(شِعْرُ كَعْبٍ فِي أُحُدٍ)

وَقَالَ كَعْبٌ أَيْضًا فِي أُحُدٍ:…

إنَّكِ عمر أَبِيك الْكَرِيم أَنْ تَسْأَلِي عَنْكِ مَنْ يَجْتَدينا
فَإِنْ تَسْأَلِي ثَمَّ لَا تُكْذَبِي يُخْبِرُكَ مَنْ قَدْ سَأَلْتِ الْيَقِينَا
بِأَنَّا ليَالِي ذَات الْعِظَام كُنَّا ثِمَالًا لِمَنْ يَعْتَرِينَا 
تَلُوذُ الْبُجُودُ بِأَذْرَائِنَا مِنْ الضُّرِّ فِي أَزَمَاتِ السِّنِينَا 
بِجَدْوَى فُضُولٍ أُولِي وُجْدِنَا وَبِالصَّبْرِ وَالْبَذْلِ فِي الْمُعْدِمِينَا 
وَأَبْقَتْ لنا جلمات الحروب مِمَّنْ نُوَازِي لَدُنْ أَنْ بُرِينَا 
مَعَاطِنَ تهوى إِلَيْهَا الْحُقُوق يَحْسِبُهَا مَنْ رَآهَا الْفَتِينَا
تُخَيِّسُ فِيهَا عتاق الْجمال صُحْمًّا دَوَاجِنُ حُمْرًا وُجُونَا 
وَدُفَّاعُ رَجْلٍ كَمَوْجِ الْفُرَا تِ يَقْدُمُ جَأْوَاء جُولَا طَحُونَا 
تَرَى لَوْنَهَا مثل لون النّجوم رَجْرَاجَةً تُبْرِقُ النَّاظِرِينَا 
فَإِنْ كُنْتَ عَنْ شَأْنِنَا جَاهِلًا فَسَلْ عَنْهُ ذَا الْعِلْمِ مِمَّنْ يَلِينَا
بِنَا كَيْفَ نَفْعَلُ إنْ قَلَّصَتْ عَوَانًا ضَرُوسًا عَضُوضًا حَجُونَا
أَلَسْنَا نَشُدُّ عَلَيْهَا الْعِصَا بَ حَتَّى تَدُرَّ وَحَتَّى تَلِينَا 
وَيَوْمٌ لَهُ وَهَجٌ دَائِمٌ شَدِيدُ التَّهاوُلِ حَامِي الأرِينا 
طَوِيلٌ شَدِيد أوار الْقِتَال تَنْفِي قَواحِزُهُ الْمُقْرِفِينَا 
تَخَالُ الْكُمَاةَ بِأَعْرَاضِهِ ثِمَالًا عَلَى لَذَّةٍ مُنزفِينا
تَعاوَرُ أَيْمَانهم بَينهم كئوس الْمَنَايَا بِحَدِّ الظُّبِينَا 
شَهِدْنَا ككُنَّا أُولِي بَأْسِهِ وَتَحْتَ العَمَايَةِ وَالْمُعْلِمِينَا 
بِخُرْسِ الْحَسِيسِ حِسَانٍ رِوَاءٍ وَبُصْرِيَّةٍ قَدْ أُجِمْنَ الجُفونا 
فَمَا يَنْفَلِلْنَ وَمَا يَنْحَنِينَ وَمَا يَنْتَهِينَ إذَا مَا نُهِينَا
كَبَرْقِ الْخَرِيفِ بِأَيْدِي الْكُمَاةِ يُفَجِّعْنَ بِالظِّلِّ هَامًا سُكُونَا 
وَعَلَّمْنَا الضَّرْبَ آبَاؤُنَا وَسَوْفَ نُعَلِّمُ أَيْضًا بَنِينَا
جِلَادَ الكماة، وبذل التّلاد ، عَنْ جُلِّ أَحْسَابِنَا مَا بَقِينَا 
إذَا مَرَّ قَرْنٌ كَفَى نَسْلُهُ وَأَوْرَثَهُ بَعْدَهُ آخَرِينَا 
