5 شوال 8 هـ
25 كانون الثاني 630 م
غزوة حنين

اجتماع الأعداء ضد الإسلام

قال ابن إسحاق: ولما سمعت هوازن برسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم وما فتح اللهّٰ عليه من مكة، جمعها مالك بن عوف النَصّْري، فاجتمع إليه مع هوازن ثقيف كلُهّا، واجتمعت نصر وجُشمَ كلها، وسعد بن بكر وناس من بني هلال وهم قليل، ولم يشهدها من قيس عَيلْان إلا هؤلاء، غابت عنها فلم يحضرْها من هوازن كعب ولا كلاب، ولم يشهدها منهم أحدٌ له اسم، وفي جُشمَ دُريد بن الصِّمَّة، شيخ كبير ليس فيه شيء إلا التيمُّنُ برأيه ومعرفته بالحرب، وكان شجاعاً مُحرِْباً، وفي ثقيف سيدان لهم، وفي الأحلاف قارِب بن الأسود بن مسعود بن معُتبِّ.
وفي بني مالك ذو الخمار سُبيع بن الحارث بن مالك، وأخوه أحمر بن الحارث. وجماع أمر الناس إلى مالك بن عوف النَصّْري.

حالهم في المسير إلى المسلمين

فلما أجمع السير إَلى رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم حَطَّ مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم. فلما نزل بأوطاس اجتمع إليه الناس، وفيهم دريد بن الصمة. فلما نزل قال: بأي واد أنتم؟ قالوا: بأوطاس، قال: نعِْمَ محلُّ الخيل، لا حَزْنٌ ضرَِسٌ ، ولا سهلٌ دَهْسٌ. مالي أسمع رغاء اَلبعير، ونهاق الحمير، وبكاء الصغير، و يعُار الشاء؟ قال: سقتُ مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم. قال: ولمِ؟َ قال: أردت أن أجعل خلف كل رجل أهله وماله ليقاتل عنهم. قال: فأنقضَ به. ثم قال: راعي ضأن واللهّٰ. وهل يردُّ المنهزمَ شيء؟ٌ إنها إن كانت لكَ لم ينفعْك إلا رجل بسيفه ورمحه، وإن
كانت عليك فضحت في أهلك ومالك.

موقف كعب وكلاب

ثم قال: ما فعلتْ كعب وكلاب؟ قالوا: لم يشهدها منهم أحد. قال: غاب الحدُّ والجدَُّ، لو كان يوم علَاء ورفعة لم يغب عنه كعب وكلاب، ولوددت أنكم فعلتم كما فعلتْ كعبٌ وكلاب. فمن شهدها منكم؟ قالوا: عمرو بن عامر، وعوف بن عامر، قال: ذانك الجذَعاَن من عامر لا ينفعان ولا يضران. يا مالك: إنك لم تصنع بتقديم البيضة بيضة هوازن إلى نحورالخيل شيئاً. ارفعهم إلى متُمتَعّ بلادهم وعلُيْاَ قومهم، ثم ألقِ الصُّبَىّ على متون الخيل. وإن كانت لك لحق بك من وراءك، وإن كانت عليك ألقاك ذلك وقد أحرزت أهلك ومالكَ. قال: واللهّٰ لا أفعل، إنك قد كبرت وكبر عقلك. واللهّٰ لتطُيعنَُنّي يا معشر هوازن، أو لأتكئنَّ على هذا السيف حتى يخرجَ من ظهري. وكره أن يكون لدريد فيها ذكر أو رأي. قالوا: أطعناك. فقال دريد بن الصمة: هذا يومٌ لم أشهده، ولم يفتني:
يا ليتني فيها جذَع … أخبُّ فيها وأضع
أقود وطفاء اَلزمع … كأنها شاةٌ صَدَع

وصية مالك للناس

ثم قال مالك للناس: إذا رأيتموهم فاكسروا جفون سيوفكم، ثم شدوا شدة رجل واحد. وبعث عيوناً من رجاله فأتوه وقد تفرقت أوصالهم. قال: و يلكم! ما شأنكم؟ قالوا: رأينا رجالًا بيضًا على خيل بلُقْ، واللهّٰ ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى، فوالله ما رده ذلك عن وجهه أن مضى على ما يريد.

