التاريخ غير متوفر لهذا الحدث ذكر الخبر عن الأسباب التي حدثت عند إرادة الله إزالة ملك فارس عن أهل فارس

ووطأتها العرب بما أكرمهم به بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم  من النبوة والخلافة والملك والسلطان في أيام كسرى أبرويز …

فمن ذلك ما روي عن وهب بن منبه، وهو مَا حَدَّثَنَا بِهِ ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسحاق، قَالَ: كان من حديث كسرى كما حَدَّثَنِي بعض أصحابي، عن وهب بن منبه، أنه كان سكر دجلة العوراء، وأنفق عليها من الأموال ما لا يدرى ما هو، وكان طاق مجلسه قد بني بنيانا لم ير مثله، وكان يعلق تاجه، فيجلس فيه إذا جلس للناس، وكان عنده ستون وثلاثمائة رجل من الحزاة- والحزاة العلماء- من بين كاهن وساحر ومنجم، قَالَ: وكان فيهم رجل من العرب يقال له السائب، يعتاف اعتياف العرب قلما يخطئ- بعث به إليه باذان من اليمن- فكان كسرى إذا حزبه أمر جمع كهانه وسحاره ومنجميه، فقال: انظروا في هذا الأمر ما هو! فلما أن بعث الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم، أصبح كسرى ذات غداة وقد انقصمت طاق ملكه من وسطها من غير ثقل، وانخرقت عليه دجلة العوراء، فلما راى ذلك حزنه، وقال: انقصمت طاق ملكي من وسطها من غير ثقل، وانخرقت علي دجلة العوراء، شاه بشكست:
يقول: الملك انكسر ثم دعا كهانه وسحاره ومنجميه، ودعا السائب معهم، فقال لهم: انقصمت طاق ملكي من غير ثقل، وانخرقت علي دجلة العوراء، شاه بشكست انظروا في هذا الأمر ما هو؟ فخرجوا من عنده فنظروا في أمره، فأخذ عليهم بأقطار السماء، وأظلمت عليهم الأرض، وتسكعوا في علمهم، فلا يمضي لساحر سحره، ولا لكاهن كهانته، ولا يستقيم لمنجم علم نجومه.
وبات السائب في ليلة ظلماء على ربوة من الأرض يرمق برقا نشأ من قبل الحجاز، ثم استطار حتى بلغ المشرق، فلما أصبح ذهب ينظر إلى ما تحت قدميه، فإذا روضة خضراء، فقال فيما يعتاف: لئن صدق ما أرى، ليخرجن من الحجاز سلطان يبلغ المشرق، تخصب عنه الأرض كأفضل ما أخصبت عن ملك كان قبله.
فلما خلص الكهان والمنجمون بعضهم إلى بعض، ورأوا ما قد أصابهم، ورأى السائب ما رأى، قَالَ بعضهم لبعض: تعلمون والله ما حيل بينكم وبين علمكم إلا لأمر جاء من السماء، وإنه لنبي قد بعث- أو هو مبعوث- يسلب هذا الملك ويكسره ولئن نعيتم لكسرى ملكه ليقتلنكم، فأقيموا بينكم أمرا تقولونه له تؤخرونه عنكم إلى أمر ما ساعة.
فجاءوا كسرى، فقالوا له: إنا قد نظرنا في هذا الأمر فوجدنا حسابك الذين وضعت على حسابهم طاق ملكك، وسكرت دجلة العوراء وضعوه على النحوس، فلما اختلف عليهما الليل والنهار وقعت النحوس على مواقعها، فزال كل ما وضع عليهما، وإنا سنحسب لك حسابا تضع عليه بنيانك فلا يزول قَالَ: فاحسبوا، فحسبوا له، ثم قَالُوا له: ابنه، فبنى فعمل في دجلة ثمانية أشهر وأنفق فيها من الأموال ما لا يدري ما هو، حتى إذا فرغ منها قَالَ لهم: أجلس على سورها؟ قَالُوا: نعم، فأمر بالبسط والفرش والرياحين فوضعت عليها، وأمر بالمرازبة فجمعوا له، واجتمع إليه اللعابون، ثم خرج حتى جلس عليها، فبينا هو هنالك انتسفت دجلة البنيان من تحته، فلم يستخرج إلا بآخر رمق فلما أخرجوه، جمع كهانه وسحاره ومنجميه، فقتل منهم قريبا من مائة، وقال سمنتكم وأدنيتكم دون الناس، وأجريت عليكم أرزاقي، ثم تلعبون بي! فقالوا: أيها الملك، أخطأنا كما أخطأ من كان قبلنا، ولكنا سنحسب لك حسابا فتثبت حتى تضعها على الوثاق من السعود قَالَ: انظروا ما تقولون! قَالُوا: فإنا نفعل، قَالَ: فاحسبوا، فحسبوا له، ثم قَالُوا له:
ابنه، فبنى وأنفق من الأموال ما لا يدرى ما هو، ثمانية أشهر من ذي قبل ثم قَالُوا: قد فرغنا، قَالَ: أفأخرج فأقعد عليها؟ قَالُوا: نعم، فهاب الجلوس عليها، وركب برذونا له، وخرج يسير عليها، فبينا هو يسير فوقها إذ انتسفته دجلة بالبنيان، فلم يدرك إلا بآخر رمق، فدعاهم فقال: والله لأمرن على آخركم ولأنزعن أكتافكم، ولأطرحنكم تحت أيدي الفيلة أو لتصدقني ما هذا الأمر الذي تلفقون علي! قَالُوا: لا نكذبك أيها الملك، أمرتنا حين انخرقت عليك دجلة، وانقصمت عليك طاق مجلسك من غير ثقل أن ننظر في علمنا لم ذلك! فنظرنا، فأظلمت علينا الأرض وأخذ علينا بأقطار السماء، فتردد علينا علمنا في أيدينا، فلا يستقيم لساحر سحره، ولا لكاهن كهانته، ولا لمنجم علم نجومه، فعرفنا أن هذا الأمر حدث من السماء، وأنه قد بعث نبي أو هو مبعوث، فلذلك حيل بيننا وبين علمنا، فخشينا إن نعينا لك ملكك أن تقتلنا، وكرهنا من الموت ما يكره الناس، فعللناك عن أنفسنا بما رأيت قَالَ: ويحكم! فهلا تكونون بينتم لي هذا فأرى فيه رأيي! قَالُوا: منعنا من ذلك ما تخوفنا منك فتركهم ولها عن دجلة حين غلبته.
