29 هـ
650 م
ذكر مَا كَانَ فِيهَا من الأحداث المشهورة

ففيها عزل عُثْمَان أبا مُوسَى الأَشْعَرِيّ عن الْبَصْرَةِ، وَكَانَ عامله عَلَيْهَا ست سنين، وولاها عَبْد اللَّهِ بن عَامِر بن كريز، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابن خمس وعشرين سنة، …

فقدمها وَقَدْ قيل: إن أبا مُوسَى إنما عمل لِعُثْمَانَ عَلَى الْبَصْرَة ثلاث سنين.
وذكر عَلِيّ بن مُحَمَّدٍ أن محاربا أخبره، عن عوف الأعرابي، قَالَ: خرج غيلان بن خرشة الضبي إِلَى عُثْمَانَ بن عَفَّانَ، فَقَالَ: أما لكم صغير فتستشبوه فتولوه الْبَصْرَة! حَتَّى متى يلي هَذَا الشيخ الْبَصْرَة! يعني أبا مُوسَى، وَكَانَ وليها بعد موت عمر ست سنين.
قَالَ: فعزله عُثْمَان عنها، وبعث عَبْد اللَّهِ بن عَامِر بن كريز بن رَبِيعَة ابن حبيب بن عبد شمس، وأمه دجاجة ابنة أسماء السلمي، وَهُوَ ابن خال عُثْمَان بن عَفَّانَ قَالَ مسلمة: فقدم الْبَصْرَة، وَهُوَ ابن خمس وعشرين سنة، سنة تسع وعشرين.

ذكر الخبر عن سبب عزل عُثْمَان أبا مُوسَى عن الْبَصْرَة
كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، يَذْكُرُ أَنَّ شُعَيْبًا حَدَّثَهُ، عَنْ سَيْفٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَطَلْحَةَ، قَالا: لَمَّا وَلِيَ عُثْمَانُ أَقَرَّ أَبَا مُوسَى عَلَى الْبَصْرَةِ ثَلاثَ سِنِينَ، وَعَزَلَهُ فِي الرَّابِعَةِ، وَأَمَّرَ عَلَى خُرَاسَانَ عُمَيْرَ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ سَعْدٍ، وَعَلَى سِجِسْتَانَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَيْرٍ الليثى- وهو من كنانه- فَأَثْخَنَ فِيهَا إِلَى كَابُلَ، وَأَثْخَنَ عُمَيْرٌ فِي خُرَاسَانَ حَتَّى بَلَغَ فَرْغَانَةَ، فَلَمْ يَدَعْ دُونَهَا كُورَةً إِلا أَصْلَحَهَا، وَبَعَثَ إِلَى مُكْرَانَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْمَرٍ التَّيْمِيَّ، فَأَثْخَنَ فِيهَا حَتَّى بلغ النهر وَبَعَثَ عَلَى كَرْمَانَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ غُبَيْسٍ، وَبَعَثَ إِلَى فَارِسٍ وَالأَهْوَازِ نَفَرًا، وَضَمَّ سَوَادَ الْبَصْرَةِ إِلَى الْحُصَيْنِ بْنِ أَبِي الْحُرِّ، ثُمَّ عَزَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَيْرٍ، وَاسْتَعْمَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرٍ فَأَقَرَّهُ عَلَيْهَا سَنَةً ثُمَّ عَزَلَهُ، وَاسْتَعْمَلَ عَاصِمَ بْنَ عَمْرٍو، وَعَزَلَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ غُبَيْسٍ، وَأَعَادَ عَدِيَّ بْنَ سُهَيْلِ بْنِ عَدِيٍّ.
وَلَمَّا كَانَ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ كَفَرَ أَهْلُ إِيذَجَ وَالأَكْرَادِ، فَنَادَى أَبُو مُوسَى فِيي النَّاسِ، وَحَضَّهُمْ وَنَدَبَهُمْ، وَذَكَرَ مِنْ فَضْلِ الْجِهَادِ فِي الرَّجْلَةِ، حَتَّى حَمَلَ نَفَرٌ عَلَى دَوَابِّهِمْ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنْ يَخْرُجُوا رِجَالا وَقَالَ آخَرُونَ: لا وَاللَّهِ لا نَعْجَلُ بِشَيْءٍ حَتَّى نَنْظُرَ مَا صَنِيعُهُ؟ فَإِنْ أَشْبَهَ قَوْلَهُ فِعْلُهُ فَعَلْنَا كَمَا فَعَلَ أَصْحَابُنَا.
