5 هـ
627 م
غزوة بنى قريظة

ولما دخل- صلى الله عليه وسلم- المدينة يوم الأربعاء هو وأصحابه ووضعوا السلاح جاء جبريل- عليه السّلام- معتجرا بعمامة من إستبرق على …

بغلة عليها قطيفة من ديباج.
وفى رواية البخارى من حديث عائشة أنه لما رجع- صلى الله عليه وسلم- ووضع السلاح واغتسل أتاه جبريل فقال له: قد وضعت السلاح، والله ما وضعناه.
فاخرج إليهم.. وأشار إلى بنى قريظة.
وعند ابن إسحاق: إن الله يأمرك يا محمد بالمسير إلى بنى قريظة، فإنى عامد إليهم فمزلزل بهم. فأمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مؤذنا فأذن فى الناس: من كان سامعا مطيعا فلا يصلين العصر إلا ببنى قريظة.
وعند ابن عائذ: «قم فشد عليك سلاحك، فو الله لأدقنهم دق البيض على الصفا، وبعث يومئذ مناديا ينادى يا خيل الله اركبى».
وعند الحاكم والبيهقى: وبعث عليّا على المقدمة، وخرج- صلى الله عليه وسلم- فى أثره.
وعند ابن سعد: ثم سار إليهم فى المسلمين، وهم ثلاثة آلاف والخيل ستة وثلاثون فرسا، وذلك يوم الأربعاء لسبع بقين من ذى القعدة.
واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم، فيما قاله ابن هشام.
ونزل- صلى الله عليه وسلم- على بئر من آبار بنى قريظة وتلاحق به الناس. فأتى رجال منهم بعد العشاء الآخرة، ولم يصلوا العصر، لقوله- صلى الله عليه وسلم-: «لا يصلين أحد العصر إلا فى بنى قريظة» فصلوا العصر بها بعد العشاء الآخرة، فما عابهم الله بذلك فى كتابه ولا عنفهم به رسول الله- صلى الله عليه وسلم-.
وفى البخارى عن ابن عمر: فأدرك بعضهم العصر فى الطريق، فقال بعضهم: لا نصلى حتى نأتيها، وقال بعضهم بل نصلى، لم يرد منا ذلك، فذكر ذلك للنبى- صلى الله عليه وسلم- فلم يعنف واحدا منهم.
كذا وقع فى جميع النسخ من البخارى: أنها العصر. واتفق عليه جميع أهل المغازى.
ووقع فى مسلم أنها الظهر مع اتفاق البخارى ومسلم على روايته عن شيخ واحد وبإسناد واحد. ووافق مسلما أبو يعلى وآخرون.
وجمع بين الروايتين باحتمال أن يكون بعضهم- قبل الأمر- كان يصلي الظهر، وبعضهم لم يصلها، فقيل لمن لم يصلها لا يصلين أحد الظهر، ولمن صلاها: لا يصلين أحد العصر.
وجمع بعضهم باحتمال أن تكون طائفة منهم راحت بعد طائفة، فقيل للطائفة الأولى: الظهر، وللطائفة التى بعدها العصر، والله أعلم.
قال ابن إسحاق: وحاصرهم- صلى الله عليه وسلم- خمسا وعشرين ليلة، حتى أجهدهم الحصار.
وعند ابن سعد: خمس عشرة. وعند ابن عقبة: بضع عشرة ليلة.
وقذف الله فى قلوبهم الرعب. فعرض عليهم رئيسهم كعب بن أسد أن يؤمنوا فقال لهم: يا معشر يهود قد نزل بكم من الأمر ما ترون، وإنى أعرض عليكم خلالا ثلاثا، فخذوا أيها شئتم. قالوا: وما هى:
قال: نتابع هذا الرجل ونصدقه، فو الله لقد تبين أنه لنبي مرسل، وأنه الذى تجدونه فى كتابكم، فتأمنون على دمائكم وأموالكم وأبنائكم ونسائكم.
فأبوا.
فقال: إذا أبيتم علىّ هذه، فهلم نقتل أبناءنا ونساءنا ثم نخرج إلى محمد وأصحابه رجالا مصلتين بالسيوف، لم نترك وراءنا ثقلا حتى يحكم الله بيننا وبين محمد، فإن نهلك نهلك ولم نترك وراءنا ما نخشى عليه.
فقالوا: أى عيش لنا بعد أبنائنا ونسائنا.
فقال: إن أبيتم على هذه فإن الليلة ليلة السبت، وعسى أن يكون محمد وأصحابه قد أمنونا فيها، فانزلوا لعلنا نصيب من محمد وأصحابه غرة.
قالوا: نفسد سبتنا ونحدث فيه ما لم يحدث فيه من كان قبلنا، إلا من قد علمت فأصابه ما لم يخف عليك من المسخ.
