ذو القعدة 6 هـ
آذار 628 م
صلح الحديبية

وقت خروج النبي صلى اللّٰه عليه وسلم …

قال ابن إسحاق: ثم أقام رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم بالمدينة- يعني بعد غزوة بني المصطلق- رمضان وشوالًا، وخرج في ذي القعدة معتمراً لا يريد حرباً.
وعند ابن سعد: يوم الإثنين لهلال ذي القعدة.

والي المدينة

قال ابن هشام: واستعمل على المدينة نمُيلة بن عبد اللّٰه الليثي.

استنفاره للعرب والأعراب

قال ابن إسحاق: واستنفر العرب ومن حوله من أهل البوادي من الأعراب وهو يخشى من قريش الذي صنعوا، أن يعرضوا له بحرب، أو يصدوه عن البيت، فأبطأ عليه كثير من الأعراب.

صفة خروجه

وخرج رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم بمن معه من المهاجرين والأنصار ومن لحق به من العرب، وساق الهدي معه.

إحرامه بالعمرة

وأحرم بالعمرة ليأمن الناس من حربه، وليعلم الناس أنه إنما خرج زائرًا لهذا البيت ومعظمًا له.

غرض الزيارة

حدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، وعن عروة بن الزبير، عن مسور بن مخرمة ومروان بن الحكم، أنهما حدثاه، قالا: خرج رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم عام الحديبية يريد زيارة البيت، لا يريد قتالًا.

عدد الهدي

وساق معه الهدي سبعين بدنة، وكان الناس سبعمائة رجل، فكانت كل بدنة عن عشرة نفر. وقال ابن عقبة، عن جابر: عن كل سبعة بدنة. وذكر ابن عائذ، عن الوليد بن مسلم، عن الزهري: كانوا أربع عشرة مائة. وروينا عن البراء من طريق ابن سعد وغيره: كانوا ألفًا وأربعمائة، وروينا عن جابر: كانوا خمس عشرة مائة.

بركة يد النبي صلى اللّٰه عليه وسلم

وعن جابر بن عبد اللّٰه، قال: “عطش الناس يوم الحديبية، ورسول اللّٰه بين يديه ركوة يتوضأ منها، فأقبل الناس نحوه، فقال: ما لكم، ما لكم؟ قالوا: يا رسول اللّٰه، ليس عندنا ماء نشرب ولا نتوضأ منه إلا ما في ركوتك، فوضع رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم يده في الركوة، فجعل الماء يفور من بين أصابعه أمثال العيون. قال: فشربنا وتوضأنا“. قال: فقلت لجابر: كم كنتم يومئذ؟ قال: لو كنا مائة ألف لكفانا، كنا خمس عشرة مائة. وقال ابن سعد: ويقال: ألف وخمسمائة وخمسة وعشرون رجلاً. وأحرم معه زوجه أم المؤمنين. وروينا عن عبد اللّٰه بن أبي أوفى من طريق ابن سعد: كانوا ألفًا وثلاثمائة.

استعداد قريش
قال ابن إسحاق: وخرج رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، حتى إذا كان ب عسفان لقيه بشر بن سفيان الكعبي . وابن هشام يقول: بسر. فقال: يا رسول اللّٰه، هذه قريش قد سمعت بمسيرك فخرجوا معهم العوذ المطافيل ، قد لبسوا جلود النمور، وقد نزلوا ب ذي طوى ، يعاهدون اللّٰه أن لا تدخلها عليهم عنوة أبدًا، وهذا خالد بن الوليد في خيلهم، وقد قدموها إلى كراع الغميم .

صلاة الخوف

وقال ابن سعد: قدَّموا مائتي فارس، عليها خالد بن الوليد ، ويقال: عكرمة بن أبي جهل ، قال: ودنا خالد في خيله حتى نظر إلى أصحاب رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، فأَمّر رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم عباد بن بشر ، فتقدم في خيله، فقام بإزائه، وصَفَّ أصحابه، وحانت صلاة الظهر، فصلى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم بأصحابه صلاة الخوف.

