153 هـ
770 م
سنة ثلاث وخمسين ومائة (ذكر الخبر عما كَانَ فِيهَا من الأحداث)

فمن ذلك تجهيز المنصور جيشا في البحر لحرب الكرك،بعد مقدمه البصرة، منصرفا من مكة إليها بعد فراغه من حجه، وكانت الكرك أغارت على جدة،  …

فلما قدم المنصور البصرة في هذه السنة جهز منها جيشا لحربهم، فنزل الجسر الأكبر حين قدمها- فيما ذكر وقدمته هذه البصرة القدمة الآخرة.
وقيل إنه أنما قدمها القدمة الآخرة في سنة خمس وخمسين ومائة، وكانت قدمته الأولى في سنة خمس وأربعين ومائة، وأقام بها أربعين يوما، وبنى بها قصرا ثم انصرف منها إلى مدينة السلام.
وفيها غضب المنصور على أبي أيوب المورياني، فحبسه وأخاه وبني أخيه:
سعيدا ومسعودا ومخلدا ومحمدا، وطالبهم وكانت منازلهم المناذر، وكان سبب غضبه عليه- فيما قيل- سعي أبان بْن صدقة كاتب أبي أيوب إليه.
وفي هذه السنة قتل عمر بْن حفص بْن عثمان بْن أبي صفرة بإفريقية، قتله أبو حاتم الإباضي وأبو عاد ومن كان معهما من البربر، وكانوا- فيما ذكر- ثلاثمائة ألف وخمسين ألفا، الخيل منها خمسة وثلاثون ألفا، ومعهم أبو قرة الصفري في أربعين ألفا، وكان يسلم عليه قبل ذلك بالخلافة أربعين يوما.
وفيها حمل عباد مولى المنصور وهرثمة بْن أعين ويوسف بْن علوان من خراسان في سلاسل، لتعصبهم لعيسى بْن موسى.
وفيها أخذ المنصور الناس بلبس القلانس الطوال المفرطة الطول، وكانوا- فيما ذكر- يحتالون لها بالقصب من داخل، فقال أبو دلامة:

وكنا نرجي من إمام زيادة *** فزاد الإمام المصطفى في القلانس
تراها على هام الرجال كأنها *** دنان يهود جللت بالبرانس

وفيها توفي عبيد بن بنت أبي ليلى قاضي الكوفة، فاستقضى مكانه شريك ابن عبد الله النخعي.
وفيها غزا الصائفة معيوف بْن يحيى الحجوري، فصار إلى حصن من حصون الروم ليلا، وأهله نيام، فسبى وأسر من كان فيه من المقاتلة، ثم صار إلى اللاذقية المحترقة، ففتحها وأخرج منها ستة آلاف رأس من السبي سوى الرجال البالغين.
وفيها ولى المنصور بكار بْن مسلم العقيلي على أرمينية.
وحج بالناس في هذه السنة محمد بْن أبي جعفر المهدي.
وكان على مكة والطائف يومئذ محمد بْن إبراهيم، وعلى المدينة الحسن بْن زيد بْن الحسن، وعلى الكوفة محمد بْن سليمان، وعلى البصرة يزيد بْن منصور، وعلى قضائها سوار، وعلى مصر محمد بْن سعيد.
وذكر الواقدي أن يزيد بْن منصور كان في هذه السنة والي اليمن من قبل أبي جعفر المنصور.