رد فعل المسلمين

ولما سمع بهم نبي اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم بعث إليهم عبد اللهّٰ بن حدرد الأسلمي ، وأمره أن يدخل في الناس، فيقيم فيهم حتى يعلم علمهم ثم يأتيه بخبرهم.

تنفيذ ابن أبي حدرد للمهمة

فانطلق ابن أبي حدرد فدخل فيهم حتى سمع وعلم ما قد أجمعوا له من حرب رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم، وسمع من مالك وأمر هوازن ما همُْ عليه، ثم أقبل حتى أتى رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم فأخبره الخبر.

التوسع في طلب السلاح

فلما أجمع رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم السير إلى هوازن ذكر له أن عند صفوان بن أمية أدراعاً وسلاحًا، فأرسل إليه وهو يومئذ مشرك، فقال: “يا أبا أمية، أعرنا سلاحك هذا نلق فيه عدونا غدًا“. فقال صفوان: أغصباً يا محمد؟ قال: “بل عار ية وهي مضمونة حتى نؤديها إليك“. قال: ليس بهذا بأس. فأعطاه مائة درع بما يكفيها من السلاح.

عدد الجيش

فزعموا أن رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم سأله أن يكفيهم حملها ففعل، ثم خرج رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم معه ألفان من أهل مكة مع عشرة آلاف من أصحابه الذين خرجوا معه، ففتح اللهّٰ بهم مكة فكانوا اثني عشر ألفًا.

عتاب بن أسيد أميرا على مكة

واستعمل عَتَاّب بن أَسيد على مكة أميراً.

المسير إلى هوزان

ثم مضى يريد لقاء هوازن. وعن جابر بن عبد اللهّٰ، قال: لما استقبلنا وادي حنين انحدرنا في وادٍ من أودية تهامة أجوفَ حطوط، إنما تنحدر فيه انحدارًا، قال: وفي عمَاية الصبح، وكان القوم قد سبقونا إلى الوادي، فكمنوا لنا في شعابه وأجنابه ومضايقه، وقد أجمعوا وتهيئوا وأعدوا، فوالله ما راعنا ونحن منحطون إلا الكتائب قد شدوا علينا شدة رجل واحد، وانشمر اَلناسُ راجعين، لا يلوي أحد على أحد.

نداء النبي لاجتماع الناس

وانحاز رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم ذات اليمين، ثم قال: “يا أيها الناس، هلم إليَّ أنا رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم، أنا محمد بن عبد اللهّٰ“. قال: فلا شيء. حملت الإبل بعضها على بعض، فانطلق الناس، إلا أنه قد بقي مع رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم نفر من المهاجرين وأهل بيته وفيمن لبث معه من المهاجرين أبو بكر و عمر ، ومن أهل بيته علي بن أبي طالب ، و العباس ، وأبو سفيان بن الحارث ، وابنه، و الفضل بن العباس ، وربيعة بن الحارث ، وأسامة بن زيد ، وأيمن ابن أم أيمن، وقتل يومئذ.

هجوم رجل من هوزان

قال: ورجل من هوازن على جمل له أحمر، بيده راية سوداء في رأس رمح طو يل أمام هوازن، وهوازن خلفه، إذا أدرك طعنَ برمحه، وإذا فاته الناس رفع رمحه لمن وراء فاتبعوه.

هجوم المسلمين على الرجل

فبينما هو كذلك إذ أهوى إليه علي بن أبي طالب ورجل من الأنصار يريدانه. قال: فيأتي عليّ مٌن خلفه فيضرب عرقوبي الجمل، فوقع على عجزه، ووثب الأنصاري على الرجل فضربه ضربة أطنَّ قدمه بنصف ساقه، فانجعف عن رحله. قال: واجتلد الناس. فوالله ما رجعت راجعة الناس من هزيمتهم حتى وجدوا الأسارى مكتفين عند رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم.

