(هُوَ أَوِ ابْنُ هِشَامٍ الَّذِي رَأَى إِبْلِيسَ. وَمَا نَزَلَ فِيهِ)

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَعُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ، أَوْ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ، قَدْ ذُكِرَ لِي …

أَحَدُهُمَا، الَّذِي رَأَى إبْلِيسَ حِينَ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ يَوْمَ بَدْرٍ، فَقَالَ: أَيْن، أَي سراق؟ وَمَثَلَ عَدُوُّ اللَّهِ فَذَهَبَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ. {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقال لَا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ، وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ} [الأنفال: 48]. فَذَكَرَ اسْتِدْرَاجَ إبْلِيسَ إيَّاهُمْ، وَتَشَبُّهَهُ بِسُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ لَهُمْ، حِينَ ذَكَرُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ بَنِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ فِي الْحَرْبِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمْ. يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ} [الأنفال: 48] وَنَظَرَ عَدُوُّ اللَّهِ إلَى جُنُودِ اللَّهِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ، قَدْ أَيَّدَ اللَّهُ بِهِمْ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ عَلَى عَدُوِّهِمْ {نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَقال إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى مَا لَا تَرَوْنَ} [الأنفال: 48].
وَصَدَقَ عَدُوُّ اللَّهِ، رَأَى مَا لَمْ يَرَوْا، وَقَالَ: {إِنِّي أَخافُ اللَّهَ، وَالله شَدِيدُ الْعِقابِ} [الأنفال: 48]. فَذُكِرَ لِي أَنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَهُ فِي كُلِّ مَنْزِلٍ فِي صُورَةِ سُرَاقَةَ لَا يُنْكِرُونَهُ، حَتَّى إذَا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ، وَالْتَقَى الْجَمْعَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ، فَأَوْرَدَهُمْ ثُمَّ أَسْلَمَهُمْ.