35 هـ
655 م
سنة خمس وثلاثين

فيها مقتل عثمان رحمه الله وحصاره قال أبو الحسن: قدم أهل مصر عليهم عبد الرحمن بن عديس البلوي، وأهل البصرة عليهم حكيم …

بن جبلة العبدي، وأهل الكوفة فيهم الأشتر مالك بن الحارث النخعي، المدينة في أمر عثمان، فكان مقدم المصريين ليلة الأربعاء هلال ذي القعدة.

حدثنا المعتمر بن سليمان قال: سمعت أبي قال: نا أبو نضرة عن أبي سعيد مولى أبي أسيد الأنصاري قال: سمع عثمان أن وفد أهل مصر قد أقبلوا فاستقبلهم، فقالوا: ادع بالمصحف، فدعا به، فقالوا: افتح السابعة وكانوا يسمون سورة يونس السابعة فقرأ حتى أتى هذه الآية: {قُلْ ءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى ٱللَّهِ تَفْتَرُونَ} [يونس: 59].
فقالوا له: قف أ رأيت ما حميت من الحمى ؟ آلله أذن لك أم على الله تفتري ؟ فقال: امضه نزلت في كذا وكذا، فأما الحمى فإن عمر حماة قبلي لإبل الصدقة، فلما وليت زادت إبل الصدقة فزدت في الحمى لما زاد من إبل الصدقة، امضه.
قال: فجعلوا يأخذونه بالآية فيقول: امضه نزلت في كذا فما يريدون ؟ فأخذوا ميثاقه وكتبوا عليه ستا، وأخذ عليهم ألا يشقوا عصا ولا يفارقوا جماعة ما أقام لهم شرطهم، ثم رجعوا راضين، فبينا هم بالطريق إذا ركاب يتعرض لهم ويفارقهم، ثم يرجع إليهم ثم يفارقهم قالوا: مالك ؟ قال: أنا رسول أمير المؤمنين إلى عامله بمصر، ففتشوه فإذا هم بالكتاب على لسان عثمان عليه خاتمه إلى عامل مصر أن يصلبهم أو يقتلهم أو يقطع أيديهم وأرجلهم.
فأقبلوا حتى قدموا المدينة، فأتوا عليا فقالوا: أ لم تر إلى عدو الله كتب فينا بكذا وكذا ؟ وإن الله قد أحل دمه فقم معنا إليه.
قال: والله لا أقوم معكم قالوا: فلم كتبت إلينا ؟ قال: والله ما كتبت إليكم كتابا، فنظر بعضهم إلى بعض، وخرج علي من المدينة.
فانطلقوا إلى عثمان فقالوا: كتبت فينا بكذا وكذا.
قال:إنهما اثنتان: أن تقيموا رجلين من المسلمين، أو يمين بالله الذي لا إله إلا هو ما كتبت ولا أمللت ولا علمت، وقد يكتب الكتاب على لسان الرجل وينقش الخاتم على الخاتم.
قالوا: قد أحل الله دمك، ونقض العهد والميثاق وحصروه في القصر رضي الله عنه.
ابن علية عن ابن عون عن محمد: أن عثمان بعث إليهم عليا ورجلا آخر فقال علي: تعطون كتاب الله وتعتبون من كل ما سخطتم.
فأقبل معه ناس من وجوههم فاصطلحوا على خمس: أن المنفي يقلب والمحروم يعطى، ويوفر الفئ، ويعدل في القسم، ويستعمل ذو الأمانة والقوة.
كتبوا ذلك في كتاب، وأن يرد ابن عامر على البصرة وأبو موسى الأشعري على الكوفة.
فأخبرني ابن علية قال: نا ابن عون عن الحسن قال: أنبأني وثاب قال: بعثني عثمان فدعوت له الأشتر.
فقال: ما يريد الناس مني ؟ قال: ثلاثا ليس من إحداهن بد.
قال: ما هن ؟ قال: يخيروك بين أن تخلع لهم أمرهم فتقول: هذا أمركم فاختاروا له من شئتم، وبين أن تقص من نفسك، فإن أبيت فالقوم قاتلوك.
قال: ما من إحداهن بد ؟ قال: ما من إحداهن بد.
قال أما أن أخلع لهم أمرهم فما كنت لأخلع سربالا سربلنيه الله.
قال: وقال غير الحسن: والله لأن تضرب عنقي أحب إلي من أن أخلع أمة محمد بعضها على بعض.
وأما أن أقص من نفسي فو الله لقد علمت أن صاحبي بين يدي قد كانا يعاقبان، وما يقوم بدني بالقصاص.
وأما أن تقتلوني فو الله لئن قتلوني لا يتحابون بعدي أبدا، ولا يصلون بعدي جميعا أبدا، ولا يقاتلون بعدي عدوا جميعا أبدا.

