13 هـ
634 م
سنة ثلاث عشرة

حدثنا بكر عن ابن إسحاق قال: لما قفل أبو بكر عن الحج بعث عمرو بن العاصي قبل فلسطين، ويزيد بن أبي سفيان، …

وأبا عبيدة بن الجراح، وشرحبيل ابن حسنة، وأمرهم أن يسلكوا على البلقاء.
قال ابن إسحاق: وكتب أبو بكر إلى خالد بن الوليد فسار إلى الشام فأغار على غسان بمرج راهط، ثم سار فنزل على قناة بصرى، وقدم عليه يزيد بن أبي سفيان وأبو عبيدة بن الجراح وشرحبيل بن حسنة، فصالحت بصرى فكانت أول مدائن الشام فتحت.
وصالح خالد في وجهه ذلك أهل تدمر.
ومر على حوارين فقتل وسبى، وأغار على قرى غسان بمرج راهط فقتل وسبى.
قال ابن إسحاق: ثم ساروا جميعا قبل فلسطين فالتقوا بأجنادين بين الرملة وبين بيت جبرل، والأمراء كل على جنده، يزعم بعض الناس أن عمرو ابن العاصي كان عليهم جميعا.
وعلى الروم القنقلار فقتل القنقلار وهزم الله المشركين، وذلك يوم السبت لثلاث بقين من جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة.
قال ابن إسحاق: و استشهد يوم أجنادين ممن حفظ عنه الحديث نعيم بن عبد الله النحام العدوي، وهشام بن العاصي بن وائل السهمي.
قال أبو الحسن: واستشهد يومئذ أيضا الفضل بن عباس بن عبد المطلب، وأبان بن سعيد بن العاصي.
قال ابن الكلبي: استشهد يومئذ الفضل بن عباس.
قال ابن إسحاق: في هذه السنة وقعة مرج الصفر يوم الخميس لاثنتي عشرة بقيت من جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة، والأمير خالد بن الوليد وحدثني الوليد بن هشام عن أبيه عن جده قال: استشهد يوم مرج الصفر خالد بن سعيد بن العاصي، ويقال: عمرو بن سعيد بن العاصي قتل أيضا، والفضل بن عباس، وعكرمة بن أبي جهل، ويقال أبان بن سعيد استشهد يومئذ.
قال ابن إسحاق: على المشركين يومئذ فلقط، وقتل من المشركين مقتلة عظيمة وهزمهم الله.
قال ابن إسحاق: ثم التقوا بفحل في ذي القعدة سنة ثلاث عشرة، فهزم الله المشركين، وقتل منهم مقتلة عظيمة، وأقام للناس الحج عبد الرحمن بن عوف.
أمية بن خالد عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر: أن عمر لما استخلف بعث عبد الرحمن بن عوف فحج بالناس، ثم حج عمر بقية إمارته حتى مات وفيها مات أبو بكر رحمة الله عليه ورضوانه.
قال ابن إسحاق: على رأس سنتين وثلاثة أشهر واثني عشر يوما من متوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وحدثني علي بن محمد وأبو اليقظان في آخرين قالوا توفي يوم الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة.
وتوفي أبو بكر وهو ابن ثلاث وستين لا يختلف في سنه.
أبو داود عن زهير عن أبي إسحاق قال: قال عبد الله بن عتبة: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين.
فقال عامر بن سعد: حدثني جرير بن عبد الله عن معاوية قال: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين.
وتوفي أبو بكر وهو ابن ثلاث وستين.
أبو أحمد وسلم عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي السفر عن الشعبي عن معاوية قال: توفي أبو بكر وهو ابن ثلاث وستين.
ابن أبي عدي عن داود عن عامر توفي وهو ابن ثلاث وستين.
عبد الوهاب قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول: سمعت سعيد بن المسيب يقول: توفي وهو ابن ثلاث وستين.
ابن أبي عدي عن حبيب بن الشهيد عن ميمون بن مهران عن يزيد بن الأصم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر: «أنا أكبر أم أنت ؟» قال: بل أنت أكبر وأكرم وخير، وأنا أسن منك.

كانت ولايته سنتين وثلاثة أشهر وعشرين يوما ويقال عشرة أيام، ولد أبو بكر في بيت أبي بكر الذي بمكة.
وفيها بويع عمر.
أم عمر: حنتمة بنت هاشم بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم.
وفيها بويع عمر بن الخطاب فعزل خالد بن الوليد عن الشام، والمثنى بن حارثة عن ناحية السواد سواد الكوفة وقد كان يغير بتلك الناحية.
معاذ عن ابن عون عن محمد قال: لما ولي عمر قال: لأعزلن خالدا حتى يعلم أن الله إنما ينصر دينه.
علي وموسى عن حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه قال: لما
استخلف عمر كتب إلى أبي عبيدة إني قد استعملتك وعزلت خالدا.
خرج أبو بكر من المدينة إلى ذي القصة لقتال أهل الردة واستخلف على المدينة سنانا الضمري، ويقال: أسامة بن زيد وابن مسعود على أنقاب المدينة. تسمية عمال أبي بكر على البحرين: العلاء بن الحضرمي حتى توفي أبو بكر فأقره عمر.

