(قَتْلُهُ أَبَا سُفْيَانَ وَهَرَبُهُ)

قَالَ: …
وَمَعِي خِنْجَرٌ قَدْ أَعْدَدْتُهُ لِأَبِي سُفْيَانَ، فَأَخْرُجُ إلَيْهِ، فَأَضْرِبُهُ عَلَى ثَدْيِهِ ضَرْبَةً، وَصَاحَ صَيْحَةً أَسْمَعَ أَهْلَ مَكَّةَ، وَأَرْجِعُ فَأَدْخُلُ مَكَانِي، وَجَاءَهُ النَّاسُ يَشْتَدُّونَ وَهُوَ بِآخِرِ رَمَقٍ، فَقَالُوا: مَنْ ضَرَبَكَ؟ فَقَالَ: عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ، وَغَلَبَهُ الْمَوْتُ، فَمَاتَ مَكَانَهُ، وَلَمْ يَدْلُلْ عَلَى مَكَانِنَا، فَاحْتَمَلُوهُ. فَقُلْتُ لِصَاحِبِي، لَمَّا أَمْسَيْنَا: النَّجَاءُ، فَخَرَجْنَا لَيْلًا مِنْ مَكَّةَ نُرِيدُ الْمَدِينَةَ، فَمَرَرْنَا بِالْحَرَسِ وَهُمْ يَحْرَسُونَ جِيفَةَ خُبَيْبِ بْنِ عَدِيٍّ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ: وَاَللَّهِ مَا رَأَيْتُ كَاللَّيْلَةِ أَشَبَهَ بِمِشْيَةِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ، لَوْلَا أَنَّهُ بِالْمَدِينَةِ لَقُلْتُ هُوَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ، قَالَ: فَلَمَّا حَاذَى الْخَشَبَةَ شَدَّ عَلَيْهَا، فَأَخَذَهَا فَاحْتَمَلَهَا، وَخَرَجَا شَدًّا، وَخَرَجُوا وَرَاءَهُ، حَتَّى أَتَى جُرْفًا بِمَهْبِطِ مَسِيلِ يَأْجَجَ، فَرَمَى بِالْخَشَبَةِ فِي الْجُرْفِ، فَغَيَّبَهُ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، قَالَ: وَقُلْتُ لِصَاحِبِي: النَّجَاءَ النَّجَاءَ، حَتَّى تَأْتِيَ بَعِيرَكَ فَتَقْعُدَ عَلَيْهِ، فَإِنِّي سَأَشْغَلُ عَنْكَ الْقَوْمَ، وَكَانَ الْأَنْصَارِيُّ لَا رُجْلَةَ لَهُ.