5 هـ
627 م
بَاب مَا وَقع فِي غَزْوَة الخَنْدَق من الْآيَات والمعجزات

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد الله قَالَ خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة بني انمار فَقَالَ لرجل «مَا لَهُ ضرب الله عُنُقه» …

فَسَمعهُ الرجل فَقَالَ يَا رَسُول الله فِي سَبِيل الله فَقَالَ «فِي سَبِيل الله »فَقتل الرجل فِي سَبِيل الله غَزْوَة بني أَنْمَار هِيَ غَزْوَة ذَات الرّقاع وَأخرجه الْحَاكِم وَصَححهُ وَقَالَ فِي بعض مغازيه وَقَالَ فِي آخِره فَقتل يَوْم الْيَمَامَة.

أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن قَتَادَة قَالَ ذكر لنا ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ «يَوْم الاحزاب لن يغزوكم الْمُشْركُونَ بعد الْيَوْم فَلم تغزهم قُرَيْش بعد ذَلِك».

واخرج البُخَارِيّ عَن سُلَيْمَان بن صرد قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم «يَوْم الاحزاب وَفِي لفظ حِين أَجلي عَنهُ الْأَحْزَاب الْآن نغزوهم وَلَا يغزونا نسير إِلَيْهِم» واخرج أَبُو نعيم من حَدِيث جَابر مثله
واخرج البُخَارِيّ عَن جَابر بن عبد الله قَالَ إِنَّا يَوْم الخَنْدَق نحفر فعرضت كدية شَدِيدَة فَجَاءُوا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا هَذِه كدية عرضت فِي الخَنْدَق فَقَالَ: «انا نَازل» ثمَّ قَامَ وبطنه معصوب بِحجر ولبثنا ثَلَاثَة أَيَّام لَا نذوق ذواقا فَأخذ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمعول فَضرب فَعَاد كثيبا أهيل فَقلت يَا رَسُول الله إئذن لي إِلَى الْمنزل فَفعل فَقلت لامرأتي رَأَيْت بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا مَا كَانَ فِي ذَلِك صَبر فعندك شَيْء قَالَت عِنْدِي شعير وعناق فذبحت العناق وطحنت الشّعير حَتَّى جعلنَا اللَّحْم فِي البرمة ثمَّ جِئْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت طعيم لي فَقُمْ انت يَا رَسُول الله وَرجل أَو رجلَانِ قَالَ «كم هُوَ» فَذكرت لَهُ قَالَ كثير طيب قَالَ «قل لَهَا لَا تنْزع البرمة وَلَا الْخبز من التَّنور حَتَّى آتِي» فَقَالَ قومُوا فَقَامَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار فَلَمَّا دخل على امْرَأَته قَالَ وَيحك جَاءَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالمهاجرين وَالْأَنْصَار وَمن مَعَهم قَالَت هَل سَأَلَك قلت نعم فَقَالَ «ادخُلُوا وَلَا تضاغطوا» فَجعل يكسر الْخبز وَيجْعَل عَلَيْهِ اللَّحْم ويخمر البرمة والتنور إِذا اخذ مِنْهُ وَيقرب إِلَى أَصْحَابه ثمَّ ينْزع فَلم يزل يكسر الْخبز ويغرف حَتَّى شَبِعُوا وَبَقِي بَقِيَّة قَالَ كلي هَذَا وأهدي فَإِن النَّاس أَصَابَتْهُم مجاعَة أخرجه الْبَيْهَقِيّ وَزَاد فِي آخِره فَلم نزل نَأْكُل ونهدي يَوْمنَا أجمع وَأخرجه أَيْضا من وَجه آخر وَزَاد فَلَمَّا خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذهب ذَلِك.

واخرج الشَّيْخَانِ من وَجه آخر عَن جَابر قَالَ لما حفر الخَنْدَق رَأَيْت بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خمصا شَدِيدا فَانْكَفَأت إِلَى امْرَأَتي فَقلت هَل عنْدك شَيْء فَإِنِّي رَأَيْت برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خمصا شَدِيدا فأخرجت إِلَى جرابا فِيهِ صَاع من شعير وَلنَا بَهِيمَة دَاجِن فذبحتها وطحنت الشّعير ثمَّ وايت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجِئْته فساررته فَقلت يَا رَسُول الله ذبحنا بَهِيمَة لنا وطحنا صَاعا من شعير فتعال انت وَنَفر مَعَك فصاح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم «يَا أهل الخَنْدَق إِن جَابِرا قد صنع سورا فَحَيَّهَلا بكم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تنزلن برمتكم وَلَا تخبزن عجينكم حَتَّى اجيء» فَجئْت وَجَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقدم النَّاس فأخرجت لَهُ عجينا فبصق فِيهِ وَبَارك ثمَّ عمد إِلَى برمتنا فبصق وَبَارك فأقسم بِاللَّه لقد أكلُوا وهم ألف حَتَّى تَرَكُوهُ وانحرفوا وان برمتنا لتغط كَمَا هِيَ وان عجيننا ليخبز كَمَا هُوَ.