موقف جفاة أهل مكة

قال ابن إسحاق: فلما انهزم الناس – يعني: المسلمين- ورأى مَنْ كان مع رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم من جفاة أهل مكة الهزيمة، تكلم رجال منهم بما في أنفسهم من الضِّغْن. فقال أبو سفيان بن حرب: لا تنتهي هزيمتهم دون البحر، وإن الأزلام لمعه في كنانته، وصرخ جَبلَةَ بن الحنبل- وصوبه ابن هشام، كَلدَة-: ألا بطل السحر اليوم، فقال له صفوان أخوه لأمه وكان بعدُ مشركًا: اسكت فض اللهّٰ فاك فوالله لئن يرَبَنّي رجلٌ من قريش أحب إليَّ من أن يربني رجلٌ من هوازن.

موقف شيبة بن عثمان

وعن منصور بن عبد الرحمن الحجَبَي، عن أبيه، عن أمه وغيرها، قالوا: كان شيبة بن عثمان رجلاً صالحاً له فضل، وكان يحدث عن إسلامه وما أراد اللهّٰ به من الخير، و يقول: ما رأيت أعجب مما كنا فيه من لزوم ما مضى عليه آباؤنا من الضلالات. ثم يقول: لما كان عام الفتح ودخل رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم مكة عنوة. قلت: أسير مع قريش إلى هوازن ب حنين، فعسى إن اختلطوا أن أصيب من محمد غِرَّة فأثأر منه، فأكون أنا الذي قمت بثأر قريش كلها، وأقول: لو لم يبقَ من العرب والعجم أحدٌ إلا اتبع محمدًا ما تبعته أبدًا، وكنت مرُْصدًا لما خرجت له، لا يزداد الأمر في نفسي إلا قوة.
فلما اختلط الناس، اقتحم رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم عن بغلته، وأصلت السيف، فدنوت أريد ما أريد منه، ورفعت سيفي حتى كدت أُسَوِّره، فرفع لي شواظ من نار كالبرق كاد يمَحُْشني، فوضعت يدي على بصري
خوفاً عليه.

موقف النبي من شيبة

والتفت إلى رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم فناداني: “يا شيب، ادنُ“. فدنوت، فمسح صدري، ثم قال: “اللهم أعذه من الشيطان“.

أثر يد النبي على شيبة

قال: فوالله لهو كان ساعتئذٍ أحب إليَّ من سمعي وبصري ونفسي، وأذهب اللهّٰ ما كان فيَّ، ثم قال: “ادنُ فقاتلْ“. فتقدمت أمامه أضرب بسيفي، اللهّٰ يعلم أني أحبُّ أن أقيهَ بنفسي كل شيء، ولو لقيت تلك الساعة أبي – لو كان حيَاّ- لأوقعت به السيف، فجعلت ألزمه فيمن لزمه، حتى تراجع المسلمون، وكروا كرة رجل واحد، وقرَبّتُ بغلة رَسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم، فاستوى عليها، فخرج في أثرهم حتى تفرقوا في كل وجه، ورجع إلى معسكره، فدخل خباءه، فدخلت عليه، ما دخل عليه غيري حبًاّ لرؤ ية وجهه وسرورًا به.

إخبار النبي لشيبة بخبره

فقال: “يا شيب، الذي أراد اللهّٰ بك خير مما أردت بنفسك“. ثم حدثني بكل ما أضمرت في نفسي مما لم أكن أذكره لأحد قط.
قال: فقلت: فإني أشهد أن لا إله إلا اللهّٰ وأنك رسول اللهّٰ، ثم قلت: استغفر لي، فقال: “غفر اللهّٰ لك“.

منادة العباس بن عبد المطلب للناس

وعن كثير بن العباس، عن أبيه العباس بن عبد المطلب، قال: إني لمع رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم آخذ بحكَمة بغلته وقد شجرتها بها، قال: وكنت امرأ جسيمًا، شديد الصوت. قال: ورسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم يقول حين رأى ما رأى من الناس: “إلى أين أيها الناس؟” قال: فلم أر الناس يلوون على شيء. فقال: “يا عباس، اصرخ يا معشر الأنصار، يا معشر أصحاب السَّمرُة“.