وأرسلوا إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن ابعث إلينا أبا لبابة- وهو رفاعة بن عبد المنذر- نستشيره فى أمرنا.
فأرسله إليهم، فلما رأوه قام إليه الرجال وجهش إليه النساء والصبيان يبكون فى وجهه، فرقّ لهم، وقالوا يا أبا لبابة، أترى أن ننزل على حكم محمد؟ قال: نعم، وأشار بيده إلى حلقه: إنه الذبح.
قال أبو لبابة: فو الله ما زالت قدماى من مكانهما حتى عرفت أنى قد خنت الله ورسوله.
ثم انطلق أبو لبابة على وجهه فلم يأت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حتى ارتبط فى المسجد إلى عمود من عمده، وقال: لا أبرح من مكانى هذا حتى يتوب الله على مما صنعت وعاهد الله ألايطأ بنى قريظة أبدا، ولا أرى فى بلد خنت الله ورسوله فيه أبدا.
فلما بلغ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- خبره، وكان قد استبطأه قال: «أما لو جاءنى لاستغفرت له، وأما إذ فعل ما فعل، فما أنا بالذى أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه».
قال: وأقام أبو لبابة مرتبطا بالجذع ست ليال، تأتيه امرأته فى وقت كل صلاة فتحله للصلاة ثم تعود فتربطه بالجذع.
وقال أبو عمر: روى وهب عن مالك عن عبد الله بن أبى بكر أن أبا لبابة ارتبط بسلسلة ثقيلة بضع عشرة ليلة حتى ذهب سمعه، فما كاد يسمع، وكاد يذهب بصره، وكانت ابنته تحله إذا حضرت الصلاة، أو أراد أن يذهب لحاجة، فإذا فرغ أعادته.
وعن يزيد بن عبد الله بن قسيط: أن توبة أبى لبابة نزلت على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو فى بيت أم سلمة. قالت أم سلمة: فسمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم- من السحر وهو يضحك، فقالت: قلت مم تضحك، أضحك الله سنك. قال: «تيب على أبى لبابة». قالت: قلت أفلا أبشره يا رسول الله، قال: «بلى إن شئت». قال: فقامت على باب حجرتها- وذلك قبل أن يضرب عليهن الحجاب- فقالت: يا أبا لبابة أبشر فقد تاب الله عليك. قالت:
فثار الناس إليه ليطلقوه، فقال: لا والله حتى يكون رسول الله- صلى الله عليه وسلم- هو الذى يطلقنى بيده، فلما مر عليه خارجا إلى صلاة الصبح أطلقه.
وروى البيهقى فى دلائله بسنده عن مجاهد فى قوله تعالى: {وَآخَرُونَ ٱعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ} [التوبة:102]. قال: هو أبو لبابة إذ قال لبنى قريظة ما قال وأشار إلى حلقه إن محمدا يذبحكم إن نزلتم على حكمه. قال البيهقى وترجم محمد بن إسحاق بن يسار أن ارتباطه كان حينئذ.
وقد روينا عن ابن عباس ما دل على أن ارتباطه بسارية المسجد كان لتخلفه عن غزوة تبوك، كما قال ابن المسيب قال: وفى ذلك نزلت هذه الآية.
ولما اشتد الحصار ببنى قريظة أذعنوا أن ينزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم-، فحكم فيهم سعد بن معاذ، وكان قد جعله فى خيمة فى المسجد الشريف لامرأة من أسلم يقال لها رفيدة وكانت تداوى الجرحى، فلما حكمه أتاه قومه فحملوه على حمار وقد وطئوا له بوسادة من أدم- وكان رجلا جسيما- ثم أقبلوا معه إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم-.
فلما انتهى سعد إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- والمسلمين، قال- عليه الصلاة والسلام-: «قوموا إلى سيدكم». فأما المهاجرون من قريش فيقولون إنما أراد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الأنصار، وأما الأنصار فيقولون: عم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم- المسلمين.
فقالوا: إن رسول الله قد ولاك أمر مواليك لتحكم فيهم.

فقال سعد: فإنى أحكم فيهم، أن تقتل الرجال وتقسم الأموال وتسبى الذرارى والنساء.
فقال- صلى الله عليه وسلم-: «لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة» والرقيع: السماء سميت بذلك لأنها رقعت بالنجوم.
ووقع فى البخارى: قال: «قضيت فيهم بحكم الله»، وربما قال: «بحكم الملك» – بكسر اللام-.
وفى رواية محمد بن صالح: «لقد حكمت اليوم فيهم بحكم الله الذى حكم به من فوق سبع سموات».