التمسك بالحق وعنت قريش

رجع إلى ابن إسحاق، قال: فقال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم: “يا ويح قريش، أكلتهم الحرب، ماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر العرب، فإن هم أصابوني كان ذلك الذي أرادوا، وإن أظهرني اللّٰه عليهم دخلوا في الإسلام وافرين، وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوة، فما تظن قريش؟ فوالله لا أزال أجاهد على الذي بعثني اللّٰه به حتى يظهره اللّٰه أو تنفرد هذه السالفة“.

تغيير الطريق

ثم قال: “مَنْ رجل يخرج بنا على طريق غير طريقهم التي هم بها؟“. فحدثني عبد اللّٰه بن أبي بكر: أن رجلاً من أسلم، قال: أنا يا رسول اللّٰه.

مشقة السير

قال: فسلك بهم طريقا وعرًا أجرل بين شعاب، فلما خرجوا منه – وقد شق ذلك على المسلمين، وأفضوا إلى أرض سهلة عند منقطع الوادي- قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم للناس: “قولوا: نستغفر اللّٰه ونتوب إليه. فقالوا ذلك. فقال: واللّٰه إنها للحطة التي عرضت على بني إسرائيل فلم يقولوها“.

تحديد الطريق

قال ابن شهاب: فأمر رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم الناس، فقال: “اسلكوا ذات اليمن بين ظهري الحمَْض، في طريق يخرجه على ثنية المرار، مهبط الحديبية من أسفل مكة“.

رجوع قريش إلى مكة

قال: فسلك الجيش ذلك الطريق، فلما رأت قريش قتَرة الجيش قد خالفوا عن طريقهم، ركضوا راجعين إلى قريش.

بروك القصواء

و”خرج رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، حتى إذا سلك في ثنية المرار بركت ناقته، فقال الناس خلأت القصواء فقال: ما خلأت، وما هو لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة، لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة يسألونني فيها صلة الرحم إلا أعطيتهم إياها.

تفجير الماء
ثم قال للناس: انزلوا، قيل له: يا رسول اللّٰه، ما بالوادي ماء تنزل عليه، فأخرج سهمًا من كنانته، فأعطاه رجلاً من أصحابه، فنزل في قليب من تلك القُلبُ، فغرزه في جوفه، فجاش بالرواء حتى ضرب الناس عنه بعطن“.

مَنْ نزل في القليب

قال: فحدثني بعض أهل العلم عن رجال من أسلم: أن الذي أنزل في القليب ناجية بن جندب سائق بدن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم. وقد زعم لي بعض أهل العلم أن البراء بن عازب كان يقول: أنا الذي نزلت بسهم رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم. فاللّٰه أعلم.

سؤال قريش عن غرض مجيئ المسلمين

قال الزهري في حديثه: فلما اطمأن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم أتاه بدُيل بن ورقاء في رجال من خزاعة، فكلموه وسألوه: ما الذي جاء به؟ فأخبرهم أنه لم يأت يريد حربًا، إنما جاء زائرًا للبيت ومعظمًا لحرمته.

إخبار قريش بالخبر

ثم قال لهم نحوًا مما قال لبسر بن سفيان، فرجعوا إلى قريش، فقالوا: يا معشر قريش، إنكم تعجلون على محمد، إن محمدًا لم يأت لقتال، وإنما جاء زائرًا لهذا البيت، فاتهموهم وجَبّهوهم.

رد فعل قريش

وقالوا: إن كان جاء ولا يريد قتالًا فوالله لا يدخلها علينا عنوة أبدًا، ولا تحدث بذلك عنا العرب، وكانت خزاعة عيبة رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم مسلمها ومشركها، لا يخفون عليه شيئاً كان ب مكة.

تأكد قريش من غرض مجيئ المسلمين

ثم بعثوا إليه مكرز بن حفص بن الأخيف أخا بني عامر، فلما رآه رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم مقبلاً، قال: “هذا الرجل غادر. فلما انتهى إلى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم وكلمه، قال له رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم نحوًا مما قال لبدُيل وأصحابه“، فرجع إلى قريش وأخبرهم بما قال له رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم.