استجابة الناس للنداء

فأجابوا: لبيك لبيك. قال: فيذهب الرجل ليثَني بَعيره فلا يقدر على ذلك، فيأخذ درعه فيقذفها في عنقه، و يأخذ سيفه وترسه، و يقتحم عن بعيره، ويخلي سبيله، و يؤمُّ الصوت، حتى ينتهي إلى رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم، حتى إذا اجتمع إليه منهم مائة استقبلوا الناس فاقتتلوا. فكانت الدعوى أول ما كانت: يا للأنصار، ثم خلصت أخيراً: يا للخزرج، وكانوا صبراً عند الحرب.

استشراف هزيمة العدو

فأشرف رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم في ركائبه، فنظر إلى مُجتلد القوم وهم يجتلدون. فقال: “الآن حمي الوطيس“.
وزاد غيره: “أنا النبي لا كذب … أنا ابن عبد المطلب” وفي صحيح مسلم: ثم أخذ رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم حصيات فرمى بها وجوه الكفار، ثم قال: “انهزموا ورب محمد“، ثم قال: فما هو إلا أن رماهم فمازلت أرى حدَّهم كليلاً، وأمرَهم مدُبراً.
ومن رواية أخرى: أن النبي صلى اللهّٰ عليه وسلم نزل عن البغلة، ثم قبض قبضة من تراب الأرض، ثم استقبل بها وجوههم، فقال: “شاهت الوجوه“. فما خلق اللهّٰ منهم إنساناً إلا ملأ عينيه تراباً بتلك القبضة، فولوا مدبرين.

قصة البجاد الأسود

وعن جبير بن مطعم، قال: لقد رأيت قبل هزيمة القوم – والناس يقتتلون- مثل البجِاَد الأسود أقبل من السماء حتى سقط بيننا وبين القوم، فنظرت فإذا نمل أسود مبثوث قد ملأ الوادي، لم أشك أنها الملائكة، ولم يكن إلا هزيمة القوم.

هزيمة العدو

قال ابن إسحاق: ولما انهزمت هوازن استحرَ اّلقتل من ثقيف في بني مالك، فقتل منهم سبعون رجلاً.

تفرق جيش العدو

ولما انهزم المشركون أتوا الطائف ومعهم مالك بن عوف، وعسكر بعضهم بأوطاس، وتوجه بعضهم نحو نخلة.

سر ية أبي عامر الأشعري

وبعث رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم في آثار من توجه قبِلَ أوطاس أبا عامر الأشعري ، فأدرك من الناس بعض من انهزم.

قتل أبي عامر

فناوشوه القتال، فرمُِي بسهم فقُتلِ.

استلام أبي موسى الأشعري لراية السرية

فأخذ الراية أبو موسى الأشعري وهو ابن عمه، فقاتلهم، ففتح اللهّٰ عليه وهزمهم اللهّٰ. فيزعمون أن سلمة بن دريد هو الذي رمى أبا عامر فقتله.

عدد قتلى الأعداء في السرية

وقال ابن سعد: قتل أبو عامر منهم تسعة مًبُاَرَزَةً، ثم برز العاشر معُْلمَاً بعمامة صفراء، فضرب أبا عامر فقتله، واستخلف أبو عامر أبا موسى الأشعري فقاتلهم حتى فتح اللهّٰ عليه، وقتل قاتلَ أبي عامر.

دعاء النبي لأبي عامر

فقال رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم: “اللهم اغفر لأبي عامر، واجعله من أعلى أمتي في الجنة“. ودعا لأبي موسى أيضًا.

أسماء شهداء المسلمين

وقتل من المسلمين أيضًا: أيمن بن عبيد، هو ابن أم أيمن، و سراقة بن الحارث ، و رَقيم بن ثعلبة بن زيد بن لوَْذان . وعند ابن إسحاق: يزيد بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد جمح به فرسٌ يقُال له: الجنَاَح؛ فقتل. واستحرَ اّلقتل في بني نصر بن معاو ية ثم في بني رئاب. فذكر ذلك للنبي صلى اللهّٰ عليه وسلم، فقال: “اللهم اجبر مصيبتهم“.

