21 هـ
641 م
سنة إحدى وعشرين

فيها وقعة نهاوند حدثنا الأنصاري قال: نا النهاس بن فهم عن القاسم بن عوف عن أبيه عن رجل عن السائب بن الأقرع قال: …

زحف للمسلمين زحف لم يزحف لهم بمثله قط، زحف لهم أهل ماه وأهل أصبهان وأهل همذان وأهل الري وأهل قومس وأهل أذربيجان وأهل نهاوند، فبلغ عمر الخبر فشاور المسلمين فاختلفوا، ثم قال علي: يا أمير المؤمنين ابعث إلى أهل الكوفة فليسر ثلثاهم، وتدع ثلثهم فيحفظ ذراريهم، وتبعث إلى أهل البصرة.
فقال: أشيروا علي من استعمل عليهم ؟ فقالوا: يا أمير المؤمنين أنت أفضلنا رأيا وأعلمنا بأهلك، فقال: لأستعملن عليهم رجلا يكون لأول أسنة يلقاها، يا سائب اذهب بكتابي هذا إلى النعمان بن مقرن، فليسر بثلثي أهل الكوفة وليبعث إلى أهل البصرة، وأنت على ما أصابوا من غنيمة، ولا ترفع إلي باطلا، ولا تحبس عن أحد حظا هو له، فإن قتل النعمان فحذيفة فإن قتل حذيفة فجرير، فإن قتل ذلك الجيش فلا أراك.
فحدثنا موسى بن إسماعيل قال: نا حماد  بن سلمة قال: نا أبو عمران الجوني عن علقمة بن عبد الله المزني عن معقل بن يسار: أن عمر شاور
الهرمزان في أصبهان وفارس وأذربيجان بأيتهن يبدأ ؟ فقال الهرمزان: أصبهان الرأس، وفارس وأذربيجان الجناحان، فإن قطعت أحد الجناحين مال الرأس بالجناح الآخر، وإن قطعت الرأس وقع الجناحان، فدخل عمر المسجد فإذا هو بالنعمان بن مقرن يصلي فسرحه، وبعث إلى أهل الكوفة أن يمدوه فذهبوا ومعه حذيفة بن اليمان والزبير بن العوام والمغيرة بن شعبة والأشعث بن قيس وعمرو بن معد ي كرب وابن عمر حتى أتوا نهاوند.
رجع إلى حديث السائب قال: التقوا بنهاوند يوم الأربعاء، فكان في المجنبة اليمنى انكشاف، وثبتت المجنبة اليسرى وثبت الصف، ثم التقوا يوم الخميس فكان في المجنبة اليسرى انكشاف، وثبتت المجنبة اليمنى والنصف.
ثم التقوا يوم الجمعة فأقبل النعمان بن مقرن على بريذين أحوى قريب من الأرض يقف على أهل كل راية فيخطبهم ويحضهم ويقول: إن هؤلاء القوم قد أخطروا لكم خطرا وأخطر تم لهم خطرا عظيما، أخطروا لكم يواليق ورثة، وأخطرتم لهم الإسلام وذراريكم فلا أعرفن رجلا، وكل قرنه إلى غيره فإن ذلك لؤم، ولكن شغل كل رجل منكم قرنه.
إني هاز الراية فليرم كل رجل منكم من ضيعته وليتيسر.
ثم هازها الثانية فليقف كل رجل منكم موقفه.
ثم هازها الثالثة فحامل فاحملوا على بركة الله، ولا يتلفت أحد منكم.
فكان النعمان أول قتيل، وأخذ حذيفة الراية ففتح الله عليهم.
رجع إلى حديث حماد بن أبي عمران عن علقمة عن معقل بن يسار قال: قال النعمان: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال حتى تزول الشمس وتهب الرياح وينزل النصر.
فقال النعمان: إني هاز اللواء ثلاث مرات فالهزة الأولى فليقض الرجل حاجته وليتوضأ، والهزة الثانية فليرم الرجل ثيابه  وسلاحه، والهزة الثالثة فاحملوا ولا يلوي أحد على أحد، فإن قتل النعمان فلا يلوي عليه أحد، وإني داع الله بدعوة، فعزمت على امرئ إلا أمن عليها فقال: اللهم ارزق النعمان شهادة بنصر المسلمين وفتح عليهم، فامن القوم، فهز اللواء ثلاث هزات وحمل وحمل الناس فكان أول صريع.
وفيها نزل عثمان بن أبي العاصي توج ومصرها.
وبعث سوار بن هبار العبدي إلى سأبور فقتل في عقبة الطين.
وأغار عثمان على سيف البحر والسواحل، وبعث عثمان الجارود فقتل بعقبة الجارود.
وفيها وجه سعد النعمان ابن مقرن إلى كسكر فصالح أهل زندورد.
وفيها شكا أهل الكوفة سعد بن مالك إلى عمر فعزله.
وولى عمار بن ياسر الصلاة، وابن مسعود بيت المال، وعثمان ابن حنيف مساحة الأرض.
وفيها مات بلال مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفيها ماتت زينب بنت جحش زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفيها مات أسيد بن حضير، ويقال: أبو الهيثم بن التيهان مات فيها أيضا.
ويقال: أبو الهيثم أدرك صفين وهو خطأ.
قال الأصمعي: سألت قومه فقالوا: مات في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفيها ولد الحسن بن أبي الحسن وعامر الشعبي.
وحدثنا الوليد بن هشام قال: نا عمر عن زياد الأعجم قال: قدم علينا أبو موسى بكتاب عمر فقرئ علينا: (من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى عثمان بن أبي العاصي سلام عليك.
أما بعد: فإني قد أمددتك بعبد الله بن قيس، فإذا التقيتما فعثمان الأمير وتطاوعا والسلام).
قال زياد الأعجم: لما طال حصار إصطخر قال عثمان لأبي موسى: إني أريد أن أبعث أمراء إلى هذه  الرساتيق حولنا يغيرون عليها، فما ظفروا به من شئ قاسموه أهل العسكر المقيمين على المدينة.
فقال أبو موسى: لا أرى ذلك أن يقاسموه، ولكن يكون لهم، فقال عثمان: إن فعلت هذا لم يبق على المدينة أحد خفوا كلهم ورجوا الغنيمة فأجمع المسلمون على رأي عثمان.
وفيها مات خالد بن الوليد بالشام رحمه الله.
قال الوليد: وفيها افتتحت إسكندرية، افتتحها عمرو بن العاصي.
حدثنا يحيى بن عبد الرحمن عن عبد الله بن وهب قال: نا حرملة بن عمران أن أبا تميم حدثه أنه شهد فتح الإسكندرية الآخرة وعليهم عمرو بن العاصي.