حدثنا كهمس بن المنهال قال: نا سعيد بن أبي عروبة عن يعلى بن حكيم عن نافع قال: دخل ابن عمر على عثمان وعنده المغيرة بن الأخنس فقال: انظر ما يقول هؤلاء، يقولون: اخلعها ولا تقتل نفسك.
فقال ابن عمر: إذا خلعتها أ مخلد أنت في الدنيا ؟ قال: لا، قال: فإن لم تخلعها هل يزيدون على أن يقتلوك ؟ قال: لا، قال: فهل يملكون لك جنة أو نارا ؟ قال: لا، قال: فلا أرى لك أن تخلع قميصا قمصكه الله فتكون سنة كلما كره قوم خليفتهم أو إمامهم قتلوه.

حدثني عمر بن أبي خليفة قال: حدثتنا أم يوسف بنت ماهك عن أمها قالت: دخلت على عثمان وهو محصور وفي حجره المصحف، وهم يقولون: اعتزلنا، وهو يقول: لا أخلع سربالا سربلنيه الله.
حدثنا يزيد بن هارون قال: نا عبد الملك عن أبي الكندي قال: أشرف عثمان فقال: لا تقتلوني فإنكم إن قتلتموني كنتم هكذا وشبك أصابعه.

حدثنا أبو داود قال: نا سهل السراج عن الحسن قال: قال عثمان: لا تقتلوني فو الله لئن قتلتموني لا تقاتلون عدوا جميعا أبدا، ولا تقسمون فيئا جميعا أبدا ولا تصلون جميعا أبدا.
قال الحسن: فو الله إن صلى القوم جميعا إن قلوبهم لمختلفة.
أبو بكر الكلبي قال: نا مسعر عن عبد الملك بن ميسرة عن النزال بن سبرة قال: سمعت عثمان يقول: أستغفر الله إن كنت ظلمت، وقد عفوت إن كنت ظلمت.

حدثنا غندر عن شعبة عن سعد بن ابراهيم عن أبيه قال: سمعت عثمان يقول: إن وجدتم في الحق أن تضعوا رجلي في قيد فضعوهما.
حدثنا كهمس بن المنهال قال: نا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال: أشرف عليهم عثمان حين حصر فقال: أخرجوا إلي رجلا أكلمه، فأخرجوا صعصعة بن صوحان فقال عثمان: ما نقمتم علي ؟ قال: أخرجنا من ديارنا بغير حق إلا أن قلنا ربنا الله.
قال عثمان: كذبت لستم أولئك، نحن أولئك أخرجنا أهل مكة فقال الله: {ٱلَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ فِي ٱلأَرْضِ أَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتَوُاْ ٱلزَّكَـاةَ وَأَمَرُواْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَنَهَوْاْ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ} [الحج: 41] فكان ثناء قبل بلاء.

