22 هـ
643 م
ذكر تعديل الفتوح بين اهل الكوفه والبصره

ذكر الخبر بذلك:
وفي هذه السنة عدل عمر فتوح أهل الكوفة والبصرة بينهم …

كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سيف، عن مُحَمَّدٍ وَطَلْحَةَ وَالْمُهَلَّبِ وَعَمْرٍو، وَسَعِيدٍ، قَالُوا: أَقَامَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ عَامِلا عَلَى الْكُوفَةِ سَنَةً في اماره عُمَرَ وَبَعْضَ أُخْرَى وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ سُرَاقَةَ وهو يومئذ على البصره الى عمر ابن الْخَطَّابِ يَذْكُرُ لَهُ كَثْرَةَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَعَجْزَ خَرَاجِهِمْ عَنْهُمْ، وَيَسْأَلُهُ أَنْ يُزِيدَهُمْ أَحَدَ الْمَاهَيْنِ أَوْ مَاسَبَذَانَ وَبَلَغَ ذَلِكَ أَهْلَ الْكُوفَةِ، فَقَالُوا لِعَمَّارٍ: اكْتُبْ لَنَا إِلَى عُمَرَ أَنَّ رَامَهُرْمُزَ وَإِيذَجَ لَنَا دُونَهُمْ، لَمْ يُعِينُونَا عَلَيْهِمَا بِشَيْءٍ، وَلَمْ يَلْحَقُوا بِنَا حَتَّى افْتَتَحْنَاهُمَا، فَقَالَ عَمَّارٌ: مَا لِي وَلِمَا هَاهُنَا! فَقَالَ لَهُ عُطَارِدٌ: فَعَلامَ تَدَعُ فَيْئَنَا أَيُّهَا الْعَبْدُ الأَجْدَعُ! فَقَالَ: لَقَدْ سَبَبْتَ أَحَبَّ أُذُنَيَّ إِلَيَّ وَلَمْ يَكْتُبْ فِي ذَلِكَ فَأَبْغَضُوهُ، وَلَمَّا أَبَى أَهْلُ الْكُوفَةِ إِلا الْخُصُومَةَ فِيهِمَا لأَهْلِ الْبَصْرَةِ شَهِدَ لَهُمْ أَقْوَامٌ عَلَى أَبِي مُوسَى، أَنَّهُ قَدْ كَانَ أَمَّنَ أَهْلَ رَامَهُرْمُزَ وَإِيذَجَ، وَأَنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ وَالنُّعْمَانِ رَاسَلُوهُمْ وَهُمْ فِي أَمَانٍ فَأَجَازَ لَهُمْ عُمَرُ ذَلِكَ، وَأَجْرَاهَا لأَهْلِ الْبَصْرَةِ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ وَادَّعَى أَهْلُ الْبَصْرَةِ فِي إِصْبَهَانَ قَرْيَاتٍ افْتَتَحَهَا أَبُو مُوسَى دُونَ جَيٍّ، أَيَّامَ أَمَدَّهُمْ بِهِمْ  عُمَرُ إِلَى عَبْدِ اللَّه بْن عَبْدِ اللَّه بْنِ عُتْبَانَ، فَقَالَ أَهْلُ الْكُوفَةِ: أَتَيْتُمُونَا مَدَدًا وَقَدِ افْتَتَحْنَا الْبِلادَ، فَآسَيْنَاكُمْ فِي الْمَغَانِمِ، وَالذِّمَّةُ ذِمَّتُنَا، وَالأَرْضُ أَرْضُنَا، فَقَالَ عُمَرُ: صَدَقُوا ثُمَّ إِنَّ أَهْلَ الأَيَّامِ وَأَهْلَ الْقَادِسِيَّةِ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ أَخَذُوا فِي أَمْرٍ آخَرَ حَتَّى قَالُوا: فَلْيُعْطُونَا نَصِيبَنَا مِمَّا نَحْنُ شُرَكَاؤُهُمْ فِيهِ مِنْ سَوَادِهِمْ وَحَوَاشِيهِ فَقَالَ لَهُمْ عُمَرُ: أَتَرْضَوْنَ بِمَاهٍ؟ وَقَالَ لأَهْلِ الْكُوفَةِ: أَتَرْضَوْنَ أَنْ نُعْطِيَهُمْ مِنْ ذَلِكَ أَحَدِ الْمَاهَيْنِ؟ فَقَالُوا: مَا رَأَيْتَ أَنَّهُ يَنْبَغِي فَاعْمَلْ بِهِ، فَأَعْطَاهُمْ مَاهَ دِينَارٍ بِنَصِيبِهِمْ لِمَنْ كَانَ شَهِدَ الأَيَّامَ وَالْقَادِسِيَّةَ مِنْهُمْ إِلَى سواد البصره ومهرجانقذق، وَكَانَ ذَلِكَ لِمَنْ شَهِدَ الأَيَّامَ وَالْقَادِسِيَّةَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَلَمَّا وَلِيَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ- وَكَانَ مُعَاوِيَةُ هُوَ الَّذِي جَنَّدَ قِنَّسْرِينَ من رافضه العراقين ايام على، وانما كانت قنسرين رستاقا مِنْ رَسَاتِيقِ حِمْصَ حَتَّى مَصَّرَهَا مُعَاوِيَةُ وَجَنَّدَهَا بمن ترك الْكُوفَةَ وَالْبَصْرَةَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَأَخَذَ لَهُمْ مُعَاوِيَةُ بِنَصِيبِهِمْ مِنْ فُتُوحِ الْعِرَاقِ أَذْرَبَيْجَانَ وَالْمَوْصِلَ وَالْبَابَ، فَضَمَّهَا فِيمَا ضَمَّ، وَكَانَ أَهْلُ الْجَزِيرَةِ وَالْمَوْصِلِ يَوْمَئِذٍ نَاقِلَةً رُمِيَتَا بِكُلِّ مَنْ كَانَ تَرَكَ هِجْرَتَهُ مِنْ أَهْلِ الْبَلْدَيْنِ، وَكَانَتِ الْبَابُ واذربيجان والجزيرة وَالْمَوْصِلُ مِنْ فُتُوحِ أَهْلِ الْكُوفَةِ- نَقَلَ ذَلِكَ إِلَى مَنِ انْتَقَلَ مِنْهُمْ إِلَى الشَّامِ أَزْمَانَ عَلِيٍّ، وَإِلَى مَنْ رُمِيَتْ بِهِ الْجَزِيرَةُ وَالْمَوْصِلُ مِمَّنْ كَانَ تَرَكَ هِجْرَتَهُ أَيَّامَ عَلِيٍّ، وَكَفَرَ أَهْلُ أَرْمِينِيَّةَ زَمَانَ مُعَاوِيَةَ، وَقَدْ أَمَّرَ حَبِيبَ بْنَ مَسْلَمَةَ عَلَى الْبَابِ- وَحَبِيبٌ يَوْمَئِذٍ بِجَرْزَانَ- وَكَاتَبَ أَهْلُ تَفْلِيسَ وَتِلْكَ الْجِبَالِ، ثُمَّ نَاجَزَهُمْ، حَتَّى اسْتَجَابُوا وَاعْتَقَدُوا مِنْ حَبِيبٍ وَكَتَبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ كِتَابًا بَعْدَ مَا كَاتَبَهُمْ:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مِنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ إِلَى اهل تفليس من جرزان ارض الهرمز وسلم أَنْتُمْ، فَإِنِّي أَحْمَدُ اللَّهَ إِلَيْكُمُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ، فَإِنَّهُ قَدْ قَدِمَ عَلَيْنَا رَسُولُكُمْ تَفَلَّى، فَبَلَّغَ عَنْكُمْ، وَأَدَّى الَّذِي بَعَثْتُمْ وَذَكَرَ تَفَلَّى عَنْكُمْ أَنَّا لَمْ نَكُنْ أُمَّةً فِيمَا تَحْسَبُونَ، وَكَذَلِكَ كُنَّا حَتَّى هَدَانَا اللَّهُ عز وجل بمحمد صلى الله عليه وسلم، وَأَعَزَّنَا بِالإِسْلامِ بَعْدَ قِلَّةٍ وَذِلَّةٍ وَجَاهِلِيَّةٍ وَذَكَرَ تفلى أَنَّكُمْ أَحْبَبْتُمْ سِلْمَنَا فَمَا كَرِهْتُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعِي، وَقَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكُمْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جُزْءٍ السُّلَمِيَّ، وَهُوَ مِنْ أَعْلَمِنَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِاللَّهِ وَأَهْلِ الْقُرْآنِ، وَبَعَثْتُ مَعَهُ بِكِتَابِي بِأَمَانِكُمْ، فَإِنْ رَضِيتُمْ دَفَعَهُ إِلَيْكُمْ، وَإِنْ كَرِهْتُمْ آذَنَكُمْ بِحَرْبٍ عَلَى سَوَاءٍ {إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلخَائِنِينَ} [الأنفال: 58]:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
هَذَا كِتَابٌ مِنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ لأَهْلِ تَفْلِيسَ مِنْ جُرْزَانِ أَرْضِ الْهُرْمُزِ، بِالأَمَانِ عَلَى انفسكم وأموالكم وَصَوَامِعِكُمْ وَبِيَعِكُمْ وَصَلَوَاتِكُمْ، عَلَى الإِقْرَارِ بِصِغَارِ الْجِزْيَةِ، عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ دِينَارٌ وَافٍ، وَلَنَا نُصْحُكُمْ وَنَصْرُكُمْ عَلَى عَدُوِّ اللَّهِ وَعَدُوِّنَا، وَقِرَى الْمُجْتَازِ لَيْلَةً مِنْ حَلالِ طَعَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَحَلالِ شَرَابِهِمْ، وَهِدَايَةِ الطَّرِيقِ فِي غَيْرِ مَا يَضُرُّ فِيهِ بِأَحَدٍ مِنْكُمْ.
فَإِنْ أَسْلَمْتُمْ وَأَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ، فَإِخْوَانُنَا فِي الدِّينِ وَمَوَالِينَا، وَمَنْ تَوَلَّى عَنِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَكُتُبِهِ وَحِزْبِهِ فَقَدْ آذَنَّاكُمْ بِحَرْبٍ عَلَى سَوَاءٍ،{إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلخَائِنِينَ} [الأنفال: 58] شَهِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، وَالْحَجَّاجُ، وعياض وكتب رياح، وَأُشْهِدُ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا، {وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً} [النساء: 79].