ما فعله مالك بن عوف

ووقف مالك بن عوف على ثنية من الثنايا حتى مضى ضعفاء أصحابه وٺتامَّ آخرهم، ثم هربَ فتحصَّن في قصر ب ليه، و يقال: دخلَ حصن ثقيف.

جمع الفيء

وأمر رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم بالسبي والغنائم تجُْمعَ، فجمُع ذلك كله، وحدروه إلى الجعرانة ، فوقف بها إلى أن انصرف رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم من الطائف وهم في حظائر لهم يستظلون بها من الشمس.

صفة الغنائم

وكان السبي ستة آلاف رأس، والإبل أربعة وعشرون ألفًا، والغنم أكثر من أربعين ألف شاة، وأربعة آلاف أوقية ٣٠٧ فضة.

قسمة الفيء

فاستأنى رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم بالسبي أن يقدم عليه وفدُهم، وبدأ بالأموال فقسَّمها، وأعطى المؤلفة قلوبهم أول الناس.

عطاء سفيان بن حرب وولده

فأعطى أبا سفيان بن حرب أربعين أوقية ومائة من الإبل. قال: “ابني يزيد؟” قال: “أعطوه أربعين أوقية ومائة من الإبل“.
قال: “ابني معاو ية؟” قال: “أعطوه أربعين أوقية ومائة من الإبل“.

عطاء حكيم بن حزام

وأعطى حكيم بن حزام مائة من الإبل، ثم سأله مائة أخرى فأعطاه.

عطاء النضير ابن كلدة

وأعطى النضير بن الحارث بن كلدة مائة من الإبل.

عطاء أسيد بن جار ية

وأعطى أسيد بن جار ية الثقفي مائة من الإبل.

عطاء العلاء بن جار ية

وأعطى العلاء بن جار ية الثقفي خمسين بعيراً.

عطاء مخرمة بن نوفل

وأعطى مخرمة بن نوفل خمسين بعيراً.

عطاء الحارث بن هشام

وأعطى الحارث بن هشام مائة من الإبل.

عطاء سعيد بن يربوع

وأعطى سعيد بن يربوع خمسين من الإبل.

عطاء صفوان بن أمية

وأعطى صفوان بن أمية مائة من الإبل.

عطاء قيس بن عدي

وأعطى قيس بن عدي مائة من الإبل.

عطاء عثمان بن وهب

وأعطى عثمان بن وهب خمسين من الإبل.

عطاء سهيل بن عمرو

وأعطى سهُيل بن عمرو مائة من الإبل.

عطاء حويطب بن عبد العزى

وأعطى حو يطب بن عبد العزى مائة من الإبل.

عطاء هشام بن عمرو

وأعطى هشام بن عمرو العامري خمسين من الإبل.

عطاء الأقرع بن حابس

وأعطى الأقرع بن حابس التميمي مائة من الإبل.

عطاء عيينة بن حصن

وأعطى عيينة بن حصن مائة من الإبل.

عطاء مالك بن عوف

وأعطى مالك بن عوف مائة من الإبل.

عطاء العباس بن مرادس والز يادة فيه

وأعطى العباس بن مرداس أربعين من الإبل، فقال في ذلك شعراً، فأعطاه مائة من الإبل، و يقال: خمسين.
وأعطى ذلك كله من الخمس، وهو أثبت الأقاو يل عندنا.

توجيه زيد بن ثابت لحصر الناس والغنائم

ثم أمر زيد بن ثابت بإحصاء الناس والغنائم، ثم فضَّها على الناس، فكانت سهمانهم لكل رجل أربعاً من الإبل أو أربعين شاة، فإن كان فارسًا أخذ اثني عشر بعيراً أو عشرين ومائة شاة، وإن كان معه أكثر من فرس واحد لم يسهم له.