حدثنا غندر قال: نا شعبة عن سماك بن حرب قال: سمعت حنظلة بن قنان قال: أشرف علينا عثمان فقال: أ فيكم ابنا محدوج ؟ فقال: أنشدكما الله أ لستما تعلمان أن عمر قال: إن ربيعة فاجر أو غادر، وإني والله لاجعل فرائضهم وفرائض قوم جاءوا من مسيرة شهر، وإنما مهر أحدهم عند طنبه، وأني زدتهم في غداة واحدة خمس مائة حتى ألحقتهم بهم ؟ قالوا: بلى.
قال: أذكركما
الله أ لستما تعلمان أنكما أتيتماني فقلتما إن كندة أكلة، رأس وإن ربيعة هي الرأس، وإن الأشعث بن قيس قد أكلهم فنزعته واستعملتكما ؟ قالوا: بلى.
قال: اللهم إن كانوا كفروا معروفي وبدلوا نعمتي فلا ترضهم عن إمامهم ولا ترضى إماما عنهم.
حدثنا المعتمر عن أبيه عن أبي نضرة عن أبي سعيد مولى أبي أسيد قال: أشرف عليهم ذات يوم فقال: السلام عليكم، فما أسمع أحدا رد عليه إلا أن يرد رجل في نفسه فقال: أنشدكم الله هل تعلمون أني اشتريت رومة من مالي فاستعذبت بها، وجعلت رشائي فيها كرشاء رجل من المسلمين ؟ قيل: نعم.
قال: فعلام تمنعوني أن أشرب من مائها حتى أفطر على ماء البحر ؟ – يعني ماء البئر المالح -.
قال: أنشدكم الله هل تعلمون أني اشتريت كذا كذا من الأرض فزدته في المسجد، فهل علمتم أن أحدا من الناس منع أن يصلي فيه قبلي ؟ قال: أنشدكم الله هل تعلمون أن نبي الله ذكر كذا كذا أشياء في شأنه، وذكر أيضا كتابة المفصل ففشا النهي وجعل الناس يقولون: مهلا عن أمير المؤمنين ؟.

اخبرنا يحيى بن أبي الحجاج أبو أيوب الخاقاني قال: نا الجريري عن أبي الورد بن ثمامة قال: أشرف عثمان فقال: أنشدكم الله هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على ثبير ومعه أبو بكر وعمر وأنا فتحرك بهم حتى همت حجارته أن تساقط، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أثبت فإنما عليك نبي وصد يق وشهيد».
قالوا: اللهم نعم.
قال: «شهدوا لي ورب الكعبة».

حدثنا ابن علية قال: نا أيوب عن ابن أبي مليكة عن عبد الله بن الزبير
قال: قلت لعثمان: إنا معك في الدار عصابة مستبصرة ينصر الله بأقل منهم فأذن لنا.
فقال: أذكر الله رجلا إهراق في، أو قال: دما.
ابن مهدي قال: نا سعيد بن عبد الرحمن عن محمد بن سيرين قال: قال سليط بن سليط: نهانا عثمان عن قتالهم، ولو أذن لنا لضربناهم حتى نخرجهم من أقطارها.
سمعت عبد الوهاب بن عبد المجيد قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول: سمعت عبد الله بن عامر بن ربيعة يقول: كنت مع عثمان في الدار فقال: أعزم على كل من رأى أن عليه سمعا وطاعة إلا كف يده وسلاحه فإن أفضلكم عندي غناء من كف يده وسلاحه ثم قال: قم يا ابن عمر فأجر بين الناس، فقام ابن عمر وقام معه رجال من بني عدي: ابن سراقة وابن مطيع ففتحوا الباب، وخرج، ودخلوا الدار فقتلوا عثمان رضي الله عنه.

حدثنا معاذ عن ابن عون عن نافع قال: كان ابن عمر مع عثمان في الدار.
حدثنا عبيد الله بن عبد الله بن عون عن أبيه عن نافع قال: لبس ابن عمر الدرع يوم الدار مرتين.
و حدثنا كهمس قال: نا ابن أبي عروبة عن قتادة أن زيد بن ثابت قال لعثمان: هؤلاء الأنصار بالباب يقولون: إن شئت كنا أنصار الله مرتين فقال: لا حاجة لي في ذلك كفوا.
وحدثني كهمس قال: نا ابن أبي عروبة عن يعلى بن حكيم عن نافع أو غيره: أن ابن عمر كان يومئذ متقلدا سيفه حتى عزم عليه عثمان أن يخرج مخافة أن يقتل.