إرسال الحليس لتأكيد الخبر

ثم بعثوا إليه الحليس بن علقمة بن ريان – وكان يومئذ سيد الأحابيش، وهو أحد بني الحارث بن عبد مناة بن كنانة.

بعث الهدي في وجه الحليس

فلما رآه رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، قال: “إن هذا من قوم يتألهون، فابعثوا الهدي في وجهه حتى يراه“.

رد فعل الحليس

فلما رأى الهدي يسير إليه من عرض الوادي بقلائده قد أكل أوباره من طول الحبس عن محله، رجع إلى قريش ولم يصل إلى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم إعظامًا لما رأى، فقال لهم ذلك.

رد فعل قريش على الحليس

فقالوا له: اجلس، فإنما أنت أعرابي لا علم لك.

رد فعل الحليس على قريش

فحدثني عبد اللّٰه بن أبي بكر أن الحليس غضب عند ذلك، وقال: يا معشر قريش، واللّٰه ما على هذا حالفناكم، ولا على هذا عاقدناكم، أنصد عن بيت اللّٰه من جاءه معظمًا، والذي نفس الحليس بيده لتخلن بين محمد وما جاء له، أو لأنفرن بالأحابيش نفرة رجل واحد.

موقف قريش من الحليس

قال: فقالوا: مه، كف عنا يا حليس حتى نأخذ لأنفسنا ما نرضى به.

إرسال عروة بن مسعود الثقفي

قال الزهري في حديثه: ثم بعثوا إلى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم عروة بن مسعود الثقفي.

اشتراطه على قريش

فقال: يا معشر قريش، إني قد رأيت ما يلقى منكم مَنْ بعثتموه إلى محمد إذا جاءكم من التعنيف وسوء اللفظ، وقد عرفتم أنكم والد وأني ولد – وكان عروة لسُبيعة بنت عبد شمس- وقد سمعت بالذي نابكم، فجمعت من أطاعني من قومي، ثم جئتكم حتى آسيتكُم بنفسي، قالوا: صدقت، ما أنت عندنا بمتهم.

ماحدثة مسعود مع النبي

فخرج حتى أتى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، فجلس بين يديه، ثم قال: يا محمد، أجمعت أوشابَ الناس، ثم جئت بهم إلى بيضتك لنقضها بهم؟ إنها قريش، قد خرجت معها العوذ المطافيل، قد لبسوا جلود النمور، يعاهدون اللّٰه لا تدخلها عليهم عنوة أبدًا، وأيم اللّٰه لكأني بهؤلاء قد انكشفوا عنك غدًا.

موقف لأبي بكر الصديق

قال: وأبو بكر الصديق خلف رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم قاعد، فقال: امصص بظَْر اَللات، أنحن ننكشف عنه؟! قال: من هذا يا محمد؟ قال: هذا ابن أبي قحافة، قال: أما واللّٰه لولا يد كانت لك عندي لكافأتك بها، ولكن هذه بها.

تناول مسعود للحية النبي

قال: ثم جعل يتناول لحية رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم وهو يكلمه، قال: و المغيرة بن شعبة واقف على رأس رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم في الحديد.

قرع المغيرة بن شعبة ليد مسعود

قال: فجعل يقرع يده إذا تناول لحية رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، ويقول: اكفف يدك عن وجه رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم قبل أن لا تصل إليك، قال: فيقول عروة: ويحك ما أفظك وما أغلظك؟ قال: فتبسم رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، فقال له عروة: من هذا يا محمد؟ قال: هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة، قال: أي غدر، وهل غسلت سوءتك إلا بالأمس؟

التحقيق قي نسبة المغيرة لمسعود

قلت: كذا وقع في هذا الخبر أن عروة عم المغيرة، وإنما هو عم أبيه، هو المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود، فعروة وأبو عامر أخوان.

موقف للمغيرة في الجاهلية

قال ابن هشام: أراد عروة بقوله هذا أن المغيرة قبل إسلامه قتل ثلاثة عشر رجلاً من بني مالك من ثقيف، فتهايج الحيان من ثقيف، وبنو مالك رهط المقتولين، والأحلاف رهط المغيرة، فودى عروة المقتولين ثلاثة عشر دية، وأصلح ذلك الأمر.