وفى حديث جابر- عند ابن عائذ- فقال: «احكم فيهم يا سعد»، فقال: الله ورسوله أحق بالحكم، قال: «قد أمرك الله أن تحكم فيهم».
وفى هذه القصة: جواز الاجتهاد فى زمنه- صلى الله عليه وسلم- وهى مسألة اختلف فيها أهل أصول الفقه. والمختار: الجواز، سواء كان فى حضرته- صلى الله عليه وسلم- أم لا، وإنما استبعد المانع وقوع الاعتماد على الظن مع إمكان القطع، ولا يضر ذلك لأنه بالتقرير يصير قطعيّا، وقد ثبت وقوع ذلك بحضرته- صلى الله عليه وسلم- كما فى هذه القصة وغيرها.
وانصرف- صلى الله عليه وسلم- يوم الخميس لسبع ليال- كما قال الدمياطى، أو لخمس كما قاله مغلطاى- خلون من ذى الحجة.
وأمر- صلى الله عليه وسلم- ببنى قريظة فأدخلوا المدينة، وحفر لهم أخدود فى السوق، وجلس- صلى الله عليه وسلم- ومعه أصحابه، وأخرجوا إليه فضربت أعناقهم، وكانوا ما بين ستمائة إلى سبعمائة، وقال السهيلى: المكثر يقول إنهم ما بين الثمانمائة إلى التسعمائة، وفى حديث جابر عند الترمذى والنسائى وابن حبان بإسناد صحيح أنهم كانوا أربعمائة مقاتل.
فيحتمل فى طريق الجمع أن يقال: إن الباقين كانوا أتباعا.
واصطفى- صلى الله عليه وسلم- لنفسه الكريمة ريحانة فتزوجها.، وقيل كان يطؤها بملك اليمين، وأمر بالغنائم فجمعت، وأخرج الخمس من المتاع والسبى ثم أمر بالباقى فبيع فيمن يريد وقسمه بين المسلمين، فكانت على ثلاث آلاف واثنتين وسبعين سهما، للفرس سهمان ولصاحبه سهم، وصار الخمس إلى محمية بن جزء الزبيدى، فكان النبى- صلى الله عليه وسلم- يعتق منه ويهب ويخدم منه من أراد، وكذلك صنع بما صار إليه من الرثة- وهو السقط من المتاع-.
وانفجر جرح سعد بن معاذ، فمات شهيدا.
وفى البخارى أنه دعا: اللهم إنك تعلم أنه ليس أحد أحب إلىّ أن أجاهدهم فيك من قوم كذبوا رسولك [وأخرجوه] ، اللهم إنى أظن أنك قد وضعت الحرب فافجرها واجعل موتى فيها، فانفجرت من لبته، فلم يرعهم وفى المسجد خيمة لامرأة من بنى غفار- إلا الدم يسيل إليهم، فقالوا: يا أهل الخيمة ما هذا الذى يأتينا من قبلكم؟ فإذا سعد يغذو جرحه دما فمات منها.
وقد كان ظن سعد مصيبا، ودعاؤه فى هذه القصة مجابا، وذلك أنه لم يقع بين المسلمين وبين قريش من بعد وقعة الخندق حرب يكون ابتداء القصد فيه من المشركين، فإنه- صلى الله عليه وسلم- تجهز إلى العمرة فصدوه عن دخول مكة، وكادت الحرب أن تقع بينهم فلم تقع كما قال تعالى: {وَهُوَ ٱلَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} [الفتح:24]. ثم وقعت الهدنة واعتمر- عليه السّلام- من قابل، واستمر ذلك إلى أن نقضوا العهد فتوجه إليهم غازيا ففتحت مكة، فعلى هذا: فالمراد بقوله: أظن أنك قد وضعت الحرب، أى: أن يقصدونا محاربين. وهو كقوله- صلى الله عليه وسلم- «نغزوهم ولا يغزونا» كما تقدم-.
وقد بين سبب انفجار جرح سعد فى مرسل حميد بن هلال- عند ابن سعد- ولفظه: أنه مرت به عنز، وهو مضطجع، فأصاب ظلفها موضع النحر فانفجرت حتى مات.
وحضر جنازته سبعون ألف ملك، واهتز لموته عرش الرحمن رواه الشيخان.
قال النووى: اختلف العلماء فى تأويله:
فقالت طائفة: هو على ظاهره، واهتزاز العرش تحركه فرحا بقدوم سعد، وجعل الله تعالى فى العرش تمييزا حصل به هذا، ولا مانع منه، كما قال تعالى: {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ ٱللَّهِ} [البقرة:74]. وهذا القول هو ظاهر الحديث. وهو المختار. قال المازرى: قال بعضهم: هو على حقيقته، وأن العرش تحرك لموته، وهذا لا ينكر من جهة العقل، لأن العرش جسم من الأجسام، يقبل الحركة والسكون. قال: لكن لا تحصل فضيلة سعد بذلك إلا أن يقال: إن الله تعالى جعل حركته علامة للملائكة على موته.