حدثنا عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قلت لعثمان: اليوم طاب الضرب معك.
قال: أعزم عليك لتخرجن.
حدثنا كهمس عن ابن أبي عروبة عن قتادة: أن أبا هريرة كان متقلدا سيفه حتى نهاه عمر.
و حدثنا عبد الأعلى وكهمس عن ابن أبي عروبة عن قتادة وزاد عبد الأعلى: أن الحسن بن علي كان آخر من خرج من عند عثمان.
عبد الرحمن بن مهدي قال: نا حصين بن بكر عن يحيى بن عتيق عن محمد بن سيرين قال: انطلق الحسن والحسين وابن عمر وابن الزبير ومروان وكلهم شاك في السلاح حتى دخلوا الدار، فقال عثمان: أعزم عليكم لما رجعتم فوضعتم أسلحتكم ولزمتم بيوتكم، فخرج ابن عمر والحسن والحسين، فقال ابن الزبير ومروان: ونحن نعزم على أنفسنا أن لا نبرح.

حدثنا المعتمر عن أبيه عن أبي نضرة عن أبي سعيد مولى أبي أسيد قال: فتح عثمان الباب ووضع المصحف بين يديه فدخل عليه رجل فقال: بيني وبينك كتاب الله فخرج وتركه.
ثم دخل عليه آخر فقال: بيني وبينك كتاب الله فأهوى إليه بالسيف فاتقاه يده فقطعها فلا أدري أبانها أم قطعها ولم يبنها.
فقال: أما والله إنها لأول كف خطت المفصل.
حدثنا إسماعيل عن ابن عون عن الحسن عن وثاب قال: جاء رويجل كأنه ذئب فاطلع من باب ثم رجع.
وجاء محمد بن أبي بكر في ثلاثة عشر رجلا فأخذ بلحيته فقال بها حتى سمعت وقع أضراسه وقال: ما أغنى عنك معاوية، ما أغنى عنك ابن عامر، ما أغنت عنك كتبك ؟، فقال: أرسل لي لحيتي يابن أخي، قال: فأنا رأيته استعدى رجلا من القوم بعينه يعني أشار إليه فقام إليه بمشقص فوجأ به رأسه.
قلت: ثم مه ؟ قال: ثم تعاوروا عليه والله حتى قتلوه رحمه الله.

حدثنا المعتمر عن أبيه عن الحسن: أن ابن أبي بكر أخذ بلحيته فقال عثمان: لقد أخذت – مني مأخذا أو قعدت مني – مقعدا ما كان أبوك ليقعده، فخرج وتركه.
وفي حديث المعتمر عن أبيه عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: دخل عليه رجل من بني سدوس يقال له الموت الأسود فخنقه وخنقه قبل أن يضرب بالسيف، فقال: والله ما رأيت شيئا ألين من خناقه، لقد خنقته حتى رأيت نفسه مثل الجان تردد في جسده.
وقال في غير حديث أبي سعيد: ودخل التجوبي فأشعره مشقصا فانتضح الدم على قوله: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ ٱللَّهُ} [البقرة: 137] فإنها في المصحف ما حكت.
حدثنا كهمس عن ابن أبي عروبة عن قتادة قال: الذي ولي قتل عثمان رومان رجل من بني أسد بن خزيمة، أخذ ابن أبي بكر بلحيته وذبحه رومان بمشاقص كانت معه.
حدثنا أبو الحسن عن أبي زكريا العجلاني عن نافع عن ابن عمر قال: ضربه ابن أبي بكر بمشاقص في أوداجه، وبعجه سودان بن حمران بحربة.
حدثنا أبو داود قال: نا محمد بن طلحة قال: نا كنانة مولى صفية قال: شهدت مقتل عثمان.
قال: قلت: من قتله ؟ قال: رجل من أهل مصر يقال له حمار.
خالد بن الحارث قال: نا عمران بن حدير عن عبد الله بن شقيق قال: اول من ضرب عثمان رومان اليماني بصولجان.
حدثنا خالد بن الحارث قال: نا عمران بن حدير قال: إن لا يكن عبد الله بن شقيق حدثني أن أول قطرة قطرت من دمه على {فَسَيَكْفِيكَهُمُ ٱللَّهُ} [البقرة: 137] ، فإن أبا حريث ذكر أنه ذهب وسهيل النميري فأخرجوا إلي المصحف فإذا القطرة على {فَسَيَكْفِيكَهُمُ ٱللَّهُ} [البقرة: 137] قال: فإنها في المصحف ما حكت.
أبو عاصم قال: نا عمربن أبي زائدة عن أبيه عن أبي خالد الوالبي قال: قالت عائشة: استتابوه حتى تركوه كالثوب الرحيض ثم قتلوه.
حدثنا أبو قتيبة قال: نا يونس بن أبي إسحاق عن عون بن عبد الله بن عتبة قال: قالت عائشة: غضبت لكم من السوط ولا أغضب لعثمان من السيف؟ استعتبتموه حتى إذا تركتموه كالقلب المصفى قتلتموه.

