8 هـ
630 م
وفود تميم

فجاء في أثرهم وفد تميم وفيه عطارد بن حاجب والزبرقان بن بدر وعمرو ابن الأهتم، …

فجلسوا ينتظرون الرسول، فلمّا أبطأ عليهم نادوا من وراء الحجرات بصوت جاف: يا محمد اخرج إلينا نفاخرك، فإنّ مدحنا زين، وأن ذمّنا شين، فخرج إليهم عليه الصلاة والسلام، وقد تأذّى من صياحهم، وفيهم نزل في أوائل سورة الحجرات {إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 4- 5] وكان الوقت وقت الظهر، فأذن بلال، ودخل النّبي للصلاة، فتعلّقوا به يقولون: نحن ناس من تميم جئنا بشاعرنا وخطيبنا نشاعرك ونفاخرك، فقال لهم عليه الصلاة والسلام: «ما بالشعر بعثنا ولا بالفخار أمرنا» ثم صلّى واجتمع حوله رجال الوفد يتفاخرون بمجدهم ومجد ابائهم، وقد مدح عمرو بن الأهتم الزبرقان بن بدر، فقال: إنه لمطاع في أنديته سيد في عشيرته، فقال: الزبرقان: حسدني يا رسول الله لشرفي، وقد علم أفضل مما قال. فقال عمرو: إنه لزمر المروءة، ضيّق العطن، أحمق الأب، لئيم الخال، فرئي الغضب في وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، لاختلاف قولي عمرو، فقال يا رسول الله: لقد صدقت في الأولى، وما كذبت في الثانية، رضيت فقلت أحسن ما علمت، وغضبت فقلت أسوأ ما علمت. فقال عليه الصلاة والسلام «إن من البيان لسحراً» ثم أسلم القوم فردّ النّبيّ عليه الصلاة والسلام عليهم أسراهم، وأحسن جائزتهم، وأقاموا مدّة يتعلمون فيها القران، ويتفقهون في الدّين.