ربيع الأول 1 هـ
أيلول 622 م
إسلام عبد الله بن سلام رضي الله عنه

نسب عبد الله بن سلام

هو من بني إسرائيل، من ولد يوسف بن يعقوب نبي الله، وهو حليف للقواقلة وهم بنو غنم وبنو سالم ابني عوف بن عمرو بن الخزرج.

ذهاب عبد الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم

عن أنس بن مالك، قال: أقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، قالوا: جاء نبي الله فاستشرفوا ينظرون، إذ سمع به عبد الله بن سلام وهو في نخل لأهله يخترف لهم منه، فعجل أن يضع التي يخترف لهم فيها، فجاء وهي معه، فسمع من نبي الله صلى الله عليه وسلم، ثم رجع إلى أهله، قال: فلما خلى نبي الله صلى الله عليه وسلم جاء عبد الله بن سلام، فقال: أشهد أنك رسول الله حقًّا، وأنك جئت بحق، ولقد علمت اليهود أني سيدهم وابن سيدهم، وأعلمهم وابن أعلمهم، فادعهم فاسألهم عني قبل أن يعلموا أني قد أسلمت، فإنهم إن يعلموا أني قد أسلمت قالوا فيَّ ما ليس فيَّ، فأرسل نبي الله صلى الله عليه وسلم إليهم، فدخلوا عليه، فقال لهم نبي الله صلى الله عليه وسلم: «يا معشر اليهود، و يلكم: اتقوا الله، فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أني رسول الله حقًّا، وأني جئتكم بحق، أسلموا»، قالوا: ما نعلمه، فأعادها عليهم ثلاثاً وهم يجيبونه كذلك، قال: «فأي رجل فيكم عبد الله بن سلام»؟ قالوا: ذاك سيدنا وابن سيدنا، وأعلمنا وابن أعلمنا، قال: «أفرأيتم إن أسلم»، قالوا: حاشى للهّٰ، ما كان
ليسلم، فقال: «يا ابن سلام، اخرج عليهم». فخرج إليهم، فقال: يا معشر اليهود: و يلكم، اتقوا الله، والله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أنه رسول الله حقًّا، وإنه جاء بالحق، فقالوا: كذبت، فأخرجهم النبي صلى الله عليه وسلم.

امتحان عبد الله للنبي صلى الله عليه وسلم

حدثنا أنس: أن عبد الله بن سلام بلغه مَقْدِم اُلنبي صلى الله عليه وسلم المدينة،َ فأتاه يسأله عن أشياء، فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي: ما أول أشراط الساعة؟ وما أول طعام يأكله أهل الجنة؟ وما بال الولد ينزع إلى أبيه وإلى أمه؟ قال: «أخبرني بهن جبريل آنفًا»، قال ابن سلام: ذاك عدو اليهود من الملائكة، قال: «أما أول أشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق إلى المغرب، وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فز يادة كبد الحوت، وأما الولد فإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد، وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل نزعت الولد»، قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، قال: يا رسول الله إن اليهود قوم بهت …فذكر نحو ما تقدم.

نكران اليهود لمقام عبد الله فيهم

وعن الضحاك في قوله: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ مِثْلِهِ} [الأحقاف: 10] قال: جاء عبد الله بن سلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن اليهود أعظم قوم عَضِيهةَ فسلهم عني، وخذ عليهم ميثاقاً أني إن اتبعتك وآمنت بكتابك أن يؤمنوا بك وبكتابك الذي أنزل عليك، واخبئني يا رسول الله قبل أن يدخلوا عليك.
فأرسل إلى اليهود فقال: ما تعلمون عبد الله بن سلام فيكم؟ قالوا: خيرنا وأعلمنا بكتاب الله، سيدنا وعالمنا وأفضلنا، قال: أرأيتم إن شهد أني رسول الله وآمن بالكتاب الذي أنزل علي تؤمنون بي؟ قالوا: نعم، فدعاه فخرج عليهم عبد الله بن سلام، فقال: يا عبد الله بن سلام، أما تعلم أني رسول الله تجدوني مكتوباً عندكم في التوراة والإنجيل، أخذ الله ميثاقكم أن تؤمنوا
بي، وأن يتبعني من أدركني منكم، قال: بلى، قالوا: ما نعلم أنك رسول الله، وكفروا به وهم يعلمون أنه رسول الله، وأن ما قال حق، فأنزل الله: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ} – يعني الكتاب- والرسول {وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ مِثْلِهِ} – يعني عبد الله بن سلام- {فَآمَنَ وَٱسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ} [الأحقاف: 10] ففي ذلك نزلت هذه الآية.