(قَصِيدَةٌ أُخْرَى لِابْنِ مِرْدَاسٍ)

فَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيُّ…
يَذْكُرُ قَارِبَ بْنَ الْأَسْوَدِ وَفِرَارَهُ مِنْ بَنِي أَبِيهِ، وَذَا الْخِمَارِ وَحَبْسَهُ قَوْمَهُ لِلْمَوْتِ:
أَلَا مِنْ مُبَلِّغٍ غَيْلَانَ عَنِّي وَسَوْفَ- إخَالُ- يَأْتِيهِ الْخَبِيرُ
وَعُرْوَةَ إنَّمَا أُهْدِي جَوَابًا وَقَوْلًا غَيْرَ قَوْلِكُمَا يَسِيرُ
بِأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدٌ رَسُولٌ لِرَبٍّ لَا يَضِلُّ وَلَا يَجُورُ
وَجَدْنَاهُ نَبِيًّا مِثْلَ مُوسَى فَكُلُّ فَتَى يُخَايِرُهُ مَخِيرُ 
وَبِئْسَ الْأَمْرُ أَمْرُ بَنِي قَسِيٍّ بِوَجٍّ إذْ تُقُسِّمَتْ الْأُمُورُ 
أَضَاعُوا أَمْرَهُمْ وَلِكُلِّ قَوْمٍ أَمِيرٌ وَالدَّوَائِرُ قَدْ تَدُورُ
فَجِئْنَا أُسْدَ غَابَاتٍ إلَيْهِمْ جُنُودُ اللَّهِ ضَاحِيَةً تَسِيرُ 
يَؤُمُّ الْجَمْعَ جَمْعَ بَنِي قَسِيٍّ عَلَى حَنَقٍ نَكَادُ لَهُ نَطِيرُ 
وَأُقْسِمُ لَوْ هُمْ مَكَثُوا لَسِرْنَا إلَيْهِمْ بِالْجُنُودِ وَلَمْ يَغُورُوا 
فَكُنَّا أُسْدَ لِيَّةَ ثَمَّ حَتَّى أَبَحْنَاهَا وَأُسْلِمَتْ النُّصُورُ 
وَيَوْمٌ كَانَ قَبْلُ لَدَى حُنَيْنٍ فَأَقْلَعَ وَالدِّمَاءُ بِهِ تَمُورُ 
مِنْ الْأَيَّامِ لَمْ تَسْمَعْ كَيَوْمٍ وَلَمْ يَسْمَعْ بِهِ قَوْمٌ ذُكُورُ
قَتَلْنَا فِي الْغُبَارِ بَنِي حُطَيْطٍ عَلَى رَايَاتِهَا وَالْخَيْلُ زُورُ 
وَلَمْ يَكُ ذُو الْخِمَارِ رَئِيسَ قَوْمٍ لَهُمْ عَقْلٌ يُعَاقِبُ أَوْ مَكِيرُ
أَقَامَ بِهِمْ عَلَى سَنَنِ الْمَنَايَا وَقَدْ بَانَتْ لِمُبْصِرِهَا الْأُمُورُ 
فَأَفْلَتَ مَنْ نجا مِنْهُم جيضا وَقُتِّلَ مِنْهُمْ بَشَرٌ كَثِيرُ 
وَلَا يُغْنِي الْأُمُورَ أَخُو الْتَوَانِي وَلَا الْغَلِقُ الصُّرَيِّرَةُ الْحَصُورُ 
أَحَانَهُمُ وَحَانَ وَمَلَّكُوهُ أُمُورَهُمْ وَأَفْلَتَتْ الصُّقُورُ 
بَنُو عَوْفٍ تَمِيحُ بِهِمْ جِيَادٌ أُهِينَ لَهَا الْفَصَافِصُ وَالشَّعِيرُ 
فَلَوْلَا قَارِبٌ. وَبَنُو أَبِيهِ تُقُسِّمتَ الْمَزَارِعُ والقصور
ولكنّ الرِّئَاسَة عُمِّمُوهَا عَلَى يُمْنٍ أَشَارَ بِهِ الْمُشِيرُ 
أَطَاعُوا قَارِبًا وَلَهُمْ جُدُودٌ وَأَحْلَامٌ إلَى عِزٍّ تَصِيرُ
فَإِنْ يُهْدَوْا إلَى الْإِسْلَامِ يُلْفَوْا أُنُوفَ النَّاسِ مَا سَمَرَ السَّمِيرُ 
وَإِنْ لَمْ يُسْلِمُوا فَهُمْ أَذَانٌ بِحَرْبِ اللَّهِ لَيْسَ لَهُمْ نَصِيرُ
كَمَا حَكَّتْ بَنِي سَعْدٍ وَحَرْبٌ بِرَهْطِ بَنِي غَزِيَّةَ عَنْقَفِيرُ 
كَأَنَّ بَنِي مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرٍ إلَى الْإِسْلَامِ ضَائِنَةٌ تَخُورُ 
فَقُلْنَا أَسْلِمُوا إنَّا أَخُوكُمْ وَقَدْ بَرَأَتْ مِنْ الْإِحَنِ الصُّدُورُ
كَأَنَّ الْقَوْمَ إذْ جَاءُوا إلَيْنَا مِنْ الْبَغْضَاءِ بَعْدَ السِّلْمِ عُورُ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: غَيْلَانُ: غَيْلَانُ بْنُ سَلَمَةَ الثَّقَفِيُّ، وَعُرْوَةُ: عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