إخبار مسعود مسالمة المسلمين

قال الزهري: فكلمه رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم نحوًا مما كلم به أصحابه، وأخبره أنه لم يأت يريد حربًا.

حال النبي في أصحابه

فقام من عند رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم وقد رأى ما يصنع به أصحابه، لا يتوضأ إلا ابتدروا وضوءه، ولا يبصق بصاقاً إلا ابتدروه، ولا يسقط من شعره شيء إلا أخذوه.

حكاية مسعود لقريش

فقال: يا معشر قريش، إني جئت كسرى في مُلْكِه، وقيصر في ملكه، والنجاشي في ملكه، وإني واللّٰه ما رأيت مَلِكًا في قوم قط مثل محمد في أصحابه، ولقد رأيت قومًا لا يسلمونه لشيء أبدًا، فروا رأيكم.

بعث خراش بن أمية لقريش

وقال ابن إسحاق، فحدثني بعض أهل العلم: أن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم دعا خراش بن أمية الخزاعي ، فبعثه إلى قريش بمكة، وحمله على بعير له، يقال له: الثعلب، ليبلغ أشرافهم عنه ما جاء له.

عقر الجمل

فعقروا به جمل رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، وأرادوا قتله، فمنعه الأحابيش، فخلوا سبيله، حتى أتى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم.

جواسيس قريش

و عن عكرمة مولى ابن عباس: أن قريشًا كانوا بعثوا أربعين رجلاً منهم أو خمسين رجلاً، وأمروهم أن يطيفوا بعسكر رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم ليصيبوا لهم من أصحابه أحدًا.

الإمساك بهم وإخلاء سبيلهم

فأخذوا أخذًا، فأتى بهم رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم فعفا عنهم وخلى سبيلهم، وقد كانوا رموا في عسكر رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم بالحجارة والنبل.

التفكير في إرسال عمر بن الخطاب

ثم دعا عمر بن الخطاب ليبعثه إلى مكة، فيبلغ عنه أشراف قريش ما جاء له.

إعتذار عمر

فقال: يا رسول اللّٰه، إني أخاف قريشًا على نفسي بمكة، وما بمكة من بني عدي بن كعب أحد يمنعني، وقد عرفت قريش عدواني إياها، وغلظتي عليها.

ترشيحه لعثمان

ولكن أدلك على رجل أعز بها مني عثمان بن عفان .

بعث عثمان بن عفان لقريش

فدعا رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم عثمان بن عفان فبعثه إلى أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنه لم يأت لحرب، وأنه لم يأت إلا زائرًا لهذا البيت، ومعظمًا لحرمته.

خروج عثمان إلى مكة

فخرج عثمان بن عفان إلى مكة.

إجارة أبان بن سعيد لعثمان

فلقيه أبان بن سعيد بن العاص حين دخل مكة، أو قبل أن يدخلها فجعله بين يديه، ثم أجاره حتى بلغ رسالة رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم.

قدوم عثمان على قريش

فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش، فبلغهم عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم ما أرسله به.

عرض أبي سفيان على عثمان

فقال لعثمان حين فرغ من رسالة رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم إليهم: إن شئت أن تطوف بالبيت فطف.

رد فعل عثمان على العرض

قال: ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم.

حبس عثمان

فاحتبسته قريش عندها.

إشاعة مقتل عثمان

فبلغ رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم والمسلمين أن عثمان قد قتل.

رد فعل المسلمين

قال ابن إسحاق: فحدثني عبد اللّٰه بن أبي بكر: “أن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم قال حين بلغه أن عثمان قد قتل: لا نبرح حتى نناجز القوم“. ودعا رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم الناس إلى البيعة.

بيعة الرضوان

فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة، فكان الناس يقولون: بايعهم رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم على الموت، وكان جابر بن عبد اللّٰه يقول: إن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم لم يبايعنا على الموت، ولكن بايعنا على أن لا نفَِرَّ، فبايع رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم الناس.