نَشِبُّ وَتَهْلِكُ آبَاؤُنَا وَبَيْنَا نُرَبِّي بَنِينَا فَنِينَا
سَأَلْتُ بِكَ ابْنَ الزِّبَعْرَى فَلَمْ أُنَبَّأْكَ فِي الْقَوْمِ إلَّا هَجِينَا
خَبِيثًا تُطِيفُ بِكَ الْمُنْدِيَاتُ مُقِيمًا عَلَى اللُّؤْمِ حِينًا فَحِينَا 
تَبَجَّسْتُ تهجو رَسُول المليك قَاتَلَكَ اللَّهُ جِلْفًا لَعِينَا 
تَقُولُ الْخَنَا ثُمَّ تَرْمِي بِهِ نَقِيَّ الثِّيَابِ تَقِيًّا أَمِينَا
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أَنْشَدَنِي بَيْتَهُ: «بِنَا كَيْفَ نَفْعَلُ» ، وَالْبَيْتَ الَّذِي يَلِيهِ، وَالْبَيْتَ الثَّالِثَ مِنْهُ، وَصَدْرَ الرَّابِعِ مِنْهُ، وَقَوْلَهُ «نَشِبُّ وَتَهْلِكُ آبَاؤُنَا»
وَالْبَيْتَ الَّذِي يَلِيهِ.وَالْبَيْتَ الثَّالِثَ مِنْهُ، أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَيْضًا، فِي يَوْمِ أُحُدٍ:
سَائِلْ قُرَيْشًا غَدَاةَ السَّفْحِ مِنْ أُحُدٍ مَاذَا لَقِينَا وَمَا لَاقَوْا مِنْ الْهَرَبِ 
كُنَّا الْأُسُودَ وَكَانُوا النُّمْرَ إذْ زَحَفُوا مَا إنْ نُرَاقِبُ مِنْ آلٍ وَلَا نَسَبِ 
فَكَمْ تَرَكْنَا بِهَا مِنْ سَيِّدٍ بَطَلٍ حَامِي الذِّمَارَ كَرِيمِ الْجَدِّ وَالْحَسَبِ 
فِينَا الرَّسُولُ شِهَابٌ ثُمَّ يَتْبَعُهُ نُورٌ مُضِىءٌ لَهُ فَضْلٌ عَلَى الشُّهُبِ
الْحَقُّ مَنْطِقُهُ وَالْعَدْلُ سِيرَتُهُ فَمَنْ يُجِبْهُ إلَيْهِ يَنْجُ مِنْ تَبَبِ 
نَجْدُ الْمُقَدَّمِ، مَاضِي الْهَمِّ، مُعْتَزِمٌ حِينَ الْقُلُوبِ عَلَى رَجْفٍ مِنْ الرُّعُبِ 
يَمْضِي ويَذْمُرنا عَنْ غَيْرِ مَعْصِيَةٍ كَأَنَّهُ الْبَدْرُ لَمْ يُطْبَعْ عَلَى الْكَذِبِ 
بَدَا لَنَا فَاتَّبَعْنَاهُ نُصَدِّقُهُ وَكَذَّبُوهُ فَكُنَّا أَسْعَدَ الْعَرَبِ
جَالُوا وَجُلْنَا فَمَا فَاءُوا وَمَا رَجَعُوا وَنَحْنُ نَثْفِنَّهُمْ لَمْ نَأْلُ فِي الطَّلَبِ 
لَيْسَا سَوَاءً وَشَتَّى بَيْنَ أَمْرِهِمَا حِزْبُ الْإِلَهِ وَأَهْلِ الشِّرْكِ وَالنُّصُبِ 
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أَنْشَدَنِي مِنْ قَوْلِهِ: «يَمْضِي ويَذْمُرنا» إلَى آخِرِهَا، أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ.