15 هـ
636 م
سنة خمس عشرة

حدثني عبد الله بن المغيرة عن أبيه قال: افتتح شرحبيل بن حسنة الأردن كلها عنوة ما خلا طبر ية فإن أهلها صالحوه، وذلك بأمر أبي عبيدة. …

وقال ابن الكلبي نحوه.
قالا: وبعث أبو عبيدة خالد بن الوليد فغلب على أرض البقاع، وصالحه أهل بعلبك وكتب لهم كتابا.
قال ابن مغيرة عن أبيه: صالحهم على أنصاف منازلهم وكنائسهم ووضع الخراج.
قال ابن الكلبي: ثم خرج أبو عبيدة يريد حمص، وقدم خالدا أمامه فقاتلوه قتالا شديدا، ثم هزمت الروم حتى دخلوا مدينتهم فحصرهم، فسألوه الصلح على أموالهم وأنفسهم وكنائسهم وعلى أرض حمص على مائة ألف دينار وسبعين ألف دينار.
وحدثني عبد الله بن مغيرة عن أبيه قال: صالحهم أبو عبيدة على المدينة على ما صالحهم عليه أهل دمشق وأخذ سائر مدائنهم عنوة.
وحدثني حاتم بن مسلم عن من حدثه عن ابن إسحاق نحوه.
وفيها وقعة اليرموك: بكر عن ابن إسحاق قال: نزلت الروم اليرموك وهي مائة ألف من الروم، وقبائل قضاعة عليهم السفلار خصي لهرقل.
قال ابن الكلبي: كانت الروم ثلاث مائة ألف عليهم هاهان رجل من أبناء فارس تنصر ولحق بالروم.

وضم أبو عبيدة إليه أطرافه وأمراء الأجناد، وأمده بسعيد بن عامر بن حذيم فهزم الله المشركين بعد قتال شديد، وقتل منهم مقتلة عظيمة.
قال ابن الكلبي: كانت الوقعة يوم الإثنين لخمس مضين من رجب سنة خمس عشرة.
حدثنا بكر عن ابن إسحاق قال: استشهد يوم اليرموك عمرو بن سعيد بن العاصي وأبان بن سعيد بن العاصي، وعكرمة بن أبي جهل، وعبد الله بن سفيان بن عبد الأسد، وسعيد بن الحارث بن قيس.
قال أبو الحسن: أبان بن سعيد قتل يوم أجنادين، ويقال: يوم مرج الصفر.
وقال الوليد بن هشام: قتل يوم مرج الصفر عكرمة.
قال أبو الحسن: واستشهد يوم اليرموك سهيل بن عمرو الحارث بن هشام.
وفي هذه السنة بالعراق فتحت نهر تيري ودست ميسان وقراها.
حدثني الوليد بن هشام عن أبيه عن جده: أن المغيرة بن شعبة صالحهم على ألف ألف درهم ومائة ألف درهم، ثم كفروا فافتتحها أبو موسى بعد.
وحدثني علي بن محمد عن النضر بن إسحاق عن قتادة أن المغيرة بن شعبة افتتح نهر تيري عنوة وجد بها حد النوشجان، وهو يومئذ صاحبها. وفيها وقعة القادسية، على المسلمين سعد بن مالك، وعلى المشركين رستم ومعه الجالينوس وذو الحاجب.

فحدثني غير واحد عن أبي عوانة عن حصين عن أبي وائل قال: كان المسلمون ما بين السبعة آلاف إلى الثمانية، ورستم بإزائنا في ستين ألفا.
يزيد بن زريع عن الحجاج عن حميد بن هلال عن خالد بن عمير قال: كانوا أربعين ألفا.
بكر عن ابن إسحاق قال: كان رستم في ستين ألفا من أخص ديوانه، والمسلمون ستة آلاف أو سبعة.
حدثنا من سمع شريكا عن عبيدة عن إبراهيم قال: كانوا ما بين الثمانية آلاف إلى التسعة آلاف، وجاءهم قدر ألفين فأقاموا قدر شهر لا يلقاهم العدو.
وبعث سعد زهرة بن حوية للغارة، فلقي شارزاد بن أزاذبه بالسيلحين، فقتل شارزاذ قتله بكير بن عبد الله الليثي، وأصابوا حليا كثيرا وجوهرا، وكتب سعد إلى عمر يستمده.

قال ابن زريع: عن حجاج عن حميد بن هلال عن خالد بن عمير قال: أمدهم أهل البصرة بألف وخمس مائة كنت فيهم.
قال ابن إسحاق: سار المغيرة بن شعبة في أربع مائة، وقيس بن مكشوح في سبع مائة.
قال أبو الحسن: فاقتتلوا قتالا شديدا ثلاثة أيام، أولها يوم الإثنين لثلاث بقين من شوال، ويقال: لأيام بقين من شهر رمضان، فهزم الله المشركين وقتل رستم.
يقال: قتله زهرة بن حوية، ويقال: هلال بن علفة، ويقال: عمرو بن معدي كرب، ويقال: مات عطشا.
وقتل حنظلة بن ربيعة الأسيدي ذا الحاجب.
وأمر سعد زهرة بن حوية باتباع الفرس فلحقهم بالخرار فقتل جالينوس وأخذ سلبه، ويقال: قتله كثير بن شهاب وقتلوهم ما بين الخرار إلى السيلحين إلى النجف وأمسوا فكف عنهم زهرة ورجع.

وفي حديث أبي عوانة عن حصين عن أبي وائل قال: اتبعناهم إلى الفرات
فهزمهم الله، واتبعناهم إلى الصراة  فهزمهم الله، فألجأناهم إلى المراض.
وفي حديث ابن زريع عن حجاج عن عبد الله قال: دقت رجالة السبعين فيلا في الخندق.
حدثنا من سمع أبا محصن عن حصين عن أبي وائل قال: لقد رأيتني أعبر الخندق مشيا على الرجال قتل بعضهم بعضا، قال: ما بهم سلاح.
قال أبو الحسن: ثم سار سعد من القادسية يتبعهم فأتاه أهل الحيرة فقالوا: نحن على عهدنا، وأتاه بسطام صاحب نهر بسطام فصالحه، وقطع سعد الفرات فلقي جمعا بنرس عليهم بصبهر فقتله زهرة بن حوية.
ثم لقي جمعا بكوثا عليهم الفيرزان فهزمهم الله.
ثم لقي جمعا بدير كعب عليهم الفرجان فهزمهم الله.
ثم سار سعد والمسلمون حتى نزلوا المدائن فافتتحوها.
وقتل سعد بن عبيد ابن النعمان يوم القادسية بعد أشهر.
وفيها حديث.

حدثنا محمد بن عمر قال: حدثنا محمد بن خازم عن الأعمش عن حبيب ابن صبهان قال: كنت مع سعد بن مالك فجاءه رجل فقال: ما يمنعكم من العبور إلا هذه النظفة.
ثم أقحم فرسه فاعترض به دجلة ثم قرأ: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللهِ} [آل عمران: 145] فأقحم الناس خيولهم فلما رآهم الفرس قالوا: دبوان دبوان.
فعبرالنا س لم يفقدوا شيئا إلا قدحا كان معلقا على عذبة السرج، فرأيته يعوم على الماء هو يطفح فأصبنا عسكرهم فيه من الجرب  أمثال الرجال من الكافور، وأصبنا من بقرهم، فذبحنا فجعل الناس يلقون الكافور على اللحم ويقولون: ما أمر ملح العجم.
قال: وأصبنا من آنية الذهب حتى جعل الرجل يشري صفراء ببيضاء يعني ذهبا بفضة.
حدثنا من سمع  أبا محصن عن حصين عن أبي وائل قال: ألجأناهم إلى المدائن فد خلوها، ونزل المسلمون دير المسالح فجعلنا نقاتلهم فقال المسلمون: هؤلاء في البيوت ونحن بالعراء وفي الصحاري فاعبروا بنا إليهم، فعبر المسلمون من فوق المدائن ومن أسفل، أقحمنا في الماء حتى عبرنا إليهم فحاصرناهم في الجانب الشرقي حتى أكلوا فيها الكلاب والسنانير.
فخرجوا على حامية معهم العيال والأثقال فساروا حتى نزلوا جلولاء .
حدثنا من سمع مسلمة عن داود بن أبي هند عن الشعبي قال: أول من أفحم فرسه  دجلة سعد.
وحدثني علي بن محمد عن أبي الذيال عن حميد بن هلال أن أول من عبر هلال بن علفة، ويقال: أول من عبر رجل من عبد القيس.
أبو الحسن عن حباب بن موسى عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش قال: عبر سعد في أربع مائة فكانوا يتحدثون على ظهورها كما يتحدثون على الأرض.
ذكر مسلمة عن المثنى عن أبي عثمان قال: غرق يومئذ رجل كان على فرس شقراء زل عن ظهرها، وخرجت الفرس تنفض عرفها.
ولد سعيد بن المسيب لسنتين خلتا من خلافة عمر، ومات نوفل بن الحارث
لسنتين خلتا من خلافة عمر.
وفي هذه السنة ولى عمر عثمان بن أبي العاصي أرض عمان والبحرين فسار إلى عمان، ووجه أخاه الحكم بن أبي العاصي إلى البحرين.