مِنْ تخلف عن البيعة

ولم يتخلف عنه أحد من المسلمين حضره، إلا الجد بن قيس أحد بني سلمة، فكان جابر يقول: واللّٰه، لكأني أنظر إليه لاصقًا بإبْط ناقته قد ضبأ إليها يستتر بها من الناس.

التحقق من خبر مقتل عثمان

ثم أتى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم أن الذي ذكر من أمر عثمان باطل.

أول مَنْ بايع

وعن الشعبي: أن أول من بايع رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم بيعة الرضوان أبو سنان الأسدي .

الدعوة للصلح

قال ابن إسحاق، قال الزهري: ثم بعثت قريش سهيل بن عمرو ، أخا بني عامر بن لؤي إلى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم.

بنود الصلح

وقالوا: ائت محمدًا وصالحه، ولا يكن في صلحه إلا أن يرجع عنا عامه هذا، فوالله لا تحدث العرب أنه دخلها علينا عنوة أبدًا.

قدوم سهيل على النبي

فأتاه سهيل بن عمرو، فلما رآه رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم مقبلاً، قال: “قد أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل“. فلما انتهى سهيل إلى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم تكلم فأطال الكلام وتراجعا، ثم جرى بينهما الصلح.

مراجعة عمر لأبي بكر

فلما التأم الأمر ولم يبقَ إلا الكتاب، وثب عمر بن الخطاب، فأتى أبا بكر، فقال له: يا أبا بكر، أليس رسول اللّٰه؟ قال: بلى، قال: أَوَلسنا بالمسلمين؟ قال: بلى، قال: أَوَليسوا بالمشركين؟ قال: بلى، قال: فعلام نعطي الدنيئة في ديننا؟ قال أبو بكر: يا عمر، الزم غرزه، فإني أشهد أنه رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم.

مراجعة عمر للنبي

قال عمر: وأنا أشهد أنه رسول اللّٰه، “ثم أتى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، فقال: يا رسول اللّٰه، ألست برسول اللّٰه؟ قال: بلى. قال: أَوَلسنا بالمسلمين؟ قال: بلى. قال: أوليسوا بالمشركين؟ قال: بلى. قال: فعلام نعطي الدنيئة في ديننا؟ قال: أنا عبد اللّٰه ورسوله، لن أخالف أمره، ولن يضيعني“. قال: فكان عمر يقول: مازلت أصوم وأتصدق وأصلي وأعتق من الذي صنعت يومئذ، مخافة كلامي الذي تكلمت به حين رجوت أن يكون خيرًا.

كتابة الصلح

ثم “دعا رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم علي بن أبي طالب، فقال: اكتب: بسم اللّٰه الرحمن الرحيم. قال: فقال سهيل بن عمر: لا أعرف هذا، ولكن اكتب باسمك اللهم، فكتبها، ثم قال: اكتب: هذا ما صالح عليه محمد رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم سهيل بن عمرو. قال: فقال سهيل بن عمرو: لو شهدت أنك رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم أقاتلك، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك، قال: فقال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم.

نص وثيقة الصلح

اكتب: هذا ما صالح عليه محمد بن عبد اللّٰه وسهيل بن عمرو، اصطلحا على وضع الحرب عن الناس عشر سنين، يأمن فيهن الناس، ويكف بعضهم عن بعض، على أنه من أتى محمدًا من قريش بغير إذن وليه رده عليه، ومن أتى قريشًا ممن مع محمد لم يردوه عليه، وأن بيننا عيبة مكفوفة ، وأنه لا إسلال ولا إغلال  ، وأنه من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه، ومن أراد أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه. فتواثبت خزاعة، فقالوا: نحن في عقد محمد وعهده، وتواثبت بنو بكر، فقالوا: نحن في عقد قريش وعهدهم، وأنك ترجع عنا عامك هذا، فلا تدخل علينا مكة، وأنه إذا كان عام قابل خرجنا عنها فدخلتها بأصحابك، فأقمت بها ثلاثًا، معك سلاح الراكب، السيوف في القِربَ، لا تدخلها بغيرها“.