حدثنا روح بن عبادة قال: نا سعيد بن عبد الرحمن عن ابن سيرين قال: قالت عائشة: مصتموه موص الإناء ثم قتلتموه.
محمد بن عمرو قال: نا أبو معاوية عن الأعمش عن خيثمة عن مسروق قال: قالت عائشة: تركتموه كالثوب النقي من الدنس ثم قربتموه تذبحونه كما يذبح الكبش.
قال مسروق: فقلت: هذا عملك كتبت إلى الناس تأمرينهم بالخروج عليه فقالت عائشة: والذي آمن به المؤمنون وكفر به الكافرون ما كتبت إليهم بسواد في بياض حتى جلست مجلسي هذا.
قال الأعمش: فكانوا يرون أنه كتب على لسانها.
وفيها بعث عثمان عبد الله بن عباس فأقام الحج، وصلى علي يوم النحر بالناس في المدينة.
وفيها قتل عثمان رحمة الله عليه يوم الجمعة لأيام بقين من ذي الحجة.
المعتمر بن سليمان قال: سمعت أبي قال: نا أبو عثمان النهدي قال: قتل عثمان في أواسط أيام التشريق.
أبو الحسن عن أبي معشر عن نافع قال: قتل يوم الجمعة لسبع عشر أو ثمان عشرة خلت من ذي الحجة.
حدثنا عبد الأعلى بن الهيثم قال: حدثني أبي قال: قلت للحسن: أ كان فيمن قتل عثمان أحد من المهاجرين والأنصار ؟ قال: لا، كانوا أعلاجا من أهل مصر.
حدثني يحيى عن إسماعيل عن قيس قال: سمعت سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل يقول: لو أن أحدا أرفض مما فعل بعثمان لكان محقوقا.
ولد عثمان بمكة في دار أبي العاصي التي يقال لها دار الحكم، ويقال: قتل يوم النحر، وقتل بالمدينة، وفيه قال الفرزدق:

عثمان إذ قتلوه وانتهكوا ***دمه صبيحة ليلة النحر

وقال نابغة بني جعدة:

وابن عفان حنيفا مسلما ***ولحوم البدن لما تنتقل

وقال القاسم بن أمية بن أبي الصلت:

لعمري لبئس الذبح ضحيتم به ***خلاف رسول الله يوم الأضاحي

ودفن عثمان ليلا، صلى عليه جبير بن مطعم، ويقال: حكيم بن حزام، ويقال: المسور بن مخرمة.
كانت ولايته إحدى عشرة سنة وأحد عشر شهرا وثمانية عشر يوما، ويقال: أربعة عشر يوما.
واختلف في سنة: فحدثنا معاذ بن هشام قال: حدثني أبي عن قتادة قال: قتل وهو ابن ست وثمانين سنة.
وحدثني أبو اليقظان قال: حدثني أبو المقدام قال: قتل وهو ابن اثنتين وثمانين، ويقال: أربع وثمانين.

