(شِعْرُ هِنْدَ بِنْتِ عُتْبَةَ)

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ تَبْكِي أَبَاهَا يَوْمَ بَدْرٍ:…

أَعَيْنَيَّ جُودَا بِدَمْعٍ سَرِبْ عَلَى خَيْرِ خِنْدِفَ لَمْ يَنْقَلِبْ
تَدَاعَى لَهُ رَهْطُهُ غُدْوَةً بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبْ
يُذِيقُونَهُ حَدَّ أَسْيَافِهِمْ يَعُلُّونَهُ بَعْدَ مَا قَدْ عَطِبْ
يَجُرُّونَهُ وَعَفِيرُ التُّرَابِ عَلَى وَجْهِهِ عَارِيًا قَدْ سُلِبْ
وَكَانَ لَنَا جَبَلًا رَاسِيًا جَمِيلَ الْمَرَاةِ كثير العشب
وأمّا  بُرَيٌّ فَلَمْ أَعْنِهِ فَأُوتِيَ مِنْ خَيْرِ مَا يَحْتَسِبْ 
وَقَالَتْ هِنْدُ أَيْضًا:
يَرِيبُ علينا دَهْرنَا فيسوؤنا وَيَأْبَى فَمَا نَأْتِي بِشَيْءِ يُغَالِبُهْ
أَبَعْدَ قَتِيلٍ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ يُرَاعَ أَمْرٌ وَإِن مَاتَ أَوْ مَاتَ صَاحِبُهْ
أَلَا رُبَّ يَوْمٍ قَدْ رُزِئْتُ مُرَزَّأً تَرُوحُ وَتَغْدُو بِالْجَزِيلِ مُوَاهِبُهُ
فَأَبْلِغْ أَبَا سُفْيَانَ عَنِّي مَأْلُكًا فَإِنْ أَلْقَهُ يَوْمًا فَسَوْفَ أُعَاتِبُهْ 
فَقَدْ كَانَ حَرْبٌ يَسْعَرُ الْحَرْبَ إنَّهُ لِكُلِّ امْرِئِ فِي النَّاسِ مَوْلًى يُطَالِبُهُ 
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَبَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ يُنْكِرُهَا لِهِنْدٍ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَتْ هِنْدُ أَيْضًا:
للَّه عَيْنًا مَنْ رَأَى هُلْكًا كَهُلْكِ رِجَاليهْ
يَا رُبَّ  بَاكٍ لِي غَدًا فِي النَّائِبَاتِ وَبَاكِيَهْ
كَمْ غادروا يَوْم القليب غَدَاةَ تِلْكَ الْوَاعِيَهْ 
مِنْ كُلِّ غيث فِي السّنين إذَا الْكَوَاكِبُ خَاوِيَهْ
قَدْ كُنْتُ أُحْذَرُ مَا أَرَى فَالْيَوْمُ حَقٌّ حَذَارِيَهْ
قَدْ كُنْتُ أَحْذَرُ مَا أَرَى فَأَنَا الْغَدَاةَ مُوَامِيَهْ 
يَا رُبَّ قَائِلَةٍ غَدًا يَا وَيْحَ أُمَّ مُعَاوِيَهْ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَبَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ يُنْكِرُهَا لِهِنْدٍ
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَتْ هِنْدُ أَيْضًا:
يَا عَيْنُ بَكِّي عُتْبَهْ شَيْخًا شَدِيدَ الرَّقَبَهْ 
يُطْعِمُ يَوْمَ الْمَسْغَبَهْ يَدْفَعُ يَوْمَ الْمَغْلَبَهْ
إنِّي عَلَيْهِ حَرِبَهْ مَلْهُوفَةٌ مُسْتَلَبَهْ 
لَنَهْبِطَنَّ يَثْرِبَهْ بِغَارَةٍ مُنْثَعِبَهْ 
فِيهَا الْخُيُولُ مُقْرَبَهْ كُلُّ جَوَادٍ سَلْهَبَهْ