موقف الأنصار

عن أبي سعيد الخدري، قال: لما أعطى رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم ما أعطى من تلك العطايا في قريش وفي قبائل العرب، ولم يكن في الأنصار منها شيء، وجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم، حتى كثرت منهم القالة، حتى قال قائلهم: لقي واللهّٰ رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم قومه.

إخبار سعد بن عبادة النبي بالأمر

فدخل عليه سعد بن عبادة فقال: يا رسول اللهّٰ، إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت، قسمتَ في قومك، وأعطيت عطايا عظامًا في قبائل العرب، ولم يكن في هذا الحي من الأنصار منها شيء. قال: “فأين أنت من ذلك يا سعد؟” فقال: يا رسول اللهّٰ، ما أنا إلا من قومي، قال: “فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة“.
قال: فجاء رجال من المهاجرين، فتركهم فدخلوا، وجاء آخرون فردهم. فلما اجتمعوا له، أتى سعد، فقال: قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار.

خطبة النبي في الأنصار

فأتاهم رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم، فحمد اللهّٰ وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: “يا معشر الأنصار، ما قالة بلغتني عنكم، وجِدة وجدتموها علي في أنفسكم، ألم آتكم ضُلَاّلًا فهداكم اللهّٰ بي؟ وعالة فًأغناكم اللهّٰ، وأعداء فألف اللهّٰ بين قلوبكم؟” قالوا بلى، اللهّٰ ورسوله أمَنُّ وأفضل.

إجابة الأنصار

ثم قال: “ألا تجيبوني يا معشر الأنصار؟” قالوا: بماذا نجيبك يا رسول اللهّٰ؟ للهّٰ ولرسوله المنُّ والفضل.

فضل الأنصار

قال: “أما واللهّٰ لو شئتم لقلتم فلصَدقتم ولصُدِّقتم: أتيتنا مكُذَّباً فصدقناك، ومخذولًا فنصرناك، وطريدًا فآويناك، وعائلاً فآسيناك. أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا، تألَفّت بها قومًا ليسلموا، ووكلتكم إلى إسلامكم. ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعوا برسول اللهّٰ إلى رحالكم؟ فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس شعباً وسلكت الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار. اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار“.

انصراف الأنصار

قال: فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم، وقالوا: رضينا برسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم قسمًا وحظًّا. ثم انصرف رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم وتفرقوا.

قدوم الشيماء بنت الحارث

وقدمت الشيماء بنت الحارث بن عبد العزى أخت رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم من الرضاعة.

علامة الأخوة

فقالت: يا رسول اللهّٰ، إني أختك. قال: “وما علامة ذلك؟” قالت: عضة عضضتنيها في ظهري وأنا متوركِّتكُ.

إكرامها

قال: فعرف رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم العلامة، فبسط لها رداءه وأجلسها عليه وخيرها، وقال: “إن أحببت فعندي محببة مكرمة، وإن أحببت أن أمتعك وترجعي إلى قومك فعلت“. قالت: بل تمتعني وتردني إلى قومي، ففعل.

عطاؤها

فزعمت بنو سعد أنه أعطاها غلامًا له، يقال له: مكحول، وجار ية، فزوجت إحداهما الآخر، فلم يزل فيهم من نسلها بقية.

إسلامها

وقال أبو عمر: فأسلمت، فأعطاها رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم ثلاثة أعبد وجار ية ونعمًا وشاء. وسماها حذافة، وقال: “الشيماء لقب“.

طلب هوازن المنَّ بالسبي

وقدم وفد هوازن على رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم، وهم أربعة عشر رجلاً، ورأسهم زهير بن صرُدَ، وفيهم أبو برقان عم رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم من الرضاعة، فسألوه أن يمنَُّ عليهم بالسبي.

شرف الأحساب

فقال: “أبناؤكم ونساؤكم أحب إليكم أم أموالكم؟” قالوا: ما كنا نعدل بالأحساب شيئاً.

موقف النبي صلى اللهّٰ عليه وسلم

فقال: “أما ما لي ولبني عبد المطلب فهو لكم، وسأسأل لكم الناس“.