حصول فتنة في قلوب الناس

فبينا رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم يكتب الكتاب هو وسهيل بن عمرو، إذ جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في الحديد، قد انفلت إلى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، وقد كان أصحاب رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم خرجوا وهم لا يشكون في الفتح، لرؤيا رآها رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، فلما رأوا ما رأوا من الصلح والرجوع وما تحمل عليه رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم في نفسه – دخل الناس في ذلك عليهم أمر عظيم حتى كادوا يهلكون.

ضرب سهيل لأبي جندل

فلما رأى سهيل أبا جندل قام إليه وضرب وجهه وأخذ بتلبيبه ، ثم قال: يا محمد قد لجَّت القضية بيني وبينك قبل أن يأتيك هذا.

ردُّ أبي جندل إلى قريش

قال: صدقت. فجعل يبتزه بتلبيبه ويجره ليرده إلى قريش.

إباء أبي جندل للرجوع

وجعل أبو جندل يصرخ بأعلى صوته: يا معشر المسلمين، أُرَدُّ إلى المشركين يفتنوني في ديني، فزاد الناس ذلك إلى ما بهم.

نصيحة النبي لأبي جندل

فقال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم: “يا أبا جندل، اصبر واحتسب، فإن اللّٰه جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجًا ومخرجًا، إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحًا، وأعطيناهم على ذلك وأعطونا عهد اللّٰه، وإنا لا نغدر بهم“.

مصابرة عمر لأبي جندل

قال: فوثب عمر بن الخطاب مع أبي جندل يمشي إلى جنبه، ويقول: اصبر يا أبا جندل، فإنما هم المشركون، وإنما دم أحدهم دم كلب، قال: ويدُْني قائم السيف منه، قال: يقول عمر، وددت أن يأخذ السيف فيضرب به أباه، قال: فضنَّ  الرجل بأبيه ونفذت القضية.

الإشهاد على الكتاب

فلما فرغ الكتاب، أشهد على الصلح رجالًا من المسلمين، ورجالًا من المشركين.

أسماء الشهود

أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد اللّٰه بن سهيل بن عمرو، وسعد بن أبي وقاص، ومحمود بن مسلمة، ومكرز بن حفص وهو مشرك، وعلي بن أبي طالب، وكان هو كاتب الصحيفة. وكان رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم مضطربًا في الحِلِّ، وكان يصلي في الحرم.

نحر الهدي

فلما فرغ من الصلح قام إلى هديه فنحره.

حلق الرأس

ثم جلس فحلق رأسه، وكان الذي حلقه فيما بلغني في ذلك اليوم خراش بن أمية بن الفضل الخزاعي.

متابعة الناس للنبي

فلما رأى الناس رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم قد نحر وحلق تواثبوا ينحرون ويحلقون.

الدعاء بالرحمة للمحلقين

و عن ابن عباس: “دعا رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم بالرحمة للمحلقين ثلاثًا، وللمقصرين مرة“. وذكر ابن سعد بسنده: أن عثمان وأبا قتادة الأنصاري ممن لم يحلق.

هدية النبي لأبي جهل

و عن ابن عباس، أن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم أهدى عام الحديبية في هداياه جملاً لأبي جهل في رأسه بُرة من فضة ليغيظ بذلك المشركين.

مكان نزول سورة الفتح

قال الزهري في حديثه: ثم انصرف رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم من وجهه ذلك قافلاً ، حتى إذا كان بين مكة والمدينة، نزلت سورة الفتح: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً * لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً} [الفتح: 1-2]. ثم كانت القصة فيه وفي أصحابه، حتى انتهى إلى ذكر البيعة، فقال: {إِنَّ ٱلَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ…} [الفتح: 10] الآية . ثم ذكر من تخلف عنه من الأعراب، ثم قال حين استنفرهم للخروج معه فأبطئوا عليه {سَيَقُولُ لَكَ ٱلْمُخَلَّفُونَ مِنَ ٱلأَعْرَابِ شَغَلَتْنَآ أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا} [الفتح: 11] ثم القصة عن خبرهم، حتى انتهى إلى قوله: {سَيَقُولُ ٱلْمُخَلَّفُونَ إِذَا ٱنطَلَقْتُمْ إِلَىٰ مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُواْ كَلاَمَ ٱللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا} [الفتح: 15]. ثم القصة عن خبرهم، وما عرض عليهم من جهاد القوم أولي البأس الشديد، فذكر آيات من سورة الفتح. و عن ابن عباس، قال: ووعده ربه أنه فاتحها، وبيَنّ له فتحها، ولم يجعل لمن تخلف عنه بالمدينة من غير معذرة نصيباً في مغانم خيبر، فقال: {سَيَقُولُ ٱلْمُخَلَّفُونَ إِذَا ٱنطَلَقْتُمْ إِلَىٰ مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا} [الفتح: 15] حتى بلغ: {إِلاَّ قَلِيلاً} [الفتح: 15] وقال ابن عقبة في تفسير قوله: {فَتْحاً قَرِيباً} [الفتح: 18] رجوعهم من العام المقبل إلى مكة معتمرين، وقيل: خيبر.

