7 هـ
628 م
(الْعَبَّاسُ يَسْتَوْثِقُ مِنْ خَبَرِ الْحَجَّاجِ وَيُفَاجِئُ قُرَيْشًا)

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: …
قَالَ: فَقَامُوا فَجَمَعُوا لِي مَالِي كَأَحَثَّ جَمْعٍ سَمِعْتُ بِهِ.
قَالَ: وَجِئْتُ صَاحِبَتِي فَقُلْتُ: مَالِي، وَقَدْ كَانَ لِي عِنْدَهَا مَالٌ مَوْضُوعٌ، لَعَلِّي أَلْحَقُ بِخَيْبَرِ، فَأُصِيبَ مِنْ فُرَصِ الْبَيْعِ قَبْلَ أَنْ يَسْبِقَنِي التُّجَّارُ، قَالَ: فَلَمَّا سَمِعَ الْعَبَّاسُ ابْن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْخَبَرَ، وَجَاءَهُ عَنِّي، أَقْبَلَ حَتَّى وَقَفَ إلَى جَنْبِي وَأَنَا فِي خَيْمَةٍ مِنْ خِيَامِ التُّجَّارِ، فَقَالَ: يَا حَجَّاجُ، مَا هَذَا الْخَبَرُ الَّذِي جِئْتُ بِهِ؟ قَالَ: فَقُلْتُ: وَهَلْ عِنْدَكَ حِفْظٌ لِمَا وَضَعْتُ عِنْدَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: قُلْتُ: فَاسْتَأْخِرْ عَنِّي حَتَّى أَلْقَاكَ عَلَى خَلَاءٍ، فَإِنِّي فِي جَمْعِ مَالِي كَمَا تَرَى، فَانْصَرِفْ عَنِّي حَتَّى أَفَرُغَ. قَالَ: حَتَّى إذَا فَرَغْتُ مِنْ جَمْعِ كُلِّ شَيْءٍ كَانَ لِي بِمَكَّةَ، وَأَجْمَعْتُ الْخُرُوجَ، لَقِيتُ الْعَبَّاسَ، فَقُلْتُ: احْفَظْ عَلَيَّ حَدِيثِي يَا أَبَا الْفَضْلِ، فَإِنِّي أَخْشَى الطَّلَبَ ثَلَاثًا، ثُمَّ قُلْ مَا شِئْتُ، قَالَ: أَفْعَلُ، قُلْتُ: فَإِنِّي وَاَللَّهِ لَقَدْ تَرَكْتُ ابْنَ أَخِيكَ عَرُوسًا عَلَى بِنْتِ مَلِكِهِمْ، يَعْنِي صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ، وَلَقَدْ افْتَتَحَ خَيْبَرَ، وَانْتَثَلَ مَا فِيهَا، وَصَارَتْ لَهُ وَلِأَصْحَابِهِ، فَقَالَ: مَا تَقُولُ يَا حَجَّاجُ؟ قَالَ: قُلْتُ: إِي وَاَللَّهِ، فَاكْتُمْ عَنِّي، وَلَقَدْ أَسْلَمْتُ وَمَا جِئْتُ إلَّا لِآخُذَ مَالِي، فَرَقًا مِنْ أَنْ أُغْلَبَ عَلَيْهِ، فَإِذَا مَضَتْ ثَلَاثٌ فَأَظْهِرْ أَمْرَكَ، فَهُوَ وَاَللَّهِ عَلَى مَا تُحِبُّ، قَالَ: حَتَّى إذَا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ لَبِسَ الْعَبَّاسُ حُلَّةً لَهُ، وَتَخَلَّقَ، وَأَخَذَ عَصَاهُ، ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى أَتَى الْكَعْبَةَ، فَطَافَ بِهَا، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: يَا أَبَا الْفَضْلِ، هَذَا وَاَللَّهِ التَّجَلُّدُ لِحَرِّ الْمُصِيبَةِ، قَالَ: كَلَّا، وَاَللَّهِ الَّذِي حَلَفْتُمْ بِهِ، لَقَدْ افْتَتَحَ مُحَمَّدٌ خَيْبَرَ وَتُرِكَ عَرُوسًا عَلَى بِنْتِ مَلِكِهِمْ، وَأَحْرَزَ أَمْوَالَهُمْ وَمَا فِيهَا فَأَصْبَحَتْ لَهُ وَلِأَصْحَابِهِ، قَالُوا: مَنْ جَاءَكَ بِهَذَا الْخَبَرِ؟ قَالَ: الَّذِي جَاءَكُمْ بِمَا جَاءَكُمْ بِهِ، وَلَقَدْ دَخَلَ عَلَيْكُمْ مُسْلِمًا، فَأَخَذَ مَالَهُ، فَانْطَلَقَ لِيَلْحَقَ بِمُحَمِّدِ وَأَصْحَابِهِ، فَيَكُونُ مَعَهُ، قَالُوا: يَا لِعِبَادِ اللَّهِ! انْفَلَتَ عَدُوُّ اللَّهِ، أَمَا وَاَللَّهِ لَوْ عَلِمْنَا لَكَانَ لَنَا وَلَهُ شَأْنٌ، قَالَ: وَلَمْ يَنْشَبُوا أَنْ جَاءَهُمْ الْخَبَرُ بِذَلِكَ.