فَلَمَّا كَانَ يَوْمٌ خَرَجَ أَخْرَجَ ثِقَلَهُ مِنْ قَصْرِهِ عَلَى أَرْبَعِينَ بَغْلا، فَتَعَلَّقُوا بِعِنَانِهِ،، وَقَالُوا: احْمِلْنَا عَلَى بَعْضِ هَذِهِ الْفُضُولِ، وَارْغَبْ مِنَ الرَّجْلَةِ فِيمَا رَغَّبْتَنَا فِيهِ، فَقَنَعَ الْقَوْمَ حَتَّى تَرَكُوا دَابَّتَهُ وَمَضَى، فَأَتَوْا عُثْمَانَ، فَاسْتَعْفُوهُ مِنْهُ، وَقَالُوا: مَا كُلُّ مَا نَعْلَمُ نُحِبُّ أَنْ نَقُولَهُ، فَأَبْدِلْنَا بِهِ، فَقَالَ: مَنْ تُحِبُّونَ؟ فَقَالَ غَيْلانُ بْنُ خَرَشَةَ: فِي كُلِّ أَحَدٍ عِوَضٌ مِنْ هَذَا الْعَبْدِ الَّذِي قَدْ أَكَلَ أَرْضَنَا، وَأَحْيَا أَمْرَ الْجَاهِلِيَّةِ فِينَا، فَلا نَنْفَكُّ مِنْ أَشْعَرِيٍّ كَانَ يُعَظِّمَ مُلْكَهُ عَنِ الأَشْعَرِينَ، وَيَسْتَصْغِرُ مَلِكَ الْبَصْرَةِ، وَإِذَا أَمَّرْتَ عَلَيْنَا صَغِيرًا كَانَ فِيهِ عِوَضٌ مِنْهُ، أَوْ مُهْتَرًّا كَانَ فِيهِ عِوَضٌ مِنْهُ، وَمَنْ بَيْنَ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ خَيْرٌ مِنْهُ.
فَدَعَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرٍ وَأَمَّرَهُ عَلَى الْبَصْرَةِ، وَصَرَفَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْمَرٍ إِلَى فَارِسٍ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى عَمَلِهِ عُمَيْرَ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ سَعْدٍ فَاسْتَعْمَلَ عَلَى خُرَاسَانَ فِي سَنَةَ أَرْبَعٍ أَمِينَ بْنَ أَحْمَرَ الْيَشْكُرِيَّ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى سِجِسْتَانَ فِي سَنَةَ أَرْبَعٍ عِمْرَانَ بْنَ الْفَصِيلِ الْبُرْجُمُيَّ، وَعَلَى كَرْمَانَ عَاصِمَ بْنَ عَمْرٍو، فَمَاتَ بِهَا.
فَجَاشَتْ فَارِسٌ، وَانْتَقَضَتْ بِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ، فَاجْتَمَعُوا لَهُ بِإِصْطَخَرَ،، فَالْتَقَوْا عَلَى بَابِ إِصْطَخَرَ، فَقُتِلَ عُبَيْدُ اللَّهِ وَهُزِمَ جُنْدُهُ، وَبَلَغَ الخبر عبد الله ابن عَامِرٍ، فَاسْتَنْفَرَ أَهْلَ الْبَصْرَةِ، وَخَرَجَ مَعَهُ النَّاسُ، وعلى مقدمته عثمان ابن أَبِي الْعَاصِ، فَالْتَقَوْا هُمْ وَهُمْ بِإِصْطَخَرَ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ لَمْ يَزَالُوا مِنْهَا فِي ذُلٍّ، وَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى عُثْمَانَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِإِمْرَةِ هِرَمِ بْنِ حَسَّانٍ الْيَشْكُرِيِّ، وَهَرَمِ بْنِ حَيَّانَ الْعَبْدِيِّ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ، والخريت بن راشد من بنى سامه، وَالْمُنْجَابِ بْنِ رَاشِدٍ، وَالتَّرْجُمَانِ الْهُجَيْمِيِّ، عَلَى كُوَرِ فَارِسٍ، وَفَرَّقَ خُرَاسَانَ بَيْنَ نَفَرٍ سِتَّةٍ: الأَحْنَفُ عَلَى الْمُرْوَيْنِ، وَحَبِيبُ بْنُ قُرَّةَ الْيَرْبُوعِيُّ عَلَى بَلْخَ- وَكَانَتْ مِمَّا افْتَتَحَ أَهْلُ الْكُوفَةِ- وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُهَيْرٍ عَلَى هَرَاةَ، وَأَمِينُ بْنُ أَحْمَدَ الْيَشْكُرِيُّ عَلَى طُوسٍ، وَقَيْسُ بن الهيثم السُّلَمِيُّ عَلَى نَيْسَابُورَ- وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ خَرَجَ- وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَازِمٍ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّهِ ثُمَّ إِنَّ عُثْمَانَ جَمَعَهَا لَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ، فَمَاتَ وَقَيْسٌ عَلَى خُرَاسَانَ، وَاسْتَعْمَلَ أَمِينَ بْنَ أَحْمَرَ عَلَى سِجِسْتَانَ، ثُمَّ جَعَلَ عَلَيْهَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ- وَهُوَ مِنْ آلِ حَبِيبِ ابن عَبْدِ شَمْسٍ، فَمَاتَ عُثْمَانُ وَهُوَ عَلَيْهَا، وَمَاتَ وعمران على كرمان- وعمير ابن عُثْمَانَ بْنِ سَعْدٍ عَلَى فَارِسٍ، وَابْنُ كُنْدِيرٍ الْقُشَيْرِيُّ عَلَى مُكْرَانَ.