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سلمة، عن ابن إسحاق، عن الفضل ابن عِيسَى الرَّقَاشِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، أَنَّ أَصْحَابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى كِسْرَى فِيكَ! قَالَ: «بَعَثَ إِلَيْهِ مَلَكًا فَأَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ سُورِ جِدَارِ بَيْتِهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ يَتَلأْلأُ نُورًا، فَلَمَّا رَآهَا فَزِعَ، فَقَالَ: لَمْ تُرَعْ يَا كِسْرَى، إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ رَسُولا وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَابًا فَاتَّبِعْهُ تَسْلَمْ دُنْيَاكَ وَآخِرَتَكَ، قَالَ: سَأَنْظُرُ» .
حَدَّثَنَا ابن حميد، قال: حَدَّثَنَا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله ابن أَبِي بَكْرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بن عبد الرحمن بن عوف، قَالَ:
بعث الله إلى كسرى ملكا وهو في بيت إيوانه الذي لا يدخل عليه فيه، فلم يرعه إلا به قائما على رأسه في يده عصا، بالهاجرة في ساعته التي كان يقيل فيها، فقال: يا كسرى أتسلم أو أكسر هذه العصا! فقال: بهل بهل، فانصرف عنه ثم دعا أحراسه وحجابه فتغيظ عليهم، وقال: من أدخل هذا الرجل علي؟ فقالوا: ما دخل عليك أحد ولا رأيناه، حتى إذا كان العام القابل أتاه في الساعة التي أتاه فيها، فقال له كما قَالَ له، ثم قَالَ له:
أتسلم أو أكسر هذه العصا؟ فقال: بهل بهل بهل، ثلاثا، فخرج عنه فدعا كسرى حجابه وحراسه وبوابيه فتغيظ عليهم وقال لهم كما قَالَ أول مرة، فقالوا: ما رأينا أحدا دخل عليك حتى إذا كان في العام الثالث أتاه في الساعة التي جاءه فيها، فقال له كما قَالَ: أتسلم أو أكسر هذه العصا؟
فقال: بهل بهل، قَالَ: فكسر العصا، ثم خرج فلم يكن إلا تهور ملكه، وانبعاث ابنه والفرس حتى قتلوه.
قَالَ عبد الله بن أبي بكر: فقال الزهري: حدثت عمر بن عبد العزيز هذا الحديث عن أبي سلمة بن عبد الرحمن فقال: ذكر لي أن الملك إنما دخل عليه بقارورتين في يديه، ثم قَالَ له: أسلم، فلم يفعل، فضرب إحداهما على الأخرى فرضضهما، ثم خرج فكان من أمر هلاكه ما كان حدثني يحيى بن جعفر، قال: أخبرنا علي بن عاصم، قال: أخبرنا خالد الحذاء، قال: سمعت عبد الرحمن بن أبي بكرة، يقول: بينما كسرى ابن هرمز نائم ليلة في هذا الإيوان، إيوان المدائن، والأساورة محدقون بقصره، إذ أقبل رجل يمشي معه عصا، حتى قام على رأسه، فقال: يا كسرى ابن هرمز، إني رسول الله إليك أن تسلم، قالها ثلاث مرات- وكسرى مستلق ينظر إليه لا يجيبه، ثم انصرف عنه- قال: فأرسل كسرى إلى صاحب حرسه، فقال: أنت أدخلت علي هذا الرجل؟ قال: لم أفعل ولم يدخل من قبلنا أحد قال: فلما كان العام المقبل خاف كسرى تلك الليلة، فأرسل إليه أن أحدق بقصري، ولا يدخل علي أحد، قال: ففعل، فلما كان تلك الساعة إذا هو قائم على رأسه، ومعه عصا، وهو يقول له: يا كسرى بن هرمز، إني رسول الله إليك أن تسلم، فأسلم خير لك- قال: وكسرى ينظر إليه لا يجيبه- فانصرف عنه، قال: فأرسل كسرى إلى صاحب الحرس: ألم آمرك ألا يدخل علي أحد! قال: أيها الملك، إنه والله ما دخل عليك من قبلنا أحد، فانظر من أين دخل عليك؟ قال: فلما كان العام المقبل، فكأنه خاف تلك الليلة، فأرسل إلى صاحب الحرس والحرس: أن أحدقوا بي الليلة، ولا تدخل امرأة ولا رجل، ففعلوا فلما كان تلك الساعة، إذا هو قائم على رأسه، وهو يقول: يا كسرى بن هرمز، إني رسول الله إليك أن تسلم، فأسلم خير لك، قالها ثلاث مرات وكسرى ينظر إليه لا يجيبه قال: يا كسرى إنك قد أبيت علي، والله ليكسرنك الله كما أكسر عصاي هذه، ثم كسرها وخرج، فأرسل كسرى الى الحرس، فقال: الم آمركم ألا يدخل علي الليلة أحد، أهل ولا ولد! قالوا: ما دخل عليك من قبلنا احد!
قال: فلم يلبث أن وثب عليه ابنه فقتله.