قُدُومُ عَمْرو بن معديكرب فِي أُنَاسٍ مِنْ بَنِي زُبَيْدٍ

وَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمْرو بن معديكرب فِي أُنَاسٍ مِنْ بَنِي زُبَيْدٍ،…

فَأَسْلَمَ، وَكَانَ عَمْرٌو قَدْ قَالَ لِقَيْسِ بْنِ مَكْشُوحٍ الْمُرَادِيَّ، حِينَ انْتَهَى إلَيْهِمْ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا قَيْسُ، إنَّكَ سَيِّدُ قَوْمِكَ، وَقَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدٌ قَدْ خَرَجَ بِالْحِجَازِ، يَقُولُ إنَّهُ نَبِيٌّ، فَانْطَلِقْ بِنَّا إلَيْهِ حَتَّى نَعْلَمَ عِلْمَهُ، فَإِنْ كَانَ نَبِيًّا كَمَا يَقُولُ، فَإِنَّهُ لَنْ يَخْفَى عَلَيْكَ، وَإِذَا لَقَيْنَاهُ اتَّبَعْنَاهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ عَلِمْنَا عِلْمَهُ، فَأَبَى عَلَيْهِ قَيْسٌ ذَلِكَ، وَسَفَّهُ رَأْيَهُ، فَرَكِبَ عَمْرو ابْن معديكرب حَتَّى قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْلَمَ، وَصَدَّقَهُ، وَآمَنَ بِهِ.
فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ قَيْسَ بْنَ مَكْشُوحٍ أَوْعَدَ عَمْرًا، وَتَحَطَّمْ عَلَيْهِ ، وَقَالَ: خَالَفَنِي وَتَرَكَ رَأْيِي، فَقَالَ عَمْرو بن معديكرب فِي ذَلِكَ:
أَمَرْتُكَ يَوْم ذِي صنعاء أَمْرًا بَادِيًا رُشْدَهْ 
أَمَرْتُكَ بِاتِّقَاءِ اللَّهِ وَالْمَعْرُوفِ تَتَّعِدُهْ 
خَرَجْتُ مِنْ الْمُنَى مِثْلَ الْحُمَيِّرِ غَرَّهُ وَتِدُهْ
تَمُنَّانِي عَلَى فَرَسٍ عَلَيْهِ جَالِسًا أُسْدُهْ
عَلَيَّ مُفَاضَةٌ كَالنَّهْيِ أَخَلَصَ مَاءَهُ جَدَدُهْ 
تَرُدُّ الرُّمْحَ مُنْثَنَى  السِّنَانِ عَوَائِرًا قِصَدُهْ 
فَلَوْ لَاقَيْتَنِي لَلَقِيتُ لَيْثًا فَوْقَهُ لِبَدُهْ
تُلَاقِي شَنْبَثًا شَثْنَ الْبَرَاثِنِ نَاشِزًا كَتَدُهْ 
يُسَامَى الْقِرْنَ إنْ قِرْنٌ تَيَمَّمُهُ فَيَعْتَضِدُهْ 
فَيَأْخُذُهُ فَيَرْفَعُهُ فَيَخْفِضُهُ فَيَقْتَصِدُهْ 
فَيَدْمَغُهُ فَيَحْطِمُهُ فَيَخْضِمهُ فَيَزْدَرِدُهْ
ظَلُومَ الشَّرَكِ فِيمَا أَحْرَزَتْ أَنْيَابُهُ وَيَدُهْ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أَنْشَدَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ:
أَمَرْتُكَ يَوْم ذِي صنعاء أَمْرًا بَيِّنًا رُشْدُهُ
أَمَرْتُكَ بِاتِّقَاءِ اللَّهِ تَأْتِيهِ وَتَتَّعِدُهْ
فَكُنْتُ كذي الحميّر غرره مِمَّا بِهِ وَتِدُهْ
وَلَمْ يَعْرِفْ سَائِرَهَا.