وفي ليلته أمسى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الطريق بين #~~~العَرْج~~~# “النظيم” و#~~~الطلوب~~~# فصلى المغرب والعشاء في …
الطريق، قاطعًا حوالي 10 كم أخرى في ساعتين تقريبًا، ووصل الطلوب بعد العِشاء، ومعه جيش المسلمين عشرة آلاف مقاتل، وكان صلى الله عليه وآله وسلم قد أمر فرقة من الفُرسان -راكبي الخيل- من الجيش أن تتقدم الجيش لتفقد الطريق وتأمينه.
فلمّا كانوا بين العَرْج والطَلوب قبضوا على جاسوس من قبيلة هوازن وأتوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقالوا: “يا رسول الله، رأيناه حين طلعنا عليه وهو على راحلته فتغيب عنا في وهدة -الأرض المنخفضة- ثم جاء فأوفى على نشز -تَبَّة صغيرة- فقعد عليه، فركضنا إليه، فأراد أن يهرب منا، وإذا بعيره قد عقله أسفل من النشز وهو يُغيّبُه -يُخفِيه-، فقلنا: ممن أنت؟ قال: رجل من بني غِفار. فقلنا: هُم أهل البلد، من أيّ بني غِفار أنت؟، فعيي -تلعثم في الكلام- ولم يُنفذ لنا نسبًا، فازددنا به ريبة وأسأنا به الظنّ، فقلنا: فأين أهلك؟، قال: قريبًا، وأومأ -أشار- إلى ناحية. قلنا: على أي ماء؟. ومن معك هناك؟، فلم يُنفِذ شيئًا، فلمّا رأينا ما خلط، قلنا: لتصدقنا أو لنضربن عنقك، قال: فإن صدقتكم ينفعني ذلك عندكم؟، قلنا: نعم، قال: فإني رجل من هوازن من بني نضر بعثتني هوازن عينًا -جاسوسًا-. وقالوا ائت المدينة حتى تلقى محمدًا فتستخبر لنا ما يُريد من أمر حُلفائه؛ أيبعث إلى قريش بعثًا؟، أو يغزوهم بنفسه ولا نراه إلا يستغورهم -يطلب هزيمتهم- فإن خرج سائرًا أو بعث بعثًا فسر معه حتى تنتهي إلى بطن #~~~سَرِف~~~#، فإن كان يُريدنا أولا فسيسلك في بطن سرف حتى يخرج إلينا، وإن كان يريد قريشًا فسيلزم الطريق. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «وأين هوازن؟»، قال: “تركتهم ببقعاء وقد جمعوا الجموع وأجلبوا في العرب، وبعثوا إلى ثقيف فأجابتهم فتركت ثقيفًا على ساقٍ قد جمعوا الجموع وبعثوا في الجًرَش في عمل الدبابات والمنجنيق وهم سائرون إلى جمع هوازن فيكونون جمعًا. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «وإلى من جعلوا أمرهم؟»، قال: “إلى فتاهم مالك بن عوف”. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «وكل هوازن قد أجاب إلى ما دعا إليه مالك؟»، قال: “قد أبطأ من بني عامر أهل الجِدّ والجَلد”. قال صلى الله عليه وآله وسلم: «من؟»، قال: “كعب وكلاب”. قال صلى الله عليه وآله وسلم: «ما فعلت هلال؟»، قال: “ما أقل من ضوى إليه منهم!، وقد مررت بقومك أمس بمكَّة وقد قدم عليهم أبو سفيان بن حرب فرأيتهم ساخطين لما جاء به وهم خائفون وَجِلون”. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «حسبنا الله ونعم الوكيل، ما أراه إلا صَدَقَنِي»، قال الرجل: “فلَينفعني ذلك؟”، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خالد بن الوليد أن يحبسه وخافوا أن يتقدم ويُحذِّر الناس.
وأقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمون عند الطَلُوب أوّل الليل، ثم ارتحلوا حوالي 10 كم في ساعة ونصف تقريبًا حتى وصلوا #~~~القاحة~~~# ثم حوالي 26 كم في خمس ساعات وربع تقريبًا فنزلوا #~~~السُّقيا~~~# “أم البرك” وقت صلاة الصبح تقريبًا أو بعده قليلًا فصلوها بها أو قريبًا منها، ووقفوا بها للاستراحة، فصلوا بها الظهر والعصر وغربت الشمس وهم بها.
وفي السُّقيا كان العبّاس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بانتظار النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليدخل معه مكة، ومعه مخرمة بن نوفل، وكان العبَّاس قد أسلَمَ بعد معركة بدر الكُبرى وبقي بمكَّة يكتم إسلامه -ولم يهاجر للمدينة النورة-.