60 هـ
679 م
سنة ستين

قال بقي: وقرئ على ابن بكير وأنا أسمع عن الليث قال: وفي سنة ستين توفي أمير المؤمنين معاوية في رجب لأربع ليال خلت منه، …

واستخلف يزيد بن معاوية.
وفيها حمل أهل مصر إلى رودس الطعام.
وفيها نزع الوليد بن عتبة عن المدينة وأمر عمرو بن سعيد على المدينة ومكة والطائف، فحج عامئذ بالناس عمرو بن سعيد، ثم نزع في مستهل ذي الحجة وأمر الوليد بن عتبة.
زاد حرمله في روايته عن ابن بكير: وخرج حسين بن علي رضي الله عنه إلى العراق وابن الزبير إلى مكة.
قال: وكتب إلي بكار بن عبد الله عن محمد بن عائذ قال: وحدثنا غير الوليد بأمراء معاوية على الصوائف، فكتبت ذلك على ما سمعت من ذلك ما حدثنا إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو عن سعيد بن حنظلة: أن معاوية بن أبي سفيان أمر عمرو بن معاوية العقيلي على الصائفة، فلما قدم سأله عما بلغ الخمس، فأخبره.
فقال: أين هو ؟ قال عمرو: تسألني عن الخمس وأرى رجلا من المهاجرين يمشي على قدميه لا أحمله فقال معاوية: لا جرم لا تنالها ما بقيت.
قال: إذا لا أبالي، وأنشأ يقول:

تهادي قريش في دمشق غنيمتي *** وأترك أصحابي فما ذاك بالعدل
ولست أميرا أجمع المال تاجرا *** ولا أبتغي طول الإمارة بالبخل
فإن يمسك الشيخ الدمشقي ماله *** فلست على مالي بمستغلق قفلي

قال محمد بن عائذ: وحدثني اسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو عن أبي حسبة: أن معاوية بن عمرو العقيلي كان وهو على الجيش ينزل فيواسي أصحابه بسوق السبي والجزر والرمك مشمرا عن ساقيه.
قال محمد: وحدثني مروان بن محمد عن رشد ين بن سعد عن الحسن بن ثوبان عن يزيد: أنه كان على أهل الشام منقلبه عبد الله بن قيس الفزاري، وعلى أهل مصرعوام اليحصبي، وعلى أهل المدينة عبد العزيز بن مروان، وعوام على الجماعة قال محمد: وحدثني مروان بن محمد عن رشدين بن سعد عن الحسن بن ثوبان قال: قال يزيد: ففتح عبد الله بن قيس الفزاري منقلبة في خلافة معاوية فكانت غنائمهم يومئذ مائة دينار وأوقية تبر وقمقم صفر.
قال: فلم أسأل مروان عن هؤلاء الأمراء الذين ذكر في الحديث الأول، أ في هذه الغزاة كانوا جميعا أم كانت هذه غزاة قبلهم ؟ قال محمد: وحدثني الوليد بن مسلم قال: كان آخر ما أوصاهم به معاوية أن شدوا خناق الروم، فإنكم تضبطون بذلك غيرهم من الأمم.
قال الوليد: مات معاوية في رجب سنة ستين، وكانت خلافته تسع عشرة سنة و نصف سنة.
قال محمد: وحدثني الواقدي أن معاوية مات وهو ابن ثمان وسبعين قال محمد: قال الوليد بن مسلم: ولي يزيد بن معاوية، فغزا في ذلك العام مالك سورية.

قال: ونا ابن نمير قال: مات بلال بن الحارث المزني سنة ستين، وتوفي معاوية في رجب سنة ستين، وبويع يزيد بن معاوية فأمر عمرو بن سعيد بن العاصي على المدينة، فحج عمرو بالناس سنة ستين.
وقتل الحسين بن علي لعشر خلون من المحرم سنة إحدى وستين، ثم نزع عمرو عن المدينة في سنة ستين.
قال خليفة: فيها بعث الحسين بن علي بن أبي طالب ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب إلى أهل الكوفة ليبايعوه، فبايعه ناس كثير، فجمع يزيد بن معاوية لعبيد الله بن زياد العراق، فخرج بأهل العراق فقتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عمرو المرادي.

وفيها خرج الحسين بن علي من مكة يريد الكوفة، فقال الفرزدق: خرجت أريد الحج، فلما كنت بذات عرق رأيت قبابا مضروبة فقلت: لمن هذه ؟ قالوا: للحسين بن علي.
فعدلت إليه فقلت: يا بن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعجلك عن الحج ؟ قال: كتب إلي هؤلاء القوم – يعني أهل الكوفة – يذكرون ما هم فيه.
ثم سألني: كيف تركت الناس وراءك ؟ فقلت: فداك أبي وأمي تركت القلوب معك والسيوف مع بني أمية والنصر في السماء.
قال: وفي سنة ستين ولد قتادة بن دعامة السدوسي، وهشام بن عروة، وسليمان بن مهران الأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد.
قال: وفيها بعث يزيد بن معاوية رزيقا مولاه إلى الوليد بن عتبة.