وحدثني يحيى بن محمد قال: حدثني عبد العزيز بن أبي عمران قال: حدثني محمد بن عبد الله المخزومي قال: قتل وهو ابن اثنتين وثمانين سنة.
وفيها قتل المغيرة بن الأخنس بن شريق يوم الدار مع عثمان رحمه الله.
تسمية عمال عثمان بن عفان ولى مكة علي بن عدي بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف.
وولاها أيضا خالد بن العاصي بن هشام بن المغيرة المخزومي فقتل عثمان وهو عليها.
وكان يستخلف زيد بن ثابت على المدينة إذا حج.
وأقر أبا موسى الأشعري على البصرة أربع سنين، فكان أبو موسى إذا غزا استخلف عمران بن حصين وأحيانا يستخلف زيادا.
ثم عزل أبا موسى وولى عبد الله بن عامر بن كريز، قد كتبنا عمال ابن عامر على خراسان وسجستان في تاريخ السنين في ولاية ابن عامر.
قتل عمر والمغيرة بن شعبة على الكوفة فأقره عثمان قليلا، ثم عزله وولى سعد بن مالك، ثم عزله وولى الوليد بن عقبة بن أبي معيط، ثم عزله وولى سعيد بن العاصي فأخرجه أهل الكوفة وولوا أبا موسى الأشعري، وكتبوا إلى عثمان يسألونه أن يوليه فأقره عثمان حتى قتل رحمه الله.
وعزل عمرو بن العاصي عن مصر وولى عبد الله بن سعد بن أبي سرح فلم يزل عليها حتى قتل عثمان رحمه الله، وأقر معاوية بن أبي سفيان على الشام.
وكان عثمان أول من اتخذ شرط، وكان على شرطه عبد الله بن قنفذ من بني تيم قريش.
وحاجبه حمران بن أبان.
وعلى بيت المال عبد الله بن أرقم ثم استعفى فأعفاه، وكاتبه مروان بن الحكم.
القضاة قضاء البصرة: كان عليها كعب بن سور ثم أمر عثمان أبا موسى الأشعري أن يقضي بين الناس، ثم ولى ابن عامر فاستقضى كعب بن سور حتى قتل أيام الجمل أتاه سهم غرب فقتله ولم يقاتل.
الكوفة: شريح حتى قتل عثمان.
اليمن: يعلى بن أمية من بلعدوية، وأمه منية، وكان على صنعاء حتى قتل عثمان رجل يقال له ثمامة.
وولي ابن عامر البصرة سنة تسع وعشرين فغزا ابن عامر واستخلف على البصرة زيادا، فافتتح أصبهان وحلوان وكرمان وعامة خراسان، وقد كتبنا فتوحه في التاريخ، ثم أحرم من سابور، واستخلف قيس بن الهيثم السلمي على خراسان، وذلك سنة ثلاث وثلاثين، فجمع قارن جمعا فترك قيس البلاد، فقام بأمر الناس عبد الله بن خازم السلمي فلقي قارن فقتل قارن وهزم أصحابه، وكتب إلى ابن عامر بالفتح فأقره على خراسان حتى قتل عثمان.
سجستان: ولاها ابن عامر الربيع بن زياد الحارثي فافتتح ذالق، وصالح أهل زرنج، ثم انصرف واستخلف رجلا من بلحارث، ثم ولى ابن عامر عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب سنة ثلاث وثلاثين، فلم يزل بها حتى اضطرب أمر عثمان فرجع واستخلف أمين بن أحمر اليشكري فأخرجه أهل سجستان.
السند: بعث عثمان حكيم بن جبلة العبدي، فأتى مكران ثم قدم على عثمان فسأل عنها فقال: ماؤها وشل، ولصها بطل، وسهلها جبل إن كثر بها الجند جاعوا، وإن قلوا ضاعوا، فلم يوجه إليها عثمان أحدا حتى قتل.
البحرين: قال أبو خالد: عن أبي الخطاب قال: بعث ابن عامر عبد الله بن سوار العبدي في ولاية عثمان فلم يزل بها حتى قتل عثمان.
ومن ولاته عليها: مروان بن الحكم.
الصائفة: كتب عثمان إلى معاوية أن يغزو بلاد الروم، فوجه يزيد بن الحر العبسي ثم عبد الرحمن بن خالد بن الوليد على الصائفتين جميعا، ثم عزله وولى سفيان بن عوف الغامدي، فكان سفيان يخرج في البر، ويستخلف على البحر جنادة ابن أبي أمية، فلم يزل كذلك حتى مات سفيان فولى معاوية عبد الرحمن بن خالد ابن الوليد، ثم ولى عبيد الله بن رباح، وشتي في أرض الروم.