نزول قرآن بشأنها

فلم يفعل النبي صلى اللّٰه عليه وسلم ذلك. ونزلت: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا جَآءَكُمُ ٱلْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَٱمْتَحِنُوهُنَّ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ …} [الممتحنة: 10] الآيات.

امتثال الصحابة للأوامر الشرعية

وكان ممن طَلَّق عند نزول قوله تعالى: {وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ ٱلْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10] عمر بن الخطاب، طلق امرأته قرُيَْبة بنت أبي أمية بن المغيرة، فتزوجها معاوية بن أبي سفيان وهما على شركهما، وأم كلثوم بنت جرول، فتزوجها أبو جهم بن حذيفة بن غانم رجل من قومه وهما على شركهما.

مراجعة بعض الناس للنبي

وروي أن بعض من كان مع النبي صلى اللّٰه عليه وسلم قال له لما قدم المدينة: “ألم تقل يا رسول اللّٰه أنك تدخل مكة آمناً؟ قال: بلى، أفقلت لكم من عامي هذا؟ قالوا: لا، قال: فهو كما قال جبريل“.

مشاورة النبي لأصحابه

وذكر ابن عقبة، عن ابن شهاب: “أن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم استشار الناس حين بلغه أن قريشًا تجمع له، فقال: أترون أن نغير على ما جمعوا لنا على جل أموالهم فنصيبهم، فإن قعدوا قعدوا مغيظين موتورين، وإن تبق منهم عنق نقطعها، أم ترون أن نؤم البيت الحرام، فمن صدنا عنه قاتلناه؟.

رأي أي بكر

قال أبو بكر الصديق: اللّٰه ورسوله أعلم، جئنا لأمر فنرى أن نؤمَّه ، فمن صدنا عنه قاتلناه، قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم: فنعم“.

قصة أخرى لأحداث الصلح

ويقال: “سار رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، حتى إذا كان ب عسفان لقيه بسر بن سفيان الكعبي، فقال: إن قريشًا قد نزلت بذي طوى“، وذكر نحو ما تقدم.

ارتهان الرسولين

وفيه بعد كتابة الصحيفة بالصلح: فهم ينتظرون نفاذ ذلك وإمضاءه، رمى رجلٌ من أحد الفريقين رجلاً من الفريق الآخر، فكان بينهم شيء من قتال يترامون بالنبل والحجارة، فصاح الفريقان كلاهما، وارتهن كل واحد من الفريقين من كان عنده من الآخرين، فارتهن المشركون عثمان بن عفان ومن كان معه، وارتهن المسلمون سهيل بن عمرو ومن كان معه من المشركين.

علام البيعة

يقولون: فعند ذلك دعا رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم المسلمين إلى البيعة وأراد القتال، فبايعوه على الموت، وقال جابر: على أن لا يفروا، وعمر آخذ بيده. والشجرة: سمرة . والخيل مائة فرس، فبايعناه غير الجدِّ بن قيس، فلما رأت قريش ذلك رعبهم اللّٰه، وأرسلوا من كان في أيديهم من المسلمين، فدعوا إلى الموادعة والصلح، والمسلمون لهم عالون، وصالحهم رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، وكره عمر الصلح، ثم رجع عن ذلك.