وَأخرج الْوَاقِدِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الله بن مغيث بن أبي بردة الْأنْصَارِيّ قَالَ أرْسلت ام عَامر الاشهلية بقعبة فِيهَا حيس إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ فِي قُبَّته وَهُوَ عِنْد ام سَلمَة فَأكلت ام سَلمَة حَاجَتهَا ثمَّ خرج بالبقية فَنَادَى مُنَادِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى عشائه فَأكل أهل الخَنْدَق حَتَّى نَهِلُوا وَهِي كَمَا هِيَ مُرْسل.

وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق عبيد الله بن عَليّ بن ابي رَافع عَن ابي رَافع قَالَ اتيت الى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الخَنْدَق بِشَاة فِي مكتل فَقَالَ «يَا أَبَا رَافع ناولني الذِّرَاع» فناولته ثمَّ قَالَ «ناولني الذِّرَاع» فناولته ثمَّ قَالَ «ناولني الذِّرَاع»  فَقلت يَا رَسُول الله هَل للشاة إِلَّا ذارعين فَقَالَ «لَو سكت سَاعَة لناولتنيه مَا سَأَلتك».

وَأخرج ابو يعلى وَابْن عَسَاكِر أَيْضا من وَجه آخر عَن عبيد الله بن عَليّ بن ابي رَافع ان جدته سلمى اخبرته ان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث إِلَى ابي رَافع بِشَاة يَوْم الخَنْدَق فَصلاهَا ابو رَافع وَجعلهَا فِي مكتل ثمَّ انْطلق بهَا فَذكر مثله.

وَأخرج ابو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ فِي مُعْجَمه عَن مُعَاوِيَة بن الحكم قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأصَاب رجل اخي عَليّ بن الحكم جِدَار الخَنْدَق فدمتها فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فمسحها وَقَالَ بِسم الله فَمَا آذاه مِنْهَا شَيْء.

وَأخرج ابو نعيم من طَرِيق أبي عبد الرَّحْمَن الحبلي عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج يَوْم الخَنْدَق فَتَنَاول الفأس فَضرب بِهِ ضَرْبَة فَقَالَ «هَذِه الضَّرْبَة يفتح الله بهَا كنوز الرّوم وَثمّ ضرب الثَّانِيَة فَقَالَ هَذِه الضَّرْبَة يفتح الله بهَا كنوز فَارس ثمَّ ضرب الثَّالِثَة فَقَالَ هَذِه الضَّرْبَة يَأْتِي الله بِأَهْل الْيمن انصارا وأعوانا».

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن اسحاق قَالَ حدثت عَن سلمَان قَالَ ضربت فِي نَاحيَة من الخَنْدَق فعطف عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا رَآنِي أضْرب وَرَأى شدَّة الْمَكَان عَليّ نزل فَأخذ الْمعول من يَدي فَضرب بِهِ ضَرْبَة فلمعت تَحت الْمعول برقة ثمَّ ضرب ضَرْبَة أُخْرَى فلمعت تَحْتَهُ برقة أُخْرَى ثمَّ ضرب بِهِ الثَّالِثَة فلمعت تَحْتَهُ برقة اخرى قلت يَا رَسُول الله مَا هَذَا الَّذِي رَأَيْت يلمع قَالَ «اما الأولى فَإِن الله فتح عَليّ بهَا الْيمن وَأما الثَّانِيَة فَإِن الله فتح عَليّ بهَا الشَّام وَالْمغْرب وَأما الثَّالِثَة فان الله فتح عَليّ بهَا الْمشرق» فَحَدثني من لَا أتهم عَن ابي هُرَيْرَة انه كَانَ يَقُول فِي زمن عمر وَفِي زمن عُثْمَان وَمَا بعده افتتحوا مَا بدا لكم فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ مَا افتتحتم من مَدِينَة وَلَا تفتتحونها إِلَى يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا وَالله تَعَالَى قد اعطى مُحَمَّدًا مفاتيحها واخرجه ابو نعيم من طَرِيق ابْن اسحاق عَن الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن سلمَان وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم نَحوه من طَرِيق عُرْوَة وَمن طَرِيق مُوسَى بن عقبَة عَن ابْن شهَاب.

واخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ عرض لنا فِي بعض الخَنْدَق صَخْرَة عَظِيمَة شَدِيدَة لَا تَأْخُذ فِيهَا المعاول فشكونا ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا رَآهَا أَخذ الْمعول وَقَالَ «بِسم الله وَضرب ضَرْبَة فَكسر ثلثهَا فَقَالَ الله اكبر اعطيت مَفَاتِيح الشَّام وَالله إِنِّي لأنظر إِلَى قُصُورهَا الْحمر ثمَّ ضرب الثَّانِيَة فَقطع ثلثا آخر فَقَالَ الله أكبر اعطيت مَفَاتِيح فَارس وَالله اني لَأبْصر قصر المداين الابيض ثمَّ ضرب الثَّالِثَة فَقطع بَقِيَّة الْحجر فَقَالَ الله أكبر أَعْطَيْت مَفَاتِيح الْيمن وَالله إِنِّي لَأبْصر ابواب صنعاء من مَكَاني السَّاعَة».

واخرج ابْن سعد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق كثير ابْن عبد الله بن عَمْرو بن عَوْف الْمُزنِيّ عَن أَبِيه عَن جده قَالَ خرجت لنا من الخَنْدَق صَخْرَة بَيْضَاء مُدَوَّرَة فَكسرت حَدِيدَنَا وَشقت علينا فشكونا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأخد الْمعول من سلمَان فَضرب الصَّخْرَة ضَرْبَة صَدعهَا وَبَرقَتْ مِنْهَا برقة أَضَاء مَا بَين لابتي الْمَدِينَة حَتَّى لكأن مصباحا فِي جَوف ليل مظلم فَكبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ ضربهَا الثَّانِيَة فصدها وبرق مِنْهَا برقة أَضَاء مَا بَين لابتيها فَكبر ثمَّ ضربهَا الثَّالِثَة فَكَسرهَا وبرق مِنْهَا برقة أَضَاء مَا بَين لابتيها فَكبر فَقُلْنَا يَا رَسُول الله قد رَأَيْنَاك تضرب فَيخرج برق كالموج ورأيناك تكبر فَقَالَ «أَضَاء لي فِي الأولى قُصُور الْحيرَة وَمَدَائِن كسْرَى كَأَنَّهَا أَنْيَاب الْكلاب فَأَخْبرنِي جبرئيل أَن امتي ظَاهِرَة عَلَيْهَا وأضاء لي فِي الثَّانِيَة قُصُور الْحمر من أَرض الرّوم كَأَنَّهَا انياب الْكلاب وَأَخْبرنِي جبرئيل ان امتي ظَاهِرَة عَلَيْهَا وأضاء لي فِي الثَّالِثَة قُصُور صنعاء كَأَنَّهَا انياب الْكلاب واخبرني جبرئيل ان أمتِي ظَاهِرَة عَلَيْهَا فابشروا بالنصر» فَقَالَ المُنَافِقُونَ يُخْبِركُمْ مُحَمَّد انه يبصر من يثرب قُصُور الْحيرَة وَمَدَائِن كسْرَى وانها تفتح لكم وانتم تَحْفِرُونَ الخَنْدَق وَلَا تَسْتَطِيعُونَ ان تبْرزُوا فَنزل وَإِذ يَقُول المُنَافِقُونَ الَّذين فِي قُلُوبهم مرض مَا وعدنا الله وَرَسُوله إِلَّا غرُورًا.

وَأخرج ابو نعيم عَن أنس قَالَ ضرب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الخَنْدَق بمعوله ضَرْبَة فبرقت برقة فَخرج نور من قبل الْيمن ثمَّ ضرب اخرى فَخرج نور من قبل فَارس ثمَّ ضرب اخرى فَخرج نور من قبل الرّوم فَعجب سلمَان من ذَلِك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم «أَرَأَيْت» قلت نعم قَالَ «لقد أَضَاءَت لي الْمَدَائِن وَأَن الله بشرني فِي مقَامي هَذَا بِفَتْح الْيمن وَالروم وَفَارِس».