موقف المهاجرين والأنصار

فقال المهاجرون والأنصار: ما كان لنا فهو لرسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم.

موقف الأقرع بن حابس

فقال الأقرع بن حابس : أما أنا وبنو تميم فلا.

موقف عيينة بن حصن

وقال عيينة بن حصن: أما أنا وبنو فزارة فلا.

موقف العباس بن مرداس

وقال العباس بن مرداس: أما أنا وبنو سليم فلا.

إنكار بني سليم لموقف العباس بن مراداس

فقالت بنو سليم: ما كان لنا فهو لرسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم. فقال العباس بن مرداس : وهَّنتموُني.

رد السبي لهوزان

وقال رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم: “إن هؤلاء القوم جاءوا مسلمين، وقد كنت استأنيت بسَبيْهِم، وقد خيرتهم فلم يعدلوا بالأبناء والنساء شيئاً، فمن كان عنده منهن شيء فطابت نفسه أن يرده فسبيلُ ذلك، ومن أَبىَ فليرد عليهم، وليكن ذلك فرضًا علينا ستُّ فرائض من أول ما يفيء اللهّٰ علينا“.

استجابة الناس للنداء إلا عيينة

قالوا: رضينا وسلمنا، فردوا عليهم نساءهم وأبناءهم. ولم يتخلف منهم أحد غير عيينة بن حصن، فإنه أبى أن يرد عجوزًا صارت في يديه منهم ثم ردها بعد ذلك.

كساء الأسرى

وكان رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم قد كسى السبي قبُطْية قبيطية.

شعر أبي جرول زهير بن صرد

حدثنا أبو عمرو ز ياد بن طارق -وكان قد أتت عليه مائة وعشرون سنة- قال: سمعت أبا جرول زهير بن صرد الجشمي، يقول: لما أَسرَنَاَ رسولُ اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم يوم حنين يوم هوازن، وذهب يفرق السبي والشاء أتيته، فأنشأت أقول هذا الشعر:
امنن علينا رسول اللهّٰ في كرم … فإنك المرء نرجوه وننتظر
امنن على بيضة قد عاقها قدر … مشتت شملها في دهرها غِيرَ
أبقت لنا الدهر هَتَاّفاً على حزن … على قلوبهم الغمَّاء والغمَر
إن لم تداركهم نعماء تنشرها … يا أرجح الناس حلماً حين يختبر
امنن على نسوة قد كنت ترضعها … إذ فوك تملأها من مَحضْهِا الدَّرَر
إذ أنت طفل صغير كنت ترضعها … وإذ يزَينكُ ما تأتي وما تذر
لا تجعلنَاّ كمنَْ شَالتْ نعَامَتهُ … واستبق منا فإنا معشر زهُر
إُنا لنشكر للنعماء إذ كفرت … وعندنا بعد هذا اليوم مدَُّخَر
فألبسِ العفو مَنْ قد كنت ترضعه … من أمهاتك إن العفو مشتهر
يا خير من مرَِحَتْ كمُتُْ الجيِاد به … عند الهياج إذا ما استوقد الشرر
إنا نؤمل عفواً منك تلبسه … هذي البر ية إذ تعفو وتنتصر
فاعفُ عفا اللهّٰ عما أنت راهبهُ … يوم القيامة إذ يُهدى لك الظفر
قال: فلما سمع النبي صلى اللهّٰ عليه وسلم هذا الشعر، قال: “ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم“. وقالت قريش،: ما كان لنا فهو للهّٰ ولرسوله. وقالت الأنصار: ما كان لنا فهو اللهّٰ ولرسوله.

