(شِعْرُ كَعْبٍ فِي بُكَاءِ حَمْزَةَ وَقَتْلَى أُحُدٍ)

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ يَبْكِي حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَقَتْلَى أُحُدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ…

نَشَجْتَ وَهَلْ لَكَ مِنْ مَنْشجِ وَكُنْتَ مَتَى تَذَّكِرْ تَلْجَجْ
تَذَكُّرَ قَوْمٍ أَتَانِي لَهُمْ أَحَادِيثُ فِي الزَّمَنِ الْأَعْوَجْ
فَقَلْبُكَ مِنْ ذِكْرِهِمْ خَافِقٌ مِنْ الشَّوْقِ وَالْحَزَنِ الْمُنْضِجْ
وَقَتْلَاهُمْ فِي جِنَانِ النَّعِيمِ كِرَامُ الْمَدَاخِلِ وَالْمَخْرَجْ 
بِمَا صَبَرُوا تَحْتَ ظِلِّ اللِّوَاءِ لِوَاءِ الرَّسُولِ بِذِي الْأَضْوُجْ 
غَدَاةَ أَجَابَتْ بِأَسْيَافِهَا جَمِيعًا بَنُو الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجْ
وَأَشْيَاعُ أَحْمَدَ إذْ شَايَعُوا عَلَى الْحَقِّ ذِي النُّورِ وَالْمَنْهَجْ 
فَمَا بَرِحُوا يَضْرِبُونَ الْكُمَاةَ وَيَمْضُونَ فِي الْقَسْطَلِ الْمُرْهَجْ 
كَذَلِكَ حَتَّى دَعَاهُمْ مَلِيكٌ إلَى جَنَّةِ دَوْحَةِ الْمَوْلِجْ 
فَكُلُّهُمْ مَاتَ حُرَّ الْبَلَاء عَلَى مِلَّةِ اللَّهِ لَمْ يَحْرَجْ 
كَحَمْزَةِ لَمَّا وَفَى صَادِقًا بِذِي هَبَّةٍ صَارِمٍ سَلْجَجْ
فَلَاقَاهُ عَبْدُ بَنِي نَوْفَلٍ يُبَرْبِرُ كَالْجَمَلِ الْأَدْعَجْ
فَأَوْجَرَهُ حَرْبَةً كَالشِّهَابِ تَلَهَّبُ فِي اللَّهَبِ الْمُوهَجْ
وَنُعْمَانُ أَوْفَى بِمِيثَاقِهِ وَحَنْظَلَةُ الْخَيْرِ لَمْ يُحْنِجْ 
عَنْ الْحَقِّ حَتَّى غَدَتْ رُوحُهُ إلَى مَنْزِلٍ فَاخِرْ الزِّبْرِجْ 
أُولَئِكَ لَا مَنْ ثَوَى مِنْكُمْ مِنْ النَّارِ فِي الدَّرْكِ الْمُرْتَجْ