غزوة بني قُريظة (الحصار – الليلة الأولى)
وفي ليلته أمسى النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم مُحاصرًا حصون #~~~بني قُرَيْظَة~~~#، وكان قدّم الرّماة يقودهم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وفرقته خمسون راميًا يرمونهم بالنّبل والسّهام، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم على فرسه عليه السلاح والدرع، ومعه الفرسان، واستمرّوا يرمونهم بعد الغروب مُدّة، ثم أمرهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالانصراف للمُعسكر عند #~~~بئر أنا~~~#.
فصلوا المغرب والعشاء وأقاموا أوّل الليل، وأرسل سعد بن عُبادة رضي الله عنه أحمال من التمر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمون يأكلون منها، فجلس النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبا بكر وعمر يأكلون منها والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «نعم الطعام التمر».
واجتمع بقيّة المسلمين عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقت العشاء تقريبًا، ومنهم من لم يُصلِّ حتى وصل عند حصون بني قُريظة فقالوا: “أراد منّا ألّا نُصلّي إلا في بني قُريظة”، فالتزموا ظاهر النّص، ومنهم من صلّى في الطريق فقالوا: “أراد منّا الإسراع ولم يُرد تأخير الصلاة”، والمعنيين محتملين من كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «من كان سامعًا مطيعًا فلا يصلّين العصر إلا في بني قُريظة»، فلم ينكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أي من الفريقين تفسيره واجتهاده وأقرّهم على ما فعلوه جميعًا [^1].
وفي السَّحَر أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بإحاطة حُصونهم من كل جانب وأن يتقدَّم الرُّماة وأن ينقسموا مجموعات ترمي كل مجموعة مُدَّة مُعيَّنَة ثم تذهب وتأتي غيرها فترمي وهكذا مُدّة الحصار.
[^1]: وفيه دليل على أنّ الاجتهادين معتبرين والعامل بأي منهما مُصيب، لأن كلام النّبي صلى الله عليه وآله وسلم يحتملهما جميعًا، وعليه قاعدة: كل مجتهد في الفروع التي لا قاطع فيها مُصيب في اجتهاده.