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَشْيَاخِهِ، قَالَ:
قَالَ غَيْلانُ بْنُ خَرَشَةَ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ: أَمَا مِنْكُمْ خَسِيسٌ فَتَرْفَعُوهُ! أَمَاا مِنْكُمْ فَقِيرٌ فَتُجِيرُوهُ! يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، حَتَّى مَتَى يَأْكُلُ هَذَا الشَّيْخُ الأَشْعَرِيُّ هَذِهِ الْبِلادَ! فَانْتَبَهَ لَهَا الشَّيْخُ، فَوَلاهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرٍ.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ، قال: ولى عثمان ابن عَامِرٍٍ الْبَصْرَةَ، فَقَالَ الْحَسَنُ: قَالَ أَبُو مُوسَى: يَأْتِيكُمْ غُلامٌ خَرَّاجٌ وَلاجٌ كَرِيمُ الْجَدَّاتِ وَالْخَالاتِ وَالْعَمَّاتِ، يُجْمَعُ لَهُ الْجُنْدَانِ قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ: فَقَدِمَ ابْنُ عَامِرٍ، فَجُمِعَ لَهُ جُنْدُ أَبِي مُوسَى وَجُنْدُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ، وَكَانَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ فِيمَنْ عَبَرَ مِنْ عُمَانَ وَالْبَحْرَيْنِ.
كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة، قالا:
وفد قيس بن هيثم عَبْد اللَّهِ بن خازم إِلَى عَبْد اللَّهِ بن عَامِر فِي زمانن عُثْمَان، وَكَانَ عَبْد اللَّهِ بن خازم عَلَى عَبْد اللَّهِ بن عَامِر كريما، فَقَالَ لَهُ: اكتب لي عَلَى خُرَاسَان عهدا إن خرج منها قيس بن الهيثم ففعل، فرجع إِلَى خُرَاسَان، فلما قتل عُثْمَان وبلغ الناس الخبر، وجاش العدو لذلك، قَالَ قيس: مَا ترى يَا عَبْد اللَّهِ؟ قَالَ: أَرَى أن تخلفني وَلا تخلف عن المضي حَتَّى تنظر فِيمَا تنظر ففعل واستخلفه، فأخرج عَبْد اللَّهِ عهد خلافته، وثبت عَلَى خُرَاسَان إِلَى أن قام علي رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، وكانت أم عَبْد اللَّهِ عجلى، فَقَالَ قيس: أنا كنت أحق أن أكون ابن عجلى من عَبْد اللَّهِ، وغضب مما صنع بِهِ الآخر.
وفي هَذِهِ السنة افتتح عَبْد اللَّهِ بْن عَامِر فارس فِي قول الْوَاقِدِيّ وفي قولل أبي معشر، حَدَّثَنِي بقول أبي معشر أَحْمَد بن ثَابِت، عمن حدثه، عن إسحاق ابن عِيسَى، عنه وأما قول سيف فقد ذكرناه قبل.

[أخبار متفرقة]
وفي هَذِهِ السنة- أعني سنة تسع وعشرين- زاد عثمان في مسجدد رسول الله صلى الله عليه وسلم ووسعه، وابتدأ فِي بنائه فِي شهر ربيع الأول، وكانت القصة تحمل إِلَى عُثْمَانَ من بطن نخل، وبناه بالحجارة المنقوشة، وجعل عمده من حجارة فِيهَا رصاص، وسقفه ساجا، وجعل طوله ستين ومائة ذراع، وعرضه مائة وخمسين ذراعا، وجعل أبوابه عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ عَلَى عهد عمر، ستة أبواب.
وحج بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السنة عُثْمَان، فضرب بمنى فسطاطا، فكان أولل فسطاط ضربه عُثْمَان بمنى، وأتم الصَّلاة بِهَا وبعرفة.
فَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ صَالِحِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْءَمَةَ، قَالَ:: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إِنَّ أَوَّلَ مَا تَكَلَّمَ النَّاسُ فِي عُثْمَانَ ظَاهِرًا أَنَّهُ صَلَّى بِالنَّاسِ بِمِنًى فِي وِلايَتِهِ رَكْعَتَيْنِ، حَتَّى إِذَا كَانَتِ السَّنَةُ السَّادِسَةُ أَتَمَّهَا، فَعَابَ ذلك غير واحد من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وَتَكَلَّمَ فِي ذَلِكَ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يُكْثِرَ عَلَيْهِ، [حَتَّى جَاءَهُ عَلِيٌّ فِيمَنْ جَاءَهُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا حَدَثَ أَمْرٌ وَلا قَدِمَ عَهْدٌ، ولقد عهدت نبيك صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَبَا بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرَ، وَأَنْتَ صَدْرًا مِنْ وِلايَتِكَ، فَمَا أَدْرِي مَا تَرْجِعُ إِلَيْهِ!] فَقَالَ: رَأْيٌ رَأَيْتُهُ قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أَبِي سُفْيَانَ الثَّقَفِيِّ، عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: صَلَّى عُثْمَانُ بِالنَّاسِ بمنى أَرْبَعًا، فَأَتَى آتٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي أَخِيكَ؟ قَدْ صَلَّى بِالنَّاسِ أَرْبَعًا! فَصَلَّى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِأَصْحَابِهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ لَهُ: أَلَمْ تُصَلِّ فِي هَذَا الْمَكَانِ مَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: أَفَلَمْ تُصَلِّ مَعَ أَبِي بَكْرٍ رَكْعَتَيْنِ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: أَفَلَمْ تُصَلِّ مَعَ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: أَلَمْ تُصَلِّ صَدْرًا مِنْ خِلافَتِكَ رَكْعَتَيْنِ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَاسْمَعْ مِنِّي يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، إِنِّي أُخْبِرْتُ أَنَّ بَعْضَ مَنْ حَجَّ مِنْْ أَهْلِ الْيَمَنِ وَجُفَاةِ النَّاسِ قَدْ قَالُوا فِي عَامِنَا الْمَاضِي: إِنَّ الصَّلاةَ لِلْمُقِيمِ رَكْعَتَانِ، هَذَا إِمَامُكُمْ عُثْمَانُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَقَدِ اتَّخَذْتُ بِمَكَّةَ أَهْلا، فَرَأَيْتُ أَنْ أُصَلِّيَ أَرْبَعًا لِخَوْفِ مَا أَخَافُ عَلَى النَّاسِ، وَأُخْرَى قَدِ اتَّخَذْتُ بِهَا زَوْجَةً، وَلِي بِالطَّائِفِ مَالٌ، فَرُبَّمَا أَطْلَعْتُهُ فَأَقَمْتُ فيه بعد الصدر فقال عبد الرحمن ابن عَوْفٍ: مَا مِنْ هَذَا شَيْءٌ لَكَ فِيهِ عُذْرٌ، أَمَّا قَوْلُكَ: اتَّخَذْتَ أَهْلا، فَزَوْجَتُكَ بِالْمَدِينَةِ تَخْرُجُ بِهَا إِذَا شِئْتَ وَتَقْدَمُ بِهَا إِذَا شِئْتَ، إِنَّمَا تَسْكُنُ بِسُكْنَاكَ وَأَمَّا قَوْلُكَ: وَلِي مَالٌ بِالطَّائِفِ، فَإِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الطَّائِفِ مَسِيرَةَ ثَلاثِ لَيَالٍ وَأَنْتَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ وَأَمَّا قَوْلُكَ: يَرْجِعُ مَنْ حَجَّ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ وَغَيْرُهُمْ فَيَقُولُونَ: هَذَا إِمَامُكُمْ عُثْمَانُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ مُقِيمٌ، فَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ وَالنَّاسُ يَوْمَئِذٍ الإِسْلامُ فِيهِمْ قَلِيلٌ، ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ مِثْلُ ذَلِكَ، ثُمَّ عُمَرُ، فَضَرَبَ الإِسْلامُ بِجِرَانِهِ، فَصَلَّى بِهِمْ عُمَرُ حَتَّى مَاتَ رَكْعَتَيْنِ، فَقَالَ عُثْمَانُ: هَذَا رَأْيٌ رَأَيْتُهُ.
قَالَ: فَخَرَجَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَلَقِيَ ابْنَ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: أَبَا مُحَمَّدٍ، غَيَّرَ مَا يَعْلَمُ؟؟ قَالَ: لا، قَالَ: فَمَا أَصْنَعُ؟ قَالَ: اعْمَلْ أَنْتَ بِمَا تَعْلَمُ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الْخِلافُ شَرٌّ، قَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ صَلَّى أَرْبَعًا فَصَلَّيْتُ بِأَصْحَابِي أَرْبَعًا، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: قَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ صَلَّى أَرْبَعًا، فَصَلَّيْتُ بِأَصْحَابِي رَكْعَتَيْنِ، وَأَمَّا الآنَ فَسَوْفَ يَكُونُ الَّذِي تَقُولُ- يعنى نصلى معه أربعا.