4 هـ
625 م
(مَا قِيلَ فِي بَنِي النَّضِيرِ مِنْ الشِّعْرِ)

وَكَانَ مِمَّا قِيلَ فِي بَنِي النَّضِيرِ مِنْ الشِّعْرِ قَوْلُ ابْنِ لُقَيْمٍ الْعَبْسِيِّ، وَيُقَالُ:…

قَالَهُ قَيْسُ بْنُ بَحْرِ بْنِ طَرِيفٍ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: قَيْسُ بْنُ بَحْرٍ الْأَشْجَعِيُّ- فَقَالَ:
أَهْلِي فِدَاءٌ لِامْرِئٍ غَيْرِ هَالِكٍ أَحَلَّ الْيَهُودَ بِالْحَسِيِّ الْمُزَنَّمِ 
يَقِيلُونَ فِي جَمْرِ الغَضَاةِ وَبُدِّلُوا  أُهَيْضِبُ  عُودى بِالْوَدِيِّ الْمُكَمَّمِ 
فَإِنْ يَكُ ظَنِّيُّ صَادِقًا بِمُحَمَّدٍ تَرَوْا خَيْلَهُ بَيْنَ الصَّلَا وَيَرَمْرَمَ
يَؤُمُّ بِهَا عَمْرَو بْنَ بُهْثَةَ إنَّهُمْ عَدْوٌّ وَمَا حَيٌّ صَدِيقٌ كَمُجْرِمِ
عَلَيْهِنَّ أَبْطَالٌ مَسَاعِيرُ فِي الْوَغَى يَهُزُّونَ أَطْرَافَ الْوَشِيجِ الْمُقَوَّمِ 
وَكُلَّ رَقِيقِ الشَّفْرَتَيْنِ مُهَنَّدٌ تُوُورِثْنَ مِنْ أَزْمَانِ عَادٍ وَجُرْهُمِ
فَمَنْ مُبْلِغٌ عَنِّي قُرَيْشًا رِسَالَةً فَهَلْ بَعْدَهُمْ فِي الْمَجْدِ مِنْ مُتَكَرِّمِ
بِأَنَّ أَخَاكُمْ فَاعْلَمُنَّ مُحَمَّدًا تَلِيدُ النَّدَى بَيْنَ الْحَجُونِ وَزَمْزَمِ
فَدِينُوا لَهُ بِالْحَقِّ تَجْسُمُ أُمُورُكُمْ وَتَسْمُوا مِنْ الدُّنْيَا إلَى كُلِّ مُعْظَمِ 
نَبِيٌّ تَلَاقَتْهُ مِنْ اللَّهِ رَحْمَةٌ وَلَا تَسْأَلُوهُ أَمْرَ غَيْبٍ مُرَجَّمِ 
فَقَدْ كَانَ فِي بَدْرٍ لعمري عِبْرَة لكم يَا قُرَيْشًا وَالْقَلِيبِ الْمُلَمَّمِ 
غَدَاةَ أَتَى فِي الْخَزْرَجِيَّةِ عَامِدًا إلَيْكُمْ مُطِيعًا لِلْعَظِيمِ الْمُكَرَّمِ
مُعَانًا بِرُوحِ الْقُدْسِ يُنْكَى عَدُوُّهُ رَسُولًا مِنْ الرَّحْمَنِ حَقًّا بِمَعْلَمِ 
رَسُولًا مِنْ الرَّحْمَنِ يَتْلُو كِتَابَهُ فَلَمَّا أَنَارَ الْحَقُّ لَمْ يَتَلَعْثَمْ 
أَرَى أَمْرَهُ يَزْدَادُ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ عُلُوًّا لِأَمْرِ حَمَّهُ اللَّهُ مُحْكَمِ 
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: عَمْرُو بْنُ بُهْثَةَ، مِنْ غَطَفَانَ. وَقَوْلُهُ «بِالْحَسِيِّ الْمُزَنَّمِ» ، عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: يَذْكُرُ إجْلَاءَ بَنِي النَّضِيرِ، وَقَتْلَ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: قَالَهَا رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ غَيْرُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فِيمَا ذَكَرَ لِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ، وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْهُمْ يَعْرِفُهَا لِعَلِيٍّ:
عَرَفْتُ وَمَنْ يَعْتَدِلْ يَعْرِفْ وَأَيْقَنْتُ حَقًّا وَلَمْ أَصْدِفْ 
عَنْ الْكَلِمِ الْمُحْكَمِ اللَّاءِ  مِنْ لَدَى اللَّهِ ذِي الرَّأْفَةِ الْأَرْأَفِ
رَسَائِلُ تُدْرَسُ فِي الْمُؤْمِنِينَ بِهِنَّ اصْطَفَى أَحْمَدَ الْمُصْطَفَى
فَأَصْبَحَ أَحْمَدُ فِينَا عَزِيزًا عَزِيزَ الْمُقَامَةِ وَالْمَوْقِفِ 
فَيَأَيُّهَا الْمُوعِدُوهُ سَفَاهًا وَلَمْ يَأْتِ جَوْرًا وَلَمْ يَعْنُفْ
أَلَسْتُمْ تَخَافُونَ أَدْنَى الْعَذَابِ وَمَا آمِنُ اللَّهِ كَالْأَخْوَفِ
وَأَنْ تُصْرَعُوا تَحْتَ أَسْيَافِهِ كَمَصْرَعِ كَعْبٍ أَبِي الْأَشْرَفِ
غَدَاةَ رَأَى اللَّهُ طُغْيَانَهُ وَأَعْرَضَ كَالْجَمَلِ الْأَجْنَفِ 
فَأَنْزَلَ جِبْرِيلَ فِي قَتْلِهِ بِوَحْيٍ إلَى عَبْدِهِ مُلْطَفِ
فَدَسَّ الرَّسُولُ رَسُولًا لَهُ بِأَبْيَضَ ذِي هَبَّةٍ مُرْهَفِ 
فَبَاتَتْ عُيُونٌ لَهُ مُعْوِلَاتٍ مَتَى يُنْعَ كَعْبٌ لَهَا تَذْرِفْ
وَقُلْنَ لِأَحْمَدَ ذَرْنَا قَلِيلًا فَإِنَّا مِنْ النَّوْحِ لَمْ نَشْتَفِ
فَخَلَّاهُمْ ثُمَّ قَالَ اظْعَنُوا دُحُورًا عَلَى رَغْمِ الْآنُفِ 
وَأَجْلَى النَّضِيرَ إلَى غُرْبَةٍ وَكَانُوا بِدَارٍ ذَوِي زُخْرُفِ
إِلَى أَذْرُعَات ردا فِي وَهُمْ عَلَى كُلِّ ذِي دَبَرٍ أَعْجَفِ 
فَأَجَابَهُ سَمَّاكٌ الْيَهُودِيُّ، فَقَالَ:
إنْ تَفْخَرُوا فَهُوَ فَخْرٌ لَكُمْ بِمَقْتَلِ كَعْبٍ أَبِي الْأَشْرَفِ
غَدَاةَ غَدَوْتُمْ عَلَى حَتْفِهِ وَلَمْ يَأْتِ غَدِرًا وَلَمْ يُخْلِفْ
فَعَلَّ اللَّيَالِيَ وَصَرَفَ الدُّهُورَ يُدِيلُ مِنْ الْعَادِلِ الْمُنْصِفِ 
بِقَتْلِ النَّضِيرِ وَأَحْلَافِهَا وَعَقْرِ النَّخِيلِ وَلَمْ تُقْطَفْ 
فَإِنْ لَا أَمُتْ نَأْتِكُمْ بِالْقَنَا وَكُلُّ حُسَامٍ مَعًا مُرْهَفِ 
بِكَفٍّ كَمِىٍّ بِهِ يَحْتَمِي مَتَى يَلْقَ قِرْنًا لَهُ يُتْلِفْ 
مَعَ الْقَوْمِ صَخْرٌ وَأَشْيَاعُهُ إذَا غَاوَرَ الْقَوْمَ لَمْ يَضْعُفْ
كَلَيْثِ بِتَرْجِ حَمَى غِيلَهُ أَخِي غَابَةٍ هَاصِرٍ أَجْوَفِ