلاثة عشر ألفا، من أصحاب علي ما بين الأربع مائة إلى الخمس مائة.
أبو الحسن عن محمد بن صالح الثقفي عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة قال: أصيب من أصحاب علي خمس مائة.
وحدثني أبو عبد الرحمن عن حماد بن زيد عن الزبير بن الخريت قال: قيل لأبي لبيد أتحب عليا ؟ قال: كيف أحب رجلا قتل من قومي حين كانت الشمس من هاهنا إلى أن صارت ها هنا ألفين وخمس مائة ؟ تسمية من حفظ لنا ممن قتل يوم الجمل
من بني أمية: عبد الرحمن عتاب بن أسيد.
ومن بني حبيب بن عبد شمس: عبد الرحمن بن عبد الله بن عامر.
ومن بني عبد العزى بن عبد شمس: علي بن عدي بن محرز بن حارثة بن ربيعة بن عبد العزى.
ومن بني أسد بن عبد العزى: الزبير بن العوام قتله عمير بن جرموز.
وعبد الله بن حكيم بن حزام.
ومن بني عبد الدار بن قصي: عبد الله بن مسافع بن طلحة بن أبي صالحة.
ومن بني عبد بن قصي: عبد الله مولى الحارث بن نقيد.
ومن بني زهرة بن كلاب: الأسود بن عوف.
وعبد الله بن المغيرة بن الأخنس ابن شريق، وعبد الله بن أبي عثمان بن الأخنس بن شريق، حليفان لهم من ثقيف.
ومعبد بن المقداد بن الأسود، حليف لهم من بهراء.
ومن بني مخزوم بن يقظة: عبد الرحمن بن الوليد بن عبد شمس وعبد الله بن أبي بردة بن معبد بن وهب بن عائذ، ومعبد بن زهير بن أبي أمية. ومن بني تيم بن مرة: طلحة بن عبيد الله، وابنه محمد بن طلحة وعبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان، وعبد الرحمن بن أبي سلمة بن الحارث. ومن بني جمح: صفوان مولى مطيع، وعبد الرحمن بن وهب بن أسيد، وعبد الله بن أبي بن خلف، وابن لعميرة بن وهب، ومسلم بن عامر بن حميل، ونعيم بن الصلت حليف لهم من كندة، وعبد الله بن هانئ مولى عبد الله بن أبي سلمة.
ومن بني سهم بن عمرو: ابن لقيس بن عدي.
ومن بني عامر بن لؤي: عمرو بن عبد الله بن أبي قيس، وأبو سفيان بن حويطب، وأبو الأخنس مولى لهم.
ومن بني الحارث بن فهر: رجل.
ومن بني تميم: هلال بن وكيع الدارمي، وأبو الجرباء الغيلاني.
ومن بني غيلان بن مالك: أخوة مازن بن مالك بن عمرو بن تميم.
قال أبو اليقظان: وقتل السجف بن سعد بن عوف العجيفي، وفرافصة.
وعمار رجلان.
ومن بلهجيم: حنظلة بن ضرار الضبي.
ومن قيس بن عيلان ثم من بني سليم: عاصم بن قيس بن الصلت وابنه عمرو بن عاصم، وشبيب بن الهيثم، ومعوض بن أسماء بن الصلت، ومعوض بن علاط أخو الحجاج بن علاط.
وقتل من باهلة: كليب بن عمرو عم قتيبة بن مسلم.
ومن اليمن: كعب بن سور اللقيطي، وابن لصبرة بن شيمان الحداني.
قال أبو اليقظان: وقتل من طاحية ثلاثون رجلا دفنوا عند مسجد نافع بن خالد الطاحي.
وقتل من الجهاضم ثلاثون رجلا منهم: قيس بن صهبان، وجودان بن عائذ أبو عبد الله بن جودان.
وقتل عمرو بن الأشرف وهو  أبو زياد بن عمرو وهو آخذ بخطام الجمل قتله الحارث بن عبد الشارق الغامدي، وقتله عمرو بن الأشرف، قتل كل واحد منهما صاحبه.
وقتل من أصحاب علي ممن حفظ لنا زيد وسيحان ابنا صوحان، وعلباء بن الحارث السدوسي، وهند الجملي، والصقعب وعبد الله ابنا سليم أخوا مخنف بن سليم.
فحدثنا أشهل بن حاتم وعبيد الله بن عبد الله بن عون عن ابن عون عن أبي رجاء قال: لقد رأيت الجمل يومئذ كأنه قنفذ من النبل ورجل آخذ بالخطام وهو يقول:

نحن بنو ضبة أصحاب الجمل *** ننازل الموت إذا الموت نزل
والموت أحلى عندنا من العسل *** ننعي ابن عفان بأطراف الأسل

قال: فأقسم بالله ما برح حتى بري قوائم البعير، فسقط فقالوا: أمنا أمنا، فقال رجل لأبي رجاء: ما صنعت يومئذ ؟ قال: رميت بأسهم فما أدري ما فعلن.
حدثنا علي بن عاصم عن حصين قال: حدثني أبو جميلة البكائي قال: إني لفي الصف مع علي إذ عقر بأم المؤمنين جملها، فرأيت محمد بن أبي بكر وعمار بن ياسر يشتدان بين الصفين أيهما يسبق إليها، فقطعا عرضة الرحل فاحتملاها في هودجها.
حدثنا من سمع هبيرة بن حدير العدوي قال: نا أوفى بن دلهم العدوي قال: قالت عائشة: ما أنكرت رأس جملي حتى فقدت أصوات بني عدي.
حدثني غندر وأبو داود قالا: نا شعبة عن عمرو بن مرة قال: سمعت عبد الله بن سلمة والحارث بن سويد تذاكرا يوم الجمل، فقال الحارث: لا والله ما رأيت مثل يوم الجمل، لقد أشرعوا الرماح في صدورنا وأشرعناها في صدورهم، حتى لو شاءت الرجال أن تمر عليها لمرت، فو الله لوددت أني لم أشهد ذلك اليوم وأن علي كذا.
فقال عبد الله بن سلمة: والله ما يسرني أني غبت عن ذلك اليوم، ولا أني غبت عن مشهد شهده علي وأن لي كذا.
حدثنا عبيد الله بن موسى قال: نا مسعر عن عمرو بن مرة عن الحارث بن جمهان الجعفي قال: لما كان يوم الجمل أشرعنا الرماح في صدورهم وأشرعوها في صدورنا، حتى لو تشاء الرجال أن تمشي على الرماح لفعلت.
قال: وأنا أسمع هؤلاء يقولون: لا إله إلا الله والله أكبر، وهؤلاء يقولون: لا إله إلا الله والله أكبر.
وفيها مات سلمان الفارسي وقدامة بن مظعون الجمحي.
وأقام للناس الحج عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب، ويقال: عبد الله بن عباس.
وفيها ندب الحارث بن مرة العبدي الناس إلى غزو الهند، فجاوز مكران إلى بلاد قندابيل ووغل في جبال الفيقان، فأصاب سبايا كثيرة، فأخذوا عليه بعقبة فأصيب الحارث ومن معه.