بعض ما قيل من الشعر

ومما قيل من الشعر في يوم حنين قول العباس بن مرداس السلمي:
عفى مَجدَْل من أهله فمتُاَلِع … فمِطْلى أر يكٍ قد خلا فالمصانع
ديار لنا يا جُملْ إذ جلُّ عيشِنا … رخيّ وٌصرْفُ الدهر للحيِّ جامعُ
حُبيَبِّةَ أٌلوتْ بها غرُْبةَ اُلنَوّى … لبينٍ، فهل ماضٍ من العيش راجعُ؟
فإن ٺتبع الكفارَ غير مَلومةٍ … فإني وزير لٌلنبيِّ وتاَبعُِ
دعانا إليه خير وَُفدٍْ علَمِتهُم … خزيمةُ و المرَاّر مُنهم و واسع
فجئنا بألف من سُليم عليهمُ … لبَوس لهم من نسَْجِ داودَ رائعُ
نبايعه بالأخشبين وإنما … يد اللهّٰ بين الأخشبين نبايع
فجسُْنا مع المهديِّ مكة عنوة … بأسيافنا والنقعُ كابٍ وساطع
علانية والخيل يغشى متونَها … حميم وٌآنٌ من دم الجوف ناقع
و يوم حنين حين سارت هوازن … إلينا وضاقت بالنفوس الأضالعُ
صبرنا مع الضحاك لا يستفزنا … قرِاعُ الأعادي منهم والوقائع
أمامَ رسولِ اللهّٰ يخفقُِ فوقنا … لواء كخذروف السحابة لامع
عشية ضحاك بن سفيان معُتصٍ … بسيف رسول اللهّٰ والموت كانع
نذود أخانا عن أخينا ولو نرى … مَصالًا لكنا الأقربين نتُابع
ولكن دين اللهّٰ دين محمد … رضينا به، فيه الهدى والشرائع
أقام به بعد الضلالة أمرنا … وليس لأمر حَمَهّ اُللهّٰ دافعُ
وقوله:
ما بال عينك فيها عائر سره … مثل الحماطة أغضى فوقها السهِِّر
عينٌ تأوَّبَها من شجوِها أرقٌ … فالماء يغمرهُا طَوْرًا وينحدر
كُأنهم نظمُ دُرٍّ عند ناظمه … تقطَّعَ السِّلك منه فهو منتثر
يا بعُْدَ منزلِ مَنْ ترجُو مَودَّتهَ … ومَنْ أتى دُونه الصُّمَّان والحفر
دع ما تقدم من عهد الشباب فقد … ولَىّ الشباب وزارَ الشيبُ والذُّعْرُ
واذكر بلاء سليم في مواطنها … وفي سُليم لأهل الفخر مفتخر

قُومٌ همُْ نصروا الرحمنَ واتبعوا … دين الرسول وأمر الناس مشُتجِر
لا يغرسون فسيل النخل وسطهم … ولا تخاور في مشتاهم البقر
إلا سواتج كالعقِْباَن مَقْربُةَ … في دارة حولها الأخطار والعكر
يدُعى خُفافٌ و عوفٌ في جوانبها … وحي ذكوان لا مِيلٌ ولا ضُجرُ
الضاربون جنود الشرك ضاحية … ببطن مكة والأرواح تبتدر
حتى رفعنا وقتلاهم كأنهم … نخل بظاهرة البطحاء منقعر
ونحن يوم حنين كان مشهدنا … للدين عِزًّا وعند اللهّٰ مدخر
إذ نركب الموت مُخضْرًّا بطائنه … والخيل ينجاب عنها ساطعٌ كدَِر
تُحت اللوامع والضحاك يقدمنا … كما مشى الليث في غاباتهِ الخدَِر
في مأزقٍ من مَكرَِّ الحرب كَلكَْلهُا … تكاد تأَْفلِ منه الشمس والقمر
وقد صبرنا بأوطاس أسِنَتّنَاَ … للهّٰ ننصر مَُنْ شِئنا وننتصر
حُتى تأوَّبَ أقوامٌ منازلهم … لولا المليكُ ولولا نحنُ ما صَدَروُا
فما ترى مَعْشرًا قلَُوّا ولا كَثرُوُا … إلا وأصبح مِنَاّ فيهم أثر
قُال: وتركت من شعر العباس ما يبدو فضله، ويستحسن مثله؛ إيثارًا
للاختصار واللهّٰ الموفق.

أرض غزوة حنين
أرض غزوة حنين