فحدثني وهب بن جرير قال: حدثني أبي عن محمد قال: حدثني رزيق مولى معاوية قال: لما هلك معاوية بعثني يزيد بن معاوية إلى الوليد بن عتبة وهو أمير المدينة، وكتب إليه بموت معاوية، وأن يبعث إلى هؤلاء الرهط فيأمرهم بالبيعة له.
قال: فقدمت المدينة ليلا فقلت للحاجب: استأذن لي، فقال: قد دخل ولا سبيل إليه، فقلت: إني جئته بأمر فدخل وأخبره، فأذن له، وهو على سريره، فلما قرأ كتاب يزيد بوفاة معاوية واستخلافه، جزع لموت معاوية جزعا شديدا، فجعل يقوم على رجليه، ويرمي بنفسه على فراشه، ثم بعث إلى مروان فجاء وعليه قميص أبيض وملاءة موردة، فنعى له معاوية، وأخبره أن يزيد كتب إليه أن يبعث إلى هؤلاء الرهط فيدعوهم إلى البيعة ليزيد.
قال: فترحم مروان على معاوية ودعا له بخير وقال: ابعث إلى هؤلاء الرهط الساعة فادعهم إلى البيعة فإن بايعوا وإلا فاضرب أعناقهم، قال: سبحان الله أقتل الحسين بن علي وابن الزبير ؟ قال: هو ما أقول لك.

وحدثني وهب قال: حدثني جويرية بن أسماء قال: سمعت أشياخنا من أهل المدينة ما لا أحصي يحدثون أن معاوية توفي وفي المدينة يومئذ الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، فأتاه موته، فبعث إلى مروان بن الحكم وناس من بني أمية فأعلمهم الذي أتاه.
فقال مروان: ابعث الساعة إلى الحسين وابن الزبير، فإن بايعا وإلا فاضرب أعناقهما، وقد هلك عبد الرحمن بن أبي بكر قبل ذلك، فأتاه ابن الزبير، فنعى له معاوية وترحم عليه، وجزاه خيرا.
فقال له: بايع قال: ما هذه ساعة مبايعة ولا مثلي يبايعك هاهنا، فترقى المنبر فأبايعك ويبايعك الناس علانية غير سر.
فوثب مروان فقال: اضرب عنقه فإنه صاحب فتنة وشر.
فقال: إنك لهتاك با بن الزرقاء واستبا.
فقال الوليد: أخرجوهما عني، وكان رجلا رفيقا سريا كريما، فأخرجا عنه فجاء الحسين بن علي على تلك الحال فلم يكلم في شئ حتى رجعا جميعا، ورجع مروان إلى الوليد فقال: والله لا تراه بعد مقامك إلا حيث يسوؤك.
فأرسل العيون في أثره، فلم يزد حين دخل منزله على أن دعا بوضوء وصف بين قدميه فلم يزل يصلي، وأمر حمزة ابنه أن يقدم راحلته إلى الحليفة، على بريد من المدينة مما يلي الفرع، وكان له بالحليفة مال عظيم، فلم
يزل صافا بين قدميه، فلما كان من آخر الليل وتراجعت العيون جلس على دابته فركبها حتى انتهى إلى الحليفة، فجلس على راحلته، ثم توجه إلى مكة وخرج الحسين من ليلته، فالتقيا بمكة، فقال له ابن الزبير: ما يمنعك من شيعتك وشيعة أبيك ؟ فو الله لو أن لي مثلهم لذهبت إليهم.
قال: وبعث يزيد عمرو بن سعيد أميرا على المدينة على الوليد بن عتبة تخوفا لضعف الوليد.
فرقي عمرو المنبر حين دخل، فحمد الله وأثنى عليه، ثم ذكر ابن الزبير وما صنع، قال: تعوذ بمكة فو الله لنغزونه، ثم والله لئن دخل مكة لنحرقها عليه، على رغم أنف من رغم.
قال وهب: قال جويرية: فأخبرني مسافع أنه حدثه رجل من قريش نسيت اسمه أنه كان جليسا مع عبد الملك بن مروان تحت منبر عمرو بن سعيد حيث قال: على رغم أنف من رغم، فوضع عبد الله إصبعه على أنفه ثم قال: اللهم فإن أنفي يرغم أن يغزى بيتك الحرام، وفيه حديث.
وأقام الحج عمرو بن سعيد.