حدثنا الأنصاري عن ابن عون عن موسى بن أنس أن أبا بكر ولى أنسا البحرين.
ووجه أبو بكر عكرمة بن أبي جهل إلى عمان، وكانوا ارتدوا فظهر عليهم، ثم وجه أبو بكر إلى اليمن.
وولى عمان حذيفة العلقاني فلم يزل بها حتى توفي أبو بكر.
ووجه أبو بكر المهاجر بن أمية المخزومي وزياد بن لبيد الأنصاري إلى اليمن.
المهاجر على صنعاء وزياد على ما سوى ذلك من الساحل، وذلك بعد أن حصر أهل النجير وقد كتبنا قصة النجير ويعلى بن أمية على خولان، وأقر أبو بكر عتاب بن أسيد فتوفي أبو بكر وعتاب في يوم واحد.
وأقر أبو بكر عثمان بن أبي العاصي على الطائف، وولى أبو بكر سليط بن قيس على اليمامة، قد كتبنا أمر الشام وقصة خالد بن الوليد بالعراق.
وحج أبو بكر سنة اثنتي عشرة واستخلف على المدينة قتادة بن النعمان الظفري من الأنصار، ويقال استخلف ابن أم مكتوم.
قال ابن إسحاق: ويقال حج عمر بن الخطاب.
قال: ويقال عبد الرحمن بن عوف كاتبه عثمان بن عفان.
وحاجبه رشيد مولاه، ويقال: كتب له زيد بن ثابت أيضا.
وعلى أمره كله.
والقضاء عمر بن الخطاب.
وقد ولى أبا عبيدة بن الجراح بيت المال ثم وجهه إلى الشام.
ومؤذنه: سعد القرظ مولى عمار بن ياسر.
بكر عن ابن إسحاق قال: وفيها بعث عمر أبا عبيد بن مسعود الثقفي إلى العراق، فلقي جابان بين الحيرة والقادسية، ففض جمعه وقتله وأسر أصحابه ففدى جابان نفسه، ثم أغار على كسكر فلقي نرسي فهزمهم الله، ودخل أبو عبيد باروسما فصالحه ابن الأندرد عن كل رأس بأربعة دراهم.
وبعث أبو عبيد المثنى بن حارثة إلى زندورد فحاربوه فقتل وسبى.
وبعث عاصم بن عمرو الأسيدي إلى نهر جوبر وعروة بن زيد الخيل إلى الزوابي فصالحوه على صلح باروسما.
فلما رجعت المرازبة إلى يزدجرد منهزمين شتمهم وأقصاهم ودعا بهمان بن خرهرمزان ذا الحاجب، وعقد له على اثني عشرألفا، ودفع إليه درفش كاربيان وكانوا يتيمنون بها، وأعطاه سلاحا كثيرا، وحمل معه من آلة الحرب أوقارا، ودفع إليه الفيل الأبيض.
وبلغ أبا عبيد مسيرهم، فعبر الفرات وقطع الجسر، وأقبل ذو الحاجب فنزل قس الناطف وبينه وبين أبي عبيد الفرات، فأرسل إلى أبي عبيد: إما أن تعبر إلينا، وإما أن نعبر إليك، فقال أبو عبيد: نعبر إليكم، فعقد له ابن صلوتا الجسر.
وعبر فالتقوا في مضيق، وذلك في آخر شهر رمضان أو أول شوال سنة ثلاث عشرة، وقدم ذو الحاجب جالينوس معه الفيل الأبيض ودرفش كابيان، فاقتتلوا قتالا شديدا، وضرب أبو عبيد مشفر الفيل، وضرب أبو محجن عرقوبه.
وقتل أبو عبيد رحمه الله، وقد كان أبو عبيد قال: إن قتلت فعليكم الجبر ابن أبي عبيد، فإن قتل فعليكم أبو الجبر بن أبي عبيد، فإن قتل فعليكم حبيب بن أبي ربيعة بن عمرو بن عمير، فإن قتل فعليكم أبو قيس بن حبيب بن ربيعة بن عمرو بن عمير، فإن قتل فعليكم عبد الله بن مسعود بن عمرو بن عمير وهو أخو أبي عبيد.
ويقال: أول من جعل إليه الأمر عبد الله بن مسعود، فقتل جميع الأمراء، وأخذ المثنى بن حارثة الراية، واستحر القتل في المسلمين.
فمضوا نحو الجسر، وحماهم المثنى بن حارثة وعروة بن زيد والكلح الضبي وعاصم بن عمرو الأسيدي وعمرو بن الصلت السلمي حتى انتهوا إلى الجسر وقد سبقهم إليه عبد الله بن يزيد الخطمي، ويقال عبد: الله بن يزيد الثقفي، فقطع الجسر، وقال: قاتلوا عن دينكم فاقتحم الناس الفرات فغرق ناس كثير ثم عقد المثنى الجسر وعبر المسلمون، واستشهد يومئذ ألف وثما ن مائة وقال: أربعة آلاف بين قتيل وغريق، وانحاز بالناس المثنى بن حارثة الشيباني، فبعث عمر جرير بن عبد الله البجلي.
وقال الوليد بن هشام عن أبيه عن جده نحو ذلك.
قال أبو عبيدة: مات أبو بكر والعلاء بن الحضرمي محاصر أهل الزارة فأقره عمر، فبارز مرزبان الزارة البراء بن مالك فقتله البراء فأخذ سلاحه ومنطقته فبلغ ثلاثين ألفا، وقال: هذا مالي فخمسة عمر، ثم خرج رجل إلى العلاء فاستأمنه فدله على عين خارجة من الزارة، كانوا يشربون منها فسدها العلاء من خارج، فصالحوه على أن له ثلث المدينة وثلث ما فيها من الذهب والفضة.
وغزا العلاء مدينة الغابة  فقتل من بها من العجم.
وأقام الحج سنة ثلاث عشرة عبد الرحمن بن عوف.