بركة الطعام

و”لما رجع عليه السلام من الحديبية كلمه بعض أصحابه، فقالوا: جهدنا، وفي الناس ظهر فانحره لنأكل من لحمه، ولندَّهن من شحومه، ولنحتذي من جلوده، فقال عمر بن الخطاب، لا نفعل يا رسول اللّٰه، فإن الناس إن يكن فيهم بقية ظهر أمثل، فقال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم: ابسطوا أنطاعكم  وعباءكم ففعلوا: ثم قال: من كان عنده بقية من زاد
أو طعام فلينثره. ودعا لهم، ثم قال: قرِّبوا أوعيتكم، فأخذوا ما شاء اللّٰه“.

تكثير الماء

وقد روينا نحوه من حديث إياس بن سلمة بن الأكوع، عن أبيه، من طريق مسلم، وفي آخره: فقال النبي صلى اللّٰه عليه وسلم: “فهل من وَضوء؟ فجاء رجل بإداوة فيها نطفة من ماء، فأفرغها في قدح، فتوضأنا كلنا …” الحديث.

إحباط بعض المسلمين

قال ابن عقبة: “وأقبل رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم من الحديبية راجعًا، فقال رجل من أصحاب رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم: ما هذا بفتح، لقد صدونا عن البيت، وصُدَّ هدينا، ورَدَّ رسولُ اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم رجلين من المسلمين كانا خرجا إليه، فبلغ ذلك رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم قول أولئك.

الصلح هو الفتح

فقال: بئس الكلام، بل هو أعظم الفتح، قد رضي المشركون أن يدفعوكم بالراح عن بلادهم، ويسألوكم القضية، ويرغبون إليكم في الأمان، وقد رأوا منكم ما كرهوا، وأظفركم اللّٰه عليهم، وردكم اللّٰه سالمين مأجورين، فهو أعظم الفتوح.

تذكير بنعمة اللّٰه

وفيه: أنسيتم يوم أُحُد إذ تصعدون ولا تلوون على أحد، وأنا أدعوكم في أخراكم؟ أنسيتم يوم الأحزاب إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم، وإذا زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر، وتظنون باللّٰه الظنونا؟“.

تصديق المسلمين

فقال المسلمون: صدق اللّٰه ورسوله، فهو أعظم الفتوح، واللّٰه يا نبي اللّٰه ما فكرنا فيما فكرت فيه، ولأنت أعلم باللّٰه وأمره منا.

مدة إقامته

وذكر ابن عائذ: أن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم أقام في غزوته هذه شهرًا ونصفًا. وقال ابن سعد: أقام بالحديبية بضعة عشر يومًا، ويقال: عشرين ليلة.

نزول سورة الفتح

ثم انصرف رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، فلما كانوا ب ضَجنان نزلت عليه: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً} [الفتح: 1] فقال جبريل: نهنئك يا رسول اللّٰه، وهنأه المسلمون.

حمل الريح لشعر المسلمين

و عن مجمع بن يعقوب، عن أبيه، أنه قال: لما صُدَّ رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم وأصحابه، حلقوا بالحديبية ونحروا، بعث اللّٰه ريحًا عاصفًا، فاحتملت أشعارهم، فألقتها في الحرم.

قطع شجرة الرضوان

وعن طارق بن عبد الرحمن، قال: كنت عند سعيد بن المسيب، فتذاكروا الشجرة، فضحك، ثم قال: حدثني أبي أنه كان ذلك العام معهم، وأنه قد شهدها، فنسوها من العام المقبل. وروينا عن ابن سعد، قال: أنا عبد الوهاب بن عطاء، قال: أنا عبد اللّٰه بن عوف، عن نافع، قال: كان الناس يأتون الشجرة التي يقال لها: شجرة الرضوان، فيصلون عندها، قال: فبلغ ذلك عمر بن الخطاب، فأوعدهم فيها، وأمر بها فقطعت. وروينا عن ابن عمر قال: كانت رحمة من اللّٰه.

الصلاة في الرحال للمطر

وعن أبي المليح، عن أبيه، قال: أصابنا يوم الحديبية مطر لم يبل أسافل نعالنا، فنادى منادي رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم: أن صلُّوا في رحالكم.