وقال آخرون: المراد بالاهتزاز الاستبشار والقبول. ومنه قول العرب: فلان يهتز للمكارم، لا يريدون اضطراب جسمه وحركته، وإنما يريدون ارتياحه إليها، وإقباله عليها.
وقال الحربى: هو عبارة عن تعظيم شأن وفاته، والعرب تنسب الشىء المعظم إلى أعظم الأشياء، فيقولون: أظلمت لموت فلان الأرض، وقامت له القيامة.
وقال جماعة: المراد اهتزاز سرير الجنازة. وهو النعش. وهذا القول باطل يرده صريح الروايات التى ذكرها مسلم «اهتز لموته عرش الرحمن» وإنما قال هؤلاء هذا التأويل لكونهم لم تبلغهم الروايات التى ذكرها مسلم والله أعلم.
وقيل المراد باهتزاز العرش حملة العرش، وصحح الترمذى من حديث أنس قال: لما حملت جنازة سعد بن معاذ قال المنافقون لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- ما أخف جنازة سعد بن معاذ قال المنافقون لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- ما أخف جنازته، فقال النبى- صلى الله عليه وسلم-: «إن الملائكة كانت تحمله».
وعن البراء قال: أهديت للنبى- صلى الله عليه وسلم- حلة حرير، فجعل أصحابه يمسونها ويعجبون من لينها، فقال- صلى الله عليه وسلم-: «أتعجبون من لين هذه؟ لمناديل سعد بن معاذ فى الجنة خير منها وألين» هذا لفظ رواية أبى نعيم فى مستخرجه على مسلم.
والمناديل: جمع منديل- بكسر الميم فى المفرد- وهو معروف.
قال العلماء: وهذا إشارة إلى أعظم منزلة سعد فى الجنة، وأن أدنى ثيابه فيها خير من هذه، لأن المنديل أدنى الثياب، لأنه معد للوسخ والامتهان، فغيره أفضل. انتهى.
وأخرج ابن سعد وأبو نعيم، من طريق محمد بن المنكدر عن محمد بن شرحبيل بن حسنة قال: قبض إنسان يومئذ بيده من تراب قبره قبضة فذهب بها، ثم نظر إليها بعد ذلك فإذا هى مسك، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «سبحان الله، سبحان الله»، حتى عرف ذلك فى وجهه، فقال: «الحمد لله، لو كان أحد ناجيا من ضمة القبر لنجا منها سعد، ضم ضمة ثم فرج الله عنه».
وأخرج ابن سعد عن أبى سعيد الخدرى قال: كنت ممن حفر لسعد قبره، فكان يفوح علينا المسك كلما حفرناه.
قال الحافظ مغلطاى وغيره: وفى هذه السنة فرض الحج. وقيل: سنة ست وصححه غير واحد، وهو قول الجمهور.
وقيل: سنة سبع، وقيل: سنة ثمان ورجحه جماعة من العلماء.
وسيأتى البحث فى ذلك- إن شاء الله تعالى- فى ذكر وفد عبد القيس فى المقصد الثانى، وفى ذكر حجه- عليه الصلاة والسلام- من مقصد عباداته.
ثم سرية محمد بن مسلمة إلى القرطاء، بطن من بنى بكر بن كلاب وهم ينزلون بناحية ضربة بالبكرات، وبين ضربة والمدينة سبع ليال. لعشر ليال خلون من المحرم سنة ست على رأس تسعة وخمسين شهرا من الهجرة.
بعثه فى ثلاثين راكبا، فلما أغار عليهم هرب سائرهم.
وعند الدمياطى: فقتل نفرا منهم وهرب سائرهم. واستاق نعما وشاء، وقدم المدينة لليلة بقيت من المحرم ومعه ثمامة بن أثال الحنفى أسيرا.
فربط بأمره- صلى الله عليه وسلم- بسارية من سوارى المسجد، ثم انطلق بأمره صلى الله عليه وسلم-، فاغتسل وأسلم وقال: يا محمد، والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلى من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلى، والله ما كان من دين أبغض إلى من دينك فأصبح دينك أحب الأديان كلها إلى، والله ما كان من بلد أبغض إلى من بلدك فأصبح بلدك أحب البلاد إلى.
وإن خيلك أخذتنى وأنا أريد العمرة فماذا ترى؟ فبشره النبى- صلى الله عليه وسلم-، وأمره أن يعتمر.
فلما قدم مكة قال له قائل: صبوت؟ قال: لا، ولكن أسلمت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها النبى- صلى الله عليه وسلم-. ذكر قصته البخارى.