وَأخرج ابو نعيم عَن سهل بن سعد قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الخَنْدَق فحفر فصادف حجرا فَضَحِك فَقيل لم ضحِكت يَا رَسُول الله قَالَ «ضحِكت من نَاس يُؤْتى بهم من قبل الْمشرق فِي الكبول يساقون الى الْجنَّة وهم كَارِهُون».

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وابو نعيم من طَرِيق ابْن اسحاق حَدثنِي سعيد بن ميناء عَن ابْنة بشير بن سعد اخت النُّعْمَان بن بشير قَالَت بعثتني امي بِتَمْر فِي طرف ثوبي إِلَى أبي وخالي وهم يحفرون الخَنْدَق فمررت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فناداني فَأَتَيْته فَأخذ التَّمْر مني فِي كفيه فَمَا ملأهما وَبسط ثوبا فنثره عَلَيْهِ فتساقط فِي جوانبه ثمَّ أَمر بِأَهْل الخَنْدَق فَاجْتمعُوا وأكلوا مِنْهُ وَجعل يزِيد حَتَّى صدرُوا عَنهُ وَأَنه ليسقط من أَطْرَاف الثَّوْب.

وَأخرج ابو نعيم عَن ابْن عَبَّاس ان رجلا من آل الْمُغيرَة قَالَ لأقتلن مُحَمَّدًا فأوثب فرسه فِي الخَنْدَق فَوَقع فاندقت رقبته فَقَالُوا يَا مُحَمَّد ادفعه إِلَيْنَا نواريه وندفع إِلَيْك دِيَته فَقَالَ ذروه فَإِنَّهُ خَبِيث خَبِيث الدِّيَة.

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن قَتَادَة قَالَ أنزل الله تَعَالَى فِي سُورَة الْبَقَرَة {أم حسبتم أَن تدْخلُوا الْجنَّة وَلما يأتكم مثل الَّذين خلوا من قبلكُمْ مستهم البأساء وَالضَّرَّاء وزلزلوا} [البقرة: 214] قَالَ فَلَمَّا رأى الْمُؤْمِنُونَ الاحزاب قَالُوا هَذَا مَا وعدنا الله وَرَسُوله.

وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم «نصرت بالصبا وأهلكت عَاد بالدبور».

وَأخرج أَبُو نعيم وَابْن ابي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما كَانَ لَيْلَة الْأَحْزَاب جَاءَت الشمَال إِلَى الْجنُوب فَقَالَت انطلقي فانصري الله وَرَسُوله فَقَالَت الْجنُوب إِن الْحرَّة لَا تسري بِاللَّيْلِ فَأرْسل عَلَيْهِم الصِّبَا فأطفأت نيرانهم وَقطعت اطنابهم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم «نصرت بالصبا واهلكت عَاد بالدبور».

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم ريحًا قَالَ يَعْنِي ريح الصِّبَا ارسلت على الاحزاب يَوْم الخَنْدَق حَتَّى اكفأت قدورهم على افواهها ونزعت فساطيطهم حَتَّى اظعنتهم وجنودا لم تَرَوْهَا يَعْنِي الْمَلَائِكَة قَالَ وَلم تقَاتل الْمَلَائِكَة يَوْمئِذٍ.

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان قَالَ لقد رَأَيْتنَا مَعَ رَسُول الله صلى  الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة الْأَحْزَاب فِي لَيْلَة ذَات ريح شَدِيدَة وقر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم «أَلا رجل يأتيني بِخَبَر الْقَوْم يكون معي يَوْم الْقِيَامَة» فَلم يجبهُ منا اُحْدُ ثمَّ الثَّانِيَة ثمَّ الثَّالِثَة مثله ثمَّ قَالَ «يَا حُذَيْفَة قُم فأتنا بِخَبَر الْقَوْم» فمضيت كَأَنَّمَا أَمْشِي فِي حمام وَرجعت كَأَنَّمَا امشي فِي حمام ثمَّ اصابني الْبرد حِين فرغت وَأخرجه من وَجه آخر عَن حُذَيْفَة وَزَاد فَقلت يَا رَسُول الله مَا قُمْت إِلَيْك إِلَّا حَيَاء مِنْك من الْبرد قَالَ «انْطلق فَلَا بَأْس عَلَيْك من حر وَلَا برد حَتَّى ترجع إِلَى» ثمَّ اخرجه من طَرِيق ثَالِثَة عَن حُذَيْفَة وَفِيه فَقُمْت فَقَالَ «انه كَائِن فِي الْقَوْم خبر فأتني بِخَبَر الْقَوْم قَالَ وانا من اشد النَّاس فَزعًا وأشدهم قرا» فَخرجت فَقَالَ «اللَّهُمَّ احفظه من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه وَعَن يَمِينه وَعَن شِمَاله وَمن فَوْقه وَمن تَحْتَهُ» قَالَ فوَاللَّه مَا خلق الله فَزعًا وَلَا قرا فِي جو إِلَّا خرج من جوفي فَمَا أجد مِنْهُ شَيْئا فَدخلت الْعَسْكَر فَإِذا النَّاس فِي عَسْكَرهمْ يَقُولُونَ الرحيل الرحيل لَا مقَام لكم وَإِذا الرّيح فِي عَسْكَرهمْ مَا تجَاوز عَسْكَرهمْ شبْرًا فوَاللَّه إِنِّي لأسْمع صَوت الْحِجَارَة فِي رحالهم وفرشهم وَالرِّيح تضربهم بهَا ثمَّ رجعت فَلَمَّا انتصف بِي الطَّرِيق إِذا انا بِنَحْوِ من عشْرين فَارِسًا معتمين فَقَالُوا أخبر صَاحبك إِن الله كَفاهُ الْقَوْم فَرَجَعت فوَاللَّه مَا عدا أَن رجعت راجعني القر وَجعلت أقرقف وَأنزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ جاءتكم جنود فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم ريحًا وجنودا لم تَرَوْهَا} [الأحزاب: 9].

ثمَّ أخرجه من طَرِيق رَابِعَة عَن حُذَيْفَة بِهَذِهِ الزِّيَادَة وَقَالَ وأخذتهم ريح شَدِيدَة فَتَحملُوا وان الرّيح لتغلبهم على بعض امتعتهم وانه لما رَجَعَ مر بخيل على طَرِيقه فَخرج لَهُ فارسان مِنْهُم ثمَّ قَالَا ارْجع إِلَى صَاحبك فَأخْبرهُ ان الله قد كَفاهُ اياهم بالجنود وَالرِّيح.

ثمَّ اخرجه من طَرِيق خَامِسَة عَن حُذَيْفَة وَفِيه فَقَالَ هَل انت ذَاهِب فَقَالَ وَالله مَا بِي ان اقْتُل وَلَكِن اخشى اني اوسر فَقَالَ انك لن توسر وَفِيه فَبعث الله عَلَيْهِم تِلْكَ الرّيح فَمَا تركت لَهُم بِنَاء إِلَّا هدمته وَلَا اناء إِلَّا اكفأته والْحَدِيث أخرجه الْحَاكِم وَصَححهُ وَأَبُو نعيم.

وَأخرج ابو نعيم عَن ابْن عمر ان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَيْلَة الاحزاب «من يأتيني بِخَبَر الْقَوْم جعله الله رفيقي فِي الْجنَّة» ثَلَاثًا فَلم يجبهُ اُحْدُ فَنَادَى «يَا حُذَيْفَة» فاجابه فَقَالَ «أما سَمِعت صوتي» قَالَ بلَى قَالَ «فَمَا مَنعك ان تُجِيبنِي» قَالَ الْبرد قَالَ «لَا برد عَلَيْك» قَالَ فَذهب عني الْبرد فَذهب فَأَتَاهُ بِخَبَر الْقَوْم فَلَمَّا رَجَعَ عَاد الْبرد إِلَيْهِ كَمَا كَانَ يجده واخرج الشَّيْخَانِ عَن عبد الله بن ابي اوفى قَالَ دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْأَحْزَاب فَقَالَ «اللَّهُمَّ منزل الْكتاب سريع الْحساب أهزم الْأَحْزَاب اللَّهُمَّ اهزمهم وزلزلهم».

واخرجا أَيْضا عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول «لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده أعز جنده وَنصر عَبده وَهزمَ الاحزاب وَحده فَلَا شَيْء بعده».

وَأخرج ابْن سعد عَن سعيد بن جُبَير قَالَ لما كَانَ يَوْم الخَنْدَق اتى جبرئيل وَمَعَ الرّيح فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين رأى جبرئيل «أَلا أَبْشِرُوا ثَلَاثًا» فَأرْسل الله عَلَيْهِم الرّيح فهتكت القباب وكفأت الْقُدُور ودفنت الرّحال وَقطعت الْأَوْتَاد فَانْطَلقُوا لَا يلوي اُحْدُ على اُحْدُ وَأنزل الله تَعَالَى إِذْ جاءتكم جنود فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم ريحًا جُنُودا لم تَرَوْهَا.

وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن الْمسيب قَالَ حصر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْأَحْزَاب وَأَصْحَابه بضع عشرَة لَيْلَة حَتَّى خلص إِلَى كل امْرِئ مِنْهُم الكرب وَحَتَّى قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم «اللَّهُمَّ إِنِّي انشدك عَهْدك وَوَعدك اللَّهُمَّ انك ان تشأ لَا تعبد».

واخرج ابْن سعد عَن جَابر بن عبد الله قَالَ دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَسْجِد الاحزاب يَوْم الِاثْنَيْنِ وَيَوْم الثُّلَاثَاء وَيَوْم الْأَرْبَعَاء فاستجيب لَهُ يَوْم الاربعاء بَين الصَّلَاتَيْنِ الظّهْر وَالْعصر فَعرفنَا الْبشر فِي وَجهه قَالَ جَابر فَلم ينزل بِي أَمر مُهِمّ غائظ إِلَّا توخيت تِلْكَ السَّاعَة من ذَلِك الْيَوْم فدعوت الله فأعرف الْإِجَابَة.

وَأخرج ابْن سعد من طَرِيق الْوَاقِدِيّ عَن شُيُوخه إِن عَمْرو بن عبدود جعل يَدْعُو يَوْم الخَنْدَق هَل من مبارز فَقَالَ عَليّ بن ابي طَالب انا ابارزه فَأعْطَاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَيْفه وعممه وَقَالَ «اللَّهُمَّ اعنه عَلَيْهِ» ثمَّ برز لَهُ ودنا أَحدهمَا من صَاحبه وثارت بَينهمَا غبرة وضربه عَليّ فَقتله وَولى أَصْحَابه هاربين.

وَأخرج ابو نعيم عَن عُرْوَة وَعَن ابْن شهَاب قَالَا إِن نعيم بن مَسْعُود جَاءَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ ان قُريْشًا تحزبوا عَلَيْهِ وَأَنَّهُمْ بعثوا إِلَى قُرَيْظَة انه قد طَال ثواؤنا وأجدب مَا حولنا وَقد احببنا ان نعاجل مُحَمَّدًا واصحابه فنستريح مِنْهُ فَأرْسلت إِلَيْهِم قُرَيْظَة ان نعم مَا رَأَيْتُمْ فَإِذا شِئْتُم فَابْعَثُوا بِالرَّهْنِ ثمَّ لَا يحبسكم إِلَّا انفسكم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لنعيم بن مَسْعُود «فانهم قد أرْسلُوا إِلَى يدعونني إِلَى الصُّلْح وأرد بني النَّضِير إِلَى دِيَارهمْ واموالهم» فَخرج نعيم عَامِدًا الى غطفان فَقَالَ إِنِّي نَاصح لكم وَقد اطَّلَعت على غدر يهود فأعلموا ان مُحَمَّدًا لم يكذب قطّ واني سمعته يَقُول إِن بني قُرَيْظَة قد صالحوه على ان يرد اخوانهم من بني النَّضِير إِلَى دِيَارهمْ وَأَمْوَالهمْ قَالَ ابو نعيم فِيهِ دلَالَة على ان مسلمهم وكافرهم كَانُوا عَالمين بِأَن مُحَمَّدًا صَادِق لم يكذب قطّ.

وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {عَسى الله أَن يَجْعَل بَيْنكُم وَبَين الَّذين عاديتم مِنْهُم مَوَدَّة} [الممتحنة: 7] قَالَ كَانَت الْمَوَدَّة الَّتِي جعل الله بَينهم تَزْوِيج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ام حَبِيبَة بنت أبي سُفْيَان فَصَارَت أم الْمُؤمنِينَ وَصَارَ مُعَاوِيَة خَال الْمُؤمنِينَ.

وَأخرج الطَّحَاوِيّ أَن الله حبس الشَّمْس للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الخَنْدَق حِين شغلوا عَن صَلَاة الْعَصْر حَتَّى غربت الشَّمْس فَردهَا الله عَلَيْهِ حَتَّى صلى الْعَصْر.

وَحكى النَّوَوِيّ عَنهُ فِي شرح مُسلم أَن رُوَاته ثِقَات.