10 محرم 4 هـ
21 حزيران 625 م
غزوة ذات الرقاع

غزو بني محارب وبني ثعلبة


قال ابن إسحاق: ثم أقام رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم بعد غزوة بني النضير شهر ربيع، وقال الوقشي: الصواب شهري ربيع وبعض جمادى، ثم غزا نجدًا يريد بني محارب وبني ثعلبة من غطفان.

من استعمل على المدينة

واستعمل على المدينة أبا ذر الغفاري رضي اللهّٰ عنه، و يقال: عثمان بن عفان رضي اللهّٰ عنه فيما قال ابن هشام.

مكان الغزوة

وقال: حتى نزل نَخلْا وهي غزوة ذات الرقاع.

سبب تسميتها

وسميت بذلك لأنهم رَقَعّوُا فيها راياتهم، و يقال: ذات الرقاع شجرة بذلك الموضع، وقيل: لأن أقدامهم نقَبِتَ، فكانوا يلفون عليها الخرِقَ، وقيل: بل الجبل الذي نزلوا عليه كانت أرضه ذات ألوان تشبه الرقاع.

صلاة الخوف

قال ابن إسحاق: فلقي بها جمعاً من غطفان، فتقارب الناس، ولم يكن بينهم حرب، وقد خاف الناس بعضهم بعضًا، حتى صلى رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم بالناس صلاة الخوف، ثم انصرف بالناس. قال ابن سعد: وكان ذلك أول ما صلاها. وبين الرواة خلُفٌْ في صلاة الخوف ليس هذا موضعه.

محاولة لقتل النبي الأمين

عن جابر بن عبد اللهّٰ، أن رجلاً من بني محارب، يقال له: غورث، قال لقومه من غطفان ومحارب: ألا أقتل لكم محمدًا؟ قالوا: بلى، وكيف تقتله؟ قال: أفتك به، قال: فأقبل إلى رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم وهو جالس، وسيفه في حجره، فقال: يا محمد، انظر إلى سيفك هذا؟ قال: نعم، فأخذه، فاستله، ثم جعل يهزه ويهم فيكبته اللهّٰ، ثم قال: يا محمد أما تخافني؟ قال: لا، وما أخاف منك، قال: وفي يدي السيف؟ قال: لا، بل يمنعني اللهّٰ منك، قال: ثم عمد إلى سيف رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ
عليه وسلم فرده عليه، فأنزل اللهّٰ تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَآ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ…} [المائدة: 11]الآية.

عفو النبي صلى اللهّٰ عليه وسلم عن الأعرابي

وقد رواه من حديث جابر أيضًا أبو عوانة، وفيه: فسقط السيف من يده، فأخذه رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم فقال: من يمنعك؟ قال: كن خير آخذ، قال: تشهد أن لا إله إلا اللهّٰ وأني رسول اللهّٰ؟ قال الأعرابي: أعاهدك أني لا أقاتلك، ولا أكون  مع قوم يقاتلونك، قال: فخلَىّ رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم سبيله، فجاء إلى قومه، فقال: جئتكم من عند خير الناس.
تشابه الواقعة مع واقعة أخرى قلت: وقد تقدم في غزوة ذي أمر خبرٌ لرجل يقال له: دعثور بن الحارث ، من بني محارب يشبه هذا الخبر، قام على رأس رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم بالسيف، فقال: من يمنعك مني اليوم؟ قال رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم: اللهّٰ، ودفع جبر يل في صدره، فوقع السيف من يده، فأخذه رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم، وقال: من يمنعك مني؟ قال: لا أحد، أشهد أن لا إله إلا اللهّٰ وأن محمدًا رسول اللهّٰ، ثم أتى قومه فجعل يدعوهم إلى الإسلام ونزلت: {يَا أَيُّهَآ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ…} [المائدة: 11]  الآية.
والظاهر أن الخبرين واحد، وقد قيل: إن هذه الآية نزلت في أمر بني النضير كما سبق فاللهّٰ أعلم.

شراء النبي جمل جابر
وفي انصرافه عليه السلام من هذه الغزوة أبطأ جمل جابر بن عبد اللهّٰ به، فنخسه النبي صلى اللهّٰ عليه وسلم، فانطلق متقدمًا بين يدي الركاب، ثم قال: أتبيعنيه؟ فابتاعه منه، وقال له: لك ظهره إلى المدينة، فلما وصل إلى المدينة أعطاه الثمن ووهب له الجمل.

سبب آخر للغزوة

وقال ابن سعد: قالوا: قدم قادم المدينة بجلبَ له، فأخبر أصحاب رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم أن أنمار وثعلبة قد جمعوا لهم الجموع، فبلغ ذلك رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم.

عدد المشاركين في الغزوة

فخرج ليلة السبت لعشر خلون من المحرم من أربعمائة من أصحابه، و يقال سبعمائة، فمضى حتى أتى محالَهّم ب ذات الرقاع، فلم يجد في محالهم أحدًا إلا نسوة.
إرسال جعال بشيرا بسلامة المسلمين وبعث رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم جِعاَل بن سراقة بشيراً بسلامته وسلامة المسلمين.

مدة الغياب عن المدينة
قال: وغاب خمس عشرة ليلة.

سبب آخر لتسمية الغزوة
وروينا في صحيح البخاري من حديث أبي موسى: أنهم نقَبِت أقدامهم، فلفوا عليها الخرِقَ، فسميت غزوة ذات الرقاع.

تحقيق القول فيما جاء في خبر أبي موسى

وجعل حديث أبي موسى هذا حجة في أن غزوة ذات الرقاع متأخرة عن خيبر، وذلك أن أبا موسى إنما قدم مع أصحاب السفينتين بعد هذا بثلاث سنين، والمشهور في تاريخ غزوة ذات الرقاع ما قدمناه، وليس في خبر أبي موسى